شاعت في أوساطنا في الآونة الأخيرة العديد من المصطلحات الغريبة التي لم نعتاد على سماعها من قبل في مجتمعنا المحلي, ولم نقرأ عنها حتى في كتب التاريخ والثورات العالمية – والغريب فيها ان جميعها مرتبطة بالعنف والقتل والتخريب والفوضى والدمار, وهي مفردات جميعها تتقاطع تماما مع مفهوم الدولة المدنية التي ثرنا وخرجنا الى الساحات مطلع العام (2011م) بحثا عنها وفي سبيل تحقيقها. وعلى الرغم من إن بعض تلك المصطلحات ليست بالجديدة بالمعنى الحرفي نظرا لاستخدامها البسيط والمحدود في اللغة سابقا – الا ان شيوع تداولها في الفترة الاخيرة في مختلف الاوساط المحلية حولها الى ما يشبه الكابوس الذي أرق حياة اليمنيين وحولها الى جحيم. ومن هذه المصطلحات نذكر على سبيل المثال: ما بات يتردد على مسامعنا كل يوم بل وكل ساعة ب(عشرات المسلحين) اذ انه صار ديدن مستمر لوسائل الإعلام بمختلف أنواعها (المقروءة والمسموعة والمرئية والالكترونية) وحتى مواقع التواصل الاجتماعي تردده علينا على مدار الساعة .. ما يعني أنه أثر في حياتنا بشكل كبير وعميق. وفي الحقيقة نستطيع القول أنه لم يترك شبر في هذا الوطن دون أن يرسم فيه شبح الموت, بل انه بات يثير الحيرة والتساؤلات في نفوس الناس بمختلف شرائحهم وفئاتهم العمرية, وبمختلف مستوياتهم العلمية والثقافية والفكرية والأكاديمية, وتوجهاتهم وانتماءاتهم السياسية. لم يعد يمر يوم دون أن تتحفنا فيه وسائل الإعلام بخبر عن سقوط محافظة ما بأيدي عشرات المسلحين, أو عن تمكن أولئك العشرات من السيطرة على مؤسسة ما من مؤسسات الدولة الخدمية, أو اقتحام ومحاصرة مؤسسة عسكرية أو امنية, أو تفجير منزل والاستيلاء على قرية ما – وكل ذلك على أيدي عشرات المسلحين. ما كل هذا العبث؟! وما هذه المهزلة؟! ما الذي يجري؟! ولماذا؟ وكيف؟ ولماذا؟ ومن المسئول؟! – تساؤلات جمة تدور في ذهن كل مواطن يمني كل يوم وكل ساعة بل وكل لحظة – الكل يريد أن يعرف ما الذي يجري؟ وكيف لدولة بحجم (الجمهورية اليمنية) تتمتع بسيادة كاملة وتمتلك جيش جرار وأمن وقوة ومعدات حربية كبيرة – أن تصبح غنيمة في أيدي عشرات من المسلحين؟!!. خرج اليمنيون بمختلف شرائحهم وطوائفهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم في فبراير (2011م) باحثين عن الدولة المدنية, دولة النظام والقانون والحرية والعدالة والمساواة والعيش الكريم .. وهاهم اليوم يفاجئون بدولة من نوع آخر, دولة يسودها العنف والتطرف والإرهاب, وتشيع فيها التصفيات والاغتيالات والفوضى, وتسود فيها شريعة الغاب – دولة يعيث فيها ويعبث بها عشرات المسلحين 0 أي مهزلة هذه؟!! .. عموما نقول الوضع بات جد خطير وواقع الحال يؤكد على ضرورة وقفة جادة ومسئولة من الجميع لتصحيح كل الاخطاء , ووضع حد لكل ما نعيشه من مهازل .. ما لم فإن المصير سيكون مأساويا وسيصطلي بناره الجميع.