ذهبت برفقة زميلي ماجد الشعيبي إلى مستشفى النصر بالضالع تحت جنح الظلام كنا نبصُر أشعاع القذائف ونسمع دوي انفجارها في مناطق الضالع الواقعة على خطوط التماس مع مليشيات الحوثي وصالح . وفور وصولنا وصل سالمين يحمل طفلته هديل التي لم تتجاوز العامين وبها إصابات متفرقة بأنحاء جسدها ، وتجهش هديل بالبكاء من شدة الألم هرع الأطباء لتضميد جراح هديل ، ولكنه يصعب تضميد جرح استشهاد والدتها بتلك القذيفة الشؤمة التي أطلقتها مليشيات الحوثي وصالح (كنت انا وأسرتي بنوم عميق داخل منزلنا في قرية لكمة لشعوب اذا صحوت على دوي انفجار حول المنزل إلى ركام وجسد زوجتي تحول أشلاء وجروح بالغة بطفلتي الصغيرة (هديل )...... هكذا تحدث سالمين بحزن وحسرة وغيظ إما داخل المستشفى فقد تعالت الأصوات وبدو يتهامسون .....والدة هديل استشهدت ... وتظهر على الجميع ملامح الحزن (لم أتمالك نفسي حين شاهدت ابو هديل يحمل ابنته مضرجة بالدماء ... فقد حدث لي نفس الموقف فقد حملت ابني الذي قتله ضبعان بداية الحرب وهو مضرج بالدماء وفارق الحياة وانأ أشاهد تلك الفاجعة التي أتذكرها كل يوم )........هكذا قال احد الاطباء وعيناه تفيض بالدموع تركنا هديل تبكي من الم الجراح بجسدها وتصرخ ماما ...ماما دون أن تعلم هذه الطفلة البريئة أن والدتها فد التحقت بقوافل الشهداء المفجع أن كل أطفال الضالع تقريبا امتدت إليهم آثار الحرب، وسيعانون نفسيا منها لسنوات طويلة مقبلة حتى بعد أن يتوقف القتال وتسكت أصوات المدافع؛ فالحروب دائما تخلف جيلا ضائعا من الأطفال الذين عانوا الخوف والرعب تحت القصف أو بعد مشاهدتهم لمناظر القتل والجثث، وحرموا من الحياة الطبيعية ومن التعليم المنتظم وسط هذه الصورة الضبابية تستمر معاناة أطفال الضالع والجنوب وتنتهي أحلام هديل ومعها الكثير من أطفال الجنوب الذين لأجلهم يجب أن تنتهي هذه الحرب بأي ثمن كان.