طرحت نتائج المنتخبات اليمنية المشاركة في دورة الألعاب الآسيوية الخامسة عشرة التي اختتمت بالعاصمة القطرية الدوحة مؤخراً الكثير من علامات الاستفهام حول الهدف من المشاركة الرياضية في الأحداث والبطولات العربية والقارية والدولية. وأثارت تلك النتائج الهزيلة والمتواضعة ردة فعل عنيفة في الأوساط الرياضية الإعلامية الرسمية والشعبية في بلادنا، وحصلت اليمن على ميدالية وحيدة برونزية حصدها بطل الكونغ فو ناجي الاشول. وكانت اليمن شاركت في ستة ألعاب رياضية هي "، ألعاب القوى، التيكواندو، الكونغ فو، الجودو، الكاراتية، الطاولة "، وكان المفترض أن يشارك المنتخب الأولمبي لكرة القدم في الأسياد لولا إلغاء المشاركة بسبب مخاوف من نتائج فحص المنشطات المحظورة بعد ان بات نبات " القات " ضمن قائمة هذه المحظورات. وحمل العديد من المراقبين والمحليين الرياضيين في البلاد اللجنة الاولمبية الوطنية مسئولية ماحدث كونها المسئولة الأولى عن إعداد وجاهزية المنتخبات المشاركة. وسبق وان وجهت الاتهامات المباشرة إلى اللجنة الاولمبية تتصل باستبعاد العاب ولاعبين مميزين كان بإمكانهم تحقيق نجاحات مثل العاب الجمباز ورفع الأثقال، كما اتهموها بتخليها عن مسئولية المنتخب الاولمبي لكرة القدم وقضية"القات" الشهيرة وهي قادرة على حسم مسألة التعاطي من عدمها. وشدد مراقبون ومحللون رياضيون على ضرورة ان تخضع المشاركة الرياضية اليمنية الأخيرة في أسياد الدوحة لعملية تقييم موضوعي بحيث يكون هناك استخلاصات صادقة ومخلصة للأسباب التي جعلت حصيلة الألعاب المشاركة حصيلة متواضعة وبصورة غير مسبوقة، رغم ان كثير من الأسباب معروفة كونها تعود إلى عدم وجود خطط إستراتيجية للإعداد والجاهزية ولصناعة أبطال قادرين على خوض استحقاقاتها في المستويات القارية، وهي إشكالية مزمنة تعاني منها الاتحادات الرياضية وآليات عمل اللجنة الاولمبية الوطنية. وبحسب هؤلاء المراقبين فأن نتائج المشاركة أظهرت تراجعاً ملموساً في نتائج الألعاب الفردية الرياضية " ألعاب القوى، التيكواندو، الجودو، الكاراتية،الطاولة " جاءت خارج المنافسة، فلم يحقق أي منها ميدالية أو مركزاً مشرفاً،وسط تفوق وتطوراً ملحوظاً من معظم الدول المشاركة على مستوى أسيا والمنطقة العربية، ما عدا ميدالية بطل الكونغ فو ناجي الاشول البرونزية فهي الاستثناء، وسبق ان حقق مثلها في الأسياد التي قبلها اللاعب أكرم النور ميدالية مماثلة مما يعني عدم التقدم, وهو الأمر لا يقاس عليه لان أبطال الكونغ فو لا يزيد عددهم عن أصابع اليد الواحدة وليس لهم بدلاء. وأضافوا " : هذا التراجع في مستوى الكفاءة الانجازية لدى الفرق الرياضية خاصة عند المشاركة ضمن المستويات الأسيوية العالية يشير بوضوح إلى ان الاتحادات واللجنة الاولمبية تتحرك بفعالية ضمن نطاق العربي وتحقق نجاحات ثم تكتفي بالبناء عليها عند الإعداد لأي تحديات أخرى ، ولو كانت بمستوى الاولمبياد الآسيوي، من هنا تحدث النتائج العكسية". وجاءت هذه النتائج المتواضعة لتزيد الطين بلة ولتثير حالة الغضب التي انتابت مختلف الأوساط الرياضية الإعلامية الرسمية والشعبية في بلادنا، على خلفية ظهور المشاركة اليمنية في افتتاح دورة الألعاب الآسيوية الخامسة عشر بصورة هزيلة ومتواضعة، والتي مازلت أصداءها تلقي بظلالها القوية على المشهد الرياضي في اليمن حتى الآن. وكان الحفل الافتتاحي الأسطوري لأسياد الدوحة وظهور الوفد اليمني في العرض الافتتاحي بأشخاص لا يتجاوزن الستة، بينما الوفود الأخرى بمشاركة واسعة،قد أصاب الشارع الرياضي اليمني بمختلف شرائحه بصدمة وذهول جراء هذا التواضع، خاصة ان فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية كان حاضرا ًلمراسم الافتتاح. *الأولمبية فوتت فرصة لا تعوض في قطر : وأبرزت تلك النتائج الكثير من التساؤلات مع كل مشاركة خارجية حول جدوى الدخول في معترك بطولات ذات أهمية ومستوى دون ان تكون الاتحادات الرياضية واللجنة الاولمبية قد وضعت رسماً بيانياً لأرقام كل لعبة فردية وانجازات أبطالها على المستوى القاري والدولي ومقارنتها بأرقام اللاعب اليمني ومستوى جاهزيته البدنية والفنية والانجازية قبل المشاركة. وكشف هؤلاء المتابعون والمحللون الرياضيون في بلادنا عن استمرار المشكلة القائمة في الرياضة اليمنية وهي المتصلة بأداء الاتحادات الرياضية وقدرتهاعلى التخطيط وصناعة الأبطال وتحديد التوقعات رغم وجود تجاوبا من اللجنة الاولمبية ووزارة الشباب والرياضة فيما يخص دعم الاتحادات والألعاب الرياضية وزيادة الحوافز المالية لمدربي ولاعبي المنتخبات الوطنية بصورة مستمرة، خاصة وان مجلس الوزراء وافق مؤخراً على لائحة الحوافز الجديدة المقدمة من وزارة الشباب والرياضة. في هذا الصدد يقول مدير عام النشاط الرياضي بوزارة الشباب والرياضة وعضو اللجنة الاولمبية خالد صالح حسين " : ان اليمن فوتت فرصة لا تعوض لمشاركة الفرق الرياضية في دورة آسيوية لأن المسافة قريبة، وبالتالي التكاليف أقل, إضافة انه كان بالإمكان التركيز منذ إقرار المشاركة على منتخبات وطنية قابلة للتطور ومؤهلة مثل منتخب الشباب لكرة السلة الذي احتل المركز الثالث عربياً ، إضافة إلى منتخب الشطرنج الذي يحمل لاعبوه ألقابا دولية إضافة إلى منتخب كرة القدم الأول الذي ظل في مشاركة مستمرة بتصفيات أسيا من يناير وحتى نوفمبر وكانمن المفروض تدعيمه بلاعبين من الاولمبي والمشاركة به. وأكد صالح ان المشاركة في دورات الألعاب الآسيوية لها أهداف إنسانية نبيلة لتوثيق عرى الصداقة والمحبة بين الشعوب والتفكير بالمنافسة هي مرحلة ثانية، لكن غياب الرؤية الصحيحة والسليمة للإحداث الرياضية والتفكير بالمال وعدم توفره، أصبح مشكلة مزمنة تعاني منها الرياضة اليمنية على مر السنين. وأرجع انحسار المشاركة اليمنية في الاولمبياد في انجاز واحد برونزي لأكرم النور في لعبة التيكواندو بدورة بوسان السابقة 2002 ومثلها في أسياد الدوحة إلى عدم الإعداد المبكر للمنتخبات الوطنية وقلة عدد المشاركين حيث ان مشاركة ثمانية لاعبين في كل لعبة قد تكون ثمار ايجابية بإحراز ميدالية على مستوى كل لعبة كون قاعدة تحقيق الانجازات معروفة وتتمثل في توفير الإمكانات والإعداد الطويل والجيد وزيادة عدد المشاركين والألعاب الرياضية. وأكد هؤلاء على ضرورة إعادة النظر في سياسة اعتماد المشاركات الخارجية في الفترة القادمة، وعلى ان يتم إلزام الاتحادات الرياضية تقديم خططها وبرامجها لمشاركاتها السنوية مع توقعاتها بالنتائج وان تكون توقعات بنتائج مشرفة وألا تكتفي الاتحادات بما تحصل عليه من دعم حكومي، بل عليها البحث عن مصادر تمويل إضافية لتطوير كفاءتها الإبداعية والانجازية وصناعة الأبطال. وأشار هؤلاء المراقبون إلى أهمية تقييم نتائج المشاركة في أسياد قطر، وعلى ان يقوم بالتقييم طرفاً رياضياً محايداً على قدر عالي من الكفاءة والخبرة يقدم للجنة الاولمبية دراسة واستخلاصات دقيقة وأمينة تحدد الآفاق المستقبلية للارتقاء بدور الاتحادات الرياضية واللجنة الاولمبية ولتجاوز المشكلات التي تعوق مواصلة ما تحققه الرياضة في اليمن منذ سنوات. *24 عاما من المشاركات الآسيوية والحصاد برونزيتين : من جهته قال المحلل الرياضي سامي الكاف المشرف العام ل " 14 اكتوبر الرياضي" أن نتائج مشاركتنا في دورة الألعاب الآسيوية بدوحة قطر مخيبة للآمال تماماً ولا تتوافق مع ما تم إعداده في عدد من الألعاب المشاركة، وحسب ماهو معروف ومعلوم لدي فأن عدداً من الألعاب الفردية كانت بدأت الاستعداد منذ وقت كاف وأقامت معسكرات داخلية وخارجية، بل وكانت بعض التصريحات أكدت على إمكانية إحرازنا لميداليات سواء تلك التي أطلقها بعض مدربي ولاعبي ألعابنا التي شاركت في هذه الدورة أو تلك التي أطلقها أمين عام اللجنة الأولمبية محمد الأهجري معتمداً على تطمينات من القائمين على هذه الألعاب وأن كل شيءعلى خير ما يرام، لكن الذي حدث أننا لم نحرز سوى ميدالية برونزية واحدة فقط جاءت عن طريق اللاعب الشاب ناجي الأشول في لعبة (الووشو) كاستثناء جميل يستحق عليه اللاعب الشكر والتكريم المادي قبل المعنوي " كونه بالفعل حفظ ماء الوجه. وأضاف " : صحيح في الرياضة لا يستطيع الفوز في منافساتها إلاّ الأفضل، لكن هذا الأمر لا يجب أن يعفينا من إجراء تقييم موضوعي للمشاركة على طريق إجراء محاسبة فإحرازنا ميدالية برونزية يتيمة في ألعاب قطر وقبلها ميدالية يتيمة في بوسان خلال أكثر من أربعة وعشرين عاماً من المفترض هي عمر مشاركاتنا في دورات الألعاب الآسيوية لا شك تعد فضيحة بكل المقاييس في حقل الرياضة لاسيما وأن دولاً بعد اليمن جاءت من حيث ممارستها للرياضة ومع ذلك تركتنا خلفها في الترتيب العام للفرق بل نحن تذيلنا الترتيب العام مع بنجلاديش وأفغانستان ". ويعتقد الكاف انه لن تتم أية محاسبة، وسيتم خلق مبررات لما حدث، قد أتفق مع بعضها، لكنها في المحصلة الإجمالية لن تكون منطقية، والمنطق يقول أن ماحدث فضيحة لكن مسلسل الفضائح أصبح أمراً عادياً لدينا بدليل أننا لم نسمع من قبل أنه تمت محاسبة المقصرين، وما يحدث مجرد فرقعات وقرع طبول للاستهلاك الإعلامي لا أكثر" مثالاً على ذلك ما حدث مع المنتخب الأولمبي لكرة القدم كمثال لم يغطه بعد غبار النسيان، وكم تم صرفه عليه من مال وجهد ووقت حتى نضمن له مشاركة فاعلة في دورة أسياد قطر ولكنه رغم ذلك لم يشارك بحجة تعاطي بعض لاعبيه للقات كمادة محظورة مع أن إقالة مدربه الكابتن أمين السنيني مباشرة عقب الاعتذار عن المشاركة كفيل بفتح ملف للتحقيق خصوصاً والجميع يدرك أن المنتخب لم يكن قد بلغ مرحلة تؤهله للمنافسة وقس على ذلك مع ما يحدث مع منتخبات كثير من الألعاب، ولكي يتغير الحال لابد من توفر إرادة سياسية لاتخاذ قرار يكفل إرساء أسس وقواعد لمشاركاتنا الخارجية لا تستند إلاّ إلى مبدأ الثواب والعقاب مالم لن يحدث تغيير إطلاقاً وسنظل محلك سر. من جهته يرى الدكتور احمد جاسر أستاذ التدريب الرياضي لكرة القدم بالمعهد العالي للتربية البدنية والرياضية ان البطولة لا تصنع بقرار أداري مفعم بالعوائق والصعوبات البيروقراطية، وهو الأمر الذي يطرح سؤالاً : لماذا لا يحصد أبطالنا ماكنا نحلم به من ميداليات ذهبية أو فضية في أسياد الدوحة؟!!. وقال ": لقد أصبحت صناعة الأبطال في عصرنا صناعة تهتم بها كل الدول بكل مؤسساتها، وتبدأ صناعة البطل من المنزل ثم المدرسة والنادي ، وتكاليف صناعة البطل في الدول المتقدمة تصل إلى مليون دولار في السنة للبطل الواحد، لكن في اليمن للأسف الشديد هناك إهمال كبير في المحافظة على أبطالنا الجاهزي أمثال أكرم النور وعصام جعيم ونشوان الحرازي وغيرهم كثير من أبطال الألعاب الفردية وبعض الألعاب الجماعية الذين حققوا انجازات أسيوية واولمبية ودولية وصرفت الدولة عليهم ملايين الريالات وفي النهاية نبخل على علاجهم في حدود ثلاثة إلى خمسة ألف دولار" . وطالب جاسر وزارة الشباب والرياضة واللجنة الاولمبية الوطنية الاستفادة من أخطاء المشاركة اليمنية في أسياد الدوحة، والإعداد من الآن بشكل جيد للمشاركة في دورة الاولمبياد القادمة التي ستقام بالعاصمة الصينية بكين عام 2008. وكان العديد من المتابعين والمهتمين بالشأن الرياضي في اليمن قد تفاءلوا خيراً بعد إجراء أول انتخابات في تاريخ اللجنة الاولمبية اليمنية في ابريل الماضي، والتي ما كان لها ان تتم لولا تهديدات اللجنة الاولمبية الدولية بتجميد نشاط اللجنة الاولمبية اليمنية إذا لم تستجب الأخيرة لمطالب الأولى وبموافاتها بالنظام الأساسي الذي يتوافق واللائحة الدولية للعمل الاولمبية وإجراء انتخابات، بأن يشهد العمل الأولمبي في اليمن مرحلة جديدة ومتقدمة، على اعتبار أن اللجنة الاولمبية مؤسسة هامة جداً يقع على عاتقها مهام جسيمة وأدوار هامة، يفوق بكثير من الأدوار التي تؤديها الأطر الأخرى وتتلقى موازنات سنوية ضخمة جداً في معظم دول العالم, لكن عدم تغيير الشخوص في اللجنة الأولمبية لم يحرك المياه الراكدة, وأبقى الحال على ما هو عليه منذ قرابة عقد من الزمن, ليبقى السؤال من المسئول, ومن سيحاسب المهملين؟ ومتى تتحرك المياه الراكدة.؟ سبا نت