ليس من الجديد .. القول أن للجنوب العربي عامة وحضرموت خاصة أعداء معروفين .. وهم الباغية والمتنفذين والفاسدين ، ولكن ثمة أعداء آخرين … لا يقل خطرهم عن الرؤوس التي تم ذكرهم آنفاً .. وهؤلاء هم المنافقون واليائسون . وترجع خطورتهم إلى أنهم يحاربون المواطنين من الداخل ومن غير أن يشعر أحد بهم .. عبر أموال ونفوذ أسيادهم التي أمنت لهم كل الخطوات وهم أخطر وألد الأعداء ، لأن المنافقون ذوو وجهين وذوو لسانين يتفننون في أساليب تدبير المكائد والدسائس حتى على أبسط الموظفين والعامة ، ومصائبهم عديدة تنطوي على أبعاد بالغة الخطورة بالنسبة للمستقبل .. فحاذروهم ليخيب مسعاهم وتحبط أعمالهم ، وهذا لم يتم ولن يتحقق في غياب وإخفاء الحقيقة . ويمكن القول .. بديهي ما يحدث للجنوب العربي عامة وحضرموت خاصة من مؤامرات وانتهاكات وكوارث بسبب هؤلاء .. فهم آلات المفسدين الذين أنكروا لحضرموت والجنوب العربي حقوقهما .. وائتمنهم المواطنون على مصالحهم فعرضوها للخطر .. أولئك الذين برّتهم حضرموت فقابلوا بِرّها بالسوء وصاروا اليوم في أيدي الباغية والمتنفذين ضد وطنهم .. أولئك الذين مدّت إليهم حضرموت يد الاستغاثة .. وبالمقابل مدّوا إليها كوارث الموت والفساد ، التي فاحت وانتشرت في البر والبحر .. هؤلاء هم مهما ذاقوا من لذة الحياة فسينالهم العقاب ولو من أنفسهم متى حاسبوا ضمائرهم ، أو من نفس الأعداء الذين ساعدوهم .. هذه سنة الله في خلقه يُقتل القاتل عقاباً على فعله .. فكيف بمن يعتدي على أمة بأسرها بالنفاق .. وجعلوا من المتنفذين أن يستبيحوا ويستولوا ويمتلكوا كل ما في باطن الأرض وما فوقها من ثروات الأجيال القادمة .. حتى البحر العربي لم يسلم من مفسدتهم .. أما اليائسون فهم علّة المجتمع .. يستخدمهم المتنفذون والمفسدون لتمرير مخططاتهم الإجرامية ، عبر بث الإشاعات لخلق الكثير من التناقضات السياسية .. الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من تفجير الأوضاع الأمنية لخلق الفوضى والرعب لإقلاق سكينة المواطنين . والكل يعلمُ بأنَ اليأس عدواً .. وما يظهر ُ طويلاً في حياة الأفرادِ هو قصير فيِ حياة الشعوب .. فبضعة من السنوات في حياة الإنسان طويله حقاً ، ولكنها في حياة الأمة قصيرة جداً . على أنه إذا كان اليائسون معتقدين صحة ما تشربوا من أفكار الباغية والمتنفذين والمفسدين .. فعار عليهم أن يقوموا بتثبيط همم الآملين .. والآملون في البلاد كثيرون .. بل الأمة كلها يحذوها الأمل .. وسيرى العالم أجمع أن للوطن أبناء مخلصين يقدروا للوطنية قدرها ، ويعرفون لحضرموت حقوقها ، ولا يخافوا المتنفذين المفسدين وقوتهم ، بل يجاهدوا في سبيل خلاص البلاد منهم .. أشد الجهاد وأحسنه ، ولا عجب .. فإن سبل خدمة الوطن عديدة ، وإن أهمها إعلان الحقيقة في كل بلد وكل زمان ، فالحرية بنت الحقيقة .. وما انتشرت الحقيقةُ في أُمةٍ إلا ارتفعت مكانتها وعلا شأنها ، فالحقيقة نور ساطع إذا انتشر اختفى الظلم والظلمة ، وانتشرت الحرية والعدل . إن الأفراد لا تسلب حقوقهم ولا يعتدي اللصوص على أمتعتهم إلا في ظلام الليل ، فكذلك شأن الأمم لا تسلب حقوقها ولا يعتدي المتنفذين والمفسدين على أملاكهم إلا إذا كانت الحقيقة مجهولة فيها ، وكانت هي عائشة في الجهل والظلام من قبل المتنفذين والمفسدين ، فإن ذكرتم المتنفذين والمفسدين فاذكروا أتباعهم المنافقون واليائسون .. فهم ألدُّ الأعداء يتفننوا في إخفاء الحقيقة بعدة أساليب ، ويظهرون أمامكم بمظهر المخلصين ، وبهذا فإن الصراع حول الحقيقة مشتعل ويتصاعد ثم يخبوا ليعود من جديد ، وسيظل كذلك حتى يأخذ الشعب بناصية أمره ويقرر مصيره ، ويدرك مثقفيه أن التفريط في إظهار الحقيقة لا بد أن ينتهي بانتهاك الوطن نفسه ، وأن من يفرط في حقوق الوطن لابد أن يستبد بحقوق المواطن .. لكن حقل الأعلام هو حقل صناعة العقل ، لأن التجربة أثبتت ذلك .. وتتجلى معالم إظهار الحقيقة في هذا الحقل الإعلامي .