كتب: مجد جابر بعد أن اعتادت العشرينية ربا محمود على طريقة تعامل معينة من زوجها منذ بداية زواجهما قبل 5 أعوام، باتت منذ فترة قصيرة تشعر بتغير ملحوظ طرأ على تعامله معها فيما أسمته “إهمالا”. تقول “بت أجلس أكثر من أربع ساعات بدون أن أرسل له رسالة، أو أتصل به، منتظرةً منه أن يتصل بي للاطمئنان عليّ، أو حتى السؤال عني، لكن بدون فائدة”، متابعة “حتى لو غبت عنه ضعف تلك الساعات فهو لا يشعر بأي تغير، الأمر الذي بات يزعجني جداً، خصوصاً وأنه لم يكن كذلك على الإطلاق”. وتضيف “كنت إذا قمت بتغيير بسيط في لباسي أو شكلي أو تصرفي ينتبه ويسألني عن السبب، أما الآن فالبكاد يتواصل معي”. وتضيف ربا أنها عندما سألته عن سبب عدم اهتمامه بها أنكر واتهمها باستفزازه، وراح يؤكد أن لا شيء تغيّر فيه، وأن كل ما في الأمر أن مشاغل الحياة هي التي ألهته عنها. أما رغد عباس فتقول أيضا إن زوجها أهملها، ولا يسأل عنها مطلقاً، مهما فعلت، ومهما غابت، منوها إلى أنها اعتبرت هذا السلوك في البداية أمرا إيجابيا في شخصية زوجها؛ إذ رأت في هذا السلوك دليلا على ثقة زائدة في زوجها، إلا أن الأمر ما لبث، مع مرور الوقت، أن بات يقلقها، وبدأت تشعر بأنها بحاجة لأن يسأل عنها، ويطمئن عليها. وتضيف أنه لا يسأل عنها، مهما خرجت واختفت، فحتى وإن تعمّدت إثارة الشكّ أو الغيرة في نفسه كلما أخبرته بأنها ستخرج مع صديقاتها فهو لا يلقي بالا، ولا يهتم لأمرها، ويوافق على خروجها عن طيب خاطر بدون أن يوجه لها سؤالا واحدا. وتتابع “لا يمكن أن يكون كل هذا الإهمال ثقة مفرطة منه، فأي رجل يحب أن يعرف عن زوجته تفاصيل حركاتها وتصرفاتها”، منوهة إلى أن “هذا التصرف أثار في نفسي شكوكا وجعلني أحدّث نفسي بأنه قد يخونني، رغم أنه غير مقصّر في شيء من واجبات البيت وشؤونه، لكنّ إهمال الزوج في حق زوجته سلوك سيئ لا تقبل به أي امرأة بتاتا”. وفي هذا الشأن، ترى اختصاصية العلاقات الزوجية، د.نجوى عارف، أن المسألة في أحيان كثيرة تتوقف على مدة الزواج؛ إذ يحاول الزوج في البداية “أن يفرض” رأيه على زوجته، وسؤالها عن كل تحركاتها وما يخصها، لكنه بعد أن يعرفها جيدا يمنحها كامل ثقته، وبموجب هذه الثقة يعطيها كامل الحرية، وهو ما تفسره بعض الزوجات بالإهمال. إلا أنه بإمكان كل زوجة أن تفرق بين ثقة زوجها المطلقة فيها، وبين إهماله لها. وتضيف عارف أنه على الزوجة أن تعبّر عما يزعجها من زوجها، وأن تخبره بما تشعر به بالطريقة الصحيحة التي تحفظ بها كرامتها وكرامة زوجها، من دون اللجوء إلى الأساليب السلبية، كإشعال غيرته، لأن إثارة الغيرة في أسوأ الطرق التي يمكن اتباعها مع الرجل، كون الرجل بطبيعته، غيور وشكاك أكثر من المرأة. وتشير عارف إلى أنه إذا تبين لها أن زوجها مُهمل في حقها بالفعل عليها ساعتها أن تبادر هي بسؤاله لترى ردة فعله، لافتة إلى أن اللجوء إلى الحوار الهادئ، الذي لا يوجد فيه تجريح ولا لوم، ولا اتهام، هو أفضل الطرق للتفاهم بين الزوجين. الثلاثيني مراد عبدالله، يقول إنه لا يفهم طباع النساء مطلقاً، وما الذي يردنه تحديداً؛ فإذا سأل الزوج زوجته عن كل كبيرة وصغيرة قالت هذا الرجل “متسلط ويريد أن يخنقها ويحبسها”، وإذا ترك لها مطلق الحرية بعد أن يكون قد عرفها جيداً وأمّنها على بيته وماله وأبنائه قالت هذا “رجل مهمل، وأخذت تشك فيه”. ويضيف مراد أن الزوج ينشغل بعد فترة من الزواج بأمور أخرى، كانشغاله بالبيت والأولاد ومستقبلهم، فيقل اهتمامه المباشر بماذا فعلت زوجته بشكلها، وماذا غيّرت، وأين ذهبت...، فتلك أمور تحدث في فترة الخطبة، وفي بداية الزواج، وبعد أن يعرف الرجل زوجته ويتأكد منها يترك لها مطلق الحرية. من جهته، يرى اختصاصي علم الاجتماع، د.حسين الخزاعي، أن مثل هذا السلوك -الإهمال- يجب أن يتفهمه ويتحمله الطرفان، الزوج والزوجة، لأنه في حال تجاهُل أحدهما للآخر، يُخشى أن يصبح هذا السلوك “عادة متواصلة، فيتمادى كل طرف في إهماله للطرف الآخر، مع ما يترتب على ذلك من عواقب سلبية على الطرفين معا”. إلى جانب أن النمط الروتيني للحياة، وعدم التجديد في الحياة الزوجية، أمر قد يخلق ما يسمى ب”الصمت الزواجي”، وهو مشكلة كبيرة. فإذا ساد هذا السلوك بين الزوجين صارت الحياة رتيبة ومملة، ويؤدي ذلك إلى إهمال كل طرف للطرف الآخر. ولذك لا بد من أن ينتبه الأزواج والزوجات إلى هذا السلوك السيئ حتى لا يصبح عادة قد يصعب تغييرها فيما بعد. وفي هذا السياق، يرى اختصاصي الطب النفسي، د.محمد حباشنة، أنه لا بد من التمييز بين عقل الذكر وعقل الأنثى، فإذا كان عقل الأنثى يميل إلى التعبير أكثر فإن الذكر يفضل الصمت أحيانا، وهو ما تراه المرأة إهمالا. ولذلك على المرأة، وفق حباشنة، أن تدرك أن العقل الذكوري يميل إلى الصمت، أكثر من ميله إلى الكلام، وعلى الرجل أن يدرك أن الأنثى تحتاج إلى الكلام، ولذلك عليه أن يتواصل معها أكثر، من أجل الوصول إلى حلول ترضيهما معا.