"الاحتفال باليوم الوطني: علي محسن الأحمر يدعو للحفاظ على وحدة اليمن"    تسريب معلومات صادمة عن طائرة الرئيس الإيراني وسبب سقوطها والجهة التي تقف وراء مقتله    الامين العام للجامعة العربية يُدين العدوان الإسرائيلي على جنين    لاعب ريال مدريد كروس يعلن الاعتزال بعد يورو 2024    تراجع أسعار النفط وسط مخاوف من رفع الفائدة الامريكية على الطلب    المبعوث الامريكي يبدأ جولة خليجية لدفع مسار العملية السياسية في اليمن مميز    إحصائية حكومية: 12 حالة وفاة ونحو 1000 إصابة بالكوليرا في تعز خلال أشهر    رئيس تنفيذي الإصلاح بالبيضاء: قحطان أيقونة نضال واستمرار إخفاءه تأكيد على سقوط المليشيا    الآنسي يعزي في وفاة الشيخ عبدالمحسن الغزي ويشيد بأدواره العلمية والدعوية والوطنية    الوزير البكري يلتقي رئيس أكاديمية عدن للغوص الحر "عمرو القاسمي"    الخدمة المدنية تعلن غداً الأربعاء إجازة رسمية بمناسبة العيد الوطني 22 مايو    العولقي: الانتقالي يتعرض لضغوط داخلية وخارجية    إصابة امرأه وطفلين بانفجار لغم زرعته المليشيات غرب تعز    تناقضات الإخواني "عبدالله النفيسي" تثير سخرية المغردين في الكويت    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن حملة علاجية مجانية لمرضى القلب بمأرب    الحوثي للاخوان: "اي حرب ضدهم هي حرب ضد ابناء غزة"!!!!    "وثيقة".. كيف برر مجلس النواب تجميد مناقشة تقرير اللجنة الخاصة بالمبيدات..؟    موقف جريء ل ''بن عديو'': تجربة الوحدة اليمنية تعرضت لسوء الإدارة.. وهذا هو الحل الذي سيحفظ لليمني كرامته!!    المنتخب الوطني للشباب يواجه نظيره السعودي وديا منتصف يونيو استعدادا لبطولة غرب آسيا    تقرير برلماني يكشف عن المخاطر المحتمل وقوعها بسبب تخزين المبيدات وتقييم مختبري الاثر المتبقي وجودة المبيدات    أكاديمي اقتصادي: فكرة البنك المركزي للحد من تدهور الريال اليمني لن تنجح!    انهيار مرعب للريال اليمني.. ووصول أسعار صرف الدولار والريال السعودي إلى أعلى مستوى    الحوثيون يعبثون بقصر غمدان التاريخي وسط تحذيريات من استهداف الآثار اليمنية القديمة    المشاط يدافع عن المبيدات الإسرائيلية وينفي علاقتها بالسرطان ويشيد بموردها لليمن    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    قاتلكم الله 7 ترليون في الكهرباء فقط يا "مفترين"    ذكرى إعلان فك الارتباط.. جدار جنوبي راسخ لفظ الوحدة المشؤومة    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    شاهد : العجوز اليمنية التي دعوتها تحققت بسقوط طائرة رئيس إيران    صراعات داخل مليشيا الحوثي: قنبلة موقوتة على وشك الانفجار    لليوم الثالث...الحوثيون يفرضون حصاراً خانقاً على مديرية الخَلَق في الجوف    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    إعلان هام من سفارة الجمهورية في العاصمة السعودية الرياض    رسميا.. كاف يحيل فوضى الكونفيدرالية للتحقيق    لابورتا وتشافي سيجتمعان بعد نهاية مباراة اشبيلية في الليغا    منتخب الشباب يقيم معسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    اشتراكي الضالع ينعي الرفيق المناضل رشاد ابو اصبع    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسن زيد:المشترك رفض انتقال السلطة بسبب التحفظ على مرشح لرئاسة الحكومة غير خاضع لقيادة الإصلاح
نشر في يمنات يوم 12 - 07 - 2011

عصر السبت الماضي، استقبلنا الأمين العام لحزب الحق، والقيادي في أحزاب اللقاء المشترك؛ حسن زيد، بمنزله الكائن في صنعاء القديمة. حدثنا زيد، بصراحة لا تخلو من جرأة، على مدى أكثر من ساعتين، عن الثورة والانشقاقات العسكرية، عن الإصلاح والحوثيين وأبناء الشيخ عبدالله بن حسين، وعن رؤيته في كثير من القضايا التي تشهدها الساحة السياسية، مؤخرا، في اليمن..
حوار: نائف حسان، وعلوي السقاف
* اجتمعتم في المشترك اليوم (الأحد 3 يوليو) لمناقشة مشروع تشكيل مجلس وطني انتقالي.. ما الذي تم في الاجتماع؟
- أولاً الاجتماع لم يكن للمشترك فحسب، وإنما للمشترك ورئاسة اللجنة التحضيرية، والمشروع مقدم من لجنة مشتركة كُلفت من قبل اجتماع قيادة اللجنة التحضيرية والمجلس الأعلى للقاء المشترك. طبعاً، في اجتماع اليوم، استُعرض المشروع ونوقش، وأُخذ بجدية، وكان الاتجاه الغالب ورود ملاحظات عليه، وهي ملاحظات سُجلت في المحضر، وأعيد المشروع إلى الهيئة التنفيذية للمشترك، والأمين العام المساعد للجنة التحضيرية الأستاذ صخر الوجيه، لإعادة النظر في المشروع وفقاً للملاحظات التي طُرحت، وسُجلت. مشروع مثل هذا؛ هو بالضرورة بحاجة إلى دراسة معمقة، مع أننا، للأسف الشديد، تأخرنا كثيراً في دراسته، والوقت ضيق..
* «مقاطعاً» ما هي أهم الملاحظات التي طُرحت على المشروع؟
- أهم الملاحظات كانت تتعلق بضرورة أن يكون هناك خبراء دستوريون، وضرورة التمثيل الشامل لكل مكونات المجتمع اليمني. وكان هناك ملاحظات ركزت على ضرورة توسيع تمثيل شباب الساحات، لأن المجلس تحول من فكرة مجلس انتقالي يؤدي المهام التنفيذية العاجلة، إلى مجلس وطني ينبثق عنه مجلس رئاسة انتقالية. أقرت على المشروع ملامح عامة كضرورة تمثيل كل المحافظات بالتساوي. بعض الملاحظات انتقدت تحديد الأعداد، وبعض الملاحظات انصبت على أن المجلس متسع، حتى بدا كأنه يُحدد مهام سلطة مستمرة، مع أن مهامه يُفترض أن تكون متعلقة فقط بالمرحلة الانتقالية، ولهذا كان لا بد من تحديد ما هي مهمته، ومتى ستنتهي..
* «مقاطعاً» وصلتنا، اليوم، معلومات تقول إنه كان هناك خلاف حول المشروع؛ داخل اجتماع قيادة المشترك ولجنة الحوار.. حول ماذا كان الخلاف؟
- الاتجاه العام، الغالب، كان هو الاتفاق، لكن بعضنا، خاصة نحن كبار السن، نبالغ في الحذر، مترددون، ولا ندرك أهمية الزمن. بعضنا لا يدرك مخاطر الظرف الذي تعيشه اليمن، لا يدرك الأزمة التي يُعانيها المواطن نتيجة أزمة انعدام الديزل والبترول، ولا يدرك أننا مهددون بانفجار اجتماعي وقتل وحرب! سيتقاتل الناس على الخبز وعلى دبة الماء..
* «مقاطعاً» هل تعني خطوتكم هذه لتشكيل مجلس وطني انتقالي، انتهاء أفق العمل السياسي لنقل السلطة؟ وإلى أي مدى يُمكن لهذا المجلس، في حال نجحتم في تشكيله، أن يؤدي دوره، ويعمل على انتقال فعلي للسلطة؟
- في تصوري إن أداء المجلس مرتبط بنوعيته. إذا أحسنّا التواصل مع القيادات، والمكونات السياسية والاجتماعية المؤثرة، وأحسنا اختيار الأشخاص، وأدركنا أهمية المرحلة وطبيعة مهام أعمالهم، وكان الاختيار وفق هذا، فسيتمكنون «من نقل السلطة»، لأن الناس بحاجة إلى سلطة؛ بما في ذلك الأطراف التي أيديها على الزناد، وعلى فوهات البنادق، فهؤلاء مدركون مخاطر ما هم عليه، مدركون أن حياتهم على المحك، وبالتالي فكلهم يبحثون عن مخرج. الناس يبحثون الآن عن منقذ، والمنقذ لا يُمكن أن يكون فرداً في هذه المرحلة؛ نظراً للانقسام الاجتماعي، والانقسام المناطقي، والسياسي والمذهبي، تركة ثقيلة وقبيحة. البديل، والحل الوحيد، هو تشكيل مجلس انتقالي، لكن يجب أن يكون مجلساً نوعياً. مثلاً؛ أنا ضد استبعاد المؤتمر الشعبي العام، لأن هناك كثيراً من قيادات المؤتمر ليست متورطة في دماء اليمنيين، وتمتلك خبرة. والمؤتمر الشعبي العام يتميز عن الحزب الوطني في مصر، وعن الحزب الدستوري في تونس، بأنه لم يتوحد بأجهزة الأمن السرية؛ كما حدث للحزبين الوطني والدستوري. هنا كثير من قيادات المؤتمر هم ضحايا مثلنا، كثير منهم كانوا يتعرضون للملاحقة والمراقبة كما تعرضنا لذلك نحن. ولأننا نعيش مرحلة استثنائية؛ فعلى أحزاب اللقاء المشترك، وعلى شباب الساحات بالذات، لكي تنتصر الثورة، أن يكونوا موضوعيين، وعليهم، إذا ما فكروا في مجلس انتقالي، أن يبحثوا عن الأشخاص الذين يُمكن أن يلقوا قبولاً شعبياً، ويؤدوا هذه المهمة. إذا ما تحقق هذا؛ فبالتأكيد سيحقق المجلس الانتقالي نجاحاً كبيراً، وإذا ما تحددت، بدرجة دقيقة، ما هي مهامه. لا يجوز أن نخلط ما بين المرحلة الانتقالية، ومرحلة السلطة المستمرة. وظيفتهم هذه يجب أن تكون محددة، وعليهم أن يدركوا أنهم فقط جسر لكي يعبروا بنا إلى المستقبل.
* التصور أن المجلس الانتقالي سيكون بمثابة مجلس رئاسي، أو سلطة تنفيذية، لكن يبدو أن ما خرجتم به في المشترك، عبر مشروعكم، حوّل المجلس من مجلس انتقالي إلى مجلس وطني موسع، أو هيئة رقابية.
- لسنا طرفاً واحداً ضد النظام. السلطة لم تكن موحدة، والمعارضة لم تكن موحدة. كنا مثل التوأم لم يُفصل إلا أخيراً. كان مطروحاً ضرورة الحوار السياسي، وهناك قوى كثيرة في المعارضة كانت قريبة أيضاً من السلطة. الحوار الوطني بين مكونات المجتمع أمر مهم وضروري. لدينا الحراك، لدينا الحوثيون، لدينا معارضة الخارج، ولدينا فصائل مختلفة كالسلفيين وغيرهم. الإصلاح نفسه يتكون من عدة مكونات. السلطة التنفيذية ستُؤدي وظائف محدودة. هناك إعداد لدستور، هناك أطر حوارية.
الآن لدينا حالة أهم من مجلس رئاسة، لدينا الآن محافظات خرجت عن السلطة. ما الذي سيجمع ويوحد هذه التكوينات؟ مجلس الرئاسة لن يتمكن من ذلك، ولكي تكون الوحدة أكثر بين مكونات المجتمع اليمني، لا بد من أن تتسع القاعدة التمثيلية في المجلس الانتقالي، وبالتالي فكرنا أن يكون بمستويين؛ مجلس انتقالي لإدارة الحوار، وضمان التواصل ما بين المحافظات والمكونات السياسية وبعضها. ولكي ندير عملية الحوار من أجل التعديلات الدستورية، والذي ينبثق عنه جمعية وطنية، أو تأسيسية، لإعادة النظر في الدستور، هو مجلس رئاسة للقيام بالمهام التنفيذية. والمفروض أن غالبية المجلس الانتقالي تكون من الشباب، وأنا مع أن تستمر الساحات قائمة لأنها الأصل، ويجب أن تظل الرقيب على أية سلطة انتقالية حتى نصل إلى الحالة الدستورية.
* كيف تتواصلون مع الشباب؟ ما هي الآلية لاختيار ممثلي الشباب في المجلس الانتقالي؛ 5 عن كل ساحة، كما ينص مشروعكم، وتعرفون أن هناك مئات التكوينات والمسميات داخل الساحات؟
- هي صعبة، لكن أعتقد أن القوى، والمكونات السياسية، والشخصيات الفاعلة والمؤثرة، هي التي ستُمثل، وعلى المستقلين أن يُبلوروا أنفسهم. الآن رغم الانقسام الشديد، هناك تكوينات كبيرة داخل الساحات..
* «مقاطعاً» هناك تكوينات كبيرة لكنها لا تُمثل أغلبية الساحات.
- أكيد أنها لا تُمثل أغلبية الساحات. صعب أن يتم تمثيل الكل، لكن الأصل هو أن هؤلاء سيكونون ممثلين للساحات، وسيُحاسبون من قبل الساحات. المجلس سيكون سلطة مؤقتة، وهناك قيد، في بعض المشاريع إذا لم ينص عليه هذا المشروع، هو أن أية شخصية ستكون في مجالس رئاسة تنفيذية، لا يحق لها أن تُرشح نفسها، أو أن تتولى مسؤولية في سلطة ما بعد الانتقالية على الأقل لدورة.
* بالنسبة للمجلس الانتقالي؛ قلت إنه ليس لديك مانع أن يُشارك المؤتمر في المجلس..
- «مقاطعاً» مش ما لدي مانع.. لابد من ذلك.
* هل يجب أن يشارك هؤلاء كأشخاص في المؤتمر، أم كمؤتمر كحزب؟
- أُفضّل أن يُشاركوا كمؤتمر كحزب. الآن الساحات، والأحزاب السياسية، تعاملت مع النائب «عبد ربه منصور هادي» باعتباره شخصية مقبولة، وهو أمين المؤتمر الشعبي العام. الإرياني يتم التعامل معه باعتباره شخصية مقبولة. هناك موقف من الأشخاص المتهمين بممارسة القتل، وهؤلاء، كما أعتقد، ليسوا قياديين في الصف الأول بالمؤتمر، ليسوا حتى من القيادات البارزة التي تبقت.
* إذا ما تم تشكيله فالمجلس الانتقالي سيستمد شرعيته من الشباب في الساحات، لكن من أين سيستمد سلطته التنفيذية؟
- من التوافق.
* من أين سيستمد سلطته على المحافظات؟ هناك محافظات سقط؛ هل سيتسلمها؟ وماذا بشأن المحافظات التي لم تسقط..؟ هذا يعني أنكم ستدخلون في مواجهات وحرب مباشرة مع السلطة القائمة؟
- الآن هناك انقسام. المحافظات إما تُعاني من فراغ، أو انقسام أوجد حالة فراغ كما هو حاصل في تعز. عندنا 3 نماذج: حالة الجوف، مركز الجوف يدور الصراع فيه بين الحوثيين والإصلاح. الحوثيون مصرون على أن نلتزم جميعاً بمبدأ الشراكة، والذي يعني أن الجهاز الإداري الموجود في المحافظة، والمجالس المحلية فيها، ما لم يرتكبوا، كأشخاص، جريمة، يظلون قائمين، ولا يتم استبدالهم إلا عبر الانتخابات. هذه الحالة يُمكن أن تُعمم. وأريد أن أقول إن السلطة في المرحلة القادمة ليست مغنماً، وإنما مغرم، وكل القوى السياسية، بمن فيها القائمون على السلطة، يدركون هذا.
الوعي بأهمية الشراكة، واستبعاد فكرة الإقصاء، سيضمنان لنا أن يؤدي هذا المجلس الانتقالي الدور المطلوب. علينا، كمشترك، وعلى شباب الساحات، أن يُناضلوا من أجل دولة المؤسسات، التي لن تكون إلا بحماية حق الموظف من التعسف القادم سياسياً.
* قلت أمس، في حديث تلفزيوني، إنكم فكرتم بالمجلس الانتقالي تحت ضغط وإلحاح مطالب الشباب في الساحات؛ هل المجلس الانتقالي جاء تحت هذا الإلحاح والضغط، أم جاء تحت إلحاح وضغط الواقع، والظروف الاقتصادية التي نعانيها اليوم؟
- الاثنين، الاثنين. ضغط الساحات قديم، ونحن صمينا آذاننا عنه، لأننا كنا نعرف أن إعلان مجلس انتقالي يعني إعلان حرب أهلية مع السلطة القائمة، مع أننا نقول إنهم مغتصبو سلطة وليسوا سلطة، وما داموا مغتصبي سلطة فلابد من إنشاء سلطة بديلة. الواقع يفرض علينا التفكير فعلاً بإنشاء سلطة انتقالية، ما لم سينشأ فراغ قد يُهدد وجود اليمن كدولة.
* لكن، عملياً، سيُعجل تشكيل المجلس الانتقالي بالصدام العسكري مع ما تبقى من النظام؟
- بالعكس؛ نحن لو تجنبنا، أولاً، إقحام المؤسسة العسكرية، سواءً التي أيدت الثورة، أو التي لا زالت متمسكة بالسلطة، وأبعدناها عن الصراع وعن هذا المجال، وفكرنا في حكومة مدنية، ومجلس انتقالي مدني.. لا بد أن نفصل ما بيننا وبين المؤسسة العسكرية سلباً وإيجاباً، أي يجب ألا نكون مع مؤسسة عسكرية محسوبة علينا، وضد مؤسسة عسكرية...
* «مقاطعاً» ما هي أدوات المجلس التنفيذية؟ كيف يُمكن أن يتولى المجلس زمام المبادرة للقيام بالمهام التنفيذية المباشرة التي لها علاقة بحياة الناس؛ هنا في العاصمة صنعاء، أو في غيرها من المحافظات؟
- الآن في حالة غياب. ما الذي يمنع الآن من تشكيل الحكومة؟ النائب مصر، كما قال في آخر مقابلة له، على عدم استلام السلطة. ما دام هذا موقفه فإما أن يكون جزءاً من هذا المجلس الانتقالي، إذا هو بحاجة إلى عون، أو فليقبل بالاعتراف بالمجلس الانتقالي..
* «مقاطعاً» الواضح أنه سيرفض الاعتراف بالمجلس الانتقالي.
- لماذا سيرفض الاعتراف؟
* هو يُطالب بإجراء انتخابات عاجلة لنقل السلطة.
- طيب؛ هل هو قادر على إجراء الانتخابات؟ إذا كان قادراً فليدعُ لانتخابات، يُعلن تنحي الرئيس، أو عجزه عن ممارسه مهامه. يُعلن نقل السلطة إليه، ويدعو الناس للانتخابات، ويرى إن كان قادراً على ذلك. إذا كان عاجزاً الآن عن إيصال "دبة" الغاز، والبترول، والديزل، فكيف سيستطيع أن يؤمن المراكز الانتخابية، على فرض أن السجل الانتخابي "كويس". أعتقد أن أي حديث يتجاهل هذا الواقع، يتجاهل أن أغلب الشباب الذين لهم حق الانتخاب نزلوا إلى الساحات، فهو حديث غير منطقي.
* هل وصل الحوار السياسي لنقل السلطة إلى طريق مسدود كي تلجأوا إلى تشكيل مجلس انتقالي؟
- أنا مؤمن أنه لا يجوز للسياسيين، ولا للثوريين، أن يفترضوا تناقضاً وهمياً بين العمل السياسي والعمل الثوري. العمل الثوري جزء، أو مكون أساس، من مكونات العمل السياسي عند الحاجة إليه، ولا يُمكن أن يُحقق العمل السياسي أي تقدم، خصوصاً في مرحلتنا، إذا لم يعتمد على زخم الفعل الثوري. لا يوجد تناقض. الثورة وظيفتها تُهد القائم، ووظيفة العمل السياسي إعادة البناء.
* هناك المبادرة الخليجية لنقل السلطة التي يدعمها الأمريكيون والأوروبيون والسعوديون.. هل هؤلاء مع مسألة تشكيل مجلس انتقالي؟ وإلى أين وصلت حواراتكم معهم بشأن نقل السلطة؟
- كل هذه «المبادرات» كانت تعتمد على الصراع اليمني -اليمني. لو تذكرنا؛ فالمبادرة الخليجية كُتبت في الرياض دون العودة إلى اليمن. لا يعني هذا أنها حاولت أن تفرض علينا شيئا، وإنما قرأت ما الذي يُمكن أن يكون مقبولاً يمنياً وقدمته لنا. نحن إذا ما مضينا في ما نحن فيه، وشرعنا فعلاً لإعادة الوحدة ما بين القوى السياسية الثورية، والساحات الثائرة، فمن المؤكد أن الأمريكيين والأوروبيين والعالم سيقبلون منا ما يضمن استقلالنا. ليست مصالحهم، في هذه المرحلة بالذات، تتناقض مع مصالحنا. مصالحنا ومصالحهم تتقاطع في ضرورة المحافظة على كيان اسمه اليمن، وعلى الاستقرار فيه، وعلى إيجاد دولة تحقق تنمية كي تحد من عوامل نشأة التطرف. دول الخليج لا تريد أن تكون اليمن بؤرة مشاكل؛ تهريب مخدرات، أسلحة، جنس، وعمالة. قد لا يقبل الخليجيون أن تكون اليمن دولة قوية جداً إذا كانت تتناقض معهم، لكنهم يريدون الحد الأدنى من الاستقرار. إذا كان المجلس الثوري الانتقالي سيوقف عملية التدهور التي يتم دفع اليمن إليها، فسيقبلون بذلك، ولا يُمكن أن يملوا على إرادتنا ما لا يُمكن أن نقبل به.
أمريكا والزنداني وقناة سهيل
* كان هناك موقف أمريكي دافع لنقل السلطة في اليمن، لكن هذا الموقف تراخى خلال الفترة الماضية. اليوم نلمس أن هناك حذراً وانتظاراً في الموقف الأمريكي. برأيك ما الذي تغير في الموقف الأمريكي؟
- تغيرت نظرتهم إلينا. الذي تغير فعلاً هو فعلنا نحن، كنا مندفعين، وكان هناك زخم في الفعل الثوري. كان هناك حراك قوي، لهذا كانوا يُجاروننا في اندفاعنا. عندما تباطأنا، وحدث نوع من الركود، قابلوا الأمر بالركود، وهذا أمر طبيعي. ثانياً؛ لم تتشكل بعد، حتى اليوم، على الساحة، خارطة القوى السياسية. ليس كامبل، مدير المعهد الديمقراطي الأمريكي؛ أبلغنا قبل نجاح الثورة التونسية، كما أذكر، بأن المجتمع الدولي لن يسمح بأن تحقق الثورة في اليمن انتصاراً قد يُوصل عبدالمجيد الزنداني، بما يُمثله عبدالمجيد، إلى الحكم. إحساس الأمريكيين عالٍ بالحجم الكبير للتجمع اليمني للإصلاح، والدور المبالغ فيه الذي أظهرته لعبدالمجيد الزنداني، مع احترامي الشديد له. والدور الكبير الذي بالغت قناة سهيل والساحة في إظهار حضور الزنداني، وتأثيره الكبير، بالإضافة إلى القوة العسكرية التي تبدو وكأنها متوحدة به، بما يُمثله من ثقافة جهادية وثقل..
* «مقاطعاً» القوة العسكرية.. تقصد الفرقة الأولى مدرع؟
- ليست الفرقة الأولى مدرع فقط، وإنما الفرقة، ومن ينضم إليها من القوات المسلحة بمختلف الوحدات، بما فيها الحرس الجمهوري، والأمن المركزي. فهؤلاء عندما ينضمون إلى القوة المؤيدة للثورة، فكأنما ينضمون فعلاً إلى القوة العسكرية المتوحدة مع ما يمثله الشيخ عبدالمجيد الزنداني كثقافة ونهج..
* «مقاطعاً» كان هناك معلومات تقول إن الأمريكيين لديهم مخاوف من الزنداني، ومن بقاء علي محسن بعد رحيل الرئيس صالح. وأمس كان هناك تصريح خطير لوزير الخارجية الروسي قال فيه إن هناك جماعات إرهابية كبيرة داخل صفوف المعارضة اليمنية. والحاصل أن الشباب في الساحات، وأنتم في أحزاب المشترك، تعيشون مأزقاً حقيقياً في ما يخص هذا الأمر؛ إذن يبدو أنكم غير قادرين على تقديم صورة تُطمئن العالم في ما يخص هذه الجزئية.
- نحن عندما نُشاهد اليابانيين والصينيين نرى أنهم متشابهون وصورتهم واحدة. الأمريكيون، والغرب بشكل عام، لا يدركون التمايز في ما بيننا. المراقب الخارجي عندما يرى الشيخ عبدالمجيد وحديثه، مثلاً، عن دولة الخلافة، والمنشورات التي تصرخ من جماعة "العلماء الأحرار" في الساحة، من رفض للدولة المدنية والحكم المدني، يعممون هذه الصورة، وهذا النمط، وكأنهم لا يرون الفرق بين الشيخ أسامة بن لادن، والشيخ عبدالمجيد الزنداني، وحسن زيد، ومحمد الحزمي. يروننا صورة واحدة ما دام الخطاب الذي يظهر، بشكل طاغٍ، هو هذا الخطاب كما تعبر عنه قناة سهيل. إذا كانوا يلاحقون أفراداً يحسبونهم على التنظيمات الجهادية؛ فكيف يُمكن أن يسمحوا لحالة جهادية تتخلق بهذا الحجم الكبير، وتُسيطر على أهم ممر مائي، وتكون جوار المملكة العربية السعودية، ودول الخليج، بما تمثله من خزان النفط العالمي؟! لا يُمكن أن يسمحوا بهذا، وبالتالي فنحن نتحمل جزءاً من المسؤولية لأننا لم نوضح بالضبط، حتى الآن، كمشترك وكساحات، ما هي هويتنا السياسية، وما الذي نريده، خصوصاً أن مطالبنا في البداية كانت تركز، وهذا للأسف نوع من الخلط، على إلغاء المؤسسات العسكرية والأمنية التي لها تعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية في مكافحة الإرهاب؛ الحرس الجمهوري، الأمن المركزي، والأمن القوي، وهذه فيها وحدات لمكافحة الإرهاب. طبعاً أنا ضد الهيمنة مهما كانت، لكني أتحدث الآن عن الموقف الدولي، وما هي أسبابه ومبرراته. والواقع أننا ظهرنا، للأسف، كما لو أننا تحولنا، في مطالبنا الثورية، كما عبرت عنا بعض البيانات المتسرعة، ولم تكن دقيقة في إيصال رسالتنا، وأظهرتنا كأننا عبرنا عن موقف سلفي جهادي، وكأن الخلاف ليس ضد الاستبداد والقمع، وإنما مع جهات تُريد أن تتحرر من وحدات مكافحة الإرهاب.
تجمع الإصلاح والفرقة وشباب الساحات
* هل ناقشتم هذا الأمر داخل المشترك؟ وهل تكونت لديكم رؤية للتعامل معه؟
- بمقدار الوقت المتاح لنا؛ ناقشناه، لأنه، كما تعلمون، نحن عشنا، من أول الثورة حتى الآن، ظروفاً أمنية استثنائية؛ أكثر القيادات الحزبية والسياسية، إلا قلة، اختفت تماماً، دخلت السرداب، وبعض القيادات لم تظهر حتى الآن. كان عندنا إمكانية للحوار قبل الثورة، لكن بعد الثورة، وشعور البعض أنه مستهدف، وخصوصاً أننا بالغنا بالمخاوف الأمنية، لم نمتلك الفرصة الكافية كي نتحاور، كما أن الثورة لم تأتِ نتيجة لتخطيط منا، إذ قام بها الشباب وفرضوها علينا فرضاً، وأكثر هؤلاء شباب الأحزاب. هناك حقيقة تاريخية وهي أن أحزاب اللقاء المشترك التحقت بالثورة في ما بعد، وكثيراً من القيادات قاومت، في البداية، «هذه الثورة»، نتيجة لتقييمها المبالغ فيه لرد الفعل، وخوفها على حياتها، وعلى مكتسباتها..
* «مقاطعاً» على حياتها أم على حياة الشباب؟
- على حياتها. أنا دقيق. على حياتي أنا. أنا الذي نزلني لساحات الثورة هو خوفي على حياة ابني. نزلني ابني غصباً.
* من الواضح أن المخاوف الدولية، وبالتحديد الأمريكية، عكست نفسها على الساحات. في الساحات يشكو الشباب من سيطرة أعضاء تجمع الإصلاح، وحدثت اعتداءات متكررة على الشباب والناشطين، ولم تتخذوا، أنتم في قيادة المشترك، أي موقف واضح ضد هذه الاعتداءات؛ باستثناء الدكتور محمد عبدالملك المتوكل الذي كان له موقف واضح لرفض هذه الاعتداءات..
- «مقاطعاً» لماذا؟ يمكن لم تبلغكم مواقفنا التي اتخذناها..
* «مقاطعاً» المتوكل كتب مقالاً أدان فيه الاعتداء ضد أروى عبده عثمان وبقية الناشطات، وجمد عضويته في المجلس الأعلى للمشترك، فيما أنتم لم نلمس منكم موقفاً واضحاً أو معلنا بشأن هذه الانتهاكات، وللأسف؛ فحتى الآن لم تتكون لديكم رؤية، أو يتبلور موقف، للتعامل مع هذا المأزق الذي تعيشه الساحات. والمشكلة أن الإخوة في الإصلاح لم يدركوا خطورة هذا الأمر، فتركوا أعضاءهم يتصرفون بحرية كاملة في قمع الناس والاعتداء عليهم، ومصادرة الحريات داخل الساحات.
- الإصلاح مظلومون أكثر مما هم ظالمون، وخصوصاً القيادات، ودعني أوضح لك السبب. كثير ممن حُسبوا على لجنتي النظام والأمن ليسوا من الإصلاح، وهم مرشحون إما من الفرقة الأولى مدرع، أو من مجلس التضامن الوطني، وكثير من الشباب في هاتين اللجنتين من أحزاب مختلفة، ومستقلون، وربما من الأمن القومي، والأمن السياسي وما شابه. لكن، للأسف، الإخوة في الإصلاح فرحوا بالتهمة أنهم بهذا الحجم الكبير جداً، القادر على تشكيل مثل هذه اللجنة المعقدة، ولم يُتح لهم الفرصة، أو ربما لأنهم فوجئوا لأن الساحة تشكلت قبل قرار الإصلاح، وأحزاب المشترك، أن تنضم إليها وتكون جزءاً منها، ولم يمتلكوا الفرصة، ولم نمتلك الفرصة، كقيادات لأحزاب المشترك، أن نُناقش باهتمام عملي هذه المشكلات، ونلاحق من هو المسؤول عنها لكي نعرف إن كان مخترقاً، أو كان شخصاً منحرفاً ينتمي إلى حزب من الأحزاب، وبالتالي يجب تجميده. نحن ناقشنا هذه المشكلات باهتمام، لكن لم نُناقشها باهتمام عملي. الأسبوع الماضي؛ تمكنا من اتخاذ قرار بإعادة تشكيل اللجنة الأمنية، وهو قرار متأخر، وقد أساء الأمر للإصلاح، ولم يسئ للإصلاح فقط، بل أساء لوحدة الحركة الوطنية، التي نزلت إلى الشارع للمطالبة بالتغيير. في بداية الثورة كان الشباب يُقتلون بدون تمييز، ويُدافعون عن بعضهم البعض بدون تمييز، من الإصلاح ومن غير الإصلاح، حتى يوم جمعة الكرامة. وحتى قبل حماية الفرقة «الأولى مدرع» للساحة، وهي الحماية التي تحولت إلى عبء، كان الشباب في الساحات يُدافعون عن أنفسهم. أنا كنت أُفضّل أن تظل حالة الخوف الموجودة من قبل المعتصمين لكي يتوحدوا في مواجهة الخارج، أفضل من أن يتحولوا إلى بركة آسنة، ومستنقع تتكاثر فيه الجراثيم.
نحن، إجمالاً، وهذا للأسف هو الفارق بيننا وبين ما حدث في تونس ومصر، لم نثر من أجل الحقوق والحريات، لأن النظام لدينا في اليمن كان رخواً، لم يكن قمعياً على الكل، كان يقمع البعض فترة ثم ينتقل لقمع آخرين. في تونس ومصر كان القمع عاماً، وبالتالي كان رفض القمع مبدئياً. عندنا، للأسف الشديد، وهذا تمييز غير مقبول، نتحدث عن مساوئ الأمن القومي ولا نتحدث عن مساوئ الأمن السياسي، مع أن تجربتنا التاريخية مع الأمن السياسي وقمعه، منذ ما قبل الوحدة وحتى الآن، هي أعمق. الكثيرون اختفوا قسراً، والكثيرون انتهكت حقوقهم وكرامتهم عبر نفس هذا الجهاز الحالي. ومع هذا؛ لأن له «جهاز الأمن السياسي» عقيدة مذهبية وعقيدة سياسية، يتم إظهاره كما لو أنه معفى، وكأننا نُبرر عمليات القمع، هذا انعكس على إدارتنا للساحة، وعلى موقفنا السياسي الثوري: هل نحن مع كرامة الإنسان وحريته؟ هذا الموقف لم يكن موحداً وواضحاً. يفترض أننا ضد كل ما يمس من كرامة الإنسان وحريته.
* هذا أمر مهم حذرت منه، مبكراً في بداية انطلاق الثورة، لجنة الأزمات الدولية، في تقرير رسمي قالت فيه إن هناك صراعاً داخل القبيلة ومراكز القوى الحاكمة في اليمن، ودعا التقرير شباب الساحات إلى تجنب هذا الأمر كي لا تبدو الثورة كما لو أنها تمثيل لهذا الصراع أو انعكاس له. لكن المشكلة أنه مضت حتى اليوم 5 أشهر وما زال الأمر يبدو كما لو أن الثورة صراع داخل القبيلة الحاكمة..
- الذي شاهدته أنا في الساحات هو أن أغلب الشباب ثوريون فعلاً، مبدئيون فعلاً، بمن فيهم أغلب شباب الإصلاح، وأغلب شبابنا، والقبائل. المشكلة هي أن الخطاب الإعلامي، واللجان المسيطرة، أعطت هذا الانطباع الخاطئ، والصراع هو نتيجة لهذا الأمر. هناك أشخاص لا زالوا يعتقدون أن خلافهم مع علي عبدالله صالح كشخص وليس كأسلوب، وقيم سلوكية، ومنظومة حاكمة، وبالتالي يتم الحديث عنه وعن أبنائه كأشخاص، وليس كأساليب قمعية، وكأننا نعد بأننا سنكون أفضل لأننا مختلفون كأشخاص، مع أن المفروض أن يكون الرفض للقيم السلوكية.
لا يجوز لأي ثوري، أو أي إنسان، في الساحة، أن يُصادر حق أخته أو زميلته أو أخيه في أن يكون، في هذه الساحة، حراً في التعبير، وفي اللبس. هذه حالة ثورية كيف يُمكن أن نُمارس قمعاً فيها؟! المفروض أن تهتم اللجنة الأمنية بالجانب الأمني المتمثل في منع دخول قنبلة مفخخة، وما شابه، ولا يجب أن تتدخل بأي شيء آخر، حتى لو دخل مخبر إلى الساحة. الذي يهمني هو أن أحمي حياة الشباب. تناسينا هذا وتحولنا إلى أدوات أخرى للقمع. للأسف؛ سمعت أن بعض الإخوة الإصلاحيين ينتقدون أن تتحول صلاة الجمعة إلى طابور في مدرسة ابتدائية؛ يعلمونهم كيف يتحركون، كيف يهتفون، وكيف يرفعون أيديهم! هذا الأمر حوّل الثورة من حالة ثورية إلى حالة تنشئة اجتماعية، هذه ليست حالة ثورية. الحالة الثورية هي اجتثاث لكل الموروثات السيئة..
* «مقاطعاً» عودة للسؤال الأخير بشأن إظهار الثورة كما لو أنها صراع داخل أجهزة الدولة، هذا الأمر جعل الثورة تبدو كما لو أنها صراع بين أجهزة الدولة القديمة والجديدة: الأمن السياسي مقابل الأمن القومي، الحرس الجمهوري والأمن المركزي مقابل الفرقة الأولى مدرع. أنتم في المشترك مبادرتكم، عندما تحدثت عن إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن، ذكرت فقط الحرس الجمهوري والأمن المركزي والأمن القومي، واستثنت من إعادة الهيكلة الفرقة الأولى مدرع..
- هذه أسقطت. المبادرة التي أُقرت كانت تتضمن النص على إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية بما فيها الفرقة والحرس الجمهوري، والأمن القومي والأمن السياسي. الأخ الذي كُلف بطبع المبادرة وإعلانها رأى أنه لا داعي لاستعداء الفرقة والأمن السياسي، أو تصور، هكذا، أنهم قد أعلنوا ولاءهم للثورة، بما يعني أنهم قابلون، كقادة وكمؤسسات، بإعادة الهيكلة بدون طلب، أو بدون النص على ذلك. أما مبادرة المشترك فقد تحدثت عن هيكلة الفرقة، ولا يُمكن إعادة هيكلة جناح في المؤسسة العسكرية دون الجناح الآخر. العقيدة العسكرية، والعقيدة السياسية الأمنية لهذه الأجهزة، هي نتاج لمرحلة شمولية ولمرحلة قمعية، كانت ترى أن العدو هو المختلف داخل الوطن، وليس المخالف في الوطنية! والفرقة هي أَولى بإعادة الهيكلة، على الأقل عقيدة الحرس الجمهوري هي ضد الإرهاب، كما نفهم. التعبئة الأخيرة في الحرس ربما فيها خلل ما، لكن عقيدة الفرقة، كما عبر عنها بعض خطبائهم، فهي ضد الشيعي، وضد اليساري، في مرحلة من المراحل، حرب 94، وهذه بحاجة ليس فقط إعادة الهيكلة، وإنما إعادة النظر في عقيدتها العسكرية.
* قلت إن كثيرين يُصورون الصراع كأنه صراع ضد أشخاص، ضد علي عبدالله صالح، أو ضد أولاده، وليس ضد النظام بشكل عام؛ ما الضمان أن ينتهي تصور كهذا؟ وما الضمان لعدم إعادة إنتاج الاستبداد من جديد؟
- أن نُعيد للثورة روحها بأنها ليست ضد علي عبدالله صالح وأبنائه كأشخاص، ولا مع علي محسن وحلفائه كأشخاص. بل هي ضد ممارسات قمعية، ضد احتكار السلطة، ضد توريثها، ضد استغلالها في نهب المال العام، ضد التزاوج ما بين السلطة والمال، ضد انتهاك حقوق الإنسان وكرامته..
* «مقاطعاً» ما الضمان لعدم إعادة الاستبداد ما بعد الثورة، لأننا نعيش هذا الاستبداد منذ مراحل تاريخية طويلة جدا؟
- الضمان هو الإنسان اليمني. لأول مرة في تاريخ اليمن، وتاريخ المنطقة، نزل الإنسان اليمني إلى الساحات بحريته، وأثبت قدرته على مواجهة أقسى وأعتى الأجهزة القمعية، وآمن بأن حريته وكرامته وحقوقه أهم من حياته، وأنه لا يُمكن أن يقبل أن يستمر في الحياة كما كان قابلاً لأن يُقمع وتُصادر حقوقه. الضمان أيضاًُ هو ألا تتوقف الثورة، ويجب أن تستمر حالة قائمة ما استمر أي تجاوز لحقوق الإنسان وكرامة الإنسان، أي إنسان كان، ما لم توجد الدولة المدنية التي تُساوي بين الناس على أساس المواطنة، والمواطنة فقط، وبدون تمييز مذهبي أو مناطقي، أو أي تمييز آخر.
مقترح الأمم المتحدة وتجربة صعدة
* نائب الرئيس قال، في حديثه الأخير مع CNN، إنه مستعد لتنفيذ اتفاقية جديدة لنقل السلطة تحت إشراف الأمم المتحدة، وألمح إلى أن هناك تعديلات على المبادرة الخليجية، هل لديكم علم بهذا الأمر؟
- طُرحت فكرة الدائرة المستديرة، كما سمعت من السيد جمال عمر، مستشار الأمين العام للأمم المتحدة، وربما بينه وبين بعض قيادات المشترك والسلطة اتصالات بوعد أن يصدر قرار من مجلس الأمن يدعو اليمنيين إلى الحوار في مائدة مستديرة. وأعتقد أن أسخف ما سمعته لحل المشكلة اليمنية هو أن نبدأ من الصفر ونتجاهل الواقع. الأمم المتحدة لم تتمكن من حل مشكلة الصومال، بل عقّدتها. ما لم نقم بعملية إنقاذ عبر تشكيل مجلس انتقالي، أو حكومة وحدة وطنية، فالأمر سيزداد تعقيداً لدينا في اليمن.
* خيار المجلس الانتقالي يُعجل بالصراع العسكري..
- «مقاطعاً» لماذا الصراع العسكري؟ على ماذا سنتصارع؟ نحن عندما نعلن تشكيل مجلس انتقالي فلكي نؤدي واجباتنا كمواطنين لإنقاذ حياتنا، لتوفير الخدمات الأساسية، لتأمين الطرق كي يكون لنا شرعية. هل هم قادرون، ولديهم رؤية..
* ما هي القوى العسكرية والأمنية التي ستستندون إليها لضبط هذه المسائل، وتأمين الخدمات؟
- معظم المحافظات الآن، والريف، هو مع الثورة، وخرج عن إطار السلطة، لكنه لم يُقدم سلطة بديلة باستثناء صعدة، التي فيها سلطة منظمة تؤدي الخدمات، وقد تمكنت السلطة الحالية من التعايش معها من خلال التواجد العسكري والأمني هناك في صعدة. مشكلتنا أننا لم نُحاول أن نُكرر، أو نُعمم، التجربة الحوثية الموجودة في صعدة، وبعض المحافظات التي حققت الأمن وقدمت الخدمات بدون أن تتعارض..
* «مقاطعاً» تجربة صعدة مختلفة؛ هناك احتكار للقوة لدى الحوثي، وهذا تم بعد حروب عدة. في صعدة أصبحت القوة محتكرة، بينما هي في المحافظات الأخرى مشتتة وتحتاج جولات من الحروب والصراع.
- مستحيل احتكار القوة. هناك مناطق الآن خرجت عن سيطرة السلطة بالمرة، لكن لم تنشأ فيها سلطة بديلة، قد تكون سلطة المجلس الانتقالي سلطة بديلة، لكن ليس على أساس مناطقي، وإنما على أساس وطني عام وجامع. ربما إن الإخوة الممسكين الآن ببقايا السلطة هم بحاجة حتى إلى هذا المجلس الانتقالي.
دور السفير الأمريكي ما بعد جمعة الكرامة وعدد المرات التي تم فيها ممارسة ضغط على المشترك
* لنعد إلى المواقف الدولية. كان لدينا معلومات أنك التقيت، مؤخراً، بالسفير الأمريكي ودبلوماسي رفيع من السفارة البريطانية.. ما الذي يطرحه هؤلاء الآن بشأن الوضع اليمني؟
- يُعبرون عن قلق شديد من الأوضاع في اليمن. يشعرون أن البيئة اليمنية معقدة جداً. ويرون أن اليمنيين لا يبذلون جهداً كبيراً لمساعدة أنفسهم. هم يقولون إن لديهم مصلحة واحدة، وهي الاستقرار في اليمن. لا يُمكن أن تتحقق مصالحهم هنا إلا بالاستقرار، ووجود دولة، لكنهم، كما يقولون بوضوح، لن يسمحوا بوجود دولة في اليمن جهادية معادية. لن يسمحوا بوجود دولة تكون حاضنة للإرهاب. هذا ما يطرحونه هم. نتيجة لعدم التمييز؛ يعتقدون أنه إذا ما انتقلت السلطة لنا، كمشترك، فإن الشيخ عبدالمجيد سيكون هو آية الله العظمى، أو هو الذي سيُمثل القيادة الروحية، ويُكرس هذه المخاوف لديهم البيانات السياسية التي تصدر تحت توقيع العلماء.
* المشكلة أن المشترك يظهر الآن كما لو أنه عبء على الثورة. حتى اليوم لم يُحدد المشترك موقفاً واضحاً من هذا الأمر، ولم يحاول إزالة هذه المخاوف القائمة لدى الأمريكيين والغرب. ويبدو المشترك كما لو أنهم اكتفوا بالتصريحات التي يطلقها علي محسن بشأن عزمه محاربة القاعدة.
- بلا شك أننا بحجمنا الكبير مثلنا عبئاً على الثورة، وتضاعف هذا العبء، وتزايد، بالانشقاق العسكري. والواقع أن الانشقاق العسكري، الذي حدث في المؤسسة العسكرية، منع، على الأقل، أن يحدث التطور من داخل السلطة. كان بالإمكان أن تتولى المؤسسة العسكرية عملية التغيير وحمايته، كما حدث في مصر. هذا الانقسام هددنا بالحرب، وضخم رأس المعارضة..
* «مقاطعاً» هل أدى هذا الأمر إلى ممارسة ضغوط دولية وإقليمية عليكم؟ الشباب 5 أشهر وهم في الساحات منتظرون دور المشترك، ويبدو أن المشترك واقع تحت ضغوط دولية، وينتظر مبادرات من الخارج.
- لا توجد ضغوط، لكن لا أخفيكم بأنه كان هناك واقعية سياسية مبالغ فيها لدى المشترك، فعندما أتيحت الفرصة ليتسلم المشترك السلطة بعد جمعة الكرامة، رفض المشترك ذلك، وطالب بضمانات مالية..
* «مقاطعاً» كيف؟
- كانت المبادرة التي نقلها السفير الأمريكي..
* «مقاطعاً» المبادرة التي طُرحت في بيت نائب الرئيس؟
- نعم، طُرحت هذه المبادرة في بيت النائب، وتكررت في لقاءات لاحقة، وهذا هو الأساس الذي جاءت على أساسه المبادرة الخليجية. نُقلت المبادرة من مبادرة داخلية يرعاها، أو يقوم بالوساطة فيها، السفير الأمريكي، إلى مبادرة خليجية لكي يُقدم الخليجيون، أو يلتزموا، بالدعم «المالي» الذي طلبته المعارضة للمشاركة في الحكومة، أو لاستلام السلطة. أي واقعي أو عقلاني في اليمن عندما يُفكر بأنه سيستلم السلطة غداً وهو يعلم أن الحكومة لن تستطيع صرف المرتبات، نتيجة للإنهاك الذي حدث، والسلب والتصرف الأحمق بالمال العام، فهو لابد أن يُفكر بالخارج. هذا هو الضغط. نحن نحرص على جس نبض الخارج في تعاونه المستقبلي، أو عدم تعاونه، في التزامه بدعمنا، أو عدم التزامه بذلك. لكن لا يُمارس علينا ضغط: اعملوا، ولا تعملوا. يمكن المرة الوحيدة التي طُلب بوضوح منا، ومورس الضغط، كان في التوقيع على المبادرة الخليجية في صورتها الثانية بعد تعديلها. عندها طُلب منا إما أن نوافق عليها ونوقع، ما لم فسيُمنح النظام الضوء الأخضر بتصفية الساحات بالقوة، وسيُحمى كما حدث في البحرين. هذا مثّل ضغطاً شديداً وواضحاً. والمرة الثانية؛ عندما كدنا نوقع، وقُدمت لنا ضمانات مقابل أن نُسمي رئيس الحكومة، وطلب منا بوضوح أن يكون رئيس الحكومة شخصية وطنية مستقلة، ألا تكون، بالمفتوح، خاضعة لقيادة الإصلاح.
* «مقاطعاً» تم طرح أسماء أشخاص محددين؟
- نعم، سُمي أشخاص..
* «مقاطعاً» من هم؟
- أفصح الدكتور ياسين عن أحد الأسماء، وهو شخصية وطنية مقبولة من حيث المبدأ، وأنا تحدثت مع كثير من المتحفظين على اسم المرشح، وقلت بأن إعاقة الثورة بمجرد التحفظ على شخصية، هي خطيئة.
* نعود للاتفاق الذي تم بعد جمعة الكرامة. كان لدينا معلومات تقول إن الاتفاق، الذي توسط فيه ورعاه السفير الأمريكي، كان يقضي أن يتولى الدكتور ياسين سعيد نعمان رئاسة الحكومة، ما هي تفاصيل هذا الاتفاق الذي تم في بيت نائب الرئيس؟
- الاتفاق أعلن وأذيع وقتها؛ أن يرحل الرئيس، وتنتقل السلطة إلى النائب، وتُشكل حكومة من المعارضة، وكان الاتجاه العام أن يتولى رئاستها الدكتور ياسين سعيد نعمان. ويظل الدكتور ياسين، حتى هذه اللحظة، هو المرشح الرئيسي إما للحكومة، في المرحلة القادمة، أو لرئاسة الجمهورية في ما بعد الانتخابات. ولهذا لاحظتم أن أحزاب المشترك خففت، أو تجاهلت تماماً، مطالبتها بالانتقال إلى النظام البرلماني، على اعتبار أن الرئيس القادم سيكون، إن شاء الله، شخصية مدنية مرضياً عنها من قبل معظم اليمنيين، وهو الدكتور ياسين؛ مثلاً.
* هل نفهم من هذا أن المشترك لم يعد يسعى إلى الانتقال للنظام البرلماني؟
- الآن المؤتمر هو الذي يسعى. المؤتمر هو الذي يُطالب بالنظام البرلماني، والمشترك، والملاحظ، من البيانات الصادرة من المشترك أو من الساحات، أن الانتقال للنظام البرلماني لم يعد مطلباً من مطالب المشترك مع أنه منصوص عليه في الوثيقة، وهذا يُعتبر التزاماً، لكن يبدو أننا رفضنا النظام الرئاسي لأن علي عبدالله صالح رئيس، ونريده عندما اعتقدنا بأن الرئاسة ستنتقل إلينا!
في كثير من الرؤى التي صيغت من قبل الشباب داخل الساحات، نجد أن النظام البرلماني هدف رئسي للثوار، إذ يرون فيه ضمانة لعدم إعادة إنتاج الاستبداد، كما يرون أن النظام الرئاسي قد يخلق مستبداً من جديد، فهل تخليتم أنتم في المشترك عن مطلبكم السابق بنظام برلماني؟
- أنا لا أقول إننا قد تخلينا، ولكني أرى أن أدبيات المشترك الأخيرة قد ركنته أو تجاهلته (...). وأهمية النظام البرلماني تكمن في أنه يمنع حكم الفرد، ويمنع حتى حكم الحزب الواحد، فهو إذا اقترن بالقائمة النسبية يمنع حكم حزب، إذ لا بد أن يكون هناك ائتلافات، خاصة مع وجود تنوع في المجتمع اليمني، سواء كان على أساس سياسي مناطقي جغرافي أو مذهبي أو جهوي، الذي سيفرض بالصرورة ائتلافات، فرئيس الحكومة حتى وإن انتخب مباشرة من الناس، كما تطور في بعض الأنظمة البرلمانية، يظل عضواً مثله مثل أي عضو آخر في مجلس الوزراء، وعضواً في مجلس النواب، وبالتالي لا يمكن أن أن يعطى هذه الهالة والقداسة، فيبكي الناس عليه ويقولوا إنهم يفضلون أن يجوعوا ويعطشوا ويموتوا على أن يعيشوا بدونه. للأسف للأسف للأسف إننا تناسينا الأسس التي انطلقنا منها مع أنها مهمة.
حسناً، هذا عن المشترك، ولكن دعني أسألك عن موقف حزب الحق من النظام البرلماني، خاصة وأن هذا النظام إذا اقترن بنظام الانتخاب وفق القائمة النسبية، يتيح للأحزاب الصغيرة التواجد في البرلمان بحجم تواجدها في المجتمع؟
- نحن من أول قانون الانتخابات ونحن نطالب بالقائمة النسبية، ومن عام 1993 ونحن نطالب بتحويل النظام الرئاسي إلى نظام برلماني، لأننا فهمنا أن البديل لحكم الفرد هو حكم المؤسسة الذي هو مجلس الوزراء، والبديل لحكم الحزب الواحد والمنطقة هو الائتلافات، وأيضاً لأن بنيتنا التنظيمية ضعيفة، ونحن تيار، ولأن الأحزاب الكبيرة في 93 قسمت الدوائر الانتخابية حسب مصلحتها هي، وقسمت أنصار الآخرين وشتتتهم.. بالنظام البرلماني والقائمة النسبية سيكون التمثيل صادقاً؛ فبقدر ما تكون موجوداً في المجتمع تمثل في البرلمان وبالتالي لا يمكن لحزب سلطة أو غير سلطة أن يحصل على أكثر من 25%، لذا فهو مضطر أن يتحالف، لكي يحكم، مع الأحزاب الأخرى، وبالتالي نضمن شراكة، ونضمن عدم استئثار وعدم استبداد.
بالعودة إلى الساحات، نرى أن الجميع سواء أمريكا، أو دول الخليج، أو حتى أنتم، يبادرون بوضع حلول لما يمر به البلد، وفي كل هذه الحلول والمبادرات يتم تجاهل صناع الحدث، وأعني الثوار في الساحات، الذين خرجوا من أجل التغيير.
- أنا لست معك، لأنك عندما تناقشنا حول مشكلة الشباب، أشرت أنت إلى معضلة، وهي أن هناك تكوينات كثيرة ومتعددة في الساحات، وأنا لا أريد أن أكرر ما قلته من قبل. الشباب نزلوا إلى الساحات لكي يغيروا الواقع، القوى السياسية المحلية، والمجتمع الدولي، والمجتمع الإقليمي الداعم والضامن، هو الأكثر خبرة، وهو الذي سيتحمل عبء إعادة بناء الدولة. الشباب ثاروا لكي ينهوا ويسقطوا هذا النظام. والاتصال بالشباب قائم من خلال مبادراتهم التي تكتب، من خلال آرائهم، من خلال منشوراتهم، من خلال أحاديثهم، لكن الآن الشباب لم ينزلوا إلى الساحات بناء على تخطيط مسبق، وبناء على تنظيم مسبق، وإنما نزلوا وهم مؤمنون بقدرتهم على التغيير.
مثلاً في مصر تشكلت قيادة الشباب قبل نزولهم إلى الشارع، لكن في اليمن نزل الشباب أولاً ثم حاولوا أن ينظموا أنفسهم. لو كان هناك قيادة للشباب وتمثل حتى 20% منهم، فسيهتم برأيها. نحن نلتقي بقيادات الشباب سواء كان في أحزابنا أو خارج أحزابنا، والسفراء الأجانب أتعبوا الشباب لقاءات، إذ يلتقون بهم أكثر مما يلتقون بالقوى السياسية، فكلما سمعوا بشخصية مؤثرة، أو اعتقدوا أنها مؤثرة، التقوا بها كثيراً.
إذن بماذا تنصح الشباب؟
- نحن الآن نخاف أن ننصح الشباب، لأن الشباب هم القادة.. هناك حساسية، ولا يمكنني أن أغامر وأنصح الشباب، بل إني الآن لا أجرؤ حتى على نصيحة ابني بخصوص قضايا عامة. ثم إن الشباب لو كانوا يؤمنون بحكمتنا وقدرتنا لما كانوا خرجوا مطالبين بالتغيير، هم خرجوا لأن حكمتنا وقدرتنا أثبتت فشلها، فلو كنا ناجحين على الأقل أمامهم، وبناء على تجربتهم، لتمكنا من تغيير هذا النظام الذي حكمنا 33 سنة.
في تصورك كيف يمكن أن ينتهي الانشقاق الحاصل في المؤسسة العسكرية؟
- الأمر بسيط جداً، فلو تم إنشاء مجلس انتقالي ثوري، أو حكومة وحدة وطنية، حينها يمكن إصدار قرار من وزير الدفاع، أو من رئيس الأركان، أو من مجلس عسكري، بإعادة النظر في القادة العسكريين.
لكن يرى المجتمع الدولي أن المعضلة الآن هي في القوى العسكرية المحسوبة على الثورة، فهناك مخاوف أمريكية في أن الانشقاق الذي وجد مع الثورة يستمر إلى ما بعد الثورة، ويسيطر على الوضع؟!
- لا، أنا أعتقد أن اللواء علي محسن، وهو أبرزهم، يطالب الآخرين بأن يعترفوا بسلطة النائب، وأن يسلموا للنائب السلطة كرئيس، لذا عليه هو أن يبادر إلى ذلك. كان عليه أن يسبق أحمد علي ويحيى محمد عبدالله صالح في التأكيد على أنه خاضع لسلطة النائب، وفي أنه يتلقى الأوامر منه، وأن يتم تعيين قادة عسكريين، إما تثبيت أو إعادة تثبيت، من قبل النائب.
كان الصراع قائماً بين علي عبدالله صالح، والمؤسسة العسكرية المنضمة للثورة، وحينها ارتبطت مغادرة علي عبدالله صالح بمغادرة علي محسن، كما ورد في الاتفاق الذي عقد في بيت النائب. الآن المشكلة أن الصراع انتقل إلى صراع بين علي محسن وأحمد علي والفريق المنضم له، وهناك معلومات تفيد بأن علي محسن يربط مغادرته بمغادرة أحمد، وهناك من يرى بأن هذا الأمر معضلة.
- أعتقد أن اللواء علي محسن التزم بأن يغادر، وبالتالي عليه أن ينفذ التزامه، لأنه لو نفذ التزامه، فإن الآخرين سيرحلون. بقاء الطرف الآخر متوقف على وجود الأخ علي محسن، بما يمثله في قيادة الفرقة. ونحن عندما نقول يرحلون، نعني رحيلاً عن السلطة ومغادرتها، وليس رحيلاً عن البلد. وأعتقد أن على كل من يريد العفو العام مغادرة السلطة.
خلال الفترة الماضي بدا وكأن هناك تقارباً بين الحوثيين وأولاد الشيخ عدالله، بعد صراع طويل امتد من الحرب الأولى في صعدة، إلى الاعتداء على حوث. وهناك معلومات كثيرة تسربت حول أن الحرب في الحصبة أحدثت شرخاً كبيراً ما بين أولاد الشيخ وحزب الإصلاح وعلي محسن. إلى أي مدى أضعفت حرب الحصبة أولاد الشيخ؟ وإلى أي مدى أصبح تقارب أولاد الشيخ مع الحوثيين أصبح حقيقة؟
يعني كون حرب الحصبة قتلت أشخاص من حاشد لا يعني أنها أضعفت أولاد الشيخ. ربما، في الظاهر، أضعفت هذه الحرب قدراتهم الاقتصادية، لكن لا تنسَ أنهم كانوا، قبل فترة، قبل 20 سنة إلى الوراء، أضعف اقتصادياً من الآن بكثير، وإمكانياتهم الآن للتعويض كبيرة جداً إذا كانت خياراتهم صحيحة. والشيخ صادق -في تصوري- خرج من الحرب وهو أكبر بكثير مما دخلها، وأعتقد أن هذا شيء مسلّم به، ومواقفه هذه كسرت الكثير من الحواجز بينه وبين القوى السياسية، خاصة مواقفه من الإخوة الحوثيين. والتوحد بين أسرة آل الأحمر وحزب الإصلاح حد كثيراً من مكانتهم في حاشد، لأن الاصطفاف مع أو ضد، يبنى على أساس سياسي ومذهبي، وفي نفس الوقت الإصلاح لم يغامر ربما لأنهم شعروا أن الضربة الموجهة لآل الشيخ عبدالله الأحمر، كانت استدراجاً لهم، وبالتالي تجنبوا خوض الحرب. وهذا ما في شك أنه نبه الشيخ صادق، أنا أفهم هكذا، والشيخ حسين، إلى أن يعودوا إلى حاضنتهم الاجتماعية بتنوعها، وألا يحسبوا لا سياسياً ولا مذهبياً على طرف، وبالتالي كانت تصريحات الشيخ صادق، وكان لها صدى إيجابي كبير جداً. الشيخ حميد كان له من قبل تصريحات، لكنه ب"سهيل" ومكانته المميزة في التجمع اليمني للإصلاح، ما زال يستثير كثيراً من الخصوم، يعني خصوم الإصلاح يتحولون إلى خصوم للشيخ حميد.
مكانة أولاد الشيخ الأحمر، في تصوري، قابلة للاستعادة، لأن الإمام أحمد قتل الشيخ حسين وولده حميد، ولم يبق من الأسرة إلا الشيخ غالب والشيخ عبدالله، ومع هذا كان هذا الاصطفاف الذي لم ينههم سبباً في نمو مكانتهم أكثر. فالمسألة، إذن، متعلقة بالزمن والخيارات التي ستتخذ، فالخيارات التي اتخذها الشيخ صادق أعتقد أنها صحيحة، وأنها وسعت من قاعدته ولم تحد منها، وخرج من الحرب وهو أكبر مما دخلها.. هذا تصوري وهذه قناعتي الشخصية.
لدينا معلومات أن الحوثيين رفضوا إصدار بيان إدانة لما حدث في الحصبة من ضرب لبيت الشيخ، ربما هم اتخذوا هذا القرار بناءً على الخصومة السابقة التي وصلت إلى حد الاعتداء على حوث بالطريقة البشعة التي تابعناها جميعاً. هل هناك الآن خطوات للتقارب ما بين الحوثيين وأولاد الشيخ؟
- التصريح الذي ذكره الشيخ صادق كان له صدى إيجابي كبير، وثانياً أنا أربأ بالحوثيين أن يكونوا حاقدين، ولم يكن موقفهم نابعاً من أن أولاد الشيخ وقفوا ضدهم في المرحلة السابقة، لأن الحوثيين فلسفتهم قائمة على الإحسان، ربما لم يتبين لهم ما حدث في صنعاء، مع أني أعتقد أنهم أدانوا ما تعرض له بيت الشيخ..
«مقاطعاً» لم يصدروا بياناً.
- لا أدري، أنا لست منغمساً في الحدث، وكنت هارباً.. يعني مش هارب، كان ظلام، ولم يكن هناك كهرباء، وما كنا نستطيع أن نتابع كل ما صدر من الحوثيين، والمفروض ابتداءً أن يصدر منهم بيان، فالمفروض مع حدث كبير مثل هذا أن يصدروا بياناً، وإذا لم يصدروا فإما أن الحالة التبست عليهم ولم يستطيعوا أن يقيّموها، لكنه ليس انتقاماً، فلو تعرض الذين قاتلوهم مباشرة للظلم كانوا سيدينون هذا الظلم.
في البداية داخل الساحات كان هناك تقارب كبير من الحوثيين، فالقوى الأخرى اعتقدوا أن الحوثيينهم أرحم من الإصلاح، وكانوا على قدرة للتواصل معهم، لكن الآن هناك تخوف منهم كجماعة مسلحة وجماعة دينية.. كيف يمكن إذابة هذه المخاوف؟ وما الذي يضمن ألا يتحول الحوثيون كجماعة دينية مسلحة، إلى خصم للدولة المدنية التي ينشدها الناس؟
الحوثيون يطالبون بالدولة المدنية، وهم بصدد إعداد رؤية بهذه المطالب، والمذهب الزيدي في أساسه مذهب مدني كما أفهمه أنا، مع التأكيد أن الحوثيين ليسوا مذهبيين، ولا يطرحون أنفسهم باعتبارهم زيديين، وليسوا دعاة مذهب، وأنا الآن أتحدث باعتباري زيدياً وليس داعية مذهب، أتحدث باعتبار ما أفهمه. المذهب الزيدي في أساسه مذهب مدني كما قلت وهذا هو الفرق بينه وبين مذهب أهل الحديث، كيف؟ فبصرف النظر أنه قد تصل بعض الحكومات المدنية إلى إصدار قرارات قد تحد من حرية الناس، إذا وافق المجتمع عليها، الفرق هنا وجود قواعد يحتكم إليها الناس سواسية، أهل الحديث يرفضون الالتزام بالقواعد التي يحتكم إليها الإمام، ويحاسب عليها، إذا تميز الحاكم على أفقر رعاياه وجب الخروج عليه، إذا تميز الحاكم على أفقر رعاياه في المأكل والمشرب والملبس، وجب الخروج عليه، إذا لم يزوج أعزبهم ولم يلبس عاريهم ويؤمن مسكنهم، وهذه القواعد هي الحقوق المتبادلة بين الحاكم والمحكوم. في الطرف الآخر مذهب أهل الحديث ممكن أن يعطيك نصاً يسلب منك هذه الحقوق، ويعطي في المقابل الحاكم أو السلطة كل الحقوق، كما هو حاصل الآن في الإعلام الرسمي.
خلاصة ما أريد أن أقوله أنهم مدنيون لأنهم يلتزمون بقواعد واضحة في حقوقهم وواجباتهم. ثم إن تجربة الحوثيين وتجربة الآخرين معهم واضحة، فالموظفون بمن فيهم موظفو الأمن السياسي وموظفو الأمن القومي، ومن قاتلوهم، يتعاملون معهم دون إذلال ودون انتقام، حتى مع الذين كانوا يقاتلونهم، فلم يغيروا في صعدة موظفاً واحداً لكي يحلوا محله. أنا قرأت لحسين الحوثي أول ملازمه أو محاضراته، وكانت الفكرة التي حاول أن يغرسها في المعلمين أو المسؤولين عن الدعوة، هي أن مسؤولية الإنسان المسلم هي الإحسان إلى الآخرين، ومسؤولية الداعية هي أن يقدم الإحسان إلى الآخرين دون أن ينتظر الجزاء، فإذا كانت هذه هي فلسفتهم، وإذا كانوا سينظرون إلى الآخر المخالف بهذه النظرة، فأعتقد أنه لن يخاف أحد.
الشيء الآخر هذا الانتقال أو التطور الذي حدث، فهم حموا أنفسهم، وقدموا تجربة عسكرية متميزة، لكنهم انتقلوا بسهولة إلى العمل السلمي،، وأصبحوا من دعاة العمل السلمي، ولاحظ أنهم في كل هذا لم يمارسوا انتقاماً على السلطة التي عذبتهم، مع العلم أن منهم معتقلين رفضت السلطة أن تفرج عنهم، لم يختطفوا أحداً، ولم يمارسوا إرهاباً، وعندهم قادة عسكريون، وعندهم ضباط، وعندهم القدرة حتى على أن يختطفوا مسؤولين. السلاح لم يحملوه تجاه المخالفين، بل في وجه من قاتلهم، هل مسوا واحداً من مشائخ صعدة الذين قاتلوهم أو الذين كانوا يأتون إلى الرئيس ويشهدون ضدهم شهادات زور، ويقولون إن الحوثيين يسلمون في صلاتهم بقولهم السلام عليك يا سيدي حسين! لم يمسوا أحداً منهم. لم يفعلوا لأنهم يلتزمون ويفون بعهودهم، ولا يوقعون ورقة إلا إذا كانوا ضامنين أنهم سيلتزمون بها. أية جماعة مهما كانت إذا كانت ستعطينا هذا، نحن موافقون على أن تحكمنا، إذا كنت أستطيع أن أتنبأ بسلوكها، وأن آمن شرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.