يكتمل عش الزوجية عادة، بوجود أطفال أصحاء معافين من الأمراض. لكن بعض الأسر قد تلد مصابين ببعض الأمراض، ومنها ما يصيب الجنين وهو في المراحل الأولى من الحمل لأسباب عدة، بعضها يتعلق بالكروموسومات (الموروثات الجينية)، حيث قد يتغير شكلها أو عددها أو ترتيبها. والكروموسومات هي جسيمات صغيرة موجودة في كل خلية من أنسجة الجسم. وهي تحمل كل الصفات والخصائص التي نرثها. وهذه الصفات تكون على شكل رسالة مشفرة في المادة الكيميائية المسماة بالحمض النووي المنقوص الأوكسجين DNA. وهناك 46 زوجاً من الكروموسومات في كل خلية من جسم الإنسان، نصف هذا العدد يأتي من الأب والنصف الآخر من الأم (23 +23 = 46 كروموسوما). * متلازمة داون * تقول استشارية طب الأطفال وأمراض قلب الأطفال بمستشفى العزيزية للولادة والأطفال بجدة، الدكتورة ميرفت عبد الله إبراهيم السقاط، ان الطفل أو المولود المصاب بمثل هذا التغيير في موروثاته الجينية يكون لديه خلل جيني، وهذه ليست حالة مرضية لا يمكن معالجتها، وتكون لديه بعض العلامات الفارقة في شكله الخارجي وكذلك بعض التغيرات في الأجهزة الداخلية مثل القلب، المخ، الأمعاء، والكلى وغيرها وقد تؤثر أيضا على مستوى الذكاء والفهم. بعض هذه الأمراض يطلق عليه اسم «متلازمة» لأنها تصيب أكثر من جهاز في جسم الإنسان ويتم تشخيصها بالكشف الشامل وإجراء الفحص المخبري للكروموسومات. ومن أشهر هذه المتلازمات «متلازمة داون». وهي عبارة عن حالة جينية ناتجة عن زيادة في عدد الكروموسومات لتكون 47 كروموسوما. وتحدث متلازمة داون بنسبة 800:1 أي يولد طفل واحدٌ من كل 800 طفل، مصاباً بمتلازمة داون. وتحدث بنسبة متساوية بين الذكور والإناث. وفي عام 1425ه (2004 2005 م)، ولد 1000 طفل داون في المملكة العربية السعودية حسب دراسة أجرتها الجمعية السعودية لمتلازمة داون في الرياض (دسكا). ويمكن التعرف على أطفال متلازمة داون بسهولة، فهم يولدون بعدة علامات فارقة في شكلهم، تميزهم عن غيرهم. ولكن أغلبها موجود فيهم جميعا. والبعض يكون واضحا للطبيب الذي يقوم بالفحص الأولي للمولود بعد الولادة. ثم يتم التأكد من التشخيص بإجراء الفحص الإكلينيكي الشامل للطفل ومعاينة جميع أعضائه، ثم إرسال عينة دم لفحصها مخبرياً. * وضع القلب * وضع القلب في أطفال متلازمة داون: ان القلب من أهم الأعضاء التي تصاب بالتشوهات الخلقية في أطفال متلازمة داون، حيث تحدث الاصابة بنسبة 40 50%. ويتكون القلب الطبيعي من أربع حجرات وأربعة صمامات، وشريانين يضخان الدم خارج القلب ووريدين لإعادة الدم إلى القلب. وتتكون الدورة الدموية الطبيعية من الدم المؤكسد والدم غير المؤكسد وهما لا يختلطان مع بعضهما بعضا، فالوريد الأجوف العلوي والوريد الأجوف السفلي يحملان الدم غير المؤكسد من الجسم إلى القلب ليصب في الأذين الأيمن، وبواسطة الصمام الثلاثي إلى البطين الأيمن. البطين الأيمن يضخ الدم إلى الرئتين بالشريان الرئوي عن طريق الصمام الرئوي. وفي الرئتين يتخلص الجسم (الدم) من ثاني أوكسيد الكربون ويستنشق الأوكسجين ليصبح دماً مؤكسداً. والدم المؤكسد يرجع بالأوردة الرئوية للأذين الأيسر ومنه للبطين الأيسر عن طريق الصمام الميترالي. والبطين الأيسر يضخ الدم للشريان الأبهر (الأورطي) عن طريق الصمام الأورطي ومنه للرأس وجميع أجزاء الجسم. اما أمراض القلب عند اطفال متلازمة داون فتشمل: 60% من هؤلاء الأطفال يكونون مصابين بفتحة متصلة بين الأذينين والبطينين. فتحة بين الأذين الأيمن والأذين الأيسر. فتحة بين البطين الأيمن والبطين الأيسر. توصيلة شريانية بين الشريان الرئوي والشريان الأبهر. رباعية فلوت. * التشخيص * يتم ذلك بأخذ التاريخ المرضي للطفل، الشكوى والأعراض من الوالدين، ثم الكشف عليه وإجراء الفحوصات اللازمة له. وتعتمد الأعراض على نوع العيب الخلقي في القلب، ومنها: 1 أعراض سببها زيادة ضخ الدم من القلب للرئتين ومنها: أ أعراض الهبوط في القلب: ضعف وإجهاد مع الرضاعة، ضعف في النمو، عدم زيادة في الوزن أو زيادة قليلة في الوزن، عرق في الجبين والرأس عند الرضاعة، تسارع في ضربات القلب، تسارع في التنفس. ب التهابات متكررة في الصدر. 2 أعراض سببها نقص في كمية الدم الذي يضخ للرئتين أو نتيجة اختلاط الدم المؤكسد والدم غير المؤكسد مثل زرقة في الشفتين واللسان والأطراف. والفحص السريري مهم جدا، فمنه يتعرف الطبيب على العلامات البارزة لمتلازمة داون، مثل وزن وطول الطفل ومقارنتهما بالمعدل الطبيعي لأقرانه من أطفال متلازمة داون غير المصابين بمشكلة في القلب، وقياس نسبة الأوكسجين في الدم، ومعرفة العلامات الحيوية: ضربات القلب والتنفس وضغط الدم، وعمل الفحص السريري لجميع الأعضاء ومنها القلب. ثم يتم عمل فحوصات أخرى لازمة للتشخيص، كأشعة الصدر وتخطيط القلب. أما الأشعة التلفزيونية للقلب فيجب أن تجرى لجميع المواليد المصابين بمتلازمة داون وذلك في الشهر الأول بعد الولادة للتأكد من سلامة قلوبهم. * العلاج * في البداية يجب استخدام بعض الأدوية لعلاج أو تخفيف أعراض هبوط القلب، مثل مدرات البول، حتى تقفل الفتحة تلقائيا. أما إذا استمرت، فتجرى الجراحة لتصحيح العيوب الخلقية للقلب، كعمليات القلب غير المفتوح أو عمليات القلب المفتوح وتكون على حسب نوع العيب الخلقي. وقد تكون على مرحلة واحدة أو أكثر من مرحلة. وهذه الجراحات المختلفة يمكن إجراؤها في مراكز القلب المنتشرة في أنحاء المملكة. وقد يحتاج الطفل إلى بعض العلاجات المساندة على حسب الحالة، مثل علاج التهابات الصدر. وهؤلاء الأطفال يحتاجون إلى متابعة في العيادة قبل وبعد العملية، فقبل العملية يتم الاطمئنان على تحسن الأعراض وزيادة الوزن وكذلك إجراء تصوير تلفزيوني للقلب، في بعض الحالات، لمتابعة الحالة وتحديد موعد التدخل الجراحي إذا استدعى الأمر. أما بعد العملية فتكون للتأكد من نتيجة العملية. ولا شك أن الطفل قد يصاب ببعض المضاعفات في حالة عدم إجراء العملية كارتفاع الضغط في الرئتين، وهي حالة تحمل خطورة على حياة الطفل أكثر من لو أجريت له العملية. ش.أ