المتتبع للأحداث الجارية في صنعاء يعيش في دوامه ويبقى في حيرة من أمره من تلك التغيرات التي طرأت وتطرى بين الحين والاخر على المشهد اليمني وتتفاوت تلك التغيرات من حيث أهميتها وتزامنها وطريقة حدوثها وكل ذلك يعود الى القائمون على صياغة الاحداث الجارية وإظهارها للعالم بطرق ولغات مختلفة ، حيث اشتركت قوى وأحزاب وطوائف ومكونات وقبائل في صناعة تلك الاحداث في صنعاء وكان الحضور الاكثر من نصيب الحوثيون بمسماهم الحديث أنصار الله وما يملكونه من قدرة وكثافه على الاجتياح والمواجهة والانتشار في كافة المواقع، في ذات السياق أعتبر الكثير من المحللين السياسيين بأن الحلقة الاضعف في تلك الاحداث هو الرئيس عبدربه منصور وسلطته الرئاسية المشلولة والسيد بحاح وحكومته الهشة التي انهارت امام النفوذ الحوثي بشكل يندى له الجبين وقد أظهرت تلك الاحداث مجموعة من المعطيات على الساحة اليمنية السياسية والعسكرية نورد منها وبشكل مختصر ما يلي ؛ اولاً أثبت الحوثيون آنهم عاجزون عن إدارة البلاد بل صنعاء وما حولها بأسلوبهم المفرغ من الواقعية السياسية والمشبع بلغة القوه وجعلها اللغة السائدة على الشعب ومحاولتهم اعتلاء هرم السلطة والوصول بشتى الوسائل الى مركز صناعة القرار وكذلك فشل قيادتهم السياسية في تقبل الاخر باختلاف الانتماءات القبلية والمذهبية وقد تجلى ذلك في خروج الآلاف في صنعاء وتعز مناهضين لانقلاب الحوثي كما يسموه . ثانياً أثبت الاصلاحيون بأنهم لا زالوا يمتلكون ثقل سياسي وعسكري في إطار المنظومة اليمنية المتعددة الطوائف والاحزاب واثبتوا أنهم على مسافه قريبه من دائرة التأثير على المجال السياسي سوى في الداخل او الخارج. ثالثاً اثبت المخلوع علي عبدالله صالح بأنه اللاعب الاساسي في صناعة الاحداث في صنعاء وفي المنطقة بشكل عام وقد أستطاع بعد تنحيه عن منصبه البقاء ممسكاً بزمام أمور المؤسسة العسكرية متخفياً بعدة أساليب ومستخدماً ذرائع واهية ومتخذاً اوراق سرية للضغط على خصومه السياسيين في الداخل والخارج يستخدمها لتنفيذ أجندة خاصة تخدم تعزيز نفوذه السياسي والعسكري كما أظهر براعة كبيرة في التعامل مع المحيطين به حتى وصل مداه الى أروقة الأممالمتحدة ولا زال حتى اللحظة هو صاحب الحظ الاوفر في صنع القرار وحتى في اصدار الأوامر في اطار المؤسسة العسكرية ومجلس النواب رابعاً اثبتت رئاسة الجمهورية ممثلة بالأخ عبدربه منصور هادي وحكومة بحاح ومن والاهم من المغردين خارج السرب الفعلي والحقيقي لسلطة صنعاء اثبتوا بأنهم الحلقة الأضعف في المنظومة بشكل عام واثبتوا إنهم ليسوا سوى ادوات يستخدمها النافذون في صنعاء لتمرير مخططاتهم ومشاريعهم السلطوية وقد أتضح ذلك من خلال استقالة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة من منصبيهما تحت ضغط حوثي مكشوف وقد اتضحت الرؤية بأن اولئك ما هم الا كما وصفتهم بعض الصحف ك غثاء السيل . وسيبقى الوضع كما هو عليه رغم ما تبادر الى أسماعنا عن عزم الاخ عبدربه منصور سحب الاستقالة وبقاءه رئيساً شرعياً للبلاد وذلك بعد محاولات حثيثة ومحادثات مطولة قام بها المبعوث الاممي بن عمر لإقناعه بسحب الاستقالة ومواصلة رحلت العجز والهوان الى ما لا نهاية.