العمل الثوري السلمي يحتاج الى قوة تحمية ، والعمل الثوري المسلح يحتاج الى قاعدة شعبية وجماهيرية تشرعنه ، هذا منطق الثورات وهذه فلسفتها . طبعاً القائد الملهم الكاريزمي يعد ركيزة اساسية من ركائز الثورات ، ولكن الاختلاف بين الثورت هو في انتاج القائد ، بعض الثورات يخرج القائد ليقودها ، وبعضها يخرج القائد من رحمها ... وفي المحصلة النهائية لن تُسمى الثورة ثورة الا بتحقيق اهدافها ورسم خطوطها العريضة ، فالثورة لاتقبل انصاف المشاريع ، فنصف الثورة تعود على اصحابها بالوبال والخيبة ، وتُسمى فيما بعد محاولة انقلاب ، تمرد ، شغب ، خروج عن القانون ... الى اخره من المسميات التي تمتلى بها جُعب الطغاة . نحن في الجنوب كنا ولا زلنا نتقلب بين الثورة والمواجع او بالمصطلح العامي البدوي ( ثورة مرجرجة ) اي ان مصطلحات ومعاني الثورة الحقيقية لاتزال تسكن خارج اسوار ثورتنا ،( طبعا اذا ما اردناها ثورة كثورة غاندي ومانديلا ) ، فالتضحيات والايثار والصبر والمرابطة .. كل هذه المُثل بمثابة الروح تحتاج الى جسد يحملها ، والا فانها ستتبعثر وتذهب ادراج الرياح ولن يبقى منها الا ذكريات اليمة وموجعة ! نحن في الجنوب نحتاج الى حاقن يحفظ تضحياتنا ، نحتاج الى دستور الثورة الكفيل بايجاد القائد ، وافشاء ثقافة الثورة على الجميع ... نحن لانريد ثائر بدون هدف ، لانريد شجاع يحمل روحه على كفه و لايحمل مشروع الثورة الحقيقي ، نحن بحاجة الى شجاعة ثورية طاغية . الظروف الحالية مواتيه لانجاح الثورة وتحقيق اهدافها بشرط ان يكون لها عقل سياسي مُدبّر قادر على فهم اللعب في ميدان السياسة فمنذ 2007 ونحن نفتقد الى هذا العقل ، و حاجتنا اليوم اليه مآسة والضروره ملحه لتواجده ،فنحن نعيش على شفا انهيار الدولة العميقة التي ظلت جاثمة على صدور اليمنيين بصفة عامة . واليمن امام مفترق طرق قد لاتكون في نهايته الشمال شمال ، وان لم نستيقظ قد لاتكون الجنوب جنوب ، فالفرصة ذهبية وعدم اغتنامها يعني خذلان التضحيات التي قدمها شعبنا جسيمة ، والصمود اسطوري ، والعزيمة فولاذية ... ولكن هذا كله لايكفي لانجاح ثورة وتحقيق مشروع استقلال ، لابد من اقناع العالم ، والعالم لايقتنع الا بالدبلوماسية وتطمينات المستقبل المرتبطة بالمصالح ، وهذا لا يتحقق الا بوجود العقل السياسي الذكي الذي يضبط ايقاع اللعبة جيدا . وحتى المواطن البسيط العفوي العادي الذي كان يفترش الارض ويلحتف السماء في المليونيات السابقة واليوم يحمل بندقيته ويتنقل بين الجبهات ، يبحث عن العقل السياسي ويتمنى وجود القائد الذي يتلف الجميع حوله . لكل ثورة ظروفها وزمانها ومكانها ... وعلى حسب ظروف الثورة وحالة الوعي لدى الثوار تكون النتائج ، فالحصاد هو المهم قامت ثورات على دول كانت عُظمى في نظر الكون ، وتكللت بالنجاح ، وجرّت الدول العُظمى اذيال الهزيمة مولّية الى غير رجعة ، وانجبث تلك الثورات شعوبا لاتزال تحتفظ باسم صاحب ادول قطرة دم اريقت من اجل التحرر والانعتاق ، ولاتزال تلك الشعوب تحافظ على اهداف ثورتها بعد عقود طويلة من رحيل المُستعمر . ونحن نريد للتاريخ ان يكتب تضحياتنا ، ونريد لنفوسنا التواقة ان تحقق مرادها ، ونريد للاجيال القادمة ان تفتخر بما قدمناه ، وبما قاله الامام الشافعي اختم مقالتي . إِذا هَبَّتْ رِياحُكَ فَاغْتَنِمْها فَعُقْبَى كُلِّ خافِقَة ٍ سُكُوْنُ .