موقف إماراتي صريح بشأن الوحدة اليمنية في ذكراها ال34    أحمد بن بريك: الشراكة مع الشرعية من أكبر أخطاء المجلس الانتقالي    عرض عسكري مهيب.. مارب تحتفي بذكرى الوحدة بحضور عدد من قادة الجيش    النرويج وأيرلندا وإسبانيا تعلن الاعتراف رسميا بالدولة الفلسطينية    انقلاب حافلة محملة بالركاب جنوبي اليمن وإصابة عدد منهم.. وتدخل عاجل ل''درع الوطن''    اعلان القائمة الموسعة لمنتخب الشباب بدون عادل عباس    أغادير تستضيف الملتقى الأفريقي المغربي الأول للطب الرياضي    إعدام رجل وامرأة في مارب.. والكشف عن التهمة الموجهة ضدهما (الأسماء)    ورحل نجم آخر من أسرة شيخنا العمراني    جماعة الحوثي تتوسل السعودية بعد مصرع الرئيس الإيراني: الإخوة وحسن الجوار .. والمشاط يوجه "دعوة صادقة" للشرعية    الأحزاب اليمنية حائرة حول القضية الجنوبية.. هل هي جزئية أم أساسية    الحاكم اليمني النازح الذي عجز عن تحرير أرضه لم ولن يوفر الخدمات لأرض غيره    في ذكرى عيد الوحدة.. البرنامج السعودي لإعمال اليمن يضع حجر الأساس لمشروع مستشفى بمحافظة أبين    هل ستُصبح العملة الوطنية حطامًا؟ مخاوف من تخطي الدولار حاجز 5010 ريال يمني!    مفاتيح الجنان: أسرار استجابة الدعاء من هدي النبي الكريم    قيادي إصلاحي: الوحدة اليمنية نضال مشرق    الرئيس العليمي يبشر بحلول جذرية لمشكلة الكهرباء    خبير جودة يختفي بعد بلاغ فساد: الحوثيون يشنون حربًا على المبلغين؟    رئيس إصلاح المهرة: الوحدة منجز تاريخي ومؤتمر الحوار الوطني أنصف القضية الجنوبية    بطل صغير في عدن: طفل يضرب درسًا في الأمانة ويُكرم من قِبل مدير الأمن!    "العدالة تنتصر.. حضرموت تنفذ حكم القصاص في قاتل وتُرسل رسالة قوية للمجرمين"    "دمت تختنق" صرخة أهالي مدينة يهددها مكب النفايات بالموت البطيء!    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    أبين.. منتخب الشباب يتعادل مع نادي "الحضن" في معسكره الإعدادي بمدينة لودر    التعادل يسيطر على مباريات افتتاح بطولة أندية الدرجة الثالثة بمحافظة إب    الوزير الزعوري يناقش مع وحدة الإستجابة برئاسة مجلس الوزراء الملف الإنساني    وزير الشؤون الاجتماعية يشيد بعلاقة الشراكة مع اليونيسف في برامج الحماية الإجتماعية    لاعب ريال مدريد كروس يعلن الاعتزال بعد يورو 2024    الامين العام للجامعة العربية يُدين العدوان الإسرائيلي على جنين    تراجع أسعار النفط وسط مخاوف من رفع الفائدة الامريكية على الطلب    المبعوث الامريكي يبدأ جولة خليجية لدفع مسار العملية السياسية في اليمن مميز    إحصائية حكومية: 12 حالة وفاة ونحو 1000 إصابة بالكوليرا في تعز خلال أشهر    الوزير البكري يلتقي رئيس أكاديمية عدن للغوص الحر "عمرو القاسمي"    الآنسي يعزي في وفاة الشيخ عبدالمحسن الغزي ويشيد بأدواره العلمية والدعوية والوطنية    تناقضات الإخواني "عبدالله النفيسي" تثير سخرية المغردين في الكويت    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن حملة علاجية مجانية لمرضى القلب بمأرب    الحوثي للاخوان: "اي حرب ضدهم هي حرب ضد ابناء غزة"!!!!    "وثيقة".. كيف برر مجلس النواب تجميد مناقشة تقرير اللجنة الخاصة بالمبيدات..؟    تقرير برلماني يكشف عن المخاطر المحتمل وقوعها بسبب تخزين المبيدات وتقييم مختبري الاثر المتبقي وجودة المبيدات    الحوثيون يعبثون بقصر غمدان التاريخي وسط تحذيريات من استهداف الآثار اليمنية القديمة    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    قاتلكم الله 7 ترليون في الكهرباء فقط يا "مفترين"    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آل البيت في المنظور القرآني
نشر في نشوان نيوز يوم 30 - 08 - 2009

إن المتدبر للقرآن الكريم سيدرك أنه قد ذم التفسير العنصري للدين من خلال البيان لأمراض التدين التي وقعت فيها الملل السابقة بادعاء النسب المقدس في قوله تعالى ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ) ونفى القرآن نفياً قاطعاً لهذه الدعوى بقوله تعالى (بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ) تأكيداً لمقصد المساواة بين البشر ورفضاً للتفسير العنصري للأديان الداء الذي أصاب الشيطان في الأصل داء الكبر وادعاء التفاضل القائم على الأصل والعنصر لقوله تعالى:

(وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ{11} قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ{12} قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ{13}) .
وهذا المرض الذي أصاب الملل السابقة ادعاء النسب المقدس من الله من دون الناس ليس مرض خاص باليهود بل انحرافات يمكن أن يقع فيها أصحاب كل دين فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فالأديان السماوية كلها جاءت لمحاربة الطاغوت والاستبداد.
والشيطان والمنافقين كانوا يعملون عبر التاريخ على تأويل الأديان وتفسيرها تفسيراً خاطئاً أبرزها التفسير العنصري للدين وادعاء الحق الإلهي في الولاية العامة وبالتالي فمن وقع فيه يكون حكمه حكم اليهود ويتأكد هذا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع).
ولو تأملنا في تاريخنا الإسلامي من خلال هذا المعيار معيار التفسير العنصري للدين والادعاء بالحق الإلهي للولاية العامة نجد أن الشيعة بشكل عام والمذهب الهادوي بصورة خاصه قاما وتأسسا في الأصل على رفض فكرة المساواة بين بني البشر وعلى رفض مبدأ الشورى الذي هو أصل من أصول القرآن بل المقصد الأول من مقاصد التوحيد باعتباره التجسيد العملي لاجتناب حكم الطاغوت ولإقامة مقصد الحرية.
فقد تأسس الفكر الشيعي والمذهب الهادوي أصلاً على فكرة الحق الإلهي في السلطة لعلي ابن أبي طالب وأولاده رضي الله عنه مع أن الامام علي كرم الله وجهه كان من أكثر الخلفاء الراشدين تجسيدا لمبدا الشورى فقد رفض أن يوصي بالخلافة من بعده وقال( لن أوصي بالخلافه فلعل الامة تجتمع على خيرها بعدي كما اجتمعت على خيرها بعد رسول الله)
ورفض الشيعة والهادوية مبدأ المساواة بين الناس عبر الشورىالذي جاء به صريح القرآن (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) وخالفوا منهجية الامام علي كرم الله وجهه القائمه على قاعدة (اعرف الحق تعرف أهله) وأقام الشيعه التشيع على قاعدة (اعرف أهل البيت تعرف الحق)
زاعمين بالحق الإلهي في الولاية العامةلاقارب رسول (صلى الله عليه وسلم) من دون الناس على أساس التفسير العنصري للدين بادعاء أنه نسب مقدس، فلسان حال هؤلاء يقول (نحن أبناء رسول الله وأحباؤه) كما قال اليهود والنصارى (نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) لأنهم وقعوا في نفس المرض الذي وقع فيه اليهود والنصارى ادعاء النسب المقدس والحق الإلهي في الولاية العامة وتقسيم المجتمع إلى سادة مستكبرين وعبيد مستضعفين ونرد عليهم من عدة زوايا قرآنية :
1) إن قول الشيعة ومن تأثر بهم من السنة بأن هناك (أبناء لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأحباء) وأن هذا النسب مقدس ويترتب على هذا النسب المقدس الحق الإلهي في الولاية العامة من دون الناس والزعم بأن المجتمع ينقسم إلى طبقتين طبقة السادة وطبقة العبيد مردود عليه بما جاء في القرآن من تحذير لمن قال من اليهود والنصارى (نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) فنقول لهم (بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ) وأن الاعتقاد بالحق الإلهي في الولاية العامة وقوع في حكم الطاغوت وعبادة الأشخاص الذي حذر منه القرآن وأن هذا الفهم يصادم أصلاً من أصول العقيدة أصل التوحيد.
2) ونرد عليهم بدليل قطعي يقيني قرآني وهو أصل من أصول القرآن هو مبدأ وقاعدة وحدة الأصل البشري بقوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } (النساء: 1).
{وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ } (الأنعام: 98).
{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } (الأنعام:101).
فهذه الآيات التي أوردناها على سبيل الاستدلال لا الحصر تؤكد بشكل قطعي وحدة الأصل البشري أي أن جميع البشر من أصل واحد وهو أبونا آدم وأمنا حواء.
وبالتالي فإن الذين يزعمون أن لهم نسبا مقدسا متصلا برسول من الرسل أو نبي من الأنبياء وبسبب هذا النسب هم فئة متميزة من دون الناس لهم الولاية العامة والعلم والثروة وبقية البشر خلقوا عبيد لهؤلاء السادة لا حق لهم في السلطة السياسية أو العلم أو الثروة كما فعل الأئمة عبر التاريخ.
نقول لهؤلاء إن كلامكم مردود عليكم وإن هذا النسب بالرسول (صلى الله عليه وسلم) إن صح فلا يترتب عليه أي حق والدليل أن كل البشر مسلمهم وكافرهم لهم نسب مرتبط بنبي أو رسول فكل البشر لهم نسب بآدم عليه السلام وهو نبي الله إذاً فكل البشرية أبناء رسول الله آدم عليه السلام وكل البشرية هم آل نبي الله آدم عليه السلام ومن بعده جميع الرسل والأنبياء فإذا كان للانتساب برسول أو نبي ميزة فهذه الميزة يشترك فيها كل البشر فلا موجب إذاً لإفراد فئة من الناس بتسمية آل الرسول ولا اعتباره نسباً مقدساً والزعم بناءً على هذا النسب بالحق الإلهي في الولاية العامة وتقسيم المجتمع إلى سادة وعبيد لأن الله لم يغضب على الشيطان إلا بسبب الكبر والاستعلاء.
وهناك العديد من الآيات التي بدأ فيها الخطاب القرآني بقوله تعالى (يَا بَنِي آدَمَ) وفي هذا الاستهلال تأكيد لما أسلفناه خلق الناس من نفس واحدة وأصل واحد وإن كل البشر ينحدرون من صلب أبينا آدم نبي الله مما يؤكد مساواة البشر وأخوتهم طيناً ولكن أخوة الطين لا تتم إلا بأخوة الدين ولذلك لم يعتد الإسلام إلا بأخوة الدين.
وبهذا الأصل القرآني الثاني (وحدة الأصل البشري) وهو أصل قطعي قرآني كما أوضحنا ينقطع كل لسان يتكبر على الناس فيدعي أنه من نسب مقدس لأن كل البشر من أنساب مرتبطة بأنبياء ورسل على رأسهم آدم عليه السلام وصدق رسول الله (عليه الصلاة والسلام) بقوله ( كلكم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربي على عجمي ولا أبيض على أحمر إلا بالتقوى).
أو كما قال (عليه الصلاة والسلام) بل اعتبر الإسلام عصبية العرق خارج نطاق الإسلام (ليس منا من دعاء إلى عصبية) والقرآن أكد هذه بقوله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} الأنعام: الآية:159.
والشيع بالمصطلح القرآني هي عَصبية العرق أو الطائفة (هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ) في سياق الحديث عن موسى وشيعته أي عرقه من بني إسرائيل وعدوه المصري الذي ليس من عرقه.
3- الإسلام جعل أساس الولاء والبراء والتفاضل بين الناس نسب العقيدة والدين وألغى نسب الطين ولم يعتد به:-
والأدلة القاطعة القرآنية على أن الإسلام نقل النسب من الطين إلى الدين كما يلي:
1- أعتبر الإسلام المؤمنين أخوة (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) وكلمة أخ بالمصطلح اللغوي العادي تدل على أخوة الدم والطين لا على أخوة الملة والدين ولكن الإسلام اعتبر أخوة الدين هي الأساس بصريح القرآن (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) وهذا دليل صريح على اعتبار نسب الدين وإلغاء نسب الطين.
2- اعتبر الإسلام زوجات الأنبياء والرسل أمهات المؤمنين بدليل قوله تعالى(وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ).
3- فما دام المؤمنون أخوة وزوجات الرسل أمهاتهم أذن فرسل الله أباء المؤمنين ومن هنا فآل رسول الله هم أتباع الملّة لا أتباع الدم وصدق العلامة نشوان بن سعيد الحميري بقوله:
آل الرسول هم اتباع ملته من الأعاجم والسودان والعربِ
لو لم يكن آله إلا قرابته صلى المصلي على الطاغي أبي لهبِ
ويتعزز هذا الفهم نفى أن هناك (أبناء لرسول الله وأحباء) دماً وطيناً وحصر علاقة المسلمين بمحمد (صلى الله عليه وسلم) كرسول من الله هو قوله تعالى {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} (الأحزاب:41).
فهذه الآية وأن كانت وردت بخصوص سبب وهو نفي أبوة التبني ولكن العبرة فيها بعموم اللفظ فقد جاء فيها النفي الكلي لأبوة محمد من الدم والطين (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ) فدل منطوق النص اللغوي على أن المقصود هو النفي الكلي لأبوة محمد الطينية بدليل أن جعل المقابل لنفي أبوة محمد هو إثبات أنه رسول الله وفي هذا تأكيد على اعتبار علاقة الدين برسول الله ونفي علاقة الطين وهذا الفهم هو الذي ينسجم مع السياق الذي نحن بصدده كاملاً فكأن المقصود من الآية هو نفي أبوة الرسل الطينية وإثبات أبوتهم الدينية.
وعلى هذا الأساس فآل الرسول هم أتباع الملّة، ويتعزز هذا الفهم بما ورد بعد هذه الآية مباشرة بما يؤكد أن الصلاة من الله عندما نقول اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد ليس المقصود بالآل هنا أتباع النسب وإنما المؤمنون جميعاً بدليل صريح قطعي وهو قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً{41} وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً{42} هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً{43}) [الأحزاب]، فالآيات بعد توجيه النداء للمؤمنين بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أعقبت هذا النداء بقوله تعالى (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ) ،إذن فالصلاة على المؤمنين وليست لبني هاشم ولا لأي عصبية أخرى .
- ومن الآيات القاطعة في إلغاء نسب الطين واعتبار نسب الدين. هو قوله تعالى في سياق الحديث عن نبي الله نوح وهو يتشفع لابنه من الله تعالى (إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي) بقول الله تعالى (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) فهذه الآية قاطعة في نفي أن ابن نوح عليه السلام من أهل بيت رسول الله مع أنه ابنه دما ولكنه نفى نسب الطين لعدم وجود العمل الصالح فدل صريح القرآن على نفي نسب الطين واعتبار نسب الدين وبالتالي بناء على هذه الآية إلى جوار السياق السابق كله يمكننا القول أن آهل رسل الله عبر التاريخ هم المؤمنون وليس أبناءهم من دمهم وأن الأديان لا تقيم وزناً لنسب الطين وإنما لنسب الدين.
- ومما يدل بصريح القرآن على أن نسب الدين أولى من نسب الدم وأن آل إبراهيم هم أتباع ملته لا أتباع الدم والنسب قوله تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} (آل عمران:68). وبناء على هذه الآية الصريحة تقول أن أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه وسلم) هم أتباع ملته من المؤمنين أكثر ممن يزعمون الانتساب له دماً ويرتبون على نسب الدم حقوقا سياسية يحرم منها المؤمنون.
- ويتعزز هذا الفهم بأن (الآل) هم الأتباع بالآيات القرآنية التي تحدثت عن آل فرعون ومن المعلوم أن فرعون لم ينجب أولاداً وامرأته كانت مؤمنةً ولذلك وردت الآيات في سياق الحديث عن أتباعه ({وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ}البقرة49).
- ({وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ}البقرة50
- ({كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ}الأنفال54)
- ({النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}غافر46)
- ({وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}يونس90)
- ({فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ}طه78) هذه الآيات القرآنية أكدت بدلالة قطعية وبمنهجية تفسير القرآن بالقرآن أن آل فرعون هم أتباعه من جنوده الذين غرقوا معه ومن المعلوم أن فرعون وآله أخذوا مساحة واسعة في القرآن وأصبحوا رمزاً للطغيان السياسي ولاستعباد الآخرين.
- ومن الآيات القرآنية القاطعة في بيان عدم الاعتداد بالأنساب هو قوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ} (المؤمنون:101).
فهذه الآيات البينات أكدت أن معيار الحساب يوم القيامة هو العمل الصالح لا الأنساب (فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون) وقد يقول قائل أن هذه الآية النافية للأنساب هي في الآخرة وليس في الدنيا فنقول لهم الآية في هذا الموضع تتحدث عن الحساب يوم القيامة وحساب يوم القيامة إنما هو محصلة لأعمال الناس في الدنيا أن خيراً فخير وأن شراً فشر بدليل قوله تعالى {فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الأعراف: 8). ويتأكد هذا الفهم بقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) (لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم) وقول الرسول فيما يرويه عن ربه في الحديث القدسي (، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا كان يوم القيامة أمر الله مناديا ، فنادى : إني جعلت نسبا ، وجعلتم نسبا ، فجعلت أكرمكم أتقاكم ، فأبيتم (1) إلا أن تقولوا : فلان بن فلان خير من فلان بن فلان ، فأنا اليوم رافع نسبي ، وأضع نسبكم أين المتقون ». وحديث الرسول –عليه الصلاة والسلام- الصحيح السند والمتن (حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ عُتْبَةَ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ الْعَنْسِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ:
كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ فَذَكَرَ الْفِتَنَ فَأَكْثَرَ فِي ذِكْرِهَا حَتَّى ذَكَرَ فِتْنَةَ الْأَحْلَاسِ فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا فِتْنَةُ الْأَحْلَاسِ قَالَ هِيَ هَرَبٌ وَحَرْبٌ ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ دَخَنُهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي وَلَيْسَ مِنِّي وَإِنَّمَا أَوْلِيَائِي الْمُتَّقُونَ ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرِكٍ عَلَى ضِلَعٍ ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاءِ لَا تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا لَطَمَتْهُ لَطْمَةً فَإِذَا قِيلَ انْقَضَتْ تَمَادَتْ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ إِلَى فُسْطَاطَيْنِ فُسْطَاطِ إِيمَانٍ لَا نِفَاقَ فِيهِ وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لَا إِيمَانَ فِيهِ فَإِذَا كَانَ ذَاكُمْ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ غَدِهِ) [رواه أبو داود وأحمد وصححه الألباني].
فقول الرسول – ص- (رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي وَلَيْسَ مِنِّي وَإِنَّمَا أَوْلِيَائِي الْمُتَّقُونَ) دليل قطعي الدلالة من السنة النبوية الصحيحة على أن آل بيت رسول الله هم المتقون ويتعزز هذا الفهم بقوله تعالى {وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }الأنفال34 ، وهذا المعنى مطابق لما ورد في القرآن لأن جوهر الأديان إرتكز على محاربة النزعة العنصرية والعصبية التي هي داء الشيطان ({قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ}ص76)
فالنزعة العنصرية هي مذهب الشيطان لا مذهب القرآن.
4- ذم القرآن الكبر والاستعلاء على الناس وتقسيم المجتمعات إلى سادةً مستكبرين وعبيداً مستضعفين والتأكيد على نصرة المستضعفين:-
- لقد أعلن القرآن الكريم الحرب على مدرسة الكبر والاستعلاء على الناس واعتبر هذه المدرسة هي مدرسة حزب الشيطان.
- فبين القرآن بنصوص صريحة ذمه للاستعلاء والكبر ورفضه لهاتين الصفتين من ذلك. قوله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } (القصص: 83). وقد جاء ذم العلو في هذه الآية إلى درجة جعلها صفةً تبعد المتصف بها من الجزاء الحسن يوم القيامة وتستوجب العقوبة.
- وقوله تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ } (الأعراف: 146).
- وهذه الآية كشفت خطورة الكبر إلى درجة أن الله سبحانه وتعالى يصرف عن المتكبرين آيات وحقائق الوحي والأديان ولا يجعلهم أمناء عليها لمجرد كبرهم واستعلائهم على الناس لأن جوهر الأديان السماوية هو نصرة المستضعفين الذين حرمهم المستكبرون من الحقوق السياسية والاجتماعية.
- وفي قصة فرعون في القرآن الذي هو رمز الطغيان والكبر والاستعلاء السياسي واضطهاده لبني إسرائيل ما يؤكد سياق ذم العلو والاستكبار ونصرة الله الدائمة للمستضعفين.
- {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } (القصص:4).
- وقوله تعالى: { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ{5} وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ{6} (القصص: 5، 6).
بيان بنص قرآني صريح على مقصد عظيم من المقاصد السياسية وهو نصرة الله الدائمة للمستضعفين بإخراجهم من واقع الإستضعاف ثم منحهم حقوقهم السياسية ( وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ{5} وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ)..
فهذا المقصد القرآني العظيم هو رد قاطع على كل من يدعي الحق الإلهي في السلطة ويقسم المجتمع إلى سادةً لهم السلطة والعلم والثروة ومستضعفين يحرمون من الحقوق السياسية والاجتماعية بزعم أن الله قد حصر الحقوق السياسية والولاية العامة في أبناء الله وأحبائه أو أبناء رسول الله وأحبائه.
وبهذا يتضح لنا بأدلة قرآنية ومن السنة النبوية القطعية الدلالة أن آل بيت رسول الله عليه الصلاة والسلام وعُترته هم المؤمنون وأن فكرة آل البيت من النسب والطين وليس من الملّة والدين فكرة لا أساس لها في الإسلام وهي من الأفكار التي روّج لها المجوس الذين عجزوا عن مقاتلة الإسلام كتنزيل فقاتلونا على التأويل وصدق الله العظيم القائل (فأما الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ).
_______________________________
هذه الدراسة خاصة بمركز نشوان الحميري للدراسات والنشر
للاطلاع على الحلقات السابقة اضعط على مواضيع أخرى من هذا القسم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.