بلغت مسيرة الحياة الراجلة رسالتها للعالم بوصولها إلى ساحة التغيير بصنعاء، بعد ملحمة أسطورية دامت خمسة أيام.. أشعلت حماس اليمنيين وابتكرت طريقة خرافية لإشعال الحماس الثوري من جديد، وعلى مدى ثلاثة أيام قضاء المشاركون في مسيرة الحياة الراجلة في ساحة التغيير بصنعاء، عاش الساحة الأكبر في اليمن عرسا فرائحيا يصعب وصفه في كلمات.. الثوار في صنعاءوتعز وإب وذمار وعمران والبيضاء والضالع، اجتمعوا على صعيد واحد يوفي ساحة واحدة، في لحظة فارقة من تاريخ الثورة مسطرين بذلك أروع مشاهد الربيع العربي على الإطلاق.. أكثر من 250 كم، من تعز إلى صنعاء، تنسمت عبير أشواقهم الثورية وأحلامهم بيمن جديد. عاشت معهم الأمل والتحدي وأمدتهم عبر رجالها في كل المدن والحواضر على امتداد الطريق، بجرعات من الإصرار والتحدي وروعة الإنجاز.. غادروا صنعاء كما وصلوها كما يقول الشاب محمد مهيوب 27 عاما/ إعلامي في منتدى المبدعين بمحافظة تعز/ "جئنا إلى صنعاء تحملنا أشواقنا إلى عاصمة الثورة والتاريخ اليمني، وغادرناها والحلم يجمعنا مع عمق الثورة وقلبها النابض في تعز، وقضينا أيامنا في ساحة إخواننا ثوار أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء في أجواء حبور وفرحة لا توصف".. ازدانت ساحة التغيير بأجواء عيدية لم يعيشوها من قبل منذ اندلاع الثورة في فبراير مطلع العام 2011، بحسب الشيخ عبدالله صعتر الذي قال في كلمته في حفل الاستقبال على منصة ساحة التغيير "إنه عيد أكبر من عيد الأضحى وعيد الفطر من حيث الفرحة والاحتفالات التي عشناها في ساحة التغيير".. وتقول الإعلامية بقناة سهيل إشراق العطاب / مقدمة برامج/ "إنها مسيرة حياة حقا، بعثت فينا الروح والأمل وأحيت فينا آمال النجاح وعززت في قلوبنا إنجازات الثورة".. وفيما كان شباب مسيرة الحياة قد ودعوا شهداء المسيرة الذين قضوا على أيدي بقايا نظام صالح، وصلوا الجنازة على بعضهم في ساحة التغيير ، فقد قدم اتحاد شباب الثورة بصنعاء لشباب المسيرة الراجلة وثيقة العهد والوفاء وسطروا فيها بلون الدم ما نصه "نعاهد الله، ثم نعاهدكم، بأن نكون أوفياء لأهداف ثورتنا ودماء شهدائنا وجرحانا، صامدون في ثورتنا صمود صبر ونقم، باقون حراسا لهذا الوطن، وهذا عهدنا لكم ولكل الثوار في جميع الساحات والميادين.. والله على ما نقول شهيد... اتحاد شباب الثورة بمحافظة صنعاء".. وأقام شباب صنعاء خلال الثلاثة أيام العديد من فعاليات الاستقبال والتكريم التي تؤكد فرحتهم باستقبال ضيوفهم ثوار الساحات اليمنية الثائرة، فمن استقبالهم مرتين خارج صنعاء، مرة في خدار وأخرى في قحازة، إلى استقبالهم في دار سلم وسقوط أربعة عشر شهيدا معظمهم من ثوار ساحة التغيير الذين خرجوا لاستقبالهم في مداخل صنعاء وفك الحصار عنهم هناك.. بالإضافة إلى الطواف معهم على أكبر شوارع العاصمة صنعاء واستقبال الحارات والأحياء لهم بالزغاريد والطبول والهتافات، إلى الاحتفالات المتواصلة التي شهدتها الساحة طيلة أيام وليالي الإقامة، التي تخللتها الأمسيات الكبرى بحضور كبار فناني ومبدعي وشعراء وخطباء الثورة.. كما قدمت لهم واجب الضيافة ولوازم المقام الكريم بحسب لجنة استقبال المسيرة في الساحة.. عبد الوهاب السامعي أحد إعلاميي مسيرة الحياة قال لموقع الثورة اليمنية إنه شعر بالزهو لدى وصوله صنعاء، وشعر بالحزن لمفارقتها ، وأنه لمس خلال عودة المسيرة ما لمسه أثناء خروجها من استقبال وترحيب وتحية من مختلف الشرائح والمدن والمناطق اليمنية، التي ما كانت تلمح ذلك السرب من الباصات حد قول الزميل السامعي حتى تدرك يقنيا أنها مسيرة الحياة في طريق العودة إلى ثكناتها بعد أن أدت رسالتها بقوة على مرأى ومسمع العالم أجمع، وكانت المسيرة العائدة من صنعاء قد انطلقت العاشرة من صباح هذا اليوم الثلاثاء من أمام المستشفى الميداني وسط ساحة التغيير على متن باصات شركة راحة، التي أقلت عشرات الجرحى، وسط وداع حار لثوار ساحة التغيير، ومشهد امتزجت فيه دموع الفرح بدموع الفراق.. فيما كانت عشرات الحافلات تنتظر المشاركين أمام جسر مذبح بشارع الستين الشمالي، والتي انطلقت الثانية عشرة ظهرا، ودع شباب ساحة التغيير نظراءهم ثوار تعز وإب والبيضاء والضالع وذمار، فيما بقي عدد من الجرحى لم يتمكنوا، بحسب مصدر طبي في المستشفى الميداني بصنعاء لموقع الثورة اليمنية، من العودة بسبب إصاباتهم البليغة التي تتطلب فترة علاج أطول.. من جهة أخرى عبر علي عثمان /إعلامي بساحة الحرية بتعز/ عن شعوره بالفرح والسرور لاستقبال إخوانه العائدين من مسيرة الحياة التي تحدت الصعاب كأول مسيرة في تاريخ اليمن للمطالبة بدولة مدنية حديثة، ومحاكمة القتلة وعدم إعطائهم أي حصانة حسب تعبيره، وأضاف الزميل علي عثمان "حق لكل يمني أن يفخر بها ويعتز بأبنائها المشاركين فيها، صحيح أننا لم نكن معهم ،لكن قلوبنا وعقولنا كانت ترافقهم وتعيش معهم لحظة بلحظة حتى وصلت إلى صنعاء، ثم عادت بسلامة الله إلى تعز". إلى ذلك فقد شهدت مدينة تعز احتفالات جماهيرية على طول شوارع المدينة وأحيائها بدءا بحي الموشكي الذي أوقد الشموع لاستقبال المشاركين العائدين من صنعاء، وبحسب مراسل موقع الثورة اليمنية في تعز فقد أضاءت جموع المستقبلين سماء المدينة بالألعاب النارية ابتهاجا بوصول هذه الكوكبة الثائرة، وهتف المشاركون والمستقبلون بشعار "يا صنعاء يا أمي.. أفديك بروحي ودمي.." مسيرة الحياة تغادر العاصمة صنعاء وسط حفل توديع مهيب نظمه ثوار ساحة التغيير غادرت من ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء مسيرة الحياة التي قدمت من ساحة الحرية بتعز وسط حفل توديع نظمه شباب الثورة في ساحة التغيير وبحضور وفد من اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية. وبحسب مهيوب الشرعبي، رئيس اللجنة المنظمة لمسيرة الحياة الراجلة ، فأن المشاركين في المسيرة غادروا اليوم العاصمة صنعاء وتحديدا من جولة مذبح حيث كانت تنتظرهم الباصات على ثلاث دفع انطلقت الأولى في تمام الساعة العاشرة صباحاً والدفعة الثالثة في الثانية عشر والنصف ظهراً. وقال في تصريح لموقع الثورة اليمنية :"أن الدفعة الأولى من المسيرة وصلوا منطقة الحوبان الساعة الثامنة من مساء هذا اليوم تحت حماية القبائل التي تكفلت بحمايتهم أثناء قدومهم، وهناك مسيرة خرجت الآن من ساحة الحرية بتعز لاستقبالهم". وقال مصدر مسؤول في اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية كان على رأس الوفد المودع للمسيرة "أن ساحة التغيير عاشت خلال اليومين الماضيين أزهى أيام الثورة وأنها اكتظت بالأحرار والحرائر من مختلف مديريات العاصمة صنعاء ممن جاءوا لاستقبال ثوار الحالمة". بناء تعز: جئنا ننادي بإسقاط النظام ولم نأتي لإسقاط المنصة استنكر ابناء تعز بشدة ماروجت له بعض الجهات التي وصفوها ب "الناقمة" عن ترديدهم لبعض الاقاويل التي من شأنها تشويه الاهداف الكبيرة لمسيرة الحياة الراجلة من تعز الى صنعاء. وأوضح احد المشاركين في مسيرة الحياة في لقاء موسع عقده المجلس الرقابي لحماية الثورة الشعبية السلمية اليوم الثلاثاء تحت شعار "مسيرة الحياة ومشروع الانقاذ الثوري المجتمعي" بان أبناء تعز وكل المشاركين في مسيرة الحياة قدموا الى صنعاء وهم يرددون "الشعب يريد محاكمة السفاح". وقال: جئنا من تعز بأقدامنا، وبتنا ليلة تاريخية في منطقة خدار، ولم نقل الشعب يريد اسقاط المنصة وإنما جئنا لنقول الشعب يريد محاكمة السفاح الذي قتل ابناء تعز والحديدة وصنعاء وحضرموت. وسخر عن ماردد بحق مسيرة الحياة بأنها قدمت من تعز الى صنعاء لإسقاط منصة ساحة التغيير، وقال ساخرا: المنصة الواح، تعالوا الى عندنا لشرعب، وسأعطيكم 15 الف لوح!!. وأشار الى ان المسيرة ادت هدفها الاكبر واثبتت ان الثورة ما زالت حية في قلوب اليمنيين، وموضحا ان ابناء تعز قادرون على الوصول الى وكر الطاغية.