على الرغم من مساعي السعودية الهادفة إلى حث تركيا ومصر على الدخول معها في تحالف استراتيجي، إلا أن الزيارة الأخيرة التي قام بها العاهل السعودي الملك سلمان لمصر قد جاءت في وقت تبدو فيه الأمور سيئة حقا للسعودية في اليمن. لم يسبق أن كانت الحظوظ لتفعيل وتجسيد التحالف العسكري الورقي الذي تقوده السعودية ويضم 39 بلدا، سيئة كما هي اليوم. فمن ناحية، قررت الولاياتالمتحدة الانسحاب من اليمن "وترك السعوديين في موقف حرج"، ومن ناحية أخرى، فإن الحوثيين وفصائل الجيش اليمني التي ما زالت موالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، يضعون أيديهم في أيدي بعض، مما يجعل من الصعب جدا على التحالف العربي الاحتفاظ والتمسك بما حققه في العام الماضي. لم يمض وقت طويل منذ أشاد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعملياتهم في اليمن كواحدة من أكثر القصص الناجحة لوكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية. ومع ذلك، جاء الانسحاب الأمريكي المفاجئ ليشير بقوة إلى أن الولاياتالمتحدة ليست على استعداد بعد لتحمل عبء الفوضى التي خلقتها المملكة العربية السعودية وحلفائها. وفي الوقت الذي يشير فيه هذا التطور إلى وجود بعض الاحتكاك بين الحليفين السابقين (حيث وأن المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدة بين شد وجذب، الآن، بسبب هجمات 11/9)، إلا أنه أيضا يقدم فرصة نادرة لآل سعود لتوجيه موارد الدول "السنية" صوب اليمن وإبراز نفسها باعتبارها زعيمة العالم السُّني. ومن هذا المنطلق جاءت زيارة الملك سلمان إلى مصر وتركيا، وهما البلدان اللذان يملكان بالتأكيد جيوشا قوية. مع ذلك، يبقى السؤال المثير للجدل هو هل ستتعهد هاتان الدولتان فعلا بإرسال قواتها البرية للقتال في أرض بعيدة، وإلى أي مدى ستلتزمان بذلك. الابتعاد الأمريكي يمثل مشكلة لآل سعود ولكن هذه المشكلة ليست سوى غيض من فيض. فوفقا للتقرير، يتحد الحوثيين وفصائل الجيش اليمني الموالية لصالح في الحرب ضد التحالف العربي. ليس هذا فقط، بل إن التقارير تفيد بأن قواتهم قد استولت على أسلحة ومعدات أمريكية بقيمة 500 مليون دولار. مثل هذا الوضع يستوجب ردا عسكريا قويا من آل سعود، وبالتالي يجعل من الضروري للغاية بالنسبة لهم أن يقوموا بإعادة بناء التحالف. لقد وضع الملك سلمان هذا في اعتباره عندما خاطب البرلمان المصري خلال زيارته. حيث سلط الملك الضوء خلال كلمته على نية الرياض تمويل استثمارات جديدة في مصر بقيمة 16 مليار دولار، قائلا أن مثل هذا السخاء من شأنه أن "يدشن حقبة جديدة من التعاون" بين القوتين. أصر الملك سلمان على استخدام كلمة "الحلفاء" على الرغم من أن مصر والمملكة العربية السعودية - وبكل الحسابات - قد وقفتا إلى حد ما على عكس بعضها البعض منذ عام 2011. وما بين رفض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإرسال قواته إلى اليمن، وإصرار القاهرة على إبقاء روسيا بالقرب من قلب الجيش، تنظر الرياض بشدة إلى مصر باعتبارها منافسا لحكمها وليس باعتبارها ذلك التابع المطيع. وقال الملك سلمان في خطاب بثه التلفزيون الرسمي "إن التعاون السعودي المصري الوثيق الذي نشهده اليوم هو بداية مباركة لعالمنا العربي والإسلامي لفرض التوازن بعد سنوات من الاختلال". هذا التوازن يعني الكثير لموقف آل سعود في الشرق الأوسط. وصف السفير المصري السابق في واشنطن، عبد الرؤوف الريدي، كلا من مصر والمملكة العربية السعودية بأنهما القوتان العظميان في المنطقة العربية، وهو ما يجعل التعاون بينهما أمرا حيويا. حيث قال "في الواقع، يتوقف الاستقرار في المنطقة على التحالف بين مصر والمملكة العربية السعودية". وأضاف "هذا هو الحال الآن خاصة مع حاجة الأزمة في سورياواليمن إلى مساهمة البلدين". كما أقر نائب وزير الخارجية السابق، معصوم مرزوق، بأن الوضع في اليمنوسوريا قد شكل جانبا مهما من زيارة الملك سلمان. وقال عضو مجلس الشورى السعودي، صادق بن يحيى فاضل، إنه بالإضافة إلى سورياواليمن، فقد كان الوضع في العراق وليبيا على رأس جدول أعمال "القمة السعودية - المصرية" كما أطلق عليها. وأضاف فاضل "يدرك البلدان ضرورة تبنيهما لموقف موحد في مواجهة الصراعات في هذه البلدان والتي لن تخدم فقط مصالح البلدين، ولكن أيضا المنطقة بأسرها". وفي حين كان الملك سلمان يسعى بشكل واضح للتحالف مع مصر، إلا أنه سعى في جانب آخر مهم من زيارته لتطبيع العلاقات بين تركيا ومصر كجزء من الاستراتيجية السعودية الشاملة للمنطقة، وهي الاستراتيجية التي تحمل المفتاح لموقف التحالف العربي في اليمنوسورياوالعراق. وعلى الرغم من أن هذا كان أحد الأهداف الحاسمة التي سعى الملك سلمان لتحقيقه أو إعطائه بعض الشكل خلال زيارته، إلا أن نتائج جهوده تتوقف على المدى الذي ستذهب إليه تركيا لاستيعاب مصر في التحالف الكبير وإلى المدى الذي ستذهب فيه الرياض لمساعدة الأتراك في حربهم على الأكراد. بينما يبدو أردوغان، حتى الآن، محافظا على موقفه الذي لم يتغير في مواجهة الحكومة المصرية، وهو موقف قد يعتريه بعض التغيير، أو أن تركيا قد تصبح مستعدة بما يكفي لترك هذه المسألة في الوقت الراهن عندما يبدأ ما يسمى "الجيش الإسلامي" بقيادة السعودية في إظهار بعض المصداقية. إذا تم ذلك، فإن هذا الجيش ربما يلعب دورا رئيسا في سياسات الشرق الأوسط - وربما يحمل بعض الأعباء التي لم تعد الولاياتالمتحدة راغبة في القيام بها هناك - وكذلك السماح لتركيا باستخدام هذا الجيش لتصفية حساباتها مع الأكراد. سيعتمد عمل هذا التحالف بشكل حاسم على نجاح المساومة بين تركيا ومصر والمملكة العربية السعودية على الرغم من تضارب المصالح بين الدول الثلاث في ما يتعلق بحل الصراع في سورياواليمن. http://atimes.com/2016/04/saudi-arabia-looks-for-anchor-as-it-inches-towards-defeat-in-yemen/ بقلم: سلمان رافي - محلل وكاتب باكستاني وباحث في العلاقات الدولية. ترجمة: عبدالرحمن أبوطالب