تستعد سوريا لإجراء انتخابات رئاسية في الثالث من شهر يونيو المقبل مرفوضة مسبقا من المعارضة الخارجية والغرب في وقت تبتعد الأزمة السورية عن الحل الدبلوماسي خصوصا بعد الإعلان عن استقالة المبعوث الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي الثلاثاء الأمر الذي يمثل انتكاسة كبيرة ونعيا للجهود الدبلوماسية لحل الأزمة. وكرست وسائل الإعلام السورية اهتمامها على الحملات الممهدة للانتخابات الرئاسية المحددة في الثالث من يونيو المقبل. وعلى خط مواز، تتواصل الحملات الانتخابية في المناطق التي يسيطر عليها النظام داخل سوريا تمهيدا للانتخابات الرئاسية. وقد ارتفعت في دمشق لافتات وصور جديدة للرئيس السوري بشار الأسد الذي يخوض حملته تحت عنوان "سوا". كما يواظب المرشحان اللذان سيواجهان الاسد من جهتهما على الظهور في احاديث اعلامية وهما حسان النوري وماهر حجار . وفي واشنطن التقى الرئيس الأمريكي باراك اوباما الثلاثاء برئيس الائتلاف السوري المعارض احمد الجربا. ويأتي اللقاء في نهاية زيارة قام بها الجربا للعاصمة الامريكية استغرقت اسبوعا وقررت الولاياتالمتحدة تعزيز الدعم الذي تقدمه للمعارضة السورية. وجاء في البيان الذي اصدره البيت الابيض "رحب الرئيس اوباما بالروح القيادية التي يتسم بها الائتلاف وموقفه البناء من الحوار، وشجع الرئيس الامريكي الائتلاف على تطوير نظرته لحكومة مشاركة تمثل كل الشعب السوري." وكانت السلطات الامريكية قد وصفت الانتخابات الرئاسية التي دعت اليها الحكومة السورية في الثالث من الشهر المقبل بأنها غير شرعية. وتأتي استقالة المبعوث الدولي الى سوريا من منصبه بسبب اخفاقه في تحقيق اي تقدم لانهاء الازمة السورية. واعلن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الثلاثاء قراره قبول استقالة الابراهيمي الذي سيغادر منصبه في 31 مايو، مشيدا ب"الصبر والمثابرة" اللذين تحلى بهما الدبلوماسي الجزائري البالغ من العمر (80 عاما) خلال عمله مبعوثا مشتركا للامم المتحدة وجامعة الدول العربية على مدى سنتين. واسف بان لان الطرفين المعنيين بالازمة "وخصوصا الحكومة، اظهرا ترددا كبيرا في الافادة" من فرصة التفاوض التي اشرف عليها الابراهيمي في يناير وفبراير في جنيف. وانتقد ايضا عجز مجلس الامن الدولي قائلا "فشلنا جميعا". وبذل الابراهيمي رجل المهام الصعبة، اقصى جهوده لوضع حد لنزاع اوقع في ثلاث سنوات اكثر من 150 الف قتيل. وكان يردد انه يتمتع بالصبر الكافي للوصول الى مرحلة الولوج الى الحل. وتعليقا على الاستقالة، قالت صحيفة "الوطن" السورية إن الابراهيمي "انكشف انحيازه للمعارضة على مدار الفترة الماضية خصوصاً خلال مؤتمر جنيف-2"، معتبرة ذلك "أهم أسباب إخفاقه في مهمته الأممية". من جهة اخرى، نقلت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) عن مندوب سوريا في الاممالمتحدة بشار الجعفري انتقاده للابراهيمي بسبب "تدخله في الشأن الداخلي السوري، فالوسيط لا يتدخل في شأن سيادي لأي دولة". واضاف "من السابق لاوانه الكلام عن خليفته". في المقابل، قال مسؤول في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية نجيب غصبان انه يشعر بالمرارة التي دفعت الابراهيمي الى الاستقالة، مشيرا الى ان المعارضة "تقدر الجهود التي بذلها". واليوم الخميس ينطلق في العاصمة البريطانية لندن في وقت لاحق مؤتمر ما يسمى مجموعة "اصدقاء سوريا" بحضور وزراء خارجية 11 بلدا عربيا وغربيا، ضمنهم وزير الخارجية الامريكي جون كيري، وذلك لبحث السبل الجديدة لمساعدة ودعم المعارضة السورية. وسيبحث "اصدقاء سوريا" ايضا الوضع الانساني المتدهور في ذلك البلد. وتتكون مجموعة "اصدقاء سوريا" من مصر وفرنسا والمانيا وايطاليا والاردن وقطر والسعودية وتركيا والامارات العربية وبريطانيا والولاياتالمتحدة. وشكلت المجموعة عام 2012 ردا على قيام روسيا والصين بعرقلة صدور قرارات عن مجلس الامن بشأن سوريا. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية "إن الوقت قد حان" للدول التي تدعم التحول الديمقراطي في سوريا لأن تتخذ موقفا موحدا. وقال الناطق "سيبحث وزراء الخارجية السبل الانجع لتعزيز الدعم الذي نقدمه للمعارضة السورية ولتحقيق تقدم سريع لتحسين الاوضاع الانسانية المتدهورة في سوريا ولاحياء العملية السياسية التي تعطلت بسبب تعنت النظام." يذكر ان اجتماع الخميس هو الاول للمجموعة منذ يناير الماضي. ومرت الازمة السورية بمراحل مهمة منذ ذلك الحين، فقد استقال الابراهيمي وانهارت مفاوضات جنيف وتمكنت الحكومة السورية من استعادة زمام المبادرة من ايدي المعارضة في العديد من المواقع. وادى النزاع الدائر في سوريا الى مقتل اكثر من 150 الف شخص وتهجير الملايين، اضافة الى دمار هائل واوضاع انسانية صعبة. وعلى صعيد آخر، ذكرت صحيفة "الوطن" ان اتفاقا لتبادل محتجزين لدى المعارضة في بلدة عدرا العمالية بمعتقلين في سجون النظام، دخل حيز التنفيذ اذ تم أمس "إطلاق عائلة مخطوفة" مؤلفة من ثمانية أشخاص كان يحتجزها مقاتلو المعارضة، مقابل "إدخال مواد غذائية إلى المدنيين في البلدة". ويقضي الاتفاق بان يفرج النظام عن 1500 معتقل لديه والسماح بدخول مساعدات انسانية الى البلدة الواقعة شمال شرق دمشق، مقابل خروج 1500عائلة من البلدة التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة منذ يسمبر. وميدانيا أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان اليوم الخميس بمقتل أكثر من 40 شخصا بينهم كثير من المدنيين في غارات جوية في مناطق متفرقة من شمال سوريا. وقال المرصد الذي يتخذ من لندن مقرا لها إن 15 قتلوا بينهم ثلاثة من فريق طبي للطوارىء امس الأربعاء خلال خمس غارات جوية في الأتارب بمحافظة حلب بشمال البلاد. وذكر المرصد أن أربعة من مقاتلي المعارضة قتلوا في غارات جوية في نفس المنطقة بينما لقي 21 شخصا حتفهم بينهم نساء في غارات جوية على منطقة سرمدا بمحافظة إدلب في شمال غرب سوريا.