اقر رئيس الحكومة الاسكتلندية وزعيم الاستقلاليين اليكس سالموند صباح الجمعة في ادنبره بالخسارة في الاستفتاء وذلك بعد نشر النتائج شبه النهائية والتي اظهرت فوز الوحدويين. واعلن سالموند في تصريح علني في ادنبره ان "اسكتلندا قررت بالغالبية الا تصبح بلدا مستقلا". وصرح سالموند مقرا بهزيمته امام انصاره المحبطين "قررت اسكتلندا بغالبيتها الا تصبح دولة مستقلة" مضيفا "انني اقبل بحكم صناديق الاقتراع وادعو جميع الاسكتلنديين الى القيام بذلك والقبول بقرار الشعب". غير ان بوسع الزعيم الاستقلالي التباهي بالحصول في نهاية المطاف على حكم ذاتي اوسع للبلد الذي يديره منذ سبع سنوات. وتعليقا على نتائج الاستفتاء الذي التزم فيه شخصيا الى جانب الوحدويين، دعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون المملكة المتحدة الى "وحدة الصف" متعهدا بمنح بلدانها الاربعة صلاحيات اوسع في ادارة شؤونها. وقال كاميرون في كلمة القاها امام مقر الحكومة البريطانية في لندن "حان الوقت لمملكتنا المتحدة لكي توحد صفوفها وتمضي قدما" معتبرا انه تمت تسوية مسالة استقلال اسكتلندا "لجيل". وقال كاميرون ان "الشعب الاسكتلندي قال كلمته وقراره واضح. قرر الحفاظ على وحدة اراضي بلداننا الاربع (اسكتلندا وويلز وايرلندا الشمالية وانكلترا) ومثل الملايين الاخرين، انا سعيد بذلك". وتابع "مثلما سيحصل الاسكتلنديون على المزيد من السلطات في ادارة شؤونهم، كذلك يجب ان تكون لسكان انكلترا وويلز وايرلندا الشمالية صلاحيات اكبر في ادارة شؤونهم". وسبق ان وعد كاميرون بزيادة الحكم الذاتي لاسكتلندا، غير انها اول مرة يقطع تعهدات مماثلة للبلدان الثلاثة الاخرى. وتوجه الى الاسكتلنديين مباشرة، بعدما دعاه زعيم الاستقلاليين اليكس سالموند الجمعة لدى الاقرار بهزيمته للوفاء بالتزاماته بمنح المزيد من السلطات لاسكتلندا، فقال "الى الذين يشككون في اسكتلندا بالوعود الدستورية المقطوعة، دعوني اقول لكم ما يلي: سبق ان نقلنا صلاحيات في ظل هذه الحكومة، وسنقوم بذلك من جديد في الحكومة المقبلة". واضاف "ان الاحزاب الوحدوية الثلاثة قطعت تعهدات بمنح البرلمان الاسكتلندي صلاحيات اضافية، وسنتثبت من الوفاء بها". وبعد هذه الوعود التي قطعتها مع حليفيه في الحكومة الليبراليون الديموقراطيون والعماليون، يترتب على كاميرون مواجهة الذين ياخذون عليه من داخل معسكره تقديم تنازلات سخية اكثر مما ينبغي. ويترقب الاعلام رد فعل من الملكة بعد الظهر من قصرها في بالمورال في اقصى شمال شرق اسكتلندا، بعدما لزمت الصمت طوال الحملة فيما افادت اوساطها انها كانت قلقة. وجاءت نتائج الاستفتاء مطمئنة للذين كانوا يتخوفون من انعكاس الاستقلال سلبا على الاقتصاد في حال الانفصال عن بريطانيا. واظهرت نتائج فرز 32 دائرة في الاستفتاء أن الاسكتلنديين رفضوا الاستقلال عن بريطانيا ب55.3% من الاصوات بفارق كبير عن مؤيدي الاستقلال الذين حصلوا على 44.70% من الاصوات بحسب الارقام الرسمية الصادرة صباح الجمعة بعد انتهاء عمليات فرز الاصوات في جميع الدوائر ال32 في اسكتلندا. وحصل الوحدويون على مليونين والف و926 صوتا مقابل مليون و617 الفا و989 صوتا للاستقلاليين في الاستفتاء الذي سجل نسبة مشاركة قياسية، وصلت الى 84.6%. وهنأ رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الجمعة اليستير دارلنغ الرجل الذي تزعم الحملة المناهضة لاستقلال اسكتلندا وذلك بعد ان اشارت نتائج جزئية الي ان غالبية بين الناخبين الاسكتلنديين أعطوا اصواتهم للبقاء ضمن المملكة المتحدة. وكتب كاميرون في تغريدة في موقعه الرسمي على تويتر "تحدثت الى اليستير دارلنغ وهنأته على نجاحه في حملته". ويقول مراقبون إن كاميرون يمكن له أن يفتخر بهذه النتيجة الايجابية وأن يعتبرها نجاحا شخصيا له ولحكومته بعد ان بدت تحذيراته التي وجهها للاسكتلنديين كان لها وقع ايجابي في نهاية الاستفتاء. وكان كاميرون قد حذر خلال زيارة الى ابردين في اسكتلندا بداية الاسبوع الجاري، من ان فوز مؤيدي الاستقلال في الاستفتاء حول الانفصال عن المملكة المتحدة المقرر الخميس سيكون "طلاقا مؤلما". وأشاد بكل ما تم انجازه خلال 307 سنوات من الاتحاد في مجالات العلم والأدب والرياضة. وقال كاميرون ايضا مخاطبا الناخبين "ارجوكم، لا تحطموا هذه العائلة". ثم وجه تحذيرا قائلا "لن يكون هناك عودة الى الوراء"، اذا صوت الاسكتلنديون لصالح الاستقلال فلن يبقى هناك عملة مشتركة او تقاعد مشترك ولا جوازات سفر مشتركة. وبعد الإعلان عن نتائج الاستفتاء، فتحت بورصة لندن على ارتفاع بنسبة 0.75% مع وصول الجنيه الاسترليني الى اعلى مستوياته منذ سنتين مقابل الدولار واليورو. واثارت الحملة اهتماما كبيرا في العالم وتمنى الرئيس الاميركي باراك اوباما الخميس في تغريدة ان تبقى المملكة المتحدة "قوية متينة وموحدة" فيما حذر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من "الانانية" و"الشعبوية" و"النزعات الانفصالية". ومع ظهور اعلام من كاتالونيا وكورسيكا وبلاد الباسك ومنطقة بروتانيه في الحملة لاحت مخاوف بين القادة الاوروبيين في بروكسل من انتقال العدوى القومية. ويقول محللون إن نتيجة الاستفتاء ستنزل بردا وسلاما على دول الاتحاد الأوروبي وخاصة تلك التي تنشط فيها بقوة دعوات الانفصال في بعض اقاليمها وخاصة اسبانيا حيث يرغب عدد كبير من اقليم قاطالونيا في تنظيم استفتاء تقرير مصير مماثل ترفضه مدريد بقوة.