مصطلح الارهاب لم يوضع له تعريف واضح او منطوق بيَن يستطيع المرء من خلاله معرفة المعنى العام والشامل لمصطلح الارهاب والذي صار مصطلح لغوي كثير الاستخدام في تبادلاتنا اليومية لأطراف الحديث حتى صار جزءً من ثقافتنا العربية الاسلامية سيما في ثقافة المجتمع اليمني والذي ترك ولا زال يترك بل وسيظل يترك اثارا جمة في مجتمعنا اليمني بحسب الواقع المعاش حاضرا وبحسب المستقبل المنظور على المستويين القريب والبعيد بل وربما على مستقبلنا البعيد جدا . كما قلنا لا يوجد تعريف واضح للإرهاب ولم نسمع او نقرا يوما تعريفا له وعن ماهيته , لم نرى سوى اثاره السلبية المتمثلة في الخراب والدمار والقتل والابادة بصور بشعة تقشعر لها الابدان لم نرى سوى اثاره المخيفة في احتقار الحياة وعداء للحضارة والقضاء على كل ما هو جميل . لم نرى من خلال الاحداث التي تدور في محيط واقعنا سوى محاربة همجية وقتل للإنسانية وافناء للقيم والآداب والاخلاق.
وهنا سؤال يطرح نفسه , ما هو الارهابي ؟ هل الارهابي ذلك المرء الذي تم حشو راسه فكرا ومعتقدا يضنه الضحية عملا فاضلا بل مقدسا وسلوكا حميدا له اهدافا نبيلة يسعى ويناضل ويجاهد ذلك المرء من اجل تحقيقها مستخدما كافة الاساليب والطرق والوسائل يأتي القتل في صدارتها واولاها بل ربما اولاها دون معيار لكمية الضحايا المستهدفة والتي غالبا ما يكون الارهابي اولى تلك الضحايا؟ ثم ان كان الارهاب داء فما هي الاساليب والطرق لمعالجته ومحاولة تقويضه واضعافه والعمل على تقزيمه والقضاء على تمدده واستفحاله في مجتمعنا.
الارهاب فكر, فهل تجدي نفعا محاربته باستخدام القوة العسكرية .. ربما يكون لاستخدام القوة جدوى في مقاومته وتقليصه الا انها أي القوة لن تقضي عليه قضاء مبرما فهو (الارهاب ) فكر والفكر لا يقضى عليه الا بفكر .. والذي نلاحظ عدم استخدام هذا النوع من المقاومة من خلال المعنيين بهذا الشأن وهم علماء الدين .. مع انهم لم يترددوا سابقا عن دعم وتأييد وتأليب مواقف سياسية محضة بعيدة كل البعد عن الدين والشريعة والمعتقد من خلال فتاوى باسم الدين كان الغرض منها سياسي بحث وتعبئه قتالية للعسكر والماجورين لتحقيق غايات ومكاسب عسكرية محضة ولنا في حرب 94م مثالا حتى صار الجنوب غنيمة ارضا وانسانا وبفتاوى دينية .
كلنا يعلم ان الارهابي سيئ وبغيض ... الارهابي يقتل الطمأنينة والجمال .. الارهابي يجلب الخوف والدمار .. الارهابي يزدائرة الفقر .. الارهابي يقضي على الحضارة .. الارهابي يقتل الامل في الحياة الارهابي عدوا للإنسانية .. ولكن هل يوجد في مجتمعنا اسوئ وابغض واشر من الارهابي؟؟؟؟
برايي نعم هناك ما هو اكثر شرا واجل خطرا على مجتمعنا من الارهاب وهو فساد التعليم .... فاذا ما تتبعنا حياة معظم ابناءنا اللذين وقعوا ضحايا في شرك الارهاب .. لوجدنا ان فساد التعليم هو المسؤول الاول عن ما وقعوا فيه فمنذ دخول التلميذ للمدرسة بغية التعليم نراه كل يوم يقطع عشرات الكيلو مترات سيرا على الاقدام نظرا لقلة المدارس وبعدها يصل التلميذ الى مدرسته ليجدها خاوية على عروشها فالمدرس مشغول بأعمال اخرى هي بالنسبة له اهم من تأدية العمل الموكل اليه بحسب وظيفته التي يتقاضى عليها معاشا محترما فانشغاله بإدارة متجرة او بسطته او حتى باغترابه خارج الوطن ليبحث عن طلبة الله مقابل مبلغ من المال متفق عليه يقتطعه ناظر المدرسة لقاء سكوته عنه وشرعنة جريمته كبرى مقترفة بحق الاجيال والمحترم من المدراء لا يقبل الا ببديل عن الاستاذ التاجر في الغالب يكون من التلاميذ اللذين تركوا الدراسة بسبب كثرة الفشل والرسوب .. ليعود للمدرسة استاذا بديلا لصفوف لم يصل اليها خلال دراسته الفاشلة
ثم ينتقل عبر بوابة التغشيش الى مستويات عليا من التعليم ... الا انها لا تغني ولا تسمن من جوع ... ثم يدخل في حالة من الياس والاحباط لعدم قدرته على الحصول على الوظيفة كونه لا يمتلك اساس علمي ولا خلفية ثقافية ولا مهنية فيصير بذلك لقمة سائغة لقوى الشر والارهاب الذي يعملوا على تجنيده وحشو دماغه الفارغة اصلا بأفكارهم المسمومة ويوهموه بانه صار على الطريق القويم فهو لا يملك أي مقدرة علمية او ثقافية حتى يسال ويحاور ويستبين الامر الذي هو مقدم عليه نتيجة النقص التعليمي الذي ورثه من المدرسة ويبدا يشعر بانه قد وجد ذاته التي كانت ضائعة ومكانته المحترمة في المجتمع بعد سني الضياع والتهميش.
والمصيبة الكبرى وجود كثير من المراكز الدينية تتبع جهات خارجية واحزاب سياسية وقوى خفية لها اجندة واهداف خاصة هذه المراكز لا تخضع لإشراف الدولة استطاعت استمالة كثير من الشباب للالتحاق بها تلك المراكز مدعومة من قبل جهات خارجية ويديرها مشائخ دين وكل شيخ يعطي لنفسه ولمركزه القداسة والحقانية وانه هو ومركزه وكل من سار وراه والتحق به وبمركزه فهم النخبة وهم الصفوة والفرقة الناجية والطائفة المختارة وكل من سواهم ليسوا الا اقواما وامم ضالة لا تسعى الا لدنياها وان كل من يلتحق بهم فهو طالب العلم الحقيقي وانهم في سبيل الله وان من يدرسوا في المدارس والجامعات الحكومية ليسوا في سبيل الله بل في سبيل الدنيا لان علمهم المدرسي ليس الا علم دنيوي وان العلم الحقيقي هو" قال الله قال رسوله " وهو العلم الشرعي فلسنا بحاجة الى جامعات يتخرج منها اطباء ولا مهندسين ولا طيارين ولا معلمين ولا أي شيء لان كل هذه الامور من امور الدنيا الزائلة بحسب ما يلقنونه لكثير من الشباب وحثهم على الطاعة العمياء لهم والانقياد وعدم السؤال والاكتفاء بمسلمة النقل دون الحاجة للعقل .
لذلك فان الشباب الذين لم يحصلوا على قدر مناسب من التعليم السليم والثقافة العامة والوعي والنضج الفكري والعلمي والثقافي يصبحوا فريسة سهلة الاصطياد وهدف سهل الاقناع والتعبئة وغسل الدماغ فهو يعتبر مادة خام يسهل تطويعها وتشكيلها وصياغتها بالشكل المطلوب بحسب الهدف المراد والمهمة المرسومة بالإضافة الى العوز العقائدي الديني والعمل على تحريفه وتحويره عن الشكل الصحيح والصورة الحقيقة الجميلة للإسلام كدين وعقيدة وقانون وتشريع ومنهاج حياة لكل بني البشر في كل زمان ومكان والرسالة الانسانية المقدسة التي هي خير رسالة ارسلت للبشرية تحمل في لبها ومضمونها اسمى معاني السلام والخير والمحبة والتعايش ونبذ الشر والتخويف والترويع والارهاب .
من الملاحظ ان معظم المجتمعات والدول التي يوجد فيها نظام تعليمي ناجح لا يوجد فيها ارهاب الا نادرا وعلى العكس من ذلك فالدول والمجتمعات التي يوجد فيها نقص وقصور ونظام تعليمي هش والتي مجتمعنا احداها تعاني من الارهاب واثاره الوخيمة والمدمرة عليها . لذلك فالنقص والقصور في الجانب التعليمي وفساد التعليم من اهم الاسباب بل ربما السبب الرئيس الذي يدفع بكثير من الشباب للوقوع في شرك التعبئة العقائدية الخاطئة من قبل قوى الشر والارهاب التي تعمل على تجنيدهم وتسييرهم لتنفيذ مهام واعمال قذرة معادية للخير والمحبة والسلام وقاتلة للإنسانية والحضارة والحياة.
قد تكون هناك اسبابا اخرى ادت وتؤدي الى خلق واستفحال وانتشار الارهاب في اوساط المجتمع ومنها الفقر والبطالة وضعف الدولة ومؤسساتها خاصة الامنية وغياب الجانب الارشادي وكذا السياسة العامة الفاشلة للبلد وضعفها ووقوعها ضمن دائرة النفوذ السياسي الخارجي لقوى ودول خارجية كل منها له اجندته واهدافه وسياساته تلك القوى والدول تتصارع فيما بينها باستخدام معركة الحرب بالوكالة لذلك تلجا تلك الدول على زرع وتمويل الارهاب بالإضافة الى ان القوى السياسية المحلية ايضا تستخدم ورقة الارهاب في الصراع السياسي فيما بينها الا ان فساد التعليم يعتبر اكبر واهم اسباب استشراء وانتشار الارهاب وافكاره المسمومة في المجتمع اليمني ولكون الارهاب فكر فالفكر لا يحارب الا بفكر والفكر يحتاج الى نظام تعليمي ناجح وفعال .