لا يُساوم أحداً منكم , على وطنيتي , انتمائي , جنوبيتي التي أشربها إلى آخر رمق , لكني لن أسلم من أللسنة البعض وسأُحاسب على إنسانيتي , كل موقف لي قبل أن يستحسنهُ البعض منكم ويكرههُ البعض الآخر , سيكتب في لوحي المحفوظ , ولا أفخر أن يكتب يوماً , عبدة من عبادك يا الله عرفتكَ بالحب وآمنت بك بالحب ايضاً تستهتر بأرواح البشر وتلحق سخريتها بغريزة الانتقام وأي انتقام هذا !! . قلة جنوبية تسخر من مقتل الجنود في حضرموت وتعد هذا انتقام لنا من السماء , تقدمها القاعدة لنا على شاكلة "رؤوس" لجنود لا يملكون إلا التنفيذ ثم المناقشة !
لا أنا لست مُجردة من الإنسانية , ولن أقبل أن تُقاس وطنيتي بإنسانيتي , فالإنسانية لا تعرف حدود وأعراق ومِلل و أديان , كافرة أنا بدين القاعدة وداعش ومن والآهم وصفق لإنجازاتهم في تحويل الحي العاقل المؤمن إلى نعجة تصرخ خوفاً من اللحظة التي يلتصق بها السكين بالعنق! ..
تجرعنا من الجيش اليمني المُر أنا أعي ذلكَ , لكني أكره أن اُحمل الجماعة ذنب الفرد , أكره أن اتقمص بلحظة ما دور الآلهة وأفرز من منا يستحق الفناء ومن يستحق البقاء .
الجنوب يعز عليّ كثيراً , يعز عليّ أن يكون بؤرة لقاطعين الرقاب , وأكره أن اُصنف نفسي وطنية وأنا أصمت _كما يصمت الكثير منا أمام ما يحدث , إما لأن الوضع " لا يعنيهم ولا أعلم, حقاً لا أعلم!! كيف لا يعنيهم الأمر.؟ و إما أصمت لأن داخلي نارٌ أوقدها الجيش في السابق وتبرد غليلها القاعدة اليوم , لا لن أعتقد كما يعتقدون أن هذا جواب السماء لأهل الشمال !
أمقت أن تُصبح أرض الإيمان على هذه الهيئة المفجعة , حضرموت , لطالما كان اسمها يرتبط بالحب بالصوفية بالإيمان الخالص الذي غزا البلدان حباً لا إكراهاً , عن طريق القلم والكلمة , لا الشعارات السوداء والتكبير على أعناق البشر , بربكم , إن كان لأمثالكم مرجعية ورب ! "أي رب هذا الذي تذيلون حقارتكم به !! , أي إله هذا الذي تدعون أنكم خلفائه في الأرض , "عرفونا" على مرجعيتكم وألهتكم التي تتقربون لها بالدم واللحم والرؤوس والصراخ !.. فوالله ما وجدنا في ديانات السماء أو ديانات الأرض الصحيح منها والمغلوط أثار تدلنا على معرفة ربكم ! , ما وجدنا حرف يقدس فعلكم , ولا آية تُنبى بقدومكم , لا شيء يمت للقداسة بصلة يذكر حتى نصركم , .. كم أخشى أن يأتي علينا يوم نخاف فيه من خانة الدين التي في بطائقنا , ونخشى التصريح بإيماننا حتى لا تلحق بنا لعنات " الملحدون والمسيح وغيرهم .. , نعم أخشى أن يكون أطفالي يوماً ما يخشون دينهم , يخافون المجاهرة فيه في أرضهم أو خارجها , أخشى أكثر أن يكون هذا هو واقعنا القادم وأن لا فرار منه !
سيلحدون أبنائنا , إلحاداً سياسياً وإلحاداً دينياً , إن كان مرادف الدين الدم ومرادف التكبير النحر , سيكفرون بالدولة الضعيفة وسيكفرون بحشو المساجد وصُراخ الأئمة , أخاف التفكير في يوم يُصبح فيه الأذان على نقيض مع السلام , أخاف الآثار التي تقودنا نحو حاضر يُحاصره العُهر باسم الله _وحاشى لله _ من كل صوب ويعتقد الأغلبية أن هذا مُنتهى العدالة القادمة من السماء !
أنا كتبت بحرقة الجنوبي الذي علمتهُ هذه الأرض كيف يكون السلام مبدأ , وكيف يكون الدين مسلكاً نهرع إليه لا وسيلة نختبئ خلفها ونشرع سيوفنا متترسين بها كذباً وفُجراً , علمتني هذه الأرض كيف يصدح الحب من مساجد عدن في كل " خميس " مردداً المحبة والتواشيح , كيف يكون التنوع ميزة نفخر بها ونحافظ عليها , علمتني جنوبيتي كيف يكون الإنصاف , وحده الإنصاف دليلاً على صدق قضيتنا , لا يهمني خانة الدين والمنطقة في بطائق من قتلوا على أيدي أحقر البشر وأكثرهم فُجراً بالله , لا يهمني كل هذا, ما يهمني أنني لا أخطئ في تصويب إنسانيتي , وبكائي عليهم ما كان خلفه أي دافع عدا إنسانيتي !