أزعُم أنّ الله قد خلق قلبكِ بعنايةً فائقة لأنّكِ الآية الوحيدة التي لا زلت أسمع لحديثها الملائكي ، خصوصاً وأنّ الجنّة الموعودة التي تحدّث عنها قرآننا وكتابنا المُقدّس تقطن تحت قدميكٍ فأي زهاءاً وبهاءاً هذا لكِ. أشتاق من يدك الخبز الدافئ ، والماء البارد ، والظل الوارف ، والدعاء الصادق ، أشتاق للمستك الحانية ، ونظرتك الدافئة ، وبسمتك التي تبعث على الأمل ، وتداويني من الألم .أُمي ليس لكِ عيدِ مُحدد أيامك كلها أعياداً بالنسبة لي.أُمي يا أجمل إنسان ، وأرقى مخلوق ، يا رسولة الإله ، ويا من أقامتك السماء لتكوني أعظم رسالةً حيةً في تاريخ البشرية. أُمي ..يا أُنشودة المطر ، وقيثارة الصباح ، ولحن الأيام ، وذكريات الأزمان. أُمي..يا مأوى أحزاني ، ومدفن أسراري ، ومدفأ مشاعري ، ومولد أحلامي. أُمي..حينما ولدت في أحشائك كنتٍ تخافين عليا من الوجع ، كنتي تحافظين عليا كل يوم بدعائك الذي وعد الله بإجابته.أُمي ..كم هي المشاعر والعواطف حتى أكتب عنكٍ كإنسانةً خالدةً في ذاكرتي وفي قلبي ووجداني.لم أرى في عالمي هذا كُله أصدق منكٍ ، أنتي أصدق من يخاف عليا من الأخطار ، وأنتي أكثر صدقاً حينما تسألي الله أن يلطف بي الأقدار.أُمي .. ما هذه الحياة بدونك ..وما هذا الظلام الذي يلّف الدنيا لو لم أسمع نغمة صوتك.أعرف يا أُمي أنكٍ لستٍ إلاهاً ، أو شبيهةً بالإله ، أو إبنةً له. أعرف يا أُمي أنكٍ أُستاذة الأخلاق ومُربية الأجيال ، ومُعلّمة الكبار ، ويحترمك الأنبياء ، وتُقدرك الملائكة وكُل الأتقياء.أعرف يا أُمي أنكٍ أسمى وأرقى وأغلى وأنقى وأصفى وأحلى كلمةً يقولها البشر لأن قلبك الكبير يُضيئ كالقمر ، لأنّشجونك تعنيني وتُحييني وتُبقيني.أنتِ ببساطة التاريخ والحاضر وأنتِ المستقبل ..أنتِ الذي حار الشعراء في وصفك ، وغابت قريحة الأدباء عن نضالك الأُمومي المملؤ بالحنين والحنان.ليوناردوا دافنشي لا يستطيع أن يرسم بسمتك لأنها ببساطة لا تعنيه بل تعني معنى هذا الوجود. بيكاسوا تستعصي عليه الريشه أن يرسم بعض ملامحك عند الطفولة وعندما كبرتي مع الأيام وأصبحتي أمي..كان القدر قد جعلكِ من أعظم ما أنجبت البشرية من أُمهات عظيمات أسهمن في تربية الأجيال.بيتهوفن وسمفونيتة العظيمة ومعزوفاته الشهيرة ليست كنغمة صوتك الحاني الذي يُذهل الأشياء حولي. شكسبير وكلماته الذائقة الامعة تشعر بالهزيمة عندما يتعلّق الأمر بكِ لأنّكِ أُمٌ لا تُختزل بالكلمات ولا توفيها العبارات.لقد هدد الله بالعذاب الأكبر لمن يعصيكِ ، ويُخالف أوامرك –في حين وعد بالخلود في الجِنان لمن أطاعك ..لا أدري لماذا الله نفسه تولّى الأمر بطاعتك وقدّم لذلك الكثير من الحوافز والجوائز.من غيرك يا أُمي يعرف معنى الدمع والأشواق وتراكم الأحزان ، من غيرك يعرف معنى الحب والرحمة والعدل والجمال وكُل الحنان لبني الإنسان. أُمي ..يا سرّ تكويني ، ويا أعظم وأثمن شئٌ في هذا الوجود لكي كُل الحب. شكراً لكِ يا أُمي لأنّكِ أُمي. وشكراً لله أن منحني أُمٌ في هذا الوجود قويةّ الإيمان ، شديدة الرقة والحنان.