أعلنت السعودية في جلسة استثنائية لمجلس الوزراء عقدها في قصر اليمامة بالرياض، أكبر موازنة في تاريخها للعام المقبل، على رغم تهاوي أسعار النفط وضعف نمو الاقتصاد العالمي، ووصف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الموازنة بأنها تأتي استمراراً للإنفاق على ما يدعم التنمية الشاملة والمتوازنة وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وإيجاد مزيد من الفرص الوظيفية لهم في القطاعين العام والخاص. وأقر مجلس الوزراء إنفاق 860 بليون ريال (229 بليون دولار) بزيادة خمسة بلايين مقارنة بالعام الحالي، في حين قدرت الإيرادات ب 715 بليون ريال، بانخفاض 135 بليوناً مقارنة بتوقعات موازنة العام الحالي البالغة 855 بليوناً. وتتضمن موازنة 2015 عجزاً تقديرياً قيمته 145 بليون ريال سيجري تمويله من فائض احتياطات الموازنات السابقة أو عبر الاقتراض. ووفق الأرقام الرسمية للإنفاق الفعلي للعام الحالي يتوقع أن تبلغ الإيرادات الفعلية في نهاية العام 1.046 تريليون ريال بزيادة نسبتها 22 في المئة عن المقدر لها بالموازنة، وتمثل الإيرادات النفطية 89 في المئة منها بانخفاض نسبته واحد في المئة مقارنة بعام 2013. أما النفقات الفعلية للعام الحالي فتبلغ 1.1 تريليون ريال بزيادة 245 بليون ريال وبنسبة 28.7 في المئة عما صدرت به الموازنة، وبلغ العجز في موازنة العام الحالي 54 بليون ريال. ولا تتضمن النفقات السابقة ما يخص مشاريع البرنامج الإضافي الممولة من فائض إيرادات الموازنات السابقة والتي يقدر أن تبلغ نفقاتها نهاية العام الحالي 22 بليون وهي تمول من الحسابات المفتوحة لهذا الغرض بمؤسسة النقد العربي السعودي. وأعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز موازنة العام المقبل في كلمة وجّهها إلى المواطنين خلال جلسة مجلس الوزراء التي ترأسها ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، مشيراً إلى أن اعتماد الموازنة جاء في وقت يمر فيه الاقتصاد العالمي بضعف في النمو ما ساهم إضافة إلى ما تمر به السوق البترولية العالمية من تطورات في انخفاض كبير في أسعار البترول. ووجه العاهل السعودي المسؤولين بأن تأخذ موازنة العام المقبل في الاعتبار هذه التطورات وترشيد الإنفاق مع الحرص على كل ما من شانه خدمة المواطنين وتحسين الخدمات المقدمة لهم والتنفيذ الدقيق والكفء لبرامج ومشاريع الموازنة وما جرى إقراره من مشاريع وبرامج لهذا العام المالي والأعوام الماضية وما يسهم في استدامة وضع المالية العامة القوي. وشدد على وجوب أن «تُعطى الأولوية في العام المالي المقبل لاستكمال تنفيذ المشاريع المقرة في الموازنات السابقة وهي مشاريع كبيرة». وأعرب عن تفاؤله بأن النمو الاقتصادي سيستمر مدفوعاً بنشاط القطاع الخاص واستمرار تعزيز التكامل بين القطاعين العام والخاص ومواصلة تحسين أداء القطاع الحكومي وتطوير التعليم باعتباره أساس التنمية ومعالجة اختلالات سوق العمل لإيجاد مزيد من فرص العمل للمواطنين والتنمية المتوازنة بين المناطق والاستخدام الأمثل للموارد. ودعا خادم الحرمين الشريفين المسؤولين كافة إلى بذل أقصى الجهود لتنفيذ برامج الموازنة ومشاريعها بالكفاءة والجودة لتحقق أهدافها وينعم بها المواطن. وختم كلمته بالإشارة إلى الأمن والاستقرار الذي تنعم به المملكة داعياً الله أن يديمه ومشدداً على أن مسؤوليتنا جميعاً صيانته والمحافظة عليه لمواصلة مسيرة النمو والتنمية. وتوضح الملامح الرئيسة لموازنة العام المقبل مواصلة تعزيز مسيرة التنمية وتشجيع البيئة الاستثمارية التي من شأنها إيجاد فرص العمل للمواطنين، ودفع عجلة النمو الاقتصادي، إذ استمر التركيز في الموازنة على المشاريع التنموية لقطاعات التعليم والصحة والخدمات الصحية والاجتماعية والبلدية والمياه والصرف الصحي والطرق والتعاملات الإلكترونية، ودعم البحث العلمي، كما تواصلت عملية إطفاء الدَّين ليصل إلى أقل مستوى له، وتصبح المملكة أقل دول العالم في نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي. واستحوذت قطاعات التعليم والصحة والخدمات على نسبة كبيرة من الإنفاق خلال العام المقبل، إذ نال قطاع التعليم والتدريب وحده نحو ربع الموازنة وبلغت مخصصاته 217 بليون ريال مقارنة باعتمادات العام الحالي البالغة 210 بلايين ريال، وتضمنت الموازنة مشاريع جديدة وإضافات للمشاريع القائمة للمجمعات التعليمية والمدارس لكل المراحل التعليمية بمختلف مناطق المملكة والمعامل والمختبرات والبُنى التحتية للجامعات ومعاهد وكليات التدريب وتأهيل المرافق الحالية للمدارس والجامعات ومعاهد وكليات التدريب. وسجلت الموازنة زيادة كبيرة في اعتمادات قطاع الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية إذ خصص له 160 بليون ريال وبنسبة 18.6 في المئة من إجمالي نفقات الموازنة، بزيادة كبيرة عن اعتمادات العام الحالي البالغة 108 بلايين ريال، وتضمنت الموازنة مشاريع صحية لاستكمال إنشاء وتجهيز مستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية بجميع مناطق المملكة. وبحسب بيان وزارة المالية عن الموازنة، ارتفعت مخصصات قطاع الخدمات البلدية (تشمل وزارة الشؤون البلدية والقروية والأمانات والبلديات) إلى 40 بليون ريال، من 39 بليون ريال هذا العام، وتضمنت الموازنة مشاريع جديدة وإضافات لبعض المشاريع البلدية القائمة بلغت 25 بليون ريال لتنفيذ مشاريع الحماية من السيول وتصريف مياه الأمطار ومشاريع السفلتة والإنارة، ولإنشاء الأنفاق والجسور. وفي المقابل انخفضت مخصصات التجهيزات الأساسية والنقل إلى 63 بليون ريال من 66.6 بليون للعام الحالي، وتضمنت الموازنة مشاريع جديدة وإضافات للمشاريع القائمة للطرق والموانئ والخطوط الحديدية والمطارات والخدمات البريدية ومدينتي الجُبيل وينبُع الصناعيتين ورأس الخير للصناعات التعدينية. وحول تطورات الاقتصاد السعودي، توقعت وزارة المال أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي هذا العام 2.8 تريليون ريال بمعدل نمو يبلغ 1.09 في المئة مقارنة بالعام الماضي 2013، ويتوقع أن يحقق الناتج المحلي للقطاع غير البترولي بشقيه الحكومي والخاص نمواً بنسبة 8.21 في المئة، إذ يتوقع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة 6.06 في المئة والقطاع الخاص بنسبة 9.11 في المئة، أما القطاع النفطي فقد يشهد انخفاضاً في قيمته بنسبة 7.17 في المئة. وهبطت القيمة الإجمالية للصادرات السلعية خلال العام الحالي 1.348 تريليون ريال بانخفاض نسبته 4.4 في المئة، أمَّا الواردات السلعية فيتوقع أن تبلغ 564 بليون ريال بانخفاض نسبته 2.6 في المئة، وتُشير التقديرات الأولية لمؤسسة النقد العربي السعودي إلى أن الميزان التجاري سيحقق هذا العام فائضاً مقداره 788.7 بليون ريال. وفي شأن تكاليف المعيشة زاد معدل التضخم خلال العام الحالي بنسبة 2.7 في المئة مقارنة بالعام 2013. وواصلت السعودية إطفاء الدَّين العام، الذي هبط خلال العام الحالي إلى 44.26 بليون ريال، بما يُمَثِّل 1.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع، وبذلك تكون المملكة أقل دول العالم في نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، وكان حجم الدين العام بلغ بنهاية العام الماضي إلى ما نسبته 2.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في مقابل 82 في المئة لعام 2003.