ثلاثة عشر مرة يلتئم الشعب الجنوبي في مهرجانات مليونية اشعلت الارض وصدحت حناجر الجماهير بصوت واحد من اجل تحرير الجنوب ولا شيء غير تحرير الجنوب حتى وصلت الرسالة مسامع العالم كله ، تسابق الكل وتبارى في حماس منقطع النظير بالنضال الثوري واطلاق العهود والوعود بالسير على خطى الشهداء والجرحى ، وان هذه الثورة وهذا التضحيات لا يضاهيها الا نيل الاستقلال والسيادة كاملة على ارض دولة الجنوب ، وطوال السنوات الماضية ظل النظام اليمني يحاول لسحق هذه الثورة والتآمر عليها بشتى الطرق ، بالقتل والقمع والارهاب مرة ، واشاعة الفتنة وزرع الانقسامات مرات اخرى ورغم ذلك ظل الشعب ثابتا مرابطا ممسكا بأهداف الثورة وبالحق الجنوبي في استعادة دولته المستقلة ، فكانت كل محاولات النظام اليمني في اجهاض المشروع الجنوبي تبوء بالفشل الذريع بفضل الله ثم صمود الجماهير في الشوارع بمليونيات عديدة ابهرت العدو قبل الصديق . وها هو الاحتلال اليوم ينسج مؤامراته ضد الجنوب مرة اخرى وبأسلوب آخر ، يصنع لنا مشهدا هزليا سخيفا زائفا ابطاله هذه المرة للأسف الشديد بعض الجنوبيين الذين كانوا وسط الجماهير وعلى منصات الخطابة الثورية ومن حاملي عنفوان التحرير والاستقلال ، هاهم بعينهم وذواتهم وبأفواههم ينكصون عن العهد وعلى الوعد ويخذلون الشهداء ودماء الابرياء وتوجعات الثكالى والارامل والايتام ، تحولوا فجأة من صناع ثورة وحرية وكرامة الى سماسرة وجرارين ، تحولوا بقدر قادر من ثوار واصحاب مبادئ وطنية ثابتة الى فلاسفة وعباقرة في التنظير عن العقلانية والواقعية وفن السياسة والممكن وغير الممكن ، تحولوا في ليلة وضحاها الى دعاة وواعظين ولكن بدلا من الوقوف في وجه النظام اليمني ومؤامراته وجرائمه . يدعون الى الوقوف مع رئيس النظام اليمني وتأييده ودعمه في تنفيذ مخرجات حوار القوى والاحزاب اليمنية في صنعاء ، تحولوا فجأة من ابطال في ميادين الحرية والتحرير الى ابطال في مسرحية التضليل والتغرير التي يخرجها النظام اليمني بحرفية واتقان مصورا لنا الوضع في صنعاء وكأنه صراع بين الجنوب بقيادة ابراهام لنكولن الجنوب عبدربه منصور ، وعتاولة هيمنة القبيلة والعسكر في الشمال ! هذا المشهد الذي يسعى هده الايام البعض ممن كانوا محسوبين على ثورة الجنوب التحررية الى ترويجه واشاعته وتسويقه في الاعلام الجنوبي انما يهدف الى تمييع القضية الجنوبية وتفسيخها من اهدافها وافراغ مضامينها واشاعة اليأس والاحباط وبث روح السأم والتذمر ، وتصوير الواقع الجنوبي بانه ضحية اطراف جنوبية اخرى وليس الاحتلال ، وان اصل المأساة لم تكن من مؤامرات القوى اليمنية وحربها واحتلالها للجنوب ، وان المأساة تكمن في الثورة نفسها وفي قاداتها وفي تشضياتها السياسية والمناطقية متناسين انهم هم من ينفذ مخططات الاحتلال للفتك بالثورة وبأهدافها وبإعادة فرز الشعب الجنوبي مناطقيا ، وانني اخشى ان يتمكن الاحتلال هذه المرة من تمرير هذه المؤامرة من خلال مجموعة الجرارين الذين خذلوا دماء الشهداء وباعوا ضمائرهم للمحتل بسعر بخس .