مرّ يوم السابع من يوليو من هذا العام بسلام، رغم أن من يسمون أنفسهم ب(حراك الجنوب) قد توعدوا بأن يجعلوه يوماً للانتقام من هذا الوطن المعطاء، وإشعال الفتنه بين أبنائه، والسعي لتقسيم اليمن الى أقاليم مناطقية، وطائفية، أو تقسيمات أخرى من المسيمات التي يحلمون بها.. غير أن يوم 7/7 أبى إلاّ أن يكون بعظمة تأريخه من عام 1994م الذي سقطت فيه الرهانات المريضة، وولى منه الأدبار أولئك المقامرون الصغار، الذين إعتادوا على تفجير دواليب الدماء كلما استقامت الحياة، وتنعم الناس بالسلام، وعزموا مد خطاهم نحو المستقبل.. ورغم انهم ظلوا يحلمون بجولات العنف والتخريب، لكننا قلنا: دعهم يحلمون، لعلهم يصحون يوماً من سبات الوعي العميق.. لكن تبين أنهم يعيشون كوابيس الماضي، مع العملاء المشحونين بالحقد والكراهية لهذا البلد، دون أن تهمهم مصلحة الوطن، بل سخرو الأموال لأناس لا يفقهون في الديمقراطية شيئاً، ولا يفهمون من السياسة حرفاً، إلاّ أنهم يحترفون التخريب، وقطع الطرقات، وتفجير الأزمات، واللهاث وراء دعاة التشطير.. هؤلاء الناس- الحراك- لا يتحركون عبثاً، بل أن أسيادهم من عملاء الخارج يحدركون جيداً أن هذه المظاهرات، وأعمال الشغب، وجولات العنف لابد أن تقود إلى النيل من اليمن، ومنعها من تنمية الاستثمارات الاجنبية والعربية، وإلى تشويه سمعة الوطن- الذي كانوا يحلمون في 1994م أن يحولوه الى مقبرة جماعية، مماثلة لتلك التي لطالما دفنوا فيها آلاف المناضلين، والثوار، والعلماء، والأبرياء من شباب، ونساء وحتى أطفال..! مرّ يوم السابع من يوليو، ولم يكن "آخر يوم من عمر الوحدة"- كما هتفوا، وكتبوا، وملأوا الدنيا ضجيجاً- بل كان آخر يوم من عمر أحلامهم، بعد أن رأوا بأم أعينهم كيف خرجت الملايين من كل صوب تهتف للوحدة، وتلعن العملاء، وتتوعهم بالويل والثبور.. مرّ يوم السابع من يوليو، كاشفاً الأقنعة عن الوجوه، وفاضحاً كل هيئاتهم ومجالسهم الورقية التي كانت تتبجح بما ستفعل، وتوهم البسطاء بأنها المارد الذي سيعيد اليمن إلى زمن التشطير، وإذا بيوم السابع من يوليو يعري أقزامها، ويعيدها إلى كهوف التآمر المظلمة، لتجتر خيبتها، وكوابيس الهزيمة..
ليتهم يفهمون الدرس، ويتعلمون كيف تمارس الشعوب المتحضرة الحرية، وكيف تستثمر الديمقراطية، وكيف تنتزع بهما الحقوق، وتبني بهما الأوطان، وتتحرر من عقد الماضي، وويلات الثقافة البوليسية.. مرّ يوم السابع من يوليو، والشرفاء من كل فئات الشعب اليمني- أحزابا ومنظمات وهئيات وأفراد- يزدادون توحداً، وعزيمة لشق الطريق نحو المستقبل، وبناء مجد اليمن العظيم، وسحق كل ما سيعترض طريقها، مهما سيكون حجم التضحيات.. فأن يموت نصفنا ليحيا النصف الآخر بكرامة، لهو خير من أن نموت جميعاً بلا كرامة، تحت أقدام مافيا المجازر العائدة من مقابر التشطير..!