يتمنى شعب الجنوب أن يعلم العالم كله وفي مقدمته الدول العظمى دائمة العضوية في مجلس الأمن، ودول التحالف العربية خاصة، وعلى وجه التحديد دول مجلس التعاون الخليجية بقيادة المملكة العربية السعودية، أنه بعد كل هذه الدماء التي سالت، وبعد كل هذه التضحيات والمآسي والآلام، بعد كل هذا الدمار والخراب والحرائق المتعمدة، بعد هذا كله لم يعد هناك مجال إطلاقاً لما يسمونه ب "الوحدة" بأي شكل ولون كانت، ولا حتى ليوم واحد، فلم يعد بمقدورنا تقبل المزيد. إن هذه الوحدة التي يتحدثون عنها لا تعني سوى المحافظة على المساحات الشاسعة من أراضي الجنوب الزراعية التي استولى عليها صالح وقياداته المدنية والعسكرية وشيوخ قبائله وكبار تجاره، والمباني والعقارات الحكومية والعامة التي تملكوها، والثروات الهائلة التي كونوها من النهب المستمر لثروات الجنوب النفطية والبحرية وغيرها. هذه هي الوحدة التي يتحدثون عنها، أما الوحدة الحقيقية فقد رفضوها عام 94 عندما رفضوا وثيقة العهد والاتفاق التي وقعت في الأردن برعاية أممية وعربية وخليجية-سعودية، وبدلاً من تنفيذ تلك الوثيقة اتجهوا إلى شن حرب قذرة على الجنوب والتي كانوا يستعدون لها منذ اليوم الأول للوحدة، بحسب الكثير من المحللين. كما أن حديثهم عن الدولة المدنية الحديثة ليس أكثر من وهم؛ فقد رفضوا مشروع هادي لبناء الدولة الاتحادية الحديثة، بل اعلنوا الحرب على مؤتمر الحوار ومخرجاته والمبادرة الخليجية وعلى هادي نفسه حتى اخرجوه من البلاد. وعدم توقف الحرب على الجنوب بعد خروج هادي يعني بوضوح أن الجنوب هو المقصود أساساً بهذه الحرب. ولولا عاصفة الحزم لكان حجم الخسائر البشرية والمادية أضعاف ما هو عليه الآن. نتمنى أن يوقف تمدد آلة الحرب هذه والقتل والتدمير الممنهج والمقصود؛ فالمقاومة الجنوبية ليست أكثر من لجان شعبية من المتطوعين ورجال القبائل والتي تفتقر للتدريب والتنظيم والسلاح في مواجهة هذه الآلة الضخمة، عدد وعتاد، والمتمثلة في قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة، وألوية الجيش والطيران والأسلحة الفتاكة الأخرى والتي شلت فاعليتها، بالإضافة إلى مليشيات الحوثي المدربة والمجربة والتي تمتلك كل أنواع الأسلحة. كفى بالله عليكم كفى، فقد نفذ صبرنا وحلمنا؛ كفى خمسة وعشرين عاماً من الحرب، من الظلم والقمع والاضطهاد، من النهب والسلب والاستيلاء على كل شيء، على الأرض والبحر وشواطئه والجال، تملكوا كل شيء وحرمونا من كل شيء؛ سرحونا من أعمالنا ووظائفنا وحولونا إلى جيوش جرارة من العاطلين عن العمل من العسكريين والمدنيين تحت مسمى "خليك بالبيت"؛ حرمونا من كل حقوقنا في العمل والحياة الكريمة، وعملوا على سلب حريتنا وقمعنا وإذلالنا بشتى الطرق والوسائل. خرجنا في نضالات سلمية منذ 2007، فواجهونا بالقمع والقتل والمطاردات والاعتقالات والتعذيب والتهديد والوعيد. العالم كله يرى كل ذلك ولكنه ظل ساكناً عدا من بعض إشارات عابرة وخجولة من هنا وهناك. إن هذا العالم الذي لا يفتأ يتحدث ليل نهار عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان نجده لا يفعل شيئاً وهو يرى هذه القيم والمبادئ والسمات الإنسانية السامية تنتهك وتداس وتذبح في عدن وكل أرض الجنوب والمستمرة منذ أكثر من عشرين عاماً والتي تتجلى في أبشع صورها في هذه الحرب القذرة على عدن والجنوب. إنهم يقتلوننا ويسفكون دماءنا، إنهم يقتلون آباءنا وأمهاتنا وأخوتنا وأخواتنا وأبناءنا وبناتنا، إنهم يذبحوننا من الوريد إلى الوريد لإسكات مطالباتنا باستعادة وطننا وحريتنا وكرامتنا وإنسانيتنا وحقنا في الحياة. والمختصر المفيد هو القول بأن على كل ذي دار أن يعود إل داره، أن يتركوا للجنوبيين جنوبهم، أن يوقفوا طواحين حربهم القذرة وأن يسحبوا جحافلهم الغاشمة من كل أرض الجنوب. لقد حمل الجنوبيون بنادقهم للدفاع عن الأرض والعرض ولن يتركوها حتى التحرير والاستقلال.