مهيب ذلك المشهد الذي تمخر فيه العربات الصغيرة ذات الدفع الرباعي في رمال وصحاري شبوة.. ترفرف عليها رايات خضراء.. تحمل هلالا أبيض.. وتكاد تئن بالأسلحة المتوسطة التي حملتها على ظهورها.. وامتطاها رجال ملثمون. وفي ناحية أخرى تتسابق عربات أخرى "شاصات وهايلوكسات" نحو نقطة التجمع الأكبر في تاريخ الاستعراضات العسكرية القبلية في شبوة. يخيب ظن الناظر بعيون "جنوبية " وهو لا يشاهد أي نجمة حمراء ترتفع! ويصاب بالدهشة يمانيون آخرون - من ضمنهم- الرئيس الفارُّ إلى عدن وهم لا يقرأون أي لافتات تحمل تأييد الرئيس الشرعي أو ترحب به في عدن مدينته التي فرّ منها يوما! أما سادة بني مرّان فإن المشهد حتما قد عقد ألسنتهم عن نطق "صرخة الصباح" ..خصوصا حين علموا أن هذا الغبار مرسل إليهم من شبوة..(ريح فيها عذاب أليم). لايختلف المتابعون في الاعتراف بهذه القوة البشرية المقدرة بالآف الرجال الحاملين للسلاح الخفيف والمتوسط..والتي تحمل ردا ورسائل قد يكون بعضها ظاهرا وصريحا وبعضها ضمنيا غير صريح.. ربما أوجزه فيما يلي: 1- التفاف جموع القبائل الكبرى في شبوه اليوم وخلال الأسبوع المنصرم..كما أنه يرسل رسالة إيجابية داخلية للقبيلة الأم بالتكاتف والإلتحام ونسيان أو تأجيل الصراعات الداخلية..إلا أن فيه أيضا رسالة للقبائل الجارة في المحافظة بأنه مافيش أحد أحسن من أحد! وكلن برجاله! ورسالة دولية عابرة للحدود "نحن هنا"! 2-هل نشك بأن ثمة "حصان طروادة" يصنع في تلك الصحاري بصناعة عربية أصيلة..يعبق هيلا ويفوح عودا؟! وأن من لم يعط " حصانا" سيتحصين..؟! لاندري..الأيام ستثبت أو تنفي! 3- الحوثي يعي تماما أن وراء هذه الرايات - على شجاعتها- رايات أكثر شجاعة وأكثر تهورا وتفجيرا، لن تنتظر الاستئذان أو الإعتراف من أحد لتدخل الحلبة، وهو أي الحوثي لم ينقذ نفسه بعد من الغرق في البيضاء.. فما باله بالسوداء والخضراء والصفراء؟ 4- قد يعزف الحوثي ويتعوذ من الشيطان من التفكير في مواجهة هذه الجموع التي لن ترحمه ، لكنه سيستعين بشياطين آخرين يعرفون طرقا أسهل ومنافذ أقصر لتحقيق مايريد، أو ربما يختار التركيز على عدن فقط لإكمال ماتبقى من حلقات "tom&jerry" 4- تنحية الهوية الجنوبية تماما عن مشهد الاستعراضات العسكرية يعطي رسالتين :الأولى ( تقديم الهوية القبلية المناطقية واستعدادها للإستقلال والإعتداد بذاتها) والثانية ( تضييق وعاء المكاسب والانفراد بحصة هنية دون مزاحمة الآخرين) 5- لم نلحظ أي لافتات مؤيدة لعبدربه أو تتحمد له على السلامة حتى ! .وإن كانت تمت الإشارة على عجل في مقدمة البيان إلى ذلك ، وهذا يؤكد استقلالية هذه القبائل عن النظام المنتقل من صنعاء إلى عدن اللهم ماذكر باقتضاب عن السلطة المحلية في شبوة. 6- لن يستطيع أحد كتمان الرائحة المنتنة من أي تجمعات قبلية تدعو للعصبية ,وبعث الدماء من الرفات ، إلا إن زانتها نصوص الشرع..وحدتها حدوده. أخيرا فإن مانأمله أن يكون خيرا على المحافظة وقبائلها، وأن تسلم من لوثة الارتزاق أو رجس المعتدين! وأن تكون هذه الاستعراضات والاجتماعات مقدمة لإجتماع شامل للمحافظة يسوده العقل ويقوده العلم ثم تحميه الذخيرة.