عاجل: القوات الأمريكية تعلن إصابة ناقلة نفط في البحر الأحمر بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    4 إنذارات حمراء في السعودية بسبب الطقس وإعلان للأرصاد والدفاع المدني    الرقابة الحزبية العليا تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    الاحتلال يواصل توغله برفح وجباليا والمقاومة تكبده خسائر فادحة    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    صعقة كهربائية تنهي حياة عامل وسط اليمن.. ووساطات تفضي للتنازل عن قضيته    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    انهيار جنوني للريال اليمني وارتفاع خيالي لأسعار الدولار والريال السعودي وعمولة الحوالات من عدن إلى صنعاء    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صراع الإرادات .. من مضيق هرمز الى مضيق باب المندب -الحلقة 3
نشر في الوطن يوم 13 - 07 - 2015

في اليوم التالي لوصول الرئيس علي ناصر محمد الى موسكو ، نشرت صحيفة( البرافدا ) لسان حال الحزب الشيوعي السوفيتي افتتاحية حذرت فيها من مخطط تسعى الى تنفيذه اطراف دولية لم تذكرها الصحيفة ، لتطويل امد الحرب العراقية الايرانية ،على الرغم من ان تلك الأطراف مارست ضغوطا قوية لإصدار قرار مجلس الامن الدولي رقم 479 الصادر بتاريخ 28/9/1980 م ، الذي دعى فيه ايران والعراق الى الوقف الفوري لاستخدام القوة وحل خلافاتهما بالوسائل السلمية.
وكشفت افتتاحية ( البرافدا) النقاب عن قيام دولة عظمى بالتدخل المباشر في الحرب الدائرة بين العراق وايران ، دون ان تذكر اسم هذه الدولة أيضا ، لكن مقالا في داخل الصحيفة كتبه الكساندر بابوف وهو احد الصحفيين المقرببن من صناع القرار في سكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي ،أوضح معلومات مهمة عن قيام الجيش الفرنسي بناء على تعليمات الرئيس الفرنسي فرانسو ميتران بأعادة طلاء الطائرات المقاتلة (سوبر اتندارد) الثقيلة بألوان سلاح الجو العراقي ، وأستئجار طيارين مرتزقة من بلجيكا لقيادة تلك الطائرات التي نفذت عمليات دقيقة ، ضد اهداف ايرانية ذات حساسية استراتيجية، بحسب المقال المنشور في صحيفة البرافدا .
قرأ الرئيس علي ناصر محمد ترجمة باللغة العربية لتلك الافتتاحية وذلك المقال ، بعد تناول وجبة الافطار في مقر اقامته في موسكو ، حيث تقرر موعد لقائه بالزعيم السوفييتي لبونيد بريجنيف في الثامنه من مساء نفس اليوم بمقر الكريملين .. وقد عكف الرئيس علي ناصر محمد ومعاونوه على تحليل مضمون الافتتاحية والمقال قبل لقائه بالزعيم السوفيتي بريجنيف.
استأذن القارئ الكريم بالانتقال الى مكان اخر كان يراقب مايجري في موسكو على ان اعود الى هذه المحطة لاحقا.
كان ثمة رجلان في الشرق الاوسط يفكران بعقل استراتيجي بحثا عن الوسائل الممكنة لما سميت حينها ( عملية استعادة المبادرة الايرانية ) كخطوة على طريق الوقف الفوري والمتوازن للحرب العراقية الايرانية ، بدلا من المراهنة على قرار مجلس الامن رقم 479 الذي صدر بعد ستة ايام من الحرب في 28 سبتمبر 1980م ، ورفضته ايران جملة وتفصيلا ، فيما رحبت به حكومات العراق والسعودية ودول الخليج والولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وبريطانيا ، وشددت على ضرورة الإلتزام به والتعاطي الايجابي معه.
بوسعي القول ومن موقع مرافقتي للرئيس على ناصر محمد وتحركاته في تلك الفترة ان العقل الاستراتيجي الأكبر لعملية ( استعادة المباردة ) كان عربيا وليس ايرانيا ، على الرغم من ان الايرانيين ومعظم المحللين العالميين يعتبرون الدكتور علي اكبر ولايتي وزير الخارجية الايراني الاسبق هو العقل المدبر والمهندس الاستراتيجي لتلك العملية . ( انظر الصورتين المرفقتين ) .
من نافل القول ان الدكتور علي أكبر ولايتي قاد الدبلوماسية الايرانية لمدة 16 عاما بعد اندلاع الحرب العراقية الايرانية مباشرة ،إعتبارا من شهر ديسمبر 1980 وحتى منتصف عام 1996 .. وما له دلالة ان الدكتور ولايتي حصل على شهادة دكتوراه بنفوق في طب الاطفال من جامعه طهران ،ثم حصل على شهاده دكتوراه تخصصية اخرى في امراض التهابات الدم من جامعه جونز هوبكينز الامريكية في عهد شاه ايران ، وكان يغلب على تفكيره السياسي بعدا علميا استراتيجيا ، وهو مالاحظته شخصيا اثناء عدة لقاءات سرية وغير معلنه عقدها مع الرئيس على ناصر محمد في عدن ودمشق واديس ابابا .
كانت القيادة الثورية في أيران تولي اهتماما كبيرا لقضايا الدفاع والامن والثورة ، خصوصا بعد تصريحات الرئيس الامريكي رونالد ريجان التي شدد فيها على ضرورة التفكير الجدي بتزويد العراق وايران في آن واحد بالاسلحة بين حين واخر ، انطلاقا من المصالح الامريكية العليا بحسب تعبيره ، فيما كانت كتابات ومقابلات ثعلب السياسة الأميركية الدكتور هنري كيسينجر في تلك الفترة ، تشير الى ان الحرب الدائرة على ضفاف (الخليج الفارسي) ستستمر طويلا ، ويجب ألآّ يخرج احد منها منتصرأ !!
من جانبه كان الدكتور علي اكبر ولايتي مؤسس الدبلوماسية الإيرانية بعد قيام الثورة الإسلامية ، يرى بان هناك تداخلا عميقا بين قضايا الثورة والدفاع والامن والمصالح الإقليمية و الدولية ، مؤكدا على ضرورة تحقيق التكامل بين الاضلاع الأربعة ، وتوسيع مفهوم الأمن القومي لإيران .
كما كان يشدد امام السياسيين ورجال الدين في مجمع تشخيص مصلحة النظام في الجمهورية الاسلامة الايرانية وقادة الحرس الثوري الايراني على ضرورة توسيع مفهوم الامن القومي الايراني ، وأهمية الربط الوثيق بين تشخيص مصلحة الثورة والنظام في ايران من جهة ، وبين تشخيص الأمن القومي والاقليمي لايران من جهة أخرى .. وهو ماجعله قريبا جدا من افكار الرئيس السوري حافظ الاسد ، الذي كانت خطته لاستعادة المبادرة الإيرانية ، تشمل ادوات سياسية وعسكرية وأمنية ، ياتي في صدارتها تحويل القضية الفلسطينية والسلام والاستقرار في الشرق الاوسط ، الى جزء لايتجزأ من الامن القومي الايراني ، وتحويل ايران الى مجال حيوي استراتيجي للأمن القومي العربي .
لن نتكلم عن خطة الرئيس حافظ الأسد لاستعاده المبادرة الايرانية العسكرية ، كوسيلة لتحقيق التوازن ووقف الحرب بين العراق وايران ، لاني ساعود الى ذلك لاحقا ، ولكني سأتحدث عن خطة الدكتور على اكبر ولايتي عميد الدبلوماسية الايرانية والمستشار السياسي الاستراتيجي الاول لمرشد الثورة الايرانية الإمام علي خامينئي حاليا ، الذي كلف ولايتي مؤخرا بدراسة ملف العدوان السعودي الامريكي على اليمن !!
كان الدكتور على اكبر ولايتي يؤمن بان نهاية الحرب العراقية الايرانية هدف استراتيجي لن يتحقق فقط باستعادة المبادرة العسكرية لايران في الجو والأرض ، لكن المطلوب لانهاء تلك الحرب هو تدشين مرحلتين متكاملتين:
1- إستعادة المبارة من خلال أدوات عديدة ، من بينها الرد المناسب في المكان المناسب وبالتوقيت المناسب و بالوسائل الممكنة !!
2- الانتقال بعد ذالك الى ( خيارات استراتيجية ) تُمهِّد لوقف الحرب ، وهو ماحدث بعد ذالك عندما استعادت ايران المبادرة ، وتبادل الطرفان القصف الصاروخي طويل المدى ، واستخدام حرب تدمير المدن الكبرى ، بما فيها بغداد وطهران ، وصولا الى قيام الجيش العراقي باستخدام السلاح الكيميائي الذي كان ياتيه من المانيا ، وسط استنكار عالمي نفت على أثرة الحكومة الالمانية تورطها في توريد اسلحة كيميائية الي العراق ، فيما اتهمت مافيات الاسواق السوداء بتوريد المادة الاساسية للسلاح الكيميائي الى الجيش العراقي عبر الموانئ السعودية ، كما اتهمت العراق بتصنيعه كليا في مصانع عسكرية ، لانه سهل التصنيع في حالة توفر المواد الكيميائية الاساسية !!
في هذا السياق عاد الرئيس على ناصر محمد من موسكو الى دمشق ، مقتنعا بان الاتحاد السوفيتي لن يكون بعيدا وسلبيا امام تورط بعض القوى العظمى في اشعال تلك الحرب ، وسعيها الى تطويل امدها بهدف اضعاف وانهاك العراق وايران ودول المنطقة معا ، وتوفير الفرص والذرائع لتوسيع نطاق تواجدها العسكري ، وبتاء قواعد عسكرية أميركية متقدمة في منطقة الخليج .
يتوجب التنويه بأني لا أريد ان ادخل في تفاصيل مباحثات الرئيس على ناصر محمد مع القيادة السوفيتية اثناء تلك الزيارة ، لكن التطورات التي حدثت فيما بعد بأمكانها ان تساعد القارئ اللبيب على معرفة ما حصل .
قام الرئيس السوري حافظ الأسد على الفور بعد تلك الزيارة بتزويد إيران بإربع كتائب سورية متخصصة ومسلحة بأحدث منظومات الدفاع الجوي الصاروخي السوفيتية في تلك الفترة ، لم يُقدمها الجيش السوفييتي إلاّ لسوريا فقط لغرض تحقيق التوازن العسكري مع اسرائيل ، وذهبت كل الكتائب الاربع بكامل منظوماتها التقنية الحربية وصواريخها ( ارض وجو) بعيدة المدى ، برفقة عدد من الضباط السوريين الذين قاموا بتشغيلها على الاراضي الايرانية ، وتدريب طواقم ايرانية عليها في وقت لاحق ، حيث تمكنت ايران بفضل هذه الكتائب الأربع ، من انهاء السيطرة العراقية المطلقة على الاجواء الايرانية ، والتي فرضتها القوات الجوية العراقية منذ اليوم الاول للحرب (22 سبتمبر 1980) وانتهت يوم (20 اغسطس 1981) الذي تمكنت فيه هذه الكتائب من إسقاط ما لايقل عن 21 طائرة عراقية في يوم واحد ، وتحييد سلاح الجو العراقي بعد ذلك ، لتتنقل المعارك الى الارض .
في سياق متصل قامت ليبيا بتدريب طواقم ايرانية على الدبابات السوفيتية المتطورة ، وفور الانتهاء من تدريب الدفعة الاولى ، ارسل الجيش الليبي ( 200 ) مئتي دبابة سوفيتية الى ميناء بندر عباس الإيراني ، بدعم لوجيستي من ميناء عدن وسلاح البحرية اليمينة الجنوبية في نهاية عام 1981 ، كما ارسلت ليبيا في مطلع عام 1982 ثلاثمئة ( 300) دبابة سوفيتية متطورة.
من المفارقات العجيبة ان اسرائيل باعت ايران في تلك الفترة ذخائر وقطع غيار لطائرات ودبابات امريكية الصنع، من قيمة ديونها على ايران في عهد الشاه ، فيما قامت المخابرات المركزية الأميركية CIA بشراء اسلحة من السوق السوادء ، دون علم وموافقة الكونجرس الأمريكي ، ثم باعتها لايران بهدف تسليح حركة ( الكونترا ) المعارضة للنظام اليساري في نيكرجوا ، مقابل تحرير الرهائن الاميريكين في طهران ، وهو ماتم اكتشافه في ماتسمى فضيحة (ايران كونترا جيت ) .
اللافت للنظر أن اسرائيل ضرفت بعض قطع الغيار والذخائر التي كانت ايران تحتاجها لتشغيل الطائرات والدبابات الإيرانية المعطوبة والموروثة عن عهد الشاه المخلوع محمد رضا بهلوي ، من المخزون العسكري للجيش الاسرائيلي ، والبعض الاخر تم شراؤه من اوروبا ، كما كانت المخابرات الامريكية تعمل على الخطين بين ايران والعراق ، وتقوم بتحريضهما معا من خطر الطرف الاخر ، على الرغم من توتر العلاقات الامريكية الايرانية بسبب ماسُمِّيت قبل الحرب ( ازمة الرهائن الأميركيين ) لدى حرس الثورة الإيرانية في طهران !!
وبعد نجاح ايران في أستعادة المبادرة والتوازن ، اصدر الخبير الامريكي المختص بوكالة المخابرات المركزية الأميركية CIA جراهام فولر ، كتابا في عام 1985م ، اعترف فيه بأن الولايات المتحدة الأميركية سعت لبيع ايران اسلحة وقطع غيار امريكية بهدف منع انشار النفوذ السوفيتي فيها من خلال سوريا وليبيا واليمن الجنوبي.
تمكنت ايران بعد استعادة المبادرة ، من إحداث تغيير شامل في ميزان القوى العسكري على الارض والجو ، واستعادة أجزاء واسعة من الاراضي والانهار والمياه التي احتلها العراق بعد الحرب مباشرة ..فيما دخلت السعودية على خط الحرب العراقية الإيرانية ، بخطاب سياسي واعلامي طائفي ومنخلف ، وصف تلك الحرب بانها حرب ضد الروافض والمجوس ، وهو مادفع العرق الى الحذر من هذاالخطاب الطائفي التحريضي ، وقيام وسائل الاعلام العراقية بارتاكب خطأ سياسي استراتيجي من نوع آخر ، وصفت فيه الحرب تمييزاً عن الخطاب الاعلامي السعودي بأنها حرب بين العرب والفرس ، ثم واصل الاعلام العراقي أخطاءه الاستراتيجية عندما أطلق على تلك الحرب اسم ( قادسية صدام ) تذكيرا بقادسية سعد بن ابي وقاص بين المسلمين والكفار المجوس ، والتي انتهت بفتح بلاد فارس في عهد الإمام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه.
بمعنى ان الخطاب الاعلامي العراقي والسعودي اثناء تلك الحرب ، خدم ايران كثيرا ، وعجز عن اقناع العالم ، والكثير من الدول العربية والافريقية والاسيوية ، بان تلك الحرب كانت مذهبية ( بين السنة والروافض ) او قومية بين (العرب والفرس ) ، او دينية ( بين المسلمين والكفار ) كما هو حال قادسية سعد التي حاول حزب البعث العراقي استدعاءها باسم ( قادسية صدّام ) .
وخلال الفترة 1981 -1987 كانت الحرب على الارض تتطور وتتسع بادوات مختلفة ، فيما نجحت سوريا في فتح مجال حيوي لإيران داخل لبنان ، واخراجها من عزلتها خلف اسوار تلك الحرب المغلقة ، الى فضاء اوسع تم فيه اختبار رؤية حافظ الاسد وعلي اكبر ولايتي بشان دمج الأمن القومي الإيراني بالأمن القومي العربي ، وتمكين ايران بعد غزو اسرائيل للبنان ، واحتلال جنوب لبنان والبقاع ، من إنشاء ودعم وتمويل مقاومةوطنية اسلامية مسلحة في لبنان بقيادة حزب الله اللبناني وحلفائه ، تمكنت من الحاق هزيمة منكرة بقوات المارينز الامريكية التي اجتاحت السواحل اللبنانيةعام 1982 ، وتحرير جنوب لبنان من الاحتلال الاسرائيلي عام 2000م ، فيما نشأ كونستريوم اقليمي وعالمي يضم عددا من القوى الاقليمية والدولية التي نشطت في شراء اسلحة وقطع غيار لايران من مختلف انحاء العالم ، وتسويق وتكرير النفط الايراني وانشاء صندوق مالي دوار بالعملات الصعبة من عائدات تصدير النفط الإيراني عن طريق الباطن ، بموازاة الدعم المالي الهائل الذي كانت تقدمة السعودية ودول الخليج للعراق .
وقد يُفاجأ القارئ الكريم ، بان الراحل المهندس فيصل بن شملان الرئيس التنفيذي لشركة مصافي عدن اثناء الحرب العراقية الايرانية ، كان واحدا ً من أبرزالعقول التي أدارت جانبا من العمليات النفطية والمالية والمصرفية الاقليمية والعالمية لصالح ايران ، الى جانب عدد من الخبراء الاقتصاديين في اليمن الجنوبية سابقاً ، وعلى رأسهم الدكتور فرج بن غانم والاستاذ محمد الاشولي والاستاذ محمد بن همام .
وخلال تلك الفترة ، دخلت الحرب العراقية الايرانة اطوارا مدمرة للطرفين ، قامت خلالها ايران باغلاق جزئي لمضيق هرمز وتعطيل كلي لمرور البواخر التي كانت تنقل النفط العراقي والسعودي والخليجي ، من خلال قصف تلك الناقلات، الأمر الذي دفع مجلس الأمن الدولي خلال تلك الفترة الى اصدار 6 قرارات دولية اخرى رفضتها ايران جمله وتفصيلا ، وهي القرار رقم 514 في 12 يوليو 1982 والقرار رقم 522 بتاريخ 4 اكتوبر 1982 والقرار رقم 552 بتاريخ 1 يونيو 1984 والقرار رقم 582 بتاريخ 24 فبراير 1986 والقرار رقم 588 بتريخ 8 اكتوبر 1986 ، وصولا الى القرار ماقبل الاخير رقم 598 بتاريخ 20 يوليو 1987 ، حيث رفضت القيادة الإيرانية جميع تلك القرارت الدولية ، وأجبرت الدول الكبرى على اجراء تفاهمات مع ايران ، بعيدا عن تلك القرارات ، خصوصا بعد ان هددت السعودية ودول الخليج بتجميد أنشطتها في الأمم المتحدة ، ما لم يتم إجبار إيران على تنفيذ تلك القرارات الصادرة عن مجلس الأمن ، وضمان حرية الملاحة الدولية في مضيق هرمز .
وقد أسفرت التفاهمات بين الدول الكبرى وايران ، عن تعهد الحكومة الإيرانية بعدم قصف ناقلات النفط العالمية والسماح بحرية الملاحة في مضيق هرمز ، بشرط ان تحمل تلك الناقلات اعلام الدول الخمس العظمى دائما العضوية بمجلس الأمن الدولي ، في مقابل رفع الحصار عن تصدير النفط الايراني وعدم إعتراض أو تفتيش السفن المتجهة الى الموانئ الايرانية على ضفاف الخليج وبحر قزوين.
(يتبع بعد إجازة عيد الفطر المبارك)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.