إلى دارين: ابنتي. كأنّي أتنفّسُهُ, أتنفّسُ جحيماً حينَ أذكرُهُ , كأنّ أفعىً نفخَتْ في ترابٍ فجاء على شكل منعطف يرمي الصبيةُ فيه شغباً ألتقطُهُ قبلَ أنْ يُرمى. أيّها النهرُ: أينَ خبّأتَ كلَّ هذي الظّلال التي مرّتْ بكَ أو مررْتَ بها فسحبْتَها إلى شهيقكَ. أيّها النهرُ: ها أنا أمدُّ يدي لتمشيَ عليها مَرَحَاً لا يعدِلُهُ مرحُكَ حينَ تجلسُ الفتياتُ بجانبكَ. : ها يدي زورقٌ يمشي على مائِكَ الوهميّ الفيّاض. اهطلْ علينا أنتَ الذي لا ماءَ عندكَ, أيُّها النهرُ: ها أنا نهرُكَ وقد أصحبتُ جَدّي الذي يخبّئ رأسَهُ بيديهِ حين تأتيه شتائمُ الصبية , وكأنهُ – كأني– المُتهمُ بشرب كلّ هذي المياه. مَنْ أَوقفَكَ قبالتي لأراكَ يتيماً.. خاسراً كأنّكَ – كأنّي- قادمٌ من معركةٍ طُعنتْ من الخلف فيها؟. لا تحدّثني عن خساراتِكَ أيّها النهرُ, فلي منها ما يملأُ كلّ جوانبي. كنْ كما عهدْتُكَ: يخافُ هديرَكَ مَنْ يمرُّ بكَ هارباً وأنتَ تلاحقُ , لتلتهمَ ظلالَهُ. كنْ كما عرفَكَ الصبيُّ: ماءٌ ميّتٌ أو عشبٌ يخجلُ من ذبولِهِ في الربيع. ...... هذي المياهُ التي لا تراها في النهر, إنها دموعي كي يرمي الصبية سفنَهم الورقيّة فيها. * ملاحظة : مقطع من نصّ غير منشور من مخطوط معدّ للطباعة: نحن الذين نسكن في الشمال . [email protected]