تعرض الحكومة اليمنية اليوم الأحد في عدن حوالي 20 مليون دولار أميركي للبيع بالمزاد وذلك بغية الحصول على سيولة بالعملة المحلية تمكّنها من تغطية العجز في صرف مرتبات موظفي القطاع العام للثلاثة أشهر الماضية. وقال بيان صحافي صادر عن البنك الأهلي الجمعة إنه وبناء على طلب جهات حكومية مختصة سيقوم بعرض مبالغ بالدولار للبيع بالمزاد العلني للراغبين من التجار وشركات ومحلات الصرافة والبنوك التجارية.
ووفقا لمحللين اقتصاديين يعد المزاد الذي أعلن عنه البنك الأهلي اليمني، وهو بنك تجاري مملوك للدولة ومقره عدن، المزاد الأول لبيع النقد الأجنبي الذي يجرى خارج صنعاء.
ويأتي المزاد في ظل أزمة سيولة غير مسبوقة يعاني منها القطاع المصرفي اليمني الذي يقدر حجم السيولة النقدية من العملة المحلية المتداولة خارج القطاع المصرفي بنحو تريليون و300 مليار ريال.
ورغم أن رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر كان قد تعهد في أكتوبر الماضي بصرف مرتبات موظفي الدولة عن طريق العملات الأجنبية المتوفرة (الدولار الأميركي والريال السعودي) نظراً لشح السيولة بالريال اليمني، إلا أن الحكومة اليمنية قررت أخيراً إعادة الأوراق النقدية من العملة المحلية لدورتها الطبيعية داخل الوعاء المصرفي عبر شرائها بالمزاد مقابل الدولار الذي يتوقع أن تزداد الهوة في سعر شرائه مقابل الريال اليمني الذي كان قد وصل إلى 305 ريال لكل دولار مقارنة ب214 ريالا لكل دولار في سبتمبر 2014.
وقالت لجنة الخبراء الأكاديميين الحكومية إن تداول مبالغ نقدية ضخمة خارج الجهاز المصرفي هو السبب الرئيس في أزمة السيولة وعدم تمكن الجهات الحكومية من صرف رواتب موظفيها، حيث قدرت الزيادة في النقد المتداول خارج الجهاز المصرفي خلال النصف الأول من العام 2016 بما يصل إلى 298 مليار ريال.
ويرى رئيس مركز الإعلام الاقتصادي مصطفى نصر، أن هذا التراجع في سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية يضاعف من التأثيرات السلبية على المواطن اليمني وعلى القوة الشرائية لمدخولاته بالريال، متوقعاً انهياراً للريال بمستوى أعلى بكثير ممّا وصله حتى الآن.
وقال نصر في تصريحه ل”العرب” إن “أزمة السيولة للعملة المحلية وتخزينها أدى إلى تخفيف حدة الانهيار في العملة”.
ويواجه اليمن مشاكل اقتصادية جمة منذ اجتياح الميليشيات الانقلابية صنعاء في ال21 من سبتمبر 2014، إذ تراجعت الاحتياطات النقدية إلى 700 مليون دولار من أصل 4 مليارات دولار قبل الانقلاب خلال بقاء البنك المركزي تحت سلطة الحوثيين.
ورغم التراجع الكبير في سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأخرى فإن مصطفى نصر يرى أن الانهيار الكبير لم يحدث بعد، وأن هذا الانهيار ربما يبدأ مع بداية حالة الاستقرار الاقتصادي والسياسي.
وقال رئيس مركز الإعلام الاقتصادي إن “حالة الانكماش والركود الاقتصادي الكبير ساعدت على عدم انهيار الريال اليمني، وأعتقد أن الأوضاع الاقتصادية ستنهار أكثر مع نهاية الحرب نظراً لحالة زيادة الطلب على الدولار التي ستنشأ حينها”.
وإضافة إلى الاستنزاف الذي طال البنك المركزي اليمني في صنعاء من قبل الحوثيين تحت ذريعة دعم “المجهود الحربي”، فإن خبراء اقتصاديين يعتقدون أن الأزمة المتفاقمة التي انتهت إلى الحرب تسببت في هروب رؤوس الأموال وتوقف المشاريع وفاقمت من حالة التدهور الاقتصادي والمالي، إضافة إلى توقف تصدير النفط الذي كان يشكل 70 بالمئة من إيرادات الدولة.
ويبدو أن الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته عازمون على مواصلة إجراءاتهم النقدية فيما يخص البنك المركزي.
وأصدر الرئيس اليمني في اليومين الماضيين قراراً بتعيين وكيل لمحافظ البنك المركزي للعمليات المصرفية الخارجية بعد تمكن البنك المركزي في عدن من نقل (السويفت) من تحت سيطرة البنك في صنعاء، وهو ما يعني أن التحويلات الخارجية أصبحت تحت سيطرة الحكومة.
ويدفع المتمردون الحوثيون بدورهم فاتورة استنزاف السيولة في المجهود الحربي. وأفاد شهود عيان بأن مسلحين حوثيين فرقوا السبت، مظاهرة للعشرات من المحتجين المطالبين بتسليم رواتبهم المتأخرة في صنعاء.