باحث سياسي يكشف امر صادم عن المبعوث الدولي لليمن    أزمة اختطاف قيادي عسكري كبير تُشعل فتيل التوتر في أبين: إدارة الأمن تُحذر من الفوضى    أب يمني يفقد حياته بسبب رفضه تزويج ابنته من حوثي !    شاهد.. ثور "هائج" يهاجم عمال بعدما هرب منهم في مكة ويتسبب في إصاباتهم بجروح وكسور    عد أزمته الصحية الأخيرة...شاهد.. أول ظهور للفنان عبدالله الرويشد ب    قيادي حوثي يلمح إلى معركة عسكرية كبرى قادمة    أين تذهب الأطنان من الجمرات التي يرميها الحجاج؟    يورو2024 ... فرنسا تحقق الفوز امام النمسا    الحظ السيئ يواصل مرافقة لوكاكو في يورو2024    اقتصاد الحوثيين على حافة الهاوية وشبح ثورة شعبية تلوح في الأفق    الفريق السامعي يؤدي شعائر عيد الاضحى في مسقط راسه    الدوري السعودي لم يعد للاعتزال.. حضور قوي بيورو 2024    الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة على مليشيات الحوثي الارهابية    نجاة رئيس أركان محور تعز من محاولة استهداف حوثية خلال زيارته التفقدية لأبطال الجيش    الحوثي يهدد بجعل السعودية شريكة في معاناة اليمن    أمسية رعب في عدن: لعبة ترفيهية تصيب طفلة بإصابة خطيرة    الحوثي..طعنة في خاصرة الجوار !!    الانتصار للقضايا العادلة لم يكن من خيارات المؤتمر الشعبي والمنافقين برئاسة "رشاد العليمي"    (تَحَدٍّ صارخ للقائلين بالنسخ في القرآن)    بينها دولتان عربيتان.. 9 دول تحتفل اليوم بأول أيام عيد الأضحى    رئيس الوفد الحكومي: لن نذهب إلى أي مفاوضات قبل الكشف عن المناضل محمد قحطان    ضيوف الرحمن يستقرون في "منى" في أول أيام التشريق لرمي الجمرات    مارادونا وبيليه.. أساطير محذوفة من تاريخ كوبا أمريكا    طقوس الحج وشعائره عند اليمنيين القدماء (الحلقة الرابعة)    بيلينجهام عن هدفه: اعتدت ذلك في مدريد    بعد 574 يوما.. رونالدو في مهمة رد الاعتبار ونزع الأسلحة السامة    عيدروس الزبيدي يوجه تهديدًا ناريًا لرئيس الوزراء ''أحمد بن مبارك'' بعد فتح ''الملف الحساس'' الذي يهدد مصالح ''أبوظبي'' (وثائق)    للعيد وقفة الشوق!!    لاتسأل ماهو البديل عن المجلس الإنتقالي.. البديل عن الإنتقالي هو الإنتقالي نفسه    حرارة عدن اللافحة.. وحكاية الاهتمام بالمتنفسات و "بستان الكمسري بيننا يشهد".    محلل سياسي: أين القانون من الفاسدين الذين نهبوا المساعدات وموارد البلد؟    ظاهرة تتكرر كل عام، نازحو اليمن يغادرون عدن إلى مناطقهم    صحيفة بريطانية: الحسابات الإيرانية أجهضت الوساطة العمانية بشأن البحر الأحمر    أفضل وقت لنحر الأضحية والضوابط الشرعية في الذبح    إنجلترا تبدأ يورو 2024 بفوز على صربيا بفضل والدنمارك تتعادل مع سلوفينيا    فتح طريق مفرق شرعب ضرورة ملحة    كيف استقبل اليمنيون عيد الاضحى هذا العام..؟    مع اول أيام عيد الأضحى ..السعودية ترسم الابتسامة على وجوه اليمنيين    تن هاغ يسخر من توخيل    الحوثيون يمنعون توزيع الأضاحي مباشرة على الفقراء والمساكين    حاشد الذي يعيش مثل عامة الشعب    خطباء مصليات العيد في العاصمة عدن يدعون لمساندة حملة التطعيم ضد مرض شلل الأطفال    رئيس تنفيذي الإصلاح بالمهرة يدعو للمزيد من التلاحم ومعالجة تردي الخدمات    فرحة العيد مسروقة من الجنوبيين    نازح يمني ومعه امرأتان يسرقون سيارة مواطن.. ودفاع شبوة لهم بالمرصاد    "هلت بشائر" صدق الكلمة وروعة اللحن.. معلومة عن الشاعر والمؤدي    يوم عرفة:    صحافي يناشد بإطلاق سراح شاب عدني بعد سجن ظالم لتسع سنوات    - ناقد يمني ينتقد ما يكتبه اليوتوبي جوحطاب عن اليمن ويسرد العيوب منها الهوس    - 9مسالخ لذبح الاضاحي خوفا من الغش فلماذا لايجبر الجزارين للذبح فيها بعد 14عاماتوقف    أربعة أسباب رئيسية لإنهيار الريال اليمني    فتاوى الحج .. ما حكم استخدام العطر ومزيل العرق للمحرم خلال الحج؟    أروع وأعظم قصيدة.. "يا راحلين إلى منى بقيادي.. هيجتموا يوم الرحيل فؤادي    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    20 محافظة يمنية في مرمى الخطر و أطباء بلا حدود تطلق تحذيراتها    بكر غبش... !!!    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطفل الفلسطيني في ضيافة السجون الإسرائيلية
نشر في شهارة نت يوم 22 - 08 - 2010

"كلُّ الناس يُولدون أحرارًا متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وُهِبوا ضميرًا، وعليهم أن يُعامِل بعضُهم بعضًا برُوح الإخاء"، هذا ما نصَّت عليه المادَّة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948م، إلاَّ أنَّ ذلك لا ينطبِق على الشَّعب الفلسطيني، وليس داخلاً في القاموس الإسرائيليِّ في تعامُلِه مع هذا الشَّعب، خاصَّة الأطفالَ، فمنذُ اندلاع انتفاضة الأقصى في الثامن والعشرين من شهر 9 لعام 2000م شنَّت الحكومةُ الإسرائيليَّة حملاتِ اعتقالات عشوائية بشكل جماعي، ومن دون تمييز، لم يَسْلم منها أحدٌ، فقد جرى اعتقالُ أطفال ونساء وكِبار في السِّن، بل أصاب الاعتقالُ عائلاتٍ بأكملها، حتى بلغ عددُ حالات الاعتقال 35 ألف حالة، معظمُهم من الأطفال، لم تراعِ فيها قوَّاتُ الاحتلال القوانين الإنسانيَّة، فلجأتْ إلى سياسة خَطْف الأطفال العُزَّل من سيارات الإسعاف والمستشفيات، واقتيادهم إلى أماكن مجهولة، مستخدمةً وحداتِ المستعربين وميليشيا المستوطنين، والكلاب البوليسيَّة المتوحِّشة؛ ليصدرَ بحقِّ أطفال صغار أحكامٌ كبيرة، على خلفية إلقاء الحِجارة، أو التظاهُر ضدَّ جنود الاحتلال، أو رفْع العلم الفلسطيني!!
كيف يعتقل الطفل الفلسطيني؟
وبعد اعتقال الأطفال - ولأقل فترة ممكنة - الملجأ الأخير في القانون الدولي، إلاَّ أنَّ إسرائيل تَعدُّه الملجأ الأوَّل، وبأطول فترة ممكنة، ويُعتقل أغلبُ الأطفال الفلسطينيِّين - المشتبه بارتكابهم مخالفاتٍ تعتبرها إسرائيلُ أمنيَّة - في منتصف اللَّيل، حسبَ ما أوردتْه مؤسَّسة الضمير لرِعاية المعتقَلِين وحقوق الإنسان، في تقريرها حولَ أوضاع الأطفال الفلسطينيِّين في المعتقلات والسُّجون الإسرائيلية؛ إذ تقوم مجموعةٌ كبيرة من الإسرائيليِّين باقتحام المنازل، ثم عَصْب أعين الأطفال وتقييدهم.
كما يتمُّ اعتقالهم في أثناءِ وجودهم في أحد الشوارع للعب، أو الوقوف مع أترابهم أمامَ المنزل، فيُوقف الطفل بحُجَّة أنَّه رُؤي وهو يقذف الحجارة قبلَ عدَّة أيَّام أو شهور، كما تُوضع أسماءُ بعض الأطفال المطلوبين على قوائم نِقاط التفتيش أو المعابر الحدوديَّة، فيتمُّ اعتقالُهم بمجرَّد اقترابهم من الحاجز، وغالبًا لا يُعطَى هؤلاء الأطفال فرصةَ الاتصال بمحامٍ، وغالبًا يضطرون إلى الانتظار لفتراتٍ طويلة في أجواء قاسية، سواء في البرد أو الحر، وبأسلوب همجيٍّ أقرب إلى الحيوانية منه إلى الإنسانيَّة؛ ليتمَّ نقلُهم إلى أماكنِ الاستجواب والتحقيق معهم من دون السَّماح لهم بالنَّوم، أو تناول الطعام، أو الذَّهاب إلى دورات المياه.
أطفال لكنهم أسرى!!
يتصدَّر قائمةَ الأطفال الأسرى في السُّجون الإسرائيلية طفلٌ لم يتجاوز عُمرَه عامًا واحدًا، وهو ابن الأسيرة ميرفت طه، ويبلغ عدد المسجونين من الأطفال 1600 سجين؛ منهم 255 طفلاً يخضعون للسجن الإداريِّ، وسطَ إجراءات لا إنسانيَّة في سجني تلموند والرملة في غُرف باردة، تنبعث منها الروائحُ الكريهة نتيجةَ تسرُّب مياه الصَّرْف الصحي داخلَها، إضافةً إلى تعريتهم بالكامل مِن فترةٍ إلى أخرى، ومحاولة إيذاء مشاعرِهم مِن خلال تمزيق المصاحف التي معهم، ومصادرة أدواتهم الشخصيَّة وصورِ أقاربهم، ويتوزَّع الأطفال الأسرى على عشرة مراكز توقيف؛ أربعة منها يُديرها جهازُ المخابرات العامَّة مباشرةً؛ وهي: الجلمة، والمسكوبية، وعسقلان، وبتاح تكفا، والباقي تُديره الشرطة والجيش.
أمَّا سجن الرَّملة فللأسيرات الفلسطينيات، واللاَّتي تراوح أعمارهنَّ بين 14- 17 عامًا، وتتعمَّد إدارةُ بعض السجون وضْع الأطفال الأسرى مع السُّجناء الجنائيِّين الإسرائيليِّين، خاصَّة مُدمني المخدرات وأصحاب السوابق الجنائية والأخلاقيَّة؛ لتجعلهم فريسةً سهلة بين أنياب أولئك الذِّئاب.
أحكام ضد الأطفال:
يَقضي الأطفال الأسرى أحكامًا بالسِّجن مددًا تراوح بين عدَّة أشهر وعشرين عامًا، وتُشير الإحصائيات إلى أنَّ 15% من الأطفال المحكومين تَزيد فترةُ سجنهم الفِعليَّة عن ثلاث سنوات، وتُعدُّ فترة عشرين عامًا أعلى فترةِ سجن حُكم بها على مجموعة من الأطفال، مِن بينهم الأسير الطِّفل مهدي النادي، وعمره 17 عامًا، حوكم بتهمة محاولات قَتْل إسرائيليين، كما حُكم على 9 أسيرات اعتُقِلن بسبب محاولات قتْل إسرائيليين، من بينهنَّ: سناء عمر، حُكمت بأربع سنوات سجنًا إداريًّا بعدَ أن قضت عامًا واحدًا في السِّجن الفِعلي، على تُهمة إلقاء الحِجارة على الجيش الإسرائيلي.
تعذيب الأطفال بالقانون الإسرائيلي:
تَعتبر إسرائيلُ التعذيبَ أحدَ النُّظم القانونيَّة الشرعيَّة ضدَّ الأطفال والمعتقلين الفلسطينيِّين، وتُعدُّ الدولةَ الوحيدة في العالَم التي تشرع التعذيب بشكل صريح، وتستخدمه بشكل ممنهج ضدَّ الفلسطينيِّين الذين يتمُّ اعتقالهم أو التحقيق معهم.
وأكَّدت إسرائيلُ في أكثرَ من مناسبة قانونيَّة استخدامَ جهاز المخابرات الإسرائيليَّة (الشاباك) للتعذيب، وبعد عدَّة ضغوط لجماعة حقوق الإنسان العاملة في إسرائيل، أصدرت المحكمة العليا الإسرائيليَّة قرارًا يَقضي بعدم قانونية أربعة أساليب من أساليب التعذيب الجسدي؛ وهي الهز، والشبح، وجلسة القرفصاء، وحرمان السجين من النوم لفترات طويلة، إلاَّ أنَّ ذلك لم يَلقَ أيَّ ترجمة فعليَّة على أرض الواقع، وهذا ما أكَّده المدير الإقليمي لجمعية مراقبة حقوق الإنسان في الشَّرْق الأوسط وشَمال إفريقيا بقوله: "إنَّ قرارَ المحكمة العليا الإسرائيليَّة لم يَعتبر سوءَ المعاملة واستخدامَ التعذيب غيرَ قانوني في جميع الظُّروف والأحوال"، فضلاً عن أنَّ المحكمة يمكن أن تصدر حُكمًا يدعو إلى التعذيب، وتعتبره أمرًا ضروريًّا.
من يحقق مع الأطفال؟
يُجيز القانون الإسرائيليُّ استمرار عملية الاستجواب لمدَّة 180 يومًا، ويُعدُّ جهاز الشرطة الإسرائيلي هو الجهازَ الأكثر تحقيقًا مع الأطفال الفلسطينيِّين، وغالبًا ما توجه إليهم مخالفات يسيرة؛ كالكِتابة على الجدران، أو رفْع العلم الفلسطيني، أو رمْي الحجارة، وعلى رغم أنَّ رجال الشرطة هم مَن يقوم بالتحقيق، فإنَّ رجال المخابرات العامَّة يُشرِفون على سير التحقيق، وتوفير المعلومات وممارسة التعذيب في مراكز الشرطة، بعدَها يُنقل الطفل إلى جهاز الاستخبارات العسكريَّة؛ ليُستكملَ التحقيقُ معه بعد أن يكون قد تعرَّض للتعذيب الشديد والإذلال، بهدف انتزاع الاعتراف منه، لتبدأَ موجةٌ أخرى من التحقيق والإذلال.
وفي حالة انتزاعِ الاعتراف من الطِّفل بعد التعذيب يُرسَل إلى مركز الشرطة؛ ليُدليَ بالاعتراف نفسِه مرَّة أخرى، حتى يأخذَ شكلاً قانونيًّا، بعدَها يُنقل الطفل الفلسطيني إلى المخابرات العامَّة "الشاباك" التي لا تخضع لأيِّ وزارة في الحكومة الإسرائيليَّة، ولديها استقلاليَّة تامَّة، وتُقدِّم تقاريرها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي مباشرةً، ويقوم هذا الجهاز أحيانًا كثيرة بعملية التحقيق بنفسه، وذلك في الحالات التي يَصِفها بالخطيرة، ويُعدُّ التعذيب في جهاز "الشاباك" أحدَ القوانين التي تُستخدم بشكلٍ منظَّم، سواء كان جسديًّا أم نفسيًّا، كالحِرمان الطويل من النوم والشبح لساعات طويلة.
وبعدَ انتزاع الاعتراف يُرسَل الطفلُ إلى مركز الشرطة؛ ليسجَّل قانونيًّا، وفي حالة عدم الاعتراف تُعاد التحقيقات، ويَمرُّ الطفل بمرحلة التعذيب مع زيادة الجُرعات.
سنوات للمحاكمة!
تُعتبر المدَّة الزمنية التي ينتظر فيها الطفل الفلسطيني محاكمتَه غيرَ محدَّدة، فقد تصل إلى سنوات بأكملها، وخلالَ تلك الفترة يكون الطِّفل قابعًا في المعتقل الذي أُرسِل إليه حسبَ العمر والجِنس، ومكان الاعتقال، وكعادة الإسرائيليِّين في نقْضِ العهود والاتفاقيات والمواثيق، فإنَّهم يَعتبرون الطفل الفلسطيني الذي تجاوز سِنَّ السادسة عشرة ناضجًا، وعليه فإنَّه يُسجن مع غيره من المعتقَلين الكِبار، وهذا يُعدُّ مناقضًا لاتفاقية حقوق الطِّفل الدوليَّة، التي تعتبر الطفل كلَّ مَن لم يتجاوز الثامنةَ عشرة من العمر، كما أنَّ الأطفال الإناث يُرسلْنَ إلى سجن الرملة للنِّساء، ويعامل الأطفال الموقوفون بنفس الطريقة التي يُعامل بها الأطفال المحكومون من سُوءِ المعاملة والقَهْر والتعذيب، وإذا تمَّت محاكمتُهم، وثبتت براءتهم، ثم أفرج عنهم، فليس لهم الحقُّ في المطالبة بأيِّ حقوق أو تعويضات.
أطفال وأحكام:
يُعدُّ نقْل الطِّفل من المعتقل إلى مقرِّ المحكمة العسكريَّة الإسرائيلية أحدَ أبرز انتهاكات حقوق الأسرى عامَّة، والأطفال بصفة خاصَّة، فالطِّفل المعتقل يأتي مُقيَّد الأيدي والأرجُلِ بسيارة عسكريَّة؛ ليسمعَ قرار حكمه لفترة تراوح بين ستة أشهر إلى سنوات طويلة، خاضعة للوضْع السياسي والأمني والمزاجي، ويُعدُّ إيقاف التنفيذ أحدَ الأحكام التي تُصدرها المحكمة العسكريَّة، أو بتعبير أدقَّ إحدى الحِيَل التي تستخدمها المحكمة تناغمًا مع اتفاقية حقوق الطفل الدوليَّة التي تقضي بعدم حِرمان أيِّ طفل من حريته، في حين أنَّه يكون قد قضى في التوقيف عدَّة سنوات.
الطفل الفلسطيني وفنون التعذيب الإسرائيلي:
تربط السُّجون الإسرائيليَّة في تعذيبها للأطفال الفلسطينيين بين التعذيب الجسديِّ والنفسي؛ لتحقيقِ أعلى معدَّل من الإهانة والإذلال والمعاناة، ويُعدُّ الضربُ المبرح أحدَ أبرز أساليب التعذيب في فترة التحقيق، فهي عمليةٌ مستمرَّة منذ لحظة الاعتقال حتى دخول السِّجن، وغالبًا ما يمتدُّ الضرب؛ ليشملَ جميعَ أنحاء الجسم، خاصَّة المناطق الحساسَّة والرأس، إضافةً إلى تقييد الأيدي والأرْجُل، وعصْب الأعين، والحَرْق بأعقاب السجائر، والهزِّ العنيف، علاوةً على عدم تمكين المعتقل من الاتِّصال بأهله، أو إبلاغهم بانتقاله، أو مكان حجْزه، أو توكيل محامٍ.
أمَّا أسلوب التعذيب في أثناءِ فترة الاعتقال، فيُعتبر الشبح أبرزَها، وهو أن يتمَّ رَبْطُ الأيدي والأرجُل، ووضْع الطفل بمحاذاة الحائط، وإجباره على الوقوف على أطراف قدميه لفترة معيَّنة، إضافة إلى الحِرمان من النوم، والتهديد بإيذاء جسديٍّ له أو لأهله، علاوةً على السبِّ والشتم والهزِّ الشديد؛ حيث يتمُّ حمْلُ الطفل وهزُّه بشكل متكرِّر، وهذا يُعرِّضُه لفقدان الوعي، وسكب الماء البارد على الطِّفل في الشِّتاء، والماء الساخن في الصيف، ويُجبر الأطفال على سبِّ الذات الإلهيَّة، أو أقاربهم كالآباء والأمهات، ويُمنع الطفل من استخدام المرْحاض إلاَّ بعدَ ساعات طويلة، وإبقاء الزنازين معتمة طوالَ اليوم، أو التعرُّض للإضاءة الشديدة، أو الإساءة الجِنسيَّة، وهذا يتعارض مع كلِّ القوانين لمعاملة السُّجناء، كما يُحرَم الأطفال من تأدية شعائرهم الدِّينيَّة، ويجري الاستهزاء بمشاعرهم الدِّينيَّة؛ كأن يُمزَّقَ المصحف، أو يُبصق عليه.
إهمال طبي:
تُعتبر حَبَّة (الأكموك) - وهو نوع من المسكِّنات يُستخدم لمعالجة آلام الصُّداع - هي العلاجَ الوحيدَ بغضِّ النظر عن نوعية المرض وشدَّته، ويُشير تقرير مؤسَّسة الضمير لرعاية المعتقَلين وحقوق الإنسان حولَ أوضاع الأطفال الفلسطينيِّين في المعتقلات والسُّجون الإسرائيليَّة، إلى أنَّ الإهمال الطبي بحقِّ الأسرى الفلسطينيِّين عامَّة، والأطفال منهم خاصَّة، وصل إلى حدٍّ ينذر بالخطر، وزيادة انتشار الأمراض، فالقمامة متراكمة، والحشرات منتشرة، ومياه المجاري تُغرِق الزنزانات، يُضاف إلى ذلك عدم دخول الشَّمس والهواء إلى الغُرف، وانتشار الرُّطوبة، والبرد الشديد في الشِّتاء، وقلَّة الأغطية، وعدم صلاحية الفرش التي ينام عليها الأطفال، والاعتداءات التي يتعرَّض لها الأطفالُ الأسرى؛ من الضَّرب، والركل، والشبح - تُعرِّضُهم للإصابة بأمراض وجروح متعدِّدة لا تُقابَل بالعناية الطبيَّة، في الوقت الذي يُمارس فيه على هؤلاء الأطفال ضغوطٌ نفسيَّة وعصبيَّة من خلال الحبس الانفرادي، وعدم السَّماح لهم بالتزاور، أو الخروج، وحرمانهم من زيارة ذويهم، وهذا يدفعُ بهم إلى الانطواء والشُّعور بالاكتئاب الحاد، كلُّ هذا يعطينا صورةً عن الوضع النفسي والجسدي الذي يمكن أن يكون عليه هؤلاءِ الأطفال عندَ خروجهم من السِّجن.
الأسرى الفلسطينيون.. حقول تجارب!
وكعادتها في تجاوُز كلِّ الأعراف والقِيم الإنسانيَّة، عَمِلتْ إسرائيلُ على إخضاع العديد من السُّجناء الأطفال لتجارِب طبيَّة متعدِّدة، يُرغمون عليها بعدَ أن تقوم بتقييدهم وإجبارِهم على تناوُل دواء جديد، أو حَقْنِهم بأدوية غير معروفة، وهناك الكثير من الأسرى الذين خَضَعوا لهذه التجارِب، وتركتْ عليهم آثارًا غايةً في السوء، وأقرب مثل ما حدث مع الأسير زُهير إسكافي من الخليل، الذي أُدخِل سجن نفحة قبلَ أكثر من عامين، وهناك أَجْبَره المحقِّقون الإسرائيليُّون على ابتلاع حبوب أدَّتْ إلى تساقُط شعر رأسه ووجهه بالكامل، وإلى الأبد.
المستشفى أسوأ من السجن:
هكذا يَصفُ النزلاءُ والأسرى مستشفى سجن الرملة بأنَّه أسوأُ من السِّجن نفسه، وهو عبارة عن قسم في السِّجن نفسه، ويُعاني من الاكتظاظ، وعدم وجود عناية طبيَّة، وتأجيل متواصل للعمليات الجراحيَّة، وانعدام النَّظافة والتهويَّة، إضافةً إلى سوء الطعام المقدَّم، ناهيك عن تقييدهم في الأَسِرَّة في أثناء العلاج، وعدم السَّماح لهم بالخروج إلى ساحة المستشفى لرؤية الشَّمس، أو أن يمكثوا مدَّة 24 ساعة كاملة داخل الزنزانات الطبيَّة.
من لهؤلاء الأطفال؟!
ما سبق يقودنا إلى حقيقةٍ قد لا تَخفى على أحد، وهي أنَّ إسرائيلَ تقوم بانتهاك صارخ لكلِّ القِيَم والأعراف والمواثيق الدولية التي تدعو إلى احترام حقوق الإنسان، خاصَّة اتفاقية حقوق الطِّفل التي وقَّعت عليها، غير أنَّها لم تكن رادعًا للامتناع عن الاستمرار في اعتقال الأطفال، وحرمانهم من حريَّاتهم وتعريضهم للتعذيب والإهانة، والابتعاد عن الأهل، والضغط النفسي، والإرهاق الجسدي من دون رحمةٍ بطفولتهم، أو رأفة ببراءتهم.
إنَّ هؤلاء الأطفال الذين خضعوا لِسلسة طويلةٍ من التعذيب الممنهج من الإساءة المقصودة لهم، بحاجة فِعليَّة إلى اهتمامنا واهتمام المجتمع الدَّولي والإنساني، وهم أيضًا بحاجة ماسَّة إلى تنظيم جهودٍ ملموسة تُخفِّف مِن حدَّة معاناتهم، وتمنع مستقبلاً وقوعَهم في الأَسْر، وقد طالبتْ مؤسَّسة الضمير لرعاية المعتقَلين وحقوق الإنسان، واللجنة العربية لحقوق الإنسان من خلال التقرير الذي أعدَّته في مايو 2003 حولَ أوضاع الأطفال الفلسطينيِّين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية، طالبتِ المجتمع الدولي ب:
أولاً: توفير حماية دولية سريعة للشَّعب الفلسطيني، وتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيِّين وقتَ الحرْب، والصادرة عام 1949م.
ثانيًا: تقديم مجرمي الحرْب من قادة وجنود الاحتلال الإسرائيليِّ إلى محاكمَ دوليَّة، وملاحقتهم قانونيًّا، وفقًا للقانون الجنائي الدولي.
ثالثًا: تعزيز وجود اللجنة الدوليَّة للصليب الأحمر وتوسيع نشاطاتها؛ لحماية المدنيِّين الفلسطينيِّين، ومنهم الأسرى، ومراقبة جرائم الاحتلال.
رابعًا: تنظيم حملات دولية للدِّفاع عن الأطفال الفلسطينيِّين الأسرى في سُجون الاحتلال الإسرائيليِّ، بالتنسيق مع المنظَّمات المحليَّة والعربيَّة والدوليَّة المهتمَّة بذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.