لا تُعامل المرأة على أنها قطعة لحم , تشتهيها نظراً حتى تكاد عينيك تخرق جسدها , تُراقب حركتها ,تتحرى الدقة في نقدها , و يُجردها عقلكَ من الرداء ولو تبرقعت حديداً , و تصنفها شيطانيتكَ تحت مسمى الفسق لسبب يتعلق مباشرةً بمافي جوف رأسك من عطل يرسل إشارات جنونية ,, لا.. أُسميها عدا "هوس " !! تجعلكَ ترى إلى ما أبعد ما في الجلد فالخيال لهُ شطحاتهِ وأمثال هؤلاء لا يكفيهِ رداء أسود ولا ابيض ولا عشرة أقمصة فوق بعضها , إن سترت نفسها إلى حد ألا رؤية سُيفصلها خيالك إلى ما أبعد من العري , لأن العقل حين يَفجُر لا يهمه كم متراً من ساقكِ سترتي , ولا أقبح من مجتمع يُبرر الجريمة بما هو أجرم منها , وحبيس أفكارهِ يظل متهم واحد , و التهمة الموجهة يا سادة لا شأن للمتهم بها فهي علة خلقية " أسموها فتنة " وتبارك الله أحسن الخالقين واسع العلم خالق كل شيء لغاية ,أن يخلق حوآء لتفتن آدم كما حشو عقولنا منذ النشئة " . لا نتقول على القدير ولكن وحدكم من يحق لنا أن نجادلكم فوحدكم من جعل شأننا في الحياة متعلق بأمرين إما عزل تام عن المجتمع بحجة أن الوظيفة الأولى المناظ بها لنا لا تخرج عن جدران المنزل ,وإما إدراجنا ولكن تحت فصيل " الغمآم الأسود " حيث تتشابه فيه العقول ولا مجال للفكر الحر أن يفرض نفسه , ولا مجال للأختيار أن يُعلن عنهُ . نحن ولا سوآنا من نحكم على جوهرة الترقي ( العقل) أن يظل هو ذاكَ هو , لا تُغيره سنين غآبرة , وأن تظل ألسنتنا تنطق بهرآء أسمه " الفتنة " وبمبرر تافه أسمه " هي تلبس كذا و لا تلبس كذا , سترت شي وأظهرت آخر , فكانت هي غزآل في وكر ذئاب , فما ذنب الذئب إن جآع .
لا شي من التشبيه صحيح سوآء أن التفكير الحيواني هذا " هو منطقهم القذر الذي يحاججون العقل به , ولا يملىء فراغ تلكَ الزوايا في عقلي , ولا تُشفي غليل نفسي الباحثة عن الحق هذه المبررات , وإن كانت شائعة , وإن كانت بالإجماع وبالكثرة وفرضها الوقت على عقولنا بالإكراه والحشو والترديد حتى تصبح لدينا من المُسَلمَات قطعاً في عرف المجتمع ! دون مبالغة مني على الواقع , ولا إطفاء قدسية على ما أقول , ولا إستشهاد مني يرجو باطلاً أو لمز لفئة معينة .
و لكن طالما أن التحرش لفظاً ولمساً يُبرر من عامة المجتمع بما في شرائحة المختلفة حتى أكثرهم علما ديني أو علما دنيوي , فهنا الشيخ و الشاب و دكتور الجامعة لهم وجهة نظر واحدة , ولا بأس بأن تكون المرأة عدوة نفسها ايضاً بمجتمعنا فتجد من تشدكِ من يدك في طريق عابر تُلقي السلام ثم تهمس في أذنكِ بأن كل من حولك قابل للأنقضاض عليكِ في أي لحظة , فلا أتعجب و أحيانا كثيرة لا أجادل وأناقش , و الكثير مثلي , لكن الصدمة هي تشبيه المرأة بعلبة ( سردين , تعطل إذا ما تُركت مفتوحة , أو حلوة تلتصق بها الحشرات إذا ما فتح غطائها , بغض النظر عن مفهوم القائل " للغطاء " حول شكله أو لونه أو حتى شرطيتة و هو أمر لا يجرأ أحد الخوض فيه , لأننا في مجتمع لا يُقيد الفعل فقط هو يقيد البوح به مسبقاً , لذا لا أخوض في هذه النقطة , لأني لستُ أوزع فتوى ,ولستُ مجتهدة ,ولستُ عالمة, ولكني بفضل التوحيد الذي أرسى الأختيار " حرة " , ولا مجال للجدال بذلكَ , رفضوا , إحتجوا , كفروا , وقد يقذفوا , لكن لن يُغيروا سنتهِ بالكون .
كُلنا مسألون فقط عما إخترناه بملىء الأرادة و بكمال الأهلية , بعيداً عن كل ذلكَ اليمن مجتمع محافظ تماما , درجة الحرية في الأختيار أو الخروج عن المألوف لا تتعدى الواحد بالمئة , ودرجة وقوع جريمة التحرش متوقعة بنسب ليست بقليلة " ولو كان لفظاً , لأن البعض يستهين بهذا ويحسبه حسبة الغزل , لا ياعزيزي لست بديار عبلة و لا تُعلق كلماتكَ في جدران الشوارع " كمعلقات العصر " , وإن كان يتعدى اللفظ فكما أسهبت يُبرر فورا . السؤال الذي يشغل البال كثيرا , إن أقرينا بأننا مشكلة المشاكل كُلها وإن حمُلتمونا وزر ماحدث وما سوف يحدث , إن رضينا و قبلنا أن العلة في الرداء , وإن قبلنا أن تكون العين فتنة فلن أكون خيالية و أقول شعرة لأنكم تعلمون في شرع العرب الشعرة تهدُ أمة , ولن أقول وجها فالجمال يضعف عندهُ حتى سليم القلب والعقل كما قالوا , لكن من يزايد على الأفغانيات في التحجب وبسدل الجلابيب , ولكنهم يعتلون هرم التحرش بالمركز الأول حول العالم , ومن يزايد على أمريكا في نسبة الحرية لكنها توبخ القلة من مرتكبيها في السجن المؤبد إن ثبتت بشاعة ما جرى و بغرامة , ولا يعلو على صوت القانون أي صوت , لا شيخ يُبرر و لا مجتمع يدافع عن الجريمة بجريمة أخرى بحق الحرية .
واليمن تدخل في هذا السبق الآن وسنرى مالم يُحمد عقباه إن لم يكون هناك قانون واضح و رادع للتحرش " حتى لفظا " فالقانون وحدهُ سيد الموقف ! ولا يُسي لملف حقوق المرأة أكثر من أن تُجرم أختياراتها في سبيل تبرأة من يسلب منها كل يوم جزء من كرامتها , نظام الأستتباع وجعلنا مخلوقات تُجر خلف قرارات الذكور في المجتمع وقياس فكرنا بما يتناسب مع ضيق أنفسكم بالقبول أو الرفض , ليس في الدين ولا العقل مكانا له ولا تضاد بين الأثنين , لذا لن نعيد تجربة العرب في لبسهم بشأن إعطاء المرأة حقوق أم لا , أو إحتقارها إلى القرن السادس ميلادي من خلال عقد مؤتمرين شهيرين حول هل المرأة لها روح أم لا ؟ و إن لها فهي روح حيوانية وإن كانت عدى ذلكَ فهي أقل من الرجل شأن و كان هذا في الغرب حينها , لكن الفارق الحضاري هناك أوجد نفسه فقامت دول عظمى على أكتاف النساء , ولا زلنا نحن نتمنى أن نستقل سيارة أجرى دون خوف , وحملني حديث ذات يوم مع متشدد إلى تذكر موقف مضحك ومبكي معا حدث للدكتور والمفكر محمد شحرور في خطبة جمعة كانت بعد هزيمة 67 , صعد المنبر الشيخ ليعظ بحرقة الأمام إلى المصلين بأن سبب هزيمتنا هُن النساء الكاسيات العاريات , فياعجبي هل كُنا الأسرائيليات يجُرن ذيول الجلابيب أو كانت نساء العرب تُقاتل بالشورت , أمر يُضحك لدقيقة و يُبكي لسنين ونتاج هذا الفكر يظهر اليوم في مجتمعنا بشكل أو آخر , ولا متجر يبتاع هذه الأفكار عدا المساجد والمدارس , فمنها يأتي الغسيل ألا مباشر و يُبدع المُتلقي إما بالفعل أو بالتبرير له