بات انتشار المخدرات من الظواهر السلبية التي تهاجم مجتمعنا اليمني وتحطم أجياله ، بالرغم من انه حتى وقت قريب لم تكن بلادنا من الدول المستهلكة لهذه الظاهرة ولكن تزايد حالات الإدمان على علاجات تصنف ب(المؤثرات العقلية) وسط أفراد المجتمع اليمني دقت ناقوس الخطر المدمر. وتشكل قضية تهريب المخدرات وترويجها هاجسا يؤرق الجهات الأمنية اليمنية، حيث باتت تتصدر قائمة اهتماماتها التي ما برحت تعلن عن ضبط كميات كبيرة من الأقراص المخدرة والحشيش بين الفينة والأخرى وتقديم مروجيها للمحاكمة. وسائل غريبة لتهريب المخدرات ولاتألو عصابات المخدرات جهدا في اختيار أنسب الوسائل لنقل شحنات المخدرات، وبذلك فهي تستخدم وسائل غريبة لا ينتبه إليها أحد. ففي إحدى الحوادث تمكنت أجهزة الأمن من القبض على عصابة حاولت إدخال كمية كبيرة من المخدرات بداخل سخانات مياه نقلت جوا عبر طائرة قادمة من سوريا. وأرسلت العصابة شخصا من سوريا إلى اليمن ليستقبل الشحنة، ونظرا لأنه ليس تاجرا تمكن من استعارة "كرت" ضريبي من أحد اليمنيين مقابل مبلغ رمزي. وساور أجهزة الأمن اليمنية الشك حين شعروا أن بعض السخانات أثقل من الأخرى، فاضطروا لفك بعضها باللحام، وهنا كانت المفاجأة؛ لقد وضعت العصابة المخدرات في التجويف الداخلي للسخانات. عقبها تم اكتشاف كمية أخرى وصلت إلى ميناء الحديدة بالطريقة ذاتها، وضبط خلال هذه العملية 5 ملايين قرص مخدر. في إحدى العمليات تم اكتشاف كمية كبيرة تقدر بما يقارب 1700 كيلوجرام مخبأة في غاطس سفينة. كما ضبطت أكثر من كمية داخل أجزاء وهياكل مستحدثة في سيارات وشاحنات لنقل البضائع بين اليمن ودول الجوار. وضبطت أيضا شاحنات تأتي من دول الجوار وتنقل أدوات مستعملة من الأثاث والملابس ومن ثم تعود فارغة يستخدمها أصحابها لتمرير شحنات من المخدرات. وبحسب المحاضر الرسمية فإن أحد لأشخاص قام بتصميم مخبأ في سيارته يتسع ل200 كيلوجرام من المخدرات، وكان ينقلها بصحبة عائلته. كما ضبطت المخدرات في أبواب السيارات وداخل الإطارات وفي مخابئ بجانب الأطفال الذين يصطحبهم الأب لعدم إثارة الشكوك. مؤشرات ووفقا لتقارير صحفية سابقة عن فإن الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية اليمنية بوزارة الداخلية فإنه قد تم ضبط (28.5 ) طنا من مادة الحشيش المصنع في شرق آسيا و(15.4) مليون قرصا من أقراص الكبتاغون المخدرة خلال عام 2008، و(2.2) طن من الحشيش ومليوني قرص مخدر في حين بلغ عدد المتهمين في قضايا ترويج المخدرات 352 شخصا في 162 قضية، خلال النصف الأول من العام 2009م . من جانبه أفاد لعقيد/ خالد صالح النجار مدير إدارة مكافحة المخدرات بأمن عدن مؤخرا أن عدد القضايا التي تم ضبطها في مختلف المحافظات ومن ضمنها عدن خلال الأعوام من 2006 حتى الربع الأول من 2010م وصل إلى (525) قضية وعدد المتهمين فيها المقبوض عليهم وصل إلى ( 898) . وبلغت كميات المخدرات التي تم ضبطها في تلك القضايا 37 طن و367 كيلوجراما من الحشيش المصنع و 1579 غرسة +عقار الكبتاجون 16 مليون و071288 حبة + 2 ' 189جرام هيروين + 428 أنبولة بيثدين. وبحسب لإدارة العامة لمكافحة المخدرات فإن الجنسيات التي تهرب المخدرات في اليمن أغلبها من الإيرانيين والباكستانيين والسوريين والصوماليين والكينيين واليمنيين، مؤكدا أنه صدرت بحق الكثير منهم أحكام بالإعدام أو السجن مدة 27 عاما. مشكلة المخدرات في اليمن وفي السياق ذاته صدر حديثا عن مركز سبأ للدراسات الإستراتيجية دراسة علمية بعنوان" مشكلة المخدرات في اليمن" للباحث الدكتور مصعب علي سعيد الصوفي، حيث تناول فيها مشكلة المخدرات في اليمن بشكل عام وما يلحظ عليها من تنام متسارع في المجتمع اليمني و نتائجها السلبية على الفرد والمجتمع، وكذا الجمود والتأخر في الإجراءات وآليات مكافحتها. وبينت الدراسة طبيعة المشكلة، من خلال رؤية وصفية تحليلية مستندة على إحصائيات ووثائق رسمية ودراسة ما قد يترتب عليها مستقبلاً من أضرار تؤثر في أمن الوطن واستقراره وخاصة بعد تنامي هذه الظاهرة وارتفاع عدد القضايا والكميات المضبوطة وخطورتها ووجوب مكافحتها قبل أن تستفحل وتصعب مكافحتها. كما شملت الدراسة عدد من المحاور تتعلق ب" ماهية المخدرات والمؤثرات العقلية وأنواعها، وواقع مشكلة المخدرات وأسبابها في اليمن وارتفاع القضايا المضبوطة خلال الفترة "2006 -2009"، وعلاقتها بارتفاع معدلات الجريمة، إضافة إلى مناطق تصدير الحشيش والحبوب المخدرة إلى اليمن ومنافذ تهريبهما ، وإجراءات المكافحة واستراتيجيات التعاون الإقليمي والدولي والصعوبات التي تواجه عملية مكافحة المخدرات وسبل معالجتها. الجدير بالذكر أن بلادنا صادقت خلال العام 1999م على الاتفاقيات الدولية الخاصة بمكافحة المخدرات وفي الأعوام (1961م، 1971م، 1988م) ، وعلى ضوئها أصدرت القانون رقم 3 لعام 1993م الذي يمنع الاتجار والاستعمال غير المشروعين للمخدرات، وتواصلاً للجهود المبذولة من قبل الحكومة اليمنية ممثلة بوزارة الداخلية تم إصدر القرار الجمهوري رقم (252) الخاص بإنشاء الإدارة العامة لمكافحة المخدرات كإدارة عامة مستقلة تتبع قطاع الأمن العام بوزارة الداخلية في العام 2002م.