منذ أن تهاوت الدولة اليمنية وتداعت كافة مؤسساتها الحكومية, وانهارت رئاستها وحكومتها,وباتت الدولة لادولة وتسير على البركة وعلى أهواء الجماعات المسلحة, وأنبلج من نافذ الزمان والتاريخ (والحظ) فجر الجنوب الجديد بعد ليالٍ حالكات ودياجير مظلمات وبات قاب (قوسين) أو أدنى من الواقع, ونحن في الجنوب لم ندرك أن المرحلة حساسة وخطيرة وفاصلة تتطلب من الكل أن يكونوا على قلب رجل واحد, وعلى كلمة سوى ليصلوا إلى الغاية المنشودة والهدف والمرام الذي باتت مؤشراته واضحة جلية.. ولم نصل بعد منذ ذلك الحين إلى شيء غير لقاءات متكررة وجلسات متتالية ومؤتمرات متوالية كلها تصبح (حبرا) على ورق بمجرد أن (ينفض) المؤتمرون ويمضي كلا إلى غايته, لنعود من نقطة الصفر والبداية ونبحث عن نهاية لبداية للأسف لاتكون دوما موفقة أو مبشّرة أو حتى تحمل بين طياتها (بصيص) أمل لإنفراج الأزمة الجنوبية الجاثمة على صدور الجنوبيين منذ أن تناحر وتباغض فرقا المشهد الجنوبي, وبات الواحد منهم يتحين الفرص أو يتصيد الأخطأ, ويغرد خارج سرب الشعب بمشروعه وهدفه وحلمه الذي لايتعدى (الجلوس) على كراسي المناصب وجني الأموال والكسب على حساب حلم ذلك الشعب الثائر منذ العام2007م..
منذ ذلك الحين ومنذ أن بدأت المشاكل تعصف باليمن الشمالي, والجنوبيون وبالذات القادة منهم لايزالون يتصارعون عن من ولد أولا (البيضة) أو (الدجاجة), ويتقاتلون على إثبات الذات وفرض السلطة وإجبار الآخر على القبول بهم, ليس لأنهم يحملون مشاريع أو أهداف جنوبية وطنية أو (يغزلون) من خيوط (الشمس) أحلام البسطاء, ولكن لانهم يبحثون أولا وأخير عن غاياتهم ومناصبهم ومواقعهم من الإعراب في حال وصل الجنوب لحلمة المنشودة منذ الأزل..
تخيلوا ياجماعة منذ ذلك الوقت ومنذ انهيار صنعاء ونحن نسمع عن ولادة (مكونات) وعن بروز أحزاب وعن تمخض لقاءات وعن تصريح لقيادات وعن تحركات وعن (حلاقة) في ذقون (الغلابى),ولكن ورغم هذا كله لم تفضي لشيء أو (يتمخض) عن ولاداتها المتعسرة شيء غير (أجنة) مشوهة,معاقة, قاصرة, لاتلبي حلم أو طموحات الشعب ولاتعدوا عن كونها (حبرا) على ورق,وصفحات تحتضنها أدراج المكاتب وربما براميل القمامة أو تغدوا (لفافات) لبعض الأطعمة..
يا هؤلاء نحن لانريد لقاءات, ولا نريد مؤتمرات,ولا نريد بيانات, أو هيئات,أو أقوال, نريد أفعال نلمسها على أرض الواقع ونستشعر أهميتها, وتخدم القضية والشعب, وتكون بمثابة جسر يصل من خلاله الشعب إلى غايته وهدفه وحلمه, نريد مواقف (تستغل) الفرص السانحة والظروف الراهنة (وتسخّرها) للمصلحة الوطنية الجنوبية بدلا من (الركون) إلى الغير والغير لن يأبه لنا أو يكترث بنا طالما ونحن لم نتفق بعد أو نتوحد في رؤانا وأفكارنا وحتى مشاريعنا المستقبلية..
في اعتقادي الشخصي أننا بتنا اليوم على (مرمى) حجر من ذلك الحلم, ولم يتبق أمامنا سوى بضع خطوات جريئة مدروسة, ومواقف رجولية وبطولية همها الأول والأخير الشعب وليس غير الشعب, وتحمل في طياتها مشروع الإنعتاق والتحرر وبلوغ المرار, فإن لم نحسن إستغلال مثل هذه المواقف والفرص ونعاضد أيدينا ونشابك أصابعنا ونترفع عن سفاسف الأمور وصغائرها, فصدقوني والله سنظل (ندور) في حلقة (مفرغة) نبحث فيها عن البداية والنهاية..