رحلة شاقة مليئة بالمتناقضات قادت (حسينة) الى مصير يفر منه كل انسان بعد أن بدأت حياتها فتاة مدللة في أسرة ثرية تنتمي الى محافظة إب الخضراء .. لكن تقلبات الزمن وتبدل الأيام وقسوة الحياة حولت الثراء والثروة من نعمة الي نقمة أوقعت (حسينة) في مستنقع التعاسة بعيداً عن المستقبل الذي كانت تحلم بالوصول اليه والأماني التي ارادت تحقيقها.. حظيت ( حسينة) بمعاملة خاصة من قبل والدها عندما كانت صغيرة ليس لأنها آخر العنقود لوالدها فقط بل لأنها البنت الوحيدة بين خمسة إخوة ذكور غير أن تقدم والدها في السن وتسليم ادارة شؤون المنزل لولده الأكبر الذي صار المتحكم بكل صغيرة وكبيرة في الاسرة كان له أثر سلبي على حسينة ليس لأنها فقدت شيئاً من امتيازاتها المادية مثل المال والمجوهرات فمازال شقيقها يغدق عليها بالكثير لكنه من ناحية أخرى صار يتحكم بحياتها الخاصة فكان يرفض من يتقدم لخطبتها أو يرغب في الزواج بها ،، جاءه الكثير من الخطاب يطلبون يدها لكنه ردهم جميعاً وبطريقة فظة دون أن تعلم (حسينة) شيئاً عما يحدث حولها فلم يكن أخوها الأكبر يخبرها عن أي شخص يتقدم لخطبتها وكان الدافع الأساس الذي يقف وراء هذا التصرف الأناني الظالم هو خوف الأخ الأكبر على المال الكثير الذي جمعه والده طيلة حياته .. حتي عندما مات الوالد لم يفكر الابن الأكبر أن أهم شيء يمكن أن يبر به والده يكمن في أن يزوج أخته لتعيش في سعادة حقيقية بل كان همه الأول والأخير في حفظ الميراث من أن يذهب بعضه الى رجل غريب عن الأسرة حتى وإن كان هذا الرجل مصدر السعادة لشقيقته حسينة.. مضت السنوات على عجل سنة بعد أخرى وحسينة باقية على حالها .. فات قطار العمر وهي تبحث عن محطة الزواج وبعد انتظار طويل وجدت نفسها واقفة في محطة العنوسة حين تجاوز عمرها 35 عاماً دون أن يصل إليها فارس الأحلام الذي انتظرته طويلاً ولم تعلم أن كثيرا من العرسان عادوا خائبين من عتبات بابها بعد أن صدهم شقيقها ومنعهم من الدخول واحداً تلو الآخر. بدأ اليأس يتسلل الى قلب حسينة شيئاً فشيئاً وبدأت تفكر في أنها ستقضي بقية عمرها عازبة محرومة من السعادة الزوجية وتكوين أسرة وانجاب الأطفال وفي غمرة هذا التفكير اليائس لمحت بصيصاً من الأمل خلال زياراتها المتكررة لمنزل شقيقها الأكبر عندما تعرفت بشقيق زوجته وانفتحت بينهما فرصة التحدث عن قرب وتبادل المشاعر . كان صهر أخيها يكبرها سناً وقد تجاوز 45 عاماً ومع ذلك ما يزال عازباً وقد عانى في وقت سابق من حالة نفسية بسبب ادمانه على شرب الخمر ومغامراته غير الأخلاقية وبالرغم من حالته تلك إلاّ أن (حسينة) رأت فيه أهون الشرين فهو من وجهة نظرها أفضل من العنوسة والبقاء عازبة وكانت تأمل أن تستطيع تغييره الى الافضل ان تزوجت به .. ومع استمرار الحديث وتبادل مشاعر الاشواق بينهما اتفقا على الزواج مهما كانت الصعوبات . لم يطل انتظارهما كثيراً وبطريقة مفاجأة وصل الخبر الى شقيقها الكبير باتفاقها مع صهره على الزواج ونزل عليه الخبر كالصاعقة لكنه حاول ان يتلافي هذا الامر بهدوء فتحدث مع (حسينة) بهذا الشأن وأخذ يعدد لها عيوب صهره ويوضح لها الحالة التي هو فيها وقال لها بأنه لا يصلح للزواج بتاتاً وطلب منها أن تفكر جيداً مبدياً استعداده عن تحمل كافة النفقات المادية وتكاليف الزواج بأي شخص غير صهره شقيق زوجته .. لكن حسينة ظلت رغم كل محاولات أخيها الأكبر عند موقفها وأصرت على رأيها وتمسكت باختيارها وربما قد علمت حينها بشأن رفض أخيها لكل الاشخاص الذين طلبوا يدها للزواج في السنوات الماضية من عمرها. تأزمت العلاقة بين (حسينة) وأسرتها خصوصاً شقيقها الأكبر الذي يعرف وضع صهره والحالة النفسية التي هو عليها بالاضافة الي حرصه الدائم على ألاّ يتقاسم مال والده مع أي شخص من خارج الأسرة وفي خضم هذه العلاقة المأزومة تفاجأ الجميع باختفاء (حسينة) وصهر شقيقها الكبير من المنزل ولم يعلموا الي أين توجها . لقد أدركت (حسينة) بعد فشل جميع محاولاتها في اقناع شقيقها بهذا الزوج، أن الحل الوحيد لهذه المعضلة يتمثل بالهرب من المنزل لفرض الأمر الواقع على اخوانها ، فغادرت المنزل مع حبيبها وتوجها الى منزل أحد المشائخ المعروفين في المنطقة وشكيا له قصتهما ورفض اخوانها لرغبتهما في الزواج فما كان من ذلك الشيخ الا أن طلب من أخيها الكبير الحضور اليه لكن الأخ رفض وطلب من الشيخ اعادة اخته الى بيتها دون أي نقاش تجاهل الشيخ طلبات شقيق (حسينة) واستكمل بطريقته الخاصة اجراءات الزواج . بعد انتظار طويل وبعد أن كاد اليأس يعصف بما تبقى لها من أحلام تزوجت حسينة أخيراً وشعرت بأن الفرصة ماتزال سانحة أمامها لتعيش السعادة الزوجية ،، وسارع الزوجان الى استئجار منزل خاص ليعيشا فيه وقد ساعدهما في ذلك قيام (حسينة) عند هروبها من المنزل باصطحاب مجوهراتها الكثيرة إلى جانب مبلغ مالي بحوزتها . كان من المفترض أن يغير الزواج طباعه وعاداته السيئة وأن تتمكن (حسينة) في تحقيق هذا التغيير غير أن شيئاً من ذلك لم يحدث حيث ظل الزوج متمسكاً بعاداته السيئة ومنها التخزين بشراهة وشرب الخمر والتصرف بطريقة غير مسؤولة في تبذير المال وادار شؤون المنزل .. لقد فشلت (حسينة) في تغيير زوجها ليس ذلك فحسب بل تمكن هو من سحبها وايقاعها في وحل تلك التصرفات لدرجة أنها أصبحت تشاركه في احتساء الشراب واهمال شؤون حياتها وبسبب ذلك سرعان ما بدأ الخلاف يدب بينهما خصوصاً بعد أن باعت (حسينة) كل مجوهراتها وخسرت كل مالها بفعل تلك النفقات المتزايدة . زادت حالة الزوج سوءاً وكان كلما حدث خلاف مع حسينة يرمي عليها يمين الطلاق وبالرغم من أنها حملت منه وانجبت له طفلاً إلاّ أن هذا الطفل لم يكن كافياً لاصلاح العلاقة الزوجية المتدهورة بينهما وعندما ازدادت حدة الخلافات الي درجة أصبح فيها بقاؤهما معاً أشبه بالمستحيل ترك الزوج المنزل بعد أن أخذ طفله الوحيد معه وسلمه الى أهله في الريف لتربيته وبقيت (حسينة) في المنزل وحيدة ولم يعد معها ما يساعدها علي تلبية احتياجاتها بعد أن باعت كل ما تملكه من مجوهرات وما هو أدهى من ذلك أنها أصبحت مدمنة على شرب (الخمر) وغير قادراً على الاقلاع عنه والعودة الي حياتها الطبيعية ولأنها لم تكن قادرة أيضاً علي العودة الي منزل والدها خوفاً من أخوانها قررت أن تسلك طريقاً غير مشروع لتلبية رغباتها العاصفة . لم يطل تفكير (حسينة) كثيراً في الوسيلة المناسبة لذلك فقررت التردد على فنادق المدينة لتحصل علي الشراب والمال لكن كبر سنها كان عائقاً أمام ذلك لأن مرتادي الفنادق يبحثون عن فتيات صغيرات ليشبعن رغباتهم لذلك أضطرت الى أن تبدأ باستقطاب الرجال الى بيتها فكانت تبحث عن الأشخاص المناسبين في أسواق القات ونسج معهم علاقات وتصطحبهم الي المنزل وبعد فترة قصيرة أصبح لديها علاقات واسعة ولم تعد مضطراً للخروج والبحث عنهم فقد كانوا يأتون اليها بأنفسهم واستطاعت أن تضم اليها فتاتين صغيرتين لنفس الغرض. في أحد الأيام تفاجأت (حسينة) بمداهمة لمنزلها واقتيادها من قبل الأجهزة الرسمية وخلال التحقيقات قالت : أن علاقتها باؤلئك الرجال اقتصرت على الشراب والاحاديث الرومانسية والمقيل المشترك والرقص أمامهم وأنها لم تكن تقبل بأكثر من ثلاثة أشخاص للمقيل في منزلها. انتهى مشوار (حسينة) الطويل في البحث عن السعادة بايصالها الى طريق التيه وحيدة بعد أن خسرت اسرتها وزوجها وطفلها الصغير لكنها لا تتحمل المسؤولية كاملة لوحدها فأخوها الأكبر يحمل قسطاً كبيراً من مسؤولية ايصالها الى هذا المصير بعد أن رفض كل من تقدموا اليها وطلبوها للزواج حينما كانت فتاة في مقتبل العمر مفضلاً المال والثروة على سعادة اخته وسمعة أسرته .