إننا نودع عاماً ونستقبل عاماً جديداً آخر .. وهنا كان لي أن أقف وأتمعن في ما هو ماثل أمامي من عوائق في ما يخص ثورتنا وحراكنا ووطننا .. وقد وصلت الى تلخيص أهمها في السطور التالية وتاركاً الصدر مفتوحاً لكل رأي يساهم في حل المعضلة ... إن الجنوب وحراكه العظيم اليوم في مأزق كبير بسبب ثلاثة عوامل تتناوشه ولا تجعله يجد الطريق نحو النصر ! .. أول هذه العوامل هو غياب النفَس الديمقراطي أي بمعنى آخر عدم استيعاب مفهوم الديمقراطية على مستوى العلاقات البينية الجنوبية جنوبية .. وغياب النفَس الديمقراطي سببه عقود من قمع الرأي الآخر ومطاردة المخالفين وإعتبارهم من الأعداء .. كما أن غياب النفَس الديمقراطي قد أستولد العامل الثاني ! . هذا العامل الثاني في مأزقنا في الحراك والجنوب هو أزمة الثقة بين قيادات الماضي في عهد الدولة الجنوبية الشمولية السابقة وأتباعهم ومناصريهم وبين خصومهم في تلك المرحلة والذين يبحثون عن وجودهم ودورهم في الحراك والعملية الجارية لصالح الحل لقضية الجنوب .. هناك تنافر وأغلبه غير معلن .. كما أنه هناك محاولات عديدة لإبعاد كل من لم يكن قريباً من العهد السابق أو لا يؤيده .. والعامل الثالث هو الهوية والخلاف الشكلي حولها .. هذا الخلاف ليس جوهرياً بدليل أن الجميع يبحث عن الخلاص من الوحدة ! .
حتى مؤيدي اليمننة يريدون حلاً من إقليمين مزمناً يتبعه إستفتاء لتقرير مصير الجنوب ! ويقولون فلنرجئ تغيير إسم الدولة المعبر عن هويتها الى حين وجود هذه الدولة أو إقامتها ! .. بينما يقول خصوم اليمننة بأننا يجب أن نخوض نضالنا من الآن تحت راية هويتنا الجنوبية العربية والتأكيد على عدم يمنية الجنوب وهم يريدون بهذا التأكيد على الهوية المستقلة للجنوب والبناء عليها مستقبلاً وإقامة دولة جنوبية جديدة .
كما أنهم يشددون على التأكيد بعدم عودة النظام الشمولي السابق ! .. ويتفق الجميع أن هذا النظام الشمولي لن يعود أبداً بينما يسير جزء كبير من الجنوبيين بحسب عقلية هذا النظام السابق سواء مؤيديه أو خصومه .. فالمؤيدين الحاليين يقفون لخصوم الماضي ويحاولون بكل الوسائل منعهم من المشاركة والتواجد في أي تشكيل قيادي وإفشال أي تكوين يوجدون فيه ! .. ونفس الشيئ يفعله بعض الخصوم السابقين ومؤيديهم ويعملون على بقاء خصومتهم مع العهد السابق ورجاله في كل مكون وفي كل مكان وزمان ! .. وهكذا توصلت إلى قناعة بأننا لن ننتصر إلا إذا عرفنا كيف نضع حداً لمشكلتنا من خلال إزالة هذه العوامل الثلاثة التي تشكل العائق أمام النصر .. إنني من خلال تجربتي الشخصية أكتشفت أن كل من يعمل على إلتخلص من هذه العوامل ويعمل على وضع عواملاً للثقة تكون جديدة وذات دافع وطني وبمفاهيم حديثة للرأي والرأي الآخر والقبول بالآخر مهما كان لونه السياسي .. أجد أن كل عمل من هذا النوع يلحقه الفشل إن لم يصاحبه الفشل منذ بداياته عن طريق إندساس الأبالسة فيه منذ اليوم الأول ! .
إن ما يحدث دائماً أن كل من يحاول عمل أي شيئ إيجابي لصالح التخلص من هذه العوامل المؤذية يحجد نفسه وقد تم تصنيفه وإلحاقه إلى إحدى الفئتين من قبل الفئة المناوئة لها ! .. إن الحل هو أن يلتقي النزيهون والأنقياء من الشباب ويعملون على حل هذه المعضلة لأنهم الفئة الأكثر طهارة اليوم ولا أنكر وجود الكثيرين بل الأغلبية من المجردين من ما ذكرته من عوامل لكن الشر دائماً يطفح ويطغي إن لم نتذى له بتجرد كامل ... اللهم أرنا الحق حقاً وأرزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وأرزقنا اجتنابه ...