ارتبط شهر رمضان بجملة من الأحداث والذكريات المهمة، التي كان لها عظيم الأثر في حياة الأمة الإسلامية منها: 1 أولى هذه الذكريات ذكرى نزول القرآن الكريم الذي انزله الله على رسوله (صلى الله عليه وسلم) في شهر رمضان تأييداً له ودستوراً عاماً خالداً لهداية الناس. وهو كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام، ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه، ويهديهم إلى صراط مستقيم. قال تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس، وبينات من الهدى والفرقان، فمن شهد منكم الشهر فليصمه). 2 وثاني هذه الذكريات غزوة بدر الكبرى، وهي معركة حاسمة فاصلة، قوت ساعد المسلمين، وفتت عضد المشركين، وغيرت وجهة العالم نحو الدعوة، وكانت بداية لانتصار الحق على الباطل، وسحقاً للوثنية والشرك، لتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى. لقد كشفت نتائج المعركة عن انتصار رائع لعدد قليل من المسلمين في مواجهة جيش ضخم من كفار قريش، وقد أشار القرآن الكريم الى هذه المعركة وهذا النصر بقوله: (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون) وقوله تعالى: (إن الله يدافع عن الذين آمنوا) وقوله تعالى: (ولينصرن الله من ينصره، ان الله لقوي عزيز). 3 وثالث هذه الذكريات فتح مكة، وحين نتذكر فتح مكة نتذكر معها تحقيق ما وعد الله به رسوله والمؤمنين في قوله: (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق، لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين، لا تخافون، فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريباً). وفتح مكة بالنسبة للمسلمين يثير في النفوس من الهواجس والشجون، فقد خرج الرسول(صلى الله عليه وسلم) من مكة قبل ذلك فراراً بدعوته، لم يكن معه سوى بضعة نفر من الصحابة، كان ضعيفا لا جند له، ومشرداً لا أهل له، ولكنه عاد يوم الفتح في كثرة من الرجال والعتاد ممتلكا قوة قاهرة، فوقف الكفار مذهولين، ولم يستطيعوا حراكاً خاصة عندما رأوا كتائب الرسول (ص) تدخل مكة مهللة ومكبرة، فشرعوا بتطهير الكعبة من الأصنام، وهم يرددون قول الله تعالى: (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا). 4 وفي رمضان ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وفيها تفتح أبواب السماء للدعوات، وتتعطر فيها رحاب الأرض بالبركات، وتطوف فيها الملائكة الكرام بالتحيات، وتتنزل فيها الروح الأمين بالخيرات. قال تعالى: (ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلام هي حتى مطلع الفجر). 5 وفي رمضان تكثر الصدقات وتخرج الزكوات، ففيه جعل الشارع الحكيم ان الصدقة على الفقراء والمساكين، عظيمة الأجر، محمودة العاقبة، وكثيرة الفائدة. فقد بينت الأحاديث الشريفة وكتب السنة ان الصدقة في رمضان كثيرة الأجر. فقد روى ابن عباس (رضي الله عنهما) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، وكان أجود بالخير من الريح المرسلة). 6 وفي رمضان يستحب قراءة القرآن الكريم كما أرشدنا إلى ذلك الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) حين قال: (اقرؤوا القرآن فانه يأتي يوم القيامة شافعاً لأصحابه). وقال: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده). وقال (صلى الله عليه وسلم): (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاسق الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة لا ريح لها، وطعمها مر). 7 وفي رمضان يستحب التهجد، في جزء من الليل، وهي نافلة يتقرب بها العبد إلى ربه، تعود على صاحبها بالأجر العظيم والثواب الجزيل. وفيها قال الله تعالى مخاطباً نبيه محمد(صلى الله عليه وسلم): (يا أيها المزمل قم الليل إلاَّ قليلاً). وقال تعالى: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً، ومما رزقناهم ينفقون). 8 ورمضان شهر الصوم،وفيه صلاة التراويح، وجزاؤها مغفرة تمحو السيئات، قال (صلى الله عليه وسلم): (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه). وقال (صلى الله عليه وسلم): (إن الله تعالى فرض عليكم صيام رمضان، وسن لكم قيامه، فمن صامه وقامه إيمانا واحتساباً خرج من ذنوبه). ومن أظهر ما اختص به شهر رمضان من الصيام والقيام وما فيه من صلاح الأخلاق وتهذيب النفوس وتنقية القلوب، فهو يسمو بالصائم إلى مرتبة الملائكة الأطهار. قال تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه، ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام آخر، يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، ولتكملوا العدة، ولتكبروا لله على ما هداكم، ولعلكم تشكرون). 9 وفي رمضان المصادف 1187 حصلت معركة حطين التي هزم فيها صلاح الدين الأيوبي جيوش الصليبيين في معركة خالدة استعاد بها المسلمون بيت المقدس. 10 وفي رمضان المصادف 711 تمكن القائد الإسلامي موسى بن نصير من فتح الأندلس، على عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك. 11 وفي رمضان 1973 استطاع الجيش المصري اقتحام خط بارليف واستعادة شبه جزيرة سيناء في معركة 10 رمضان الشهيرة في عهد الرئيس المصري انور السادات. 12 وفي رمضان انتصر المسلمون على التتار (المغول) في معركة مرج دابق واستطاعوا دحرهم وإيقاف زحفهم بقيادة قطز، ملك مصر وقتذاك. خطيب جامع الهاشمي بالشيخ عثمان