يظهر أن أزمة الاسكان لا تريد أن تتركنا في حالنا، وعليه لا يمكن أن نتركها كما هي عليه، إذا نظرنا إليها اعتقدنا أننا أمام شجرة لكثرة فروعها لكنها لا تشبه فروع الشجرة بألوانها الزاهية وثمارها الناضجة أنها اقرب إلى اذرع الإخطبوط الذي يطبق على فريسته فيعتصرها ويمتص رحيق الحياة من بين جنباتها. مشاكل الإسكان كثيرة، منها: كارثة الإيجارات التي تبتلع رواتب أصحاب الدخل المحدود كاملة، ومنها ضياع أراضي كثير من المواطنين البسطاء كانوا يأملون في بناء مساكن لهم فوقها من غرفتين ومطبخ، ومنها البحث عن تمويل لبناء هذه الشقق المتواضعة، وغيرها.. وغيرها من المشاكل التي تبدأ ولكن لا تنتهي. وسنقصر اليوم حديثنا على واحدة من مشاكل الإسكان، إنها تبدأ أحيانا بالبحث عن الأرض (البقعة) لبناء المسكن فوقها،عندها تبدأ معركة تثبيت الملكية ولابد لصاحب البقعة من جيش من المحامين يرسلهم في جميع الاتجاهات للدفاع عن حقه الشرعي في ملكيته، فهناك من يطعن في سلامة الأوراق الموجودة لديه، وهناك أشخاص يدعون ملكيتهم للأرضية ولديهم أوراق رسمية تؤكد ذلك، وقد يسمع صاحبنا أن بقعته اليتيمة تعترض مشروعا عاما وعليه البحث عن غيرها، وهكذا تظهر المشاكل لصاحب الأرضية عن يمينه وعن يساره ومن فوقه ومن تحته، وعلى جيش المحامين توزيع المهام فيما بينهم وذهاب كل منهم إلى جبهة القتال الخاصة به، و في انتظار نتائج المعارك وصاحبنا غارق في عرقه الغزير لتفكيره في كيفية الحصول على المال اللازم لبناء مسكنه المتواضع، إذا بالفرج يأتيه من حيث لا يحتسب فيخلصه من كل هموم البقعة دفعة واحدة. احد المتنفذين ينزل عليه كالقضاء المستعجل فيستولي على البقعة ولا يسمح له بالبقاء حتى قريبا منها، وهكذا يخلصه هذا المتنفذ من هموم البقعة وحراستها أو تسويرها وإثبات ملكيته لها والبحث عن مال لبناء المسكن عليها. ذلك ما حدث للأسف لزميلنا الصحفي شوقي القاضي مسؤول مكتب وكالة أنباء "سبأ" في الحديدة، وما كنت لأعرف بهذا الأمر لولا أني كنت أتابع ما نشرته مؤخرا عدد من الصحف حول إقامة مشاريع سكنية لذوي الدخل المحدود في الحديدة، لكني لم اقرأ سوى عن عمليات بيع لأراضي وليس بناء مساكن لمحدودي الدخل، مع أن الصحف تقول أنها من مشاريع الأخ الرئيس السكنية لأصحاب الدخل المحدود. لقد أردت التأكد من حقيقة الأمر قبل تناول الموضوع، فلقد تعب الأخ الرئيس ولا شك من كثرة الحديث حول هذا الأمر وتعبنا وتعب أصحاب الدخل المحدود، والخوف أن نسمع عن مشاريع مساكن أصحاب الدخل المحدود وهي بعيدة عنهم وعنها كل البعد، لهذا فضلت الاتصال بالزميل شوقي القاضي في الحديدة والتأكد منه حول حقيقة الأمر، لكني لم أجده وأجابني صديق له بقوله أن زميلنا في ورطة بل أزمة بل مصيبة فقد استولى احد المتنفذين على أرضيته التي حصل عليها قبل سنوات، ولم ينس الصديق وهو ينهي حديثه معي أن يقول ... لا تنسوا وانتم تدافعون عن ذوي الدخل المحدود أن تدافعوا عن حق زميلنا في أرضيته، انه غارق في شبر ماء ويا ليته ماء فقد حلقوا له على الناشف. ماذا سيستفيد هذا المتنفذ من بقعة ارض لا تزيد مساحتها عن 350 مترا مربعا؟ أم أن العين الفارغة لا تشبع مطلقا؟! اعتقد أن الأخ المتنفذ سيعيد الأرضية لزميلنا فلا يمكن أن ينفخ الأخ رئيس الجمهورية في قربة مقطوعة وهو يناشد كبار المسؤولين قبل صغارهم بضمان حقوق المواطنين لا انتهاكها، إن تعرض فرد واحد لضياع قطعة أرضه يعني ضياع مئات بل ألوف القطع، وهكذا نسكب مزيداً من الزيت على نار الأزمة السكنية فتزداد اشتعالا بدلا من محاولات العمل على إخمادها. [email protected] *(السياسية)