كانت تجربة دولة الجنوب السابقة في مجال لجان الدفاع الشعبي من انجح التجارب على الاطلاق ، حيث ان دور هذه اللجان في تلك الفترة ، لم يقتصر على حل مشكلات المواطنين الاجتماعية وحدها ، بل كانت تجربة امنية بامتياز . واعتقد انه و برغم مرور خمسة وعشرون عام إلا ان التقسيم الاداري الذي كان سائد آنذاك لازال حاضراً في الاذهان ، وعلى الواقع ايضاً . فمثلاً لازالت الاحياء والوحدات السكنية قائمة ومعروفة حتى الان ، وبإمكان إعادة هذه التجربة من جديد . إذا لدى البعض حساسية من تسمية ( لجان الدفاع الشعبي ) يمكن تغيير التسمية بما يتماشى وعقلية الناس اليوم ، المهم في الامر هي ان نعيد العمل بهذه التجربة الناجحة ، ونشكل لجان الاحياء والوحدات السكنية والمراكز والمديريات ، باختيار افضل العناصر لتقوم بدورها من جديد ، والقاء تسميات الجهل التي اوجدها الاحتلال كالمشيخيات وعقال الحارات ، وغيرها من المسميات التي قصد منها الاحتلال ان يقضي على عدن ويلقي مدنيتها ويحيلها الى قرية كبيرة ، واضنه نجح في ذلك الى حد ما . تقوم هذه اللجان بحل قضايا المواطنين ، وكذا حراسة المنشئات والمحلات التجارية وخزانات المياه والملكيات الخاصة والعامة ، وكذلك تقوم بدورها الامني في متابعة الاختلالات والمظاهر المسيئة و متابعة مرتزقة الاحتلال واذنابه وقتلته المأجورين ، ومراقبة من يقوم بنشر الافكار الهدامة و زرع روح الكراهية و العنف في المجتمع ، واتخاذ الاجراءات المناسبة . ويشترط ان يعطى لها كما في السابق صلاحيات الضبط القضائي ، وتكون مرتبطة بشكل مباشر بقيادة الامن والنيابة العامة ومراكز الشرطة . ويكون اختيار عناصرها من الكوادر المؤهلة من الرجال والنساء ، و يجب ان تجمع في اطارها الكثير من التخصصات ، وبصورة ضرورية التخصصات القانونية ، كالمحامين ، و القضاة و رجال النيابة العامة و الامن ، والوجاهات الشخصية من ابناء عدن ذوي السمعة الحسنه والثقل الاجتماعي الذين يحضون بحب واحترام الناس . وهذه الكوادر الكثير منها بالبيوت ، من الذين شملتهم ، مكارم الوحدة المباركة ، واطاحت بهم في مراحل مختلفة . وبهذه التجربة يكون قد اشركنا قطاع واسع من ابناء عدن و كادراتها ليحفظوا امن مدينتهم لانهم ادرى بشعوبها اكثر من اي انسان اخر . هناك الكثير من ابناء عدن من الذين اعرفهم لديهم مبادرات في هذا الجانب و جوانب اخرى متعددة ، ولم يجدوا من يستوعب هذه المبادرات القيمة و يوصلها الى اروقة القرار في عدن . الانتصار على الاحتلال المتخلف ، ليس بدحره عسكرياً من البلد وحسب ، بل وباجتثاث كل ثقافته بصورة نهائية ، وتغيير كل معالم التشوية التي تركها وراءه ، واعتقد ان المشيخيات وعقال الحارات واحدة من المظاهر المتخلفة والتي لا تلائم مدينة عدن بؤرة التنوير المدني والحضاري و مصدر اشعاع الفكر الحر . ارجو الا يفهموا الاخوة من مشايخ وعقال الحارات ان هذا انتقاص من شخوصهم او استهداف لهم ، ولكن عدن تحتاج شيء يتوافق و مدنيتها ، إذ من المعيب و بعد قرون من المدنية ، ان نجد في عدن شيخ أو عاقل حارة شأنها كشأن أي قرية في ذمار مثلاً أو بلاد الروس. أعيدوا لجان الدفاع وستساهم بنسبة خمسون بالمائة في حفظ أمن عدن . أسمعوني ولن تندموا ... والله الموفق.