اتحاد كرة القدم يعلن عن إقامة معسكر داخلي للمنتخب الأول في سيئون    وزارة الداخلية تعلن ضبط متهم بمقاومة السلطات شرقي البلاد    شاهد.. مقتل وإصابة أكثر من 20 شخصًا في حادث بشع بعمران .. الجثث ملقاة على الأرض والضحايا يصرخون (فيديو)    ماذا لو أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل؟    يجب طردهم من ألمانيا إلى بلدانهم الإسلامية لإقامة دولة خلافتهم    مأرب.. رئيس مجلس القيادة يرأس اجتماعاً لقادة الجيش ويشيد بالجاهزية القتالية العالية    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    شاهد ما الذي خرج من عمق الأرض في الحرم المدني عقب هطول الأمطار الغزيرة (فيديو)    إعلان حوثي بشأن تفويج الحجاج عبر مطار صنعاء    بينها الكريمي.. بنوك رئيسية ترفض نقل مقراتها من صنعاء إلى عدن وتوجه ردًا حاسمًا للبنك المركزي (الأسماء)    قيادي حوثي يذبح زوجته بعد رفضها السماح لأطفاله بالذهاب للمراكز الصيفية في الجوف    استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني بمجازر جديدة للاحتلال وسط غزة    انهيار كارثي للريال اليمني.. والعملات الأجنبية تكسر كل الحواجز وتصل إلى مستوى قياسي    ماذا يجري في الجامعات الأمريكية؟    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    فشل العليمي في الجنوب يجعل ذهابه إلى مأرب الأنسب لتواجده    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    تعليق على مقال زميلي "سعيد القروة" عن أحلاف قبائل شبوة    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    البخيتي يتبرّع بعشرة ألف دولار لسداد أموال المساهمين في شركة الزناني (توثيق)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    رسالة سعودية قوية للحوثيين ومليشيات إيران في المنطقة    لأول مرة.. مصر تتخذ قرارا غير مسبوق اقتصاديا    طفلة تزهق روحها بوحشية الحوثي: الموت على بوابة النجاة!    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    ليفاندوفسكي يقود برشلونة للفوز برباعية امام فالنسيا    الكشف عن الفئة الأكثر سخطًا وغضبًا وشوقًا للخروج على جماعة الحوثي    ثلاثة صواريخ هاجمتها.. الكشف عن تفاصيل هجوم حوثي على سفينة كانت في طريقها إلى السعودية    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    رئيس مجلس القيادة: مأرب صمام أمان الجمهورية وبوابة النصر    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    رئيس كاك بنك يشارك في اجتماعات الحكومة والبنك المركزي والبنوك اليمنية بصندوق النقد والبنك الدوليين    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    فيتنام تدخل قائمة اكبر ثلاثة مصدرين للبن في العالم    رباعي بايرن ميونخ جاهز لمواجهة ريال مدريد    عاجل محامون القاضية سوسن الحوثي اشجع قاضي    ليفربول يوقع عقود مدربه الجديد    قائمة برشلونة لمواجهة فالنسيا    المواصفات والمقاييس ترفض مستلزمات ووسائل تعليمية مخصصة للاطفال تروج للمثلية ومنتجات والعاب آخرى    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    وفاة امرأة وإنقاذ أخرى بعد أن جرفتهن سيول الأمطار في إب    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    ريمة سَّكاب اليمن !    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على قبر غيلان الدمشقي
نشر في نشوان نيوز يوم 17 - 03 - 2021

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح – نشوان نيوز – على قبر غيلان الدمشقي
ما زالتْ سيِّدةُ الأحزانِ دمشقُ
تشاهدُ كلَّ مساءٍ جسداً مشنوقاً
يتأرجحُ بينَ نجومِ اللَّيلِ
وغيماتٍ خضراءَ،
تضمُّ الجسدَ المشنوقَ برفقٍ
ترسمُ بالدَّمعِ الفِضِّيِّ
حكايتَهُ للنهرِ الواقفِ:
غيلانُ كتابٌ مغمورٌ بالضَّوءِ
ونجمٌ مشتعلُ الآياتْ.
يخرجُ منْ سُوَرِ القرآنِ
نداءً بشريّاً
إيقاعاً يتناثرُ كالوردِ
وحرفاً يتسربَلُ بالأَلَقِ القادمِ
منْ أقصى منطقةٍ في الرُّوحِ
ويملأُ أرضَ الشَّرقِ سلاماً
وأماناً
وصلاةْ.
ها هوَ ذا
في معراجٍ أرضيٍّ
يفتحُ نافذةً للغيبِ
بكفٍّ مقطوعٍ،
ويمدُّ الخُطُواتِ على الأفْقِ بساقٍ مكسورٍ
يقرأُ أحوالَ الناسِ.. ويحلمُ:
ليتَ القابضَ جمرَ الكلماتِ على شفتيهِ
يحرِّرُني مِنْ هذا الصَّمتِ،
يحدِّقُ في مَلَكوتِ الناسِ،
ويفتحُ للكلماتِ الأبوابَ،
وليتَ المعنى المتشابهْ
يتوحَّدُ في لغةِ الناسِ.
* * *
أوْغَلَ في الحلمِ،
ارتدَّ قليلاً وبكى:
منْ (بغدادَ) إلى (طنْجةَ) أجسادٌ ضامِرةٌ
وجماجمُ لا تُخفي شيئاً
غيرَ الرُّعْبِ..
وحينَ تجلَّتْ أسماءُ القربِ
توحَّدَ بالأسماءِ، وقالْ:
في الهزيعِ الأخيرِ منَ العمرِ
يغدو الحديثُ لذيذاً إلى اللهِ..
والافتتانُ بأكوانِهِ حُلُماً
هل سمعتَ الخيوطَ التي تتدلَّى منَ الشَّمسِ
عندَ الضُّحى؟
ورأيتَ احتفاءَ طيورِ المدينةِ بالضَّوءِ
باللَّونِ يخرجُ منْ صَلَواتِ الحدائقِ،
منْ غيمةٍ في الفضاءِ تطيرُ معَ الرِّيحِ،
منْ حُلُمٍ ناعسٍ عندَ بابِ المدينةْ؟.
اهبطْ بسلامٍ
هبطَ الأرضَ
ونادى في المظلومينَ
هشيماً تذروهُ الرِّيحُ
ويفنى القصرُ
البنكُ
المبغَى.
يبقَى اللَّهُ الخالقُ
والناسُ
على هذي الأرضِ الموعودةِ بالعدلِ
وبالتَّقوى.
هبطَ الأرضَ ونادى:
يا دمشقُ التي أرضعَتْني حليبَ المواجعِ والعشقِ
أشكو إليكِ الخليفةَ والنُّدماءَ..
الخليفةُ كانَ صديقي
وخصمي
حضرتُ صلاةَ الجنازةِ في قصرِهِ
وتخلَّفْتُ عنْ حَفَلاتِ الطعامِ
لأنَّ فمي صائمٌ عنْ طعامِ الملوكِ
وعنْ لُقمةٍ ليس يُنْضِجُها عَرَقي.
أوقدَ النُّدَماءُ الحفيظةَ في قلبِ سيِّدِهم
زعموا أنني قلتُ:
إنَّ الخليفةَ يشوي اليتامى
ويأكلُ أموالَ آبائِهم..
كنتُ قد قلتُ:
إنَّ الشعوبَ مُخَيَّرَةٌ
لا مُسَيَّرَةٌ،
كنتُ قد قلتُ:
إنَّ الخليفةَ يبني قصوراً لِمُتْعَتِهِ
منْ دماءِ الرَّعايا،
ويملأُ ساحاتِ بغدادَ بالصَّمتِ
والأضْرِحَةْ.
أوّاهُ..
كانَ الناسُ يختفونَ
والمنازلُ اختفتْ كأنها تسيرُ نحوَ قبرٍ ما
ولا تسيرْ،
تسيرُ نحوَ موتٍ ما ولا تسيرْ.
هل يختفي أجملُ ما في الأرضِ،
لا مكانَ للشمسِ
ولا مكانْ.
أوّاهُ، لو كان الضِّياءُ ميّتاً
والقلبُ ميّتاً
والأرضُ لا يُسْكِرُها نبيذُ المذبحةْ.
* * *
إنّهُ الآنَ مستوحِدٌ،
والملايينُ يختصمونَ
ويتَّحِدونَ على صدرِهِ
يَفْرحونَ ويبكونَ في قلبِهِ.
لا فراغَ بعينيهِ حيثُ تموجُ الجموعُ
ويجلسُ – مكتئباً – مركزُ الأرضِ
يبحثُ عنْ نفسِهِ،
لا مدى لهديرِ العذابِ
نصوصٌ مشرَّدةٌ كالحقيقةِ
سيرةُ طفلٍ يجوعُ
يموتُ بلا غِبطةٍ
في أقاليمَ يملأُها الخبزُ
والنّفطُ،
أطفالُ غزَّةَ،
بيروتَ..
في رأسِهِ يتظاهرُ كلُّ الجياعِ
تطاردُهُ صُوَرٌ منْ حرائقَ
لا تعرفُ الانطفاءْ.
رنَّتْ في السّاحةِ أصواتٌ
طَلَقاتٌ
وعيونٌ غاضبةٌ
وعصافيرُ تفِرُّ منَ الدَّمِّ..
وأنتَ هناكَ
هناكَ تُحَلِّقُ،
تصعدُ نحوَ اللهِ الأعلى
تتقدَّمُكَ الخِرْقَةُ والمصحفُ،
إبريقٌ منْ فخّارٍ مثقوبٍ..
تلكَ هديةُ أهلِ الأرضِ المشتاقينَ
إلى الله الواحدْ.
* * *
عَبَّأَ اللَّيلُ أوردةَ الأرضِ بالحقدِ
بالظلماتِ،
على الأرضِ لا شيءَ غيرُ أنينِ المياهِ
وحشرجةِ الضَّوءِ
والأسئلةْ.
حملوكَ إلى الميدانِ وأنتَ تصلّي
عيناكَ إلى الأعلى
لا دمعةَ في العينينِ،
ووجهُكَ ينتظرُ الرِّحلةَ،
كانَ الجسدُ / الطِّينُ يقاومُ
كانَ يخوضُ المعركةَ الدُّنيا
وسيوفُ الباطلِ تأكلُ منهُ الجِلْدَ
وتَبْري العَظْمَ
تناوشُهُ بالحقدِ
يناوشُها بالكلماتْ.
حسناً فعلوا بكَ يا غيلانْ،
حسناً فعلوا بالجسدِ المغرورِ
وبالإنسانْ
إنّهُ الآنَ منفردٌ يتهجَّدُ،
مبتلَّةٌ بالرَّصاصِ قصائدُهُ
في الطريقِ وحيداً بلا راحتينِ
دمٌ في الأصابعِ والعينِ..
هل عَزَلَتْهُ عنِ البحرِ أَشجانُهُ والأناشيدُ
أم عزلتْهُ المحبّةُ للناسِ
لكنّهم معَهُ والأناشيدُ لا تنتهي
تَرَفٌ يملأُ الأرضَ
أُغنيةٌ تتجوَّلُ عبرَ السَّماواتِ
حولَ البحيراتِ،
تدعو إلى حفلةِ الرُّوحِ
كلَّ الدقائقِ واللَّحظاتِ
وما تركتْ شمسُ أيلولَ
في جسدِ الأرضِ منْ ألَقٍ
وغمامٍ..
إليكَ انتهائي
ومنكَ ابتدائي
شهدتَ توهُّجَ روحي
وها أنتَ تشهدُ صمتَ انطفائي
لَكَ الأمسُ
واليومُ
والغدُ..
يا سيّدي
ولَكَ الناسُ
والأرضُ
والبحرُ،
كلُّ السماءِ وكلُّ الضياءِ،
لَكَ المرسلاتُ
لَكَ العاصفاتُ
لَكَ الفَلَقُ المتألِّقُ
والغَسَقُ المتدفِّقُ
كلُّ الطُّيوفِ وكلُّ المرائي.
* * *
سبحانَ اللهِ..
أهذا قبرُكَ يا غيلانْ؟
جرحٌ مفتوحٌ لم يوصدْ
غيمةُ حبٍّ تتعلَّقُ بالأرضِ
سحابةُ شوقٍ تغسلُ أوجاعَ المحزونينَ؟
أهذا صوتُكَ أبصرُهُ،
يعلو نافذةَ الرُّوحِ
يطوِّقُ فولاذَ بنادقِهم
يطرقُ بابَ الذّاكرةِ المغلقْ؟
قبلَ موتي
بكيتُ على نجمةٍ
تتدلَّى منَ الأفْقِ ناحلةً
وعلى أُمَّةٍ في انتظارِ الفناءْ.
تكتملُ الصورةُ يا غيلانُ
دمشقُ دمٌ شقَّ جبينَ الأفْقِ
ليمكثَ في الأرضِ،
فلا يبرَحُ يملأُها عدلاً وحناناً،
ويفيءُ على مخلوقاتِ اللهِ بماءِ الحكمةْ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.