شهدت أسواق الحراج، بأمانة العاصمة خلال الأيام القليلة الماضية انتعاشا غير مسبوق، نظرا لارتفاع وتيرة بيع وشراء الأدوات والمستلزمات المنزلية المستعملة، التي سارع عدد من الأجانب إلى بيعها استعدادا لمغادرة اليمن، في ظل الأزمة السياسية الراهنة، والأوضاع الأمنية المتردية في البلاد. هذا الحراك التجاري الذي يشهده سوق الحراج، بدا جليا من خلال ازدياد حجم العروضات التي يعرضها تجار الحراج، حتى أن بعض المحلات توسعت وأخذت حيزا واسعا من الشارع العام، لكثرة الأدوات المختلفة التي أقبلوا على شرائها خلال الأيام والأسابيع الماضية. يدرك تجار الحراك بأن هذا الانتعاش المفاجئ الذي يشهده سوقهم كان نتيجة للأحداث المقلقة التي تعيشها البلاد، وما آلت إليه الأوضاع خلال الأسابيع الماضية، حيث تدافع الكثير من الأجانب إلى مغادرة اليمن، وبيع أدواتهم المنزلية ومستلزماتهم الشخصية التي لا يمكن أن يحملوها معهم بأسعار زهيدة. يثبت تجار الحراج بأن مصائب قوم عند قوم فوائد، فقد استغلوا هذا الحراك التجاري، لشراء الأدوات المستعملة بأسعار هم من يحددها وليس الأجانب المضطرين لمغادرة البلاد، حيث يبدو سوق الحراج كخلية نحل، فهناك بائع يستقبل ناقلة مليئة بالأدوات المنزلية، وإلى جواره بائع آخر يحمل ناقلة لأحد المشترين، وبين هذا وذاك سماسرة يسعون لتحقيق أكبر قدر من المكاسب. أحد تجار حراج الصافية بأمانة العاصمة، وهو الحاج صالح الزبيدي، أكد ارتفاع حركة البيع والشراء في سوق الحراج خلال هذه الفترة، وقال بأنه ومنذ شهرين ماضيين وخصوصا الأسابيع الثلاثة الماضية، انتعشت الحركة في السوق بعد فترة طويلة من الركود، وعلل هذا الانتعاش بالمشاكل السياسية التي تمر بها اليمن، والتي دفعت الكثير من المقيمين والعاملين الأجانب في اليمن إلى مغادرة البلاد، بعد أن يقوموا ببيع أدواتهم وأغراضهم المنزلية، نظرا لعدم قدرتهم على حملها معهم لارتفاع تكلفة النقل، التي قد تفوق القيمة الأصلية لتلك المستلزمات. وأوضح الزبيدي بأنه اشترى الكثير من الأدوات التي عرضت عليه من قبل موظفي وعمال شركات أجنبية ومحلية وبعض المستثمرين وكثير من عمال النظافة وغيرهم، من جنسيات عدة، أهمها الجنسية الأثيوبية والحبشية والصومالية والمصرية والعراقية، وغيرها من الجنسيات الأخرى. وأشار الزبيدي إلى تفاوت أسعار الأدوات والمستلزمات التي يشتريها، وفقا لمستوى استعمالها، فالأشياء المستعملة وهي بحالة جيدة ولا تزال ذات جودة عالية يكون سعرها أغلى من الأشياء التي تقل جودتها نظرا لاستعمالها لفترة طويلة. واتفق معه، عبد الوهاب العماري، وهو صاحب معرض في ذات السوق، حيث قال بأن من يقومون ببيع أدواتهم ويغادرون اليمن خوفا من الأزمة الراهنة يبيعون أغراضهم بأرخص الأثمان، مشيرا إلى أن التجار يشترون تلك الأغراض بأسعار معقولة، خصوصا وأنه وبحكم الظروف الاقتصادية الحالية يتم بيع هذه الأدوات للمستهلكين اليمنيين بأسعار زهيدة وأرباح زهيدة، على عكس ما كان عليه الحال قبل الأزمة، حيث كان التجار يشترون بأسعار رخيصة ويبيعون بأسعار أغلى. ولذلك فإن التجار يحرصون على شراء هذه الأغراض بأسعار أرخص، خلال هذه الأيام، كما يؤكد العماري، لأنهم يعرفون بأنهم سيبيعون بأسعار رخيصة، مشيرا إلى أن الأدوات التي يتم عرضها للبيع في السوق تتركز على الأثاث المنزلي، إما بشكل متكامل أو جزء منه، مثل غرف النوم والدواليب الخشبية والمجالس العربية، والأسرة، والكمودينات والكنبات والكراسي والغسالات والثلاجات والدواليب الحديدية وسرائر الأطفال والطاولات الخشبية والحديدية بإحجامها المختلفة، بالإضافة إلى البطانيات وغيرها من الأغراض المنزلية. من جانبه يرى عبد الله الضيائي، وهو صاحب محل في سوق حراج الصافية، بأن هناك شبه ركود بالنسبة للأشياء الجديدة، التي تباع في السوق، أما بالنسبة للأدوات المستعملة فهناك حركة بيع وشراء كبيرة، موضحا بأن من يبيعون أدواتهم المنزلية هذه الأيام ليسوا من الأجانب فقط، ولكن هناك بعض اليمنيين الذين يريدون السفر إلى قراهم هربا من الأوضاع المتأزمة، كما أن هناك بعض الأسر تبيع بعض أدواتها المنزلية لتوفير القوت الضروري بسبب الأزمة الراهنة. وقال الضيائي بأن هناك من يبيع أدوات وأثاث منزله بشكل جزئي، وعلى رأس هذه الأدوات التي يتم بيعها اسطوانات الغاز، حيث يتم عرض أكثر من 20 اسطوانة في اليوم، ولكن التجار لا يحرصون على شرائها إلا إذا كانت ضمن أثاث متكامل للمنزل، مشيرا إلى أن أسعار البيع والشراء خلال هذه الأيام زهيدة مقارنة بالأيام الماضية، ولهذا فإن التجار لا يحصلون على أرباح ومكاسب كبيرة، كما يعتقد البعض.