حين قال الدكتور محمد جميح على شاشة الجزيرة أن الحوثيين يكذبون كما يتنفسون لم يكن الأمر مجرد فصاحة شاعر وإنما كان ذلك أبلغ وأوجز وصف يمكن أن يطلق على الجماعة المبنية على التناقضات والقائمة على ايدلوجيا مفرخة تائهة بين اليمين واليسار والماضي والحاضر .. أبحرت وتعمقت في قراءة خطابات زعيم الجماعة محاولاً أن استنبط شيئاً يمكنني من تحليل ما لاتظهر كاريزما الرجل غير أنني وجدت أن هذا الشخص لا يمكن تحليله من خطاباته لأن تلك الخطابات والكلمات المطولة معدة مسبقاً بحيث تظهر نفسية معاكسة تماماً لما تخفيه الجماعة وما تخطط له في المستقبل بل أنها تتناقض كلياً مع توجهاتها المستقبلية وخططهها المرسومة.. الرجل أتعب متابعيه وسامعيه وكتابه حيث يعد الرجل الأكثر استهلاكاً للكلمات منذ الألف عام الماضية وقد تفوق على الزعيم الليبي معمر القذافي في مسألة الاسهاب في الحديث والإطالة في الكلام .. يستغل زعيم الحوثيين كل مناسبة سياسية ودينية للظهور والقاء خطابه بنفس الهيئة ونفس المظهر ونفس اللغة ونفس الأسلوب من دون أن يتعب نفسه في محاولة الإتيان بأي شيئ جديد. كما انه لم يركز على أي شريحة ولم يهتم بأي قضية مثلما يركز على توجيه رسائله إلى الجنوبيين فمنذ أول يوم أتيحت له الفرصة لإلقاء خطبته لم ينس الجنوبيين من رسالة وأحياناً رسائل كثيرة يوجهها عبر الفضائية الناطقة باسمه تحتوي في مضونها على اعذب الكلمات وابلغ الجمل المعدة اعدادا جيدا لمغازلة جمهور عاطفي برئ كما هو الجمهور الجنوبي حتى تأثر الكثير منهم به واصبحوا يؤملون على خطاباته ويبنون أحلامهم على تعهداته غير أن الواقع الذي يسلكه الرجل يظهر اتجاهاً مناقضا لكل مايقوله ويؤكد تحالفاً خفياً بين صالح واياه يستهدف الجنوب أرضاً وانسانا وابرز ترجمه لذلك هو إقدام الجماعة على اختطاف بن مبارك مدير مكتب الرئاسة وهو أول جنوبي يصل الى مكتب الرئاسة منذ تم الاعلان عن الجمهورية اليمنيه وتعدي ذلك الإنقلاب على الرئيس والحكومة ومحاصرة منازلهم ووضعهم تحت الإقامه الجبرية مايعكس حجم الاستعلاء والخيلاء والبطش الذي اظهره الرجل المحصن بترسانة من الاسلحة ضد اولئك الذين يعتبرون انفسهم غرباء هناك تحت حمايته و لم يتوقعوا ولم يخطر على بالهم أن تقدم جماعة كالحوثيين على ان تنفذ كل هذا العدوان في وقت لم يكونوا متأهبين لأي احتمال كهذا وانما ضلوا يراهنون على لغة العقل والحوار.. وبعد كل هذا ما تبقى لكي نثق يقينا أن الرجل يكذب كمايتنفس!!