أفاد "اليمن اليوم" مصدر سياسي مطلع بأن آخر ما توصلت إليه المفاوضات بشأن الأزمة الراهنة هو إعادة النظر في الجرعة بالتخطيط فضلاً عن إقالة الحكومة الحالية وتشكيل أخرى. وقالت المصادر إن المفاوضات التي كان قد بدأها وقطع فيها شوطا كبيرا المبعوث الأممي جمال بنعمر وصلت إلى نقطة قد تكون هي الحل وذلك ب"تعويم" أسعار المشتقات، أي بيعها بالسعر العالمي وبما يضمن تخفيض 400-500 ريال في سعر الدبة سعة 20 لتر. ويتوافق هذا الحل مع ما ورد في مبادرة المؤتمر الشعبي العام "إعادة النظر في الجرعة السعرية للمشتقات النفطية والاكتفاء بالسعر العالمي لمادتي البترول والديزل، وتحمل الدولة لأي تكاليف نقل داخلية، الأمر الذي سيؤدي إلى تخفيض السعر الحالي لمادتي البترول والديزل وتخفيض الأعباء على المواطنين.
من جهته أعلن الناطق الرسمي لجماعة أنصار الله (الحوثيين) محمد عبدالسلام ترحيب جماعته بالمبادرات السياسية التي أعلنتها الأحزاب السياسية للخروج من الأزمة الراهنة.
وكانت آخر المبادرات مقدمة من المؤتمر الشعبي العام وحلفائه، وتضنمت 6 بنود لحل الأزمة، أهمها تشكيل حكومة شراكة وطنية، وبيع المشتقات النفطية بالسعر العالمي وتحمل الحكومة نفقات النقل الداخلي للمشتقات، وإنهاء كافة مظاهر التوتر في العاصمة.
وقال الناطق باسم جماعة الحوثي في منشور على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك): "نرحب بالمبادرات الصادقة التي صدرت من أغلب الأحزاب السياسية في البلد، والتي تناولت إعادة النظر في رفع الدعم عن المشتقات النفطية والبدء بتشكيل حكومة وحدة وطنية، والدخول في مراحل الشراكة السياسية وفق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، والتي كانت أيضاً ملامسة لواقع الأزمة الراهنة، وتنبئ عن حرص وطني في القبول بخيارات الشعب والتي هي خيارات المنطق والحق والصواب.
إلى ذلك نصح وزير المالية الأسبق البرفيسور سيف العسلي، القيادة السياسية بإعادة النظر في الجرعة، بإلغائها إن لزم الأمر، تلبية للاحتجاجات الشعبية، وإعادة التفاوض بشأنها من قبل حكومة جديدة يتم تشكيلها بعيداً عن المؤثرات الحزبية والولاءات الضيقة.
وقال العسلي ل"اليمن اليوم" إنه بالإمكان تخفيض الجرعة بنسبة معينة، إلاّ أن ذلك لن يكون مجدياً للاقتصاد الوطني، مالم يرافقها تشكيل حكومة كفاءات مستقلة تكون قادرة على إعادة الموازنة بشكلها الصحيح، ومعالجة الاختلالات التي ارتكبتها الحكومة الحالية الفاشلة خلال الثلاثة الأعوام الماضية.
وأضاف: الحكومة الحالية فشلت فشلاً ذريعاً وأخطاؤها فادحة باعترافها واعتراف المجتمع الدولي الذي يدعمها، وبالتالي لا قيمة لأية مبادرات أو إصلاحات لحل الأزمة الراهنة ما لم يتم إقالة الحكومة الحالية واستبدالها بأخرى من المستقلين وبعيداً عن التأثيرات الحزبية.
وأضاف: إن هذه الحكومة فشلت فشلاً ذريعاً باعترافها واعتراف من يدعمها والمجتمع الدولي وبالتالي لا مبرر للتمسك بها أو معارضة إقالتها مهما كانت الذرائع.
ولفت العسلي إلى أن حل الأزمة يبدأ بتشكيل حكومة مستقلين تحدد مهامها بوضوح، وفي المقدمة النقاط التالية "مراجعة الأوضاع الاقتصادية بما في ذلك قرار الجرعة، الإسراع بعملية الإصلاح الإداري ومحاربة الفساد وبما يعيد الاعتبار للوظيفة العامة، الاتفاق مع العالم الخارجي –المانحين- من أجل تقديم مساعدات عاجلة".
وأضاف: بعد ذلك تبقى مسألة الدستور، والاستفتاء عليه ولجنة الانتخابات، يتحاور بشأنها رئيس الجمهورية والقوى السياسية، وعند الانتهاء من هذه المهام تتولى حكومة المستقلين الإشراف على الانتخابات البرلمانية ومن خلالها تتشكل حكومة الأغلبية التي ستتولى الإشراف على الانتخابات الرئاسية.
وفي تطورات الأزمة نشرت قوات الأمن والجيش، أمس، وحداتها في محيط منشآت حكومية مهمة، ومناطق يتوقع أن تمتد إليها مخيمات الحوثي مع استعداد جماعته لتنفيذ مرحلة التصعيد الثالثة، والتي قد تتمثل في تعطيل المؤسسات الحكومة بنصب الخيام أمامها.
وقالت مصادر أمنية ل"اليمن اليوم" إن وحدات مشتركة انتشرت في مناطق حيوية وتحديداً في محيط مجلسي النواب والشورى وإذاعة صنعاء، وزارة النفط، شركة النفط، شارع الأربعين، المدينة السكنية، معسكر الفرقة الأولى مدرع، جامعة الإيمان).
وتوقعت المصادر أن يبدأ الحوثيون، الأيام المقبلة، توسيع رقعة اعتصامهم داخل أحياء العاصمة لتطال المناطق سالفة الذكر.
وكان زعيم جماعة الحوثي جدد في خطابه الأخير مطالبته رئيس الجمهورية بتلبية مطالبهم وذلك بإقالة الحكومة وإلغاء قرار رفع الدعم عن الوقود، متوعداً أن تكون المرحلة الثالثة من التصعيد مؤلمة.
ويواصل أنصار جماعة الحوثي حشد أنصارهم إلى العاصمة للأسبوع الثاني على التوالي، فيما التحق الآلاف من المكونات السياسية الحزبية والمستقلين بتلك المسيرات.
وأغلق مسلحو الجماعة، أمس، آخر منافذ العاصمة.
وقالت مصادر قبلية ل"اليمن اليوم" إن مسلحين من قبائل أرحب ونهم وبني الحارث وبني حشيش نصبوا، أمس، خيام اعتصام في منطقة الحتارش، المدخل الشمالي الشرقي للعاصمة.
ونصبت الجماعة في وقت سابق مخيمات اعتصام في المدخل الغربي حيث لا يزال الآلاف من أنصارهم يتوافدون على المخيم الكائن في منطقة الصباحة بصورة يومية.
كما يتواجد للجماعة ساحة اعتصام في مدينة حزيز، على المدخل الجنوبي للعاصمة.
كما ينصب أنصار الجماعة داخل أحياء العاصمة خيام اعتصام في ساحة جامعة صنعاء.. وأحياء الجراف والحصبة، قرب ثلاث وزارات مهمة (الداخلية، الكهرباء، الاتصالات).
بدأت لجان أمنية، أمس، حصر الجاهزية البشرية والآلية في معسكرات تابعة لوزارة الداخلية ، بالتزامن مع تهديد جماعة الحوثي بتنفيذ المرحلة الثالثة من احتجاجات أنصارها، المطالبين برحيل الحكومة وإلغاء "الجرعة.
وذكرت مصادر أمنية ل"اليمن اليوم" أن لجاناً أمنية توزعت على معسكرات قوات الأمن الخاصة والنجدة في المحافظات ، مشيرة إلى أن مهام تلك اللجان إعداد إحصائية شاملة بقوام القوة الأمنية الجاهزة حاليا والعتاد الأمنية الفاعلة .
وسيتم التقييم بناء على الحضور اليومي لمنتسبي تلك المعسكرات.
ولم تستبعد المصادر أن يكون غياب بعض منتسبي الأمن عن الطابور الصباحي فرصة لإقصائهم واستبدالهم بآخرين ذوي لون حزبي معين.