همسة في أذن من يطالبون بفتح طريق عقبة ثره    خبير سعودي: أحمد علي عبدالله صالح مطلب شعبي لإخراج صنعاء من حكم المليشيات الحوثية    حملة تقودها وسائل إعلام الشرعية للنيل من الانتقالي ليست غريبها عليها    العطش وانعدام الماء والكهرباء في عاصمة شبوة يصيب مواطن بجلطة دماغية    رسائل مهمة للحوثيين و"الكيانات المساندة للمجلس الرئاسي".. نص بيان المجلس الوزاري لدول الخليج بشأن اليمن    فضل الذكر والتكبير في العشر الأوائل من ذي الحجة: دعوة لإحياء سُنة نبوية    مانشستر يونايتد يسعى لتعزيز هجومه بضم المغربي يوسف النصيري    في تصعيد جديد: مليشيا الحوثي تختطف مدير موريمن بعد مداهمة منزله    غارات دموية تستهدف نازحين عقب يوم من مجزرة النصيرات التي أسفرت عن 998 شهيدا وجريحا    وزارة المالية تعلن إطلاق تعزيزات مرتبات شهر مايو للقطاعين المدني والعسكري والمتقاعدين    بينهم طفل وامرأتان.. استشهاد 6 فلسطينيين بقصف إسرائيلي لبناية في غزة    أغلى بقرة في العالم.. قيمتها 4 ملايين دولار وحصلت على جائزة "ملكة جمال" والمفاجأة في السبب!    "صراع داخلي في جماعة الحوثي.. قيادي حوثي يشن هجوما على رئيس وكالة سبأ الحوثية"    ارتفاع في تسعيرة مادة الغاز المنزلي بشكل مفاجئ في عدن    مختار علي يعزز صفوف المنتخب السعودي امام الاردن    وديًّا: فوز متواضع لإيطاليا على البوسنة    رجل يقتل زوجته بالرصاص ويدفنها في المطبخ.. والكشف عن دافع الجريمة    إيران تمول والحوثي ينفذ: اختفاء 43 طفلاً من مراكز صيفية في ذمار    فيما وزير الخارجية يهنئ نظيره البرتغالي باليوم الوطني..الخارجية تدين استمرار التصعيد العسكري الصهيوني في ارتكاب مجازر يومية في غزة    خلال تدشين الخدمة المدنية للمجموعة الثانية من أدلة الخدمات ل 15 وحدة خدمة عامة    جرة قلم: قمة الأخلاق 18    في ورشة لاستعراض ومناقشة التقرير الرسمي التاسع للجمهورية اليمنية    جسدت حرص واهتمام القيادة الثورية في تخفيف معاناة المواطنين.. فتح الطرقات.. مبادرات انسانية وموقف شعبي مؤيد    الضرائب تعلن عن امتيازات ضريبية للمنسوجات المحلية    تدشين مخيم مجاني للعيون بمديرية العدين في إب    أكدوا ثبات الموقف الداعم والمساند لفلسطين.. تحذير أدوات العدو ان من التمادي في خطواتهم ضد شعبنا واقتصادنا    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    العاصمة صنعاء تشهد الحفل الختامي وعرضاً كشفياً لطلاب الدورات الصيفية    صنعاء بعيدة.. التصعيد الاقتصادي الأخير يؤطر للانفصال    رئيس الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي، الدكتور عبدالله العلفي ل"26 سبتمبر": ترتيب الأدوار مع الجهات ذات العلاقة بالقطاع الزراعي يؤسس لمسار أداء تكاملي    محافظ مارب يرحب بنجاح مبادرة فتح الطرقات ويدعو الطرف الاخر للفتح الكلي    غارات دموية تستهدف نازحين عقب يوم من مجزرة النصيرات التي أسفرت عن 998 شهيدا وجريحا    افتتاح معمل وطاولة التشريح التعليمية ثلاثية الأبعاد في الجامعة اليمنية    تفاصيل جديدة بشأن انهيار مبنى تابعًا لمسجد ''قبة المهدي'' ومقتل مواطنين    الرواية الحوثية بشأن حادث انهيار مبنى في جامع قبة المهدي بصنعاء و(أسماء الضحايا)    "هوشليه" افتحوا الطرقات!!!    ''استوصوا بعترتي'' و استوصوا بالمعزى!!    الرئيس الإقليمي للأولمبياد الخاص الدولي يدعو برامج المنطقة لزيادة عدد الألعاب والمسابقات والاهتمام بصحة اللاعبين    يورو 2024.. هذه قيمة الأموال التي سيجنيها اللاعبون والمنتخبات المشاركة    عالم آثار مصري شهير يطالب بإغلاق متحف إنجليزي    منتخب الدنمارك يقهر نظيره النرويجي بقيادة هالاند    أسعار الذهب في صنعاء وعدن صباح اليوم    منظمة الصحة العالمية تدعو للاستعداد لاحتمال تفشي وباء جديد    في الذكرى الثالثة لوفاته.. عن العلامة القاضي العمراني وجهوده والوفاء لمنهجه    أحب الأيام الى الله    السيد القائد : النظام السعودي يتاجر بفريضة الحج    روسيا تعلن بدء مبيعات مضاد حيوي جديد يعالج العديد من الالتهابات    ما علاقة ارتفاع الحرارة ليلا بزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    النفحات والسنن في يوم عرفة: دلالات وأفضل الأعمال    نادي ظفار العماني يهبط رسميا للدرجة الأدنى    من 30 الى 50 بالمية...قيادي بالانتقالي الجنوبي يتوقع تحسنًا في سعر الصرف خلال الفترة القادمة    بعد أشهر قليلة من زواجهما ...جريمة بشعة مقتل شابة على يد زوجها في تعز (صورة)    ما حد يبادل ابنه بجنّي    الحسناء المصرية بشرى تتغزل باليمن و بالشاي العدني    أطباء بلا حدود: 63 ألف حالة إصابة بالكوليرا والاسهالات المائية في اليمن منذ مطلع العام الجاري    الحوثيون يمنحون أول باحثة من الجنسية الروسية درجة الماجستير من جامعة صنعاء    الحوثيون يعتقلون عشرات الموظفين الأمميين والإغاثيين في اليمن مميز    خبراء صحة: لا تتناول هذه الأطعمة مع بعض الأدوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقال تحليلي : حرب الفئران في اليمن
نشر في عدن الغد يوم 29 - 03 - 2016

أخشى أن تكون قصة اليمنيين في هذه الحرب تشبه قصة فأرين اختلفا على كيفية تقاسم قطعة جبن ؛ فتنازعا في الامر أشد النزاع ؛ ثم تعاركا ؛ وأخيرا اتفقا على "تدويل" الأزمة فاتجها إلى عرض القضية واحالتها إلى حضرة أحد القطط السمينة كي يتولى بينهما القسمة العادلة لمكعب الجبنة ..
لم يتأخر القط السمين عن الواجب فقام على الفور بقطع المكعب إلى نصفين بأحد مخالبة الحادة ؛ ثم تبين بعد شطر الجبنة "الصغيرة" ان احد الشطرين كان أكبر من الشطر الاخر ؛ وهنا سادت الحيرة للحظات ؛ فالفأران الابيان سيرفضان أن يحصل أحدهما على أقل من حصة الفأر الآخر ؛ فهما فأران إصيلان من فئران العالم الثالث ولن يقبل أحدهما بأن يكون اتعس مكانة من أخيه الفأر المقابل ؛ ويخشى أن دنت منزلته عن هذا المستوى بأنه سيكون الحيوان الأدنى بين جميع المخلوقات ؛ وربما يعلم أنهما بمنزلة الأقل بين كائنات الكون ؛ فهما إذن في الأسفل الذي ليس تحته شيء ؛ تلبد الجو ؛ وكادت الأزمة أن تطل على محفل السادة أطراف الازمة كرة اخرى من نافذة الحل الدولي ؛ وهنا تسرب إلى المكان الصمت الذي يسبق العاصفة ؛ وكانت نظرات الفأرين تتسارع إلى مشهد امتشاق السيف لكي تبدأ المنازلة المقدسة ؛ وربما سمعا من منطقة اللامكان صوتا يتسلق إلى السطح يشبه طبول الحرب ؛ ولعل أحدهما قد تمتم في نفسه قائلا : أنها الحرب إذن ..
وهنا خشي القط السمين أن تسبقه الأحداث ؛ واوشك أن يرى فأرين حقيرين يخفران ذمته ويهينا منزلته ؛ فضرب بمخلبه الحاد بقوة شديدة على الطاولة ؛ فتصفرت كل العدادات في أدمغة الفأرين من هول الضربة المرعبة ؛ فهنا أصبحت القضية قضية قط سمين وليس قضية فأرين تافهين ؛ أصبح الثلاثي بمن فيهم أطراف الخصومة يدركون أن إنقاذ كرامة القط أضحت قضية أسمى من إنقاذ الوفاق على مكعب جبنة ؛ أنها الحرب إذن ؛ نعم هنا ستكون الحرب الحقيقية بمعناها الشرس كما تبينها الفأران ؛ هنا لمسا معنى حرب لأنهما ادركا أن مخالب القط صارت أمضى من أي سيف يمكن أن يقويا على حمله ؛ لقد ساد الرعب الحقيقي على مجمع الحضور بعد أن كانت الحمية سيدة الموقف بين فأرين تنازعا على قطعة جبن ؛ الآن أصبحت الأزمة دولية بعد أن كانت آليات التوفيق هي ذات الطابع الدولي فقط ؛ تحول الفأران من متنازعين إلى هدفين للتنازع على كرامة ومنزلة القط ....
هنا فقط شعر الفأران بأن مجرد الصمت لا يكفي لانقاذهما من غضبة القط الجريح في كبريائه ؛ وهنا كاد أن يتجمد الدم في عروقهما ؛ فكبرياء القط السمين هو عاصفة ستقتلعمها من اخمص قدميهما ؛ الأمر جلل والموضوع أكبر مما تصورا ؛ السرعة مطلوبة ؛ والفوت غير مغتفر ؛ تسارعت نبضات قلبيهما وكاد الخفقان أن ينتزعهما من داخل جلديهما ؛ يجب المسارعة إلى طرح الحلول ؛ القط لن يصبر أكثر من ذلك ؛ تحول الخوف إلى طاقة ؛ وحينما يتحول الخوف إلى طاقة تضحو سباقات ( الفورملا ون ) مجرد مزحة في تسابق جسم مرعوب يتحرك بطاقة ارتعاب تعادل قوة عنصر مشع ؛ لكن الأدهى أن عليهما إلا يتحركا ؛ حضرة القط تفرض عليها أن يبقيا ساكنين ؛ يجب أن يبتلعا هذه الطاقة ويخرسا في مكانهما ؛ وهنا يتحول الخوف إلى تفكير ؛ وحينما يتحول الخوف إلى عقل تصبح مستودعات معالجة البيانات الرقمية في خوادم (أمازون أس) مجرد قطرة في محيط تفكير يشتعل بطاقة خوف تقترب من حافة الهلاك ..
نعم اتفقا على أن القط أخطأ في القسمة ؛ لكن الجرم الذي لا يدانيه جرم هو أن يتهم القط السمين في عدالته ؛ وهنا كان المشترك الوحيد الذي اتفقا عليه طيلة خط الاختلاف الذي صبغ علاقتهما ؛ نعم كانت قناعتهما عتيدة إزاء هذا الاستنتاج الذي تقوى بنظرة تصميم اشعت من ناظريهما ..
كاد أن يتحول هذا التصميم إلى مشورة لولا أن تذكرا رأس الذئب الطائر ؛ مرت الذكريات على وجهيهيما كان أحد ما قد رشهما بدلو بارد ؛ فهما مؤخرا أن الكلام في حضر ملك القوارض أثمن من سبيكة ذهب ؛ تذكرا كيف تحفز الذئب للمشورة ومشى إلى بؤرة التكليف مشية المختال مستحضرا عظمة الإسناد إليه في مهمة يكون فيها الاسد طرفا مقسوما عليه وفقط ؛ هنا هبت رياحك فاغتنمها ؛ هكذا ظن الذئب الموضوع بتلك الشاكلة ؛ لذلك كان مصرا أن يري الاسد كم هو متشبع بمبادئ الإنصاف ؛ وأراد أن يطمئن الاسد على صحة اختياره لمن يؤمن بمبادئ القانون الطبيعي ..
قال الذئب للاسد : "الحصة على قدر الجثة ؛ أنت ايها الاسد أكبر جثة فالبقرة لك ؛ والثعلب أصغر جثة فالارنب حظه ؛ وأنا متوسط فالغزالة حظي" ..
لقد رأى الذئب رأسه في حجر الاسد تماما مثلما شاهد جثته وهي بلا رأس ؛ في آخر لحظات عيش الدماغ بعد الذبح أبصر الذئب حتفه الذي باغته وهو يخطب عن العدالة في القسمة والإنصاف في توزيع الطرائد بين الشركاء ؛ العدالة التي تركته ومضت إلى النفاق وتركها هو ومضى إلى القبر ؛ الآن أصبحت عيني الذئب في عيني الفأرين وهما يقفان امام اختبار مر أمام ذاكرتهما قبل لحظات ومر معه رأس الذئب الطائر كأنه ما يزال يتدحرج بين أحضان القط السمين الذي يتصدر جلسة القسمة بين الفئران ..

لقد راقب القط السمين هذا التراسل الروحي بين الفأرين كأنه يقرأ افكارهما على صفحة جريدة من جرائد العالم هذا الصباح ؛ لقد سره أن يتبادلا مخاوفهما صامتين وان تتعرق هواجسهما وتتصارع فرائصهما كأنه يشاهدهما في مباراة لكرة المضرب ؛ لقد سره أن تستحيل سلسلة الخلاصات والاستنتاجات في راسيهما إلى الخوف الذي رآه ماثلا في عينيهما ؛ الآن وقت الحسم ؛ الآن عليه أن يتدخل قبل أن يتحول الخوف إلى قوة ؛ "نعم كان هذا الشطر أكبر من هذا الشطر " ؛ هكذا اعترف القط السمين بخطئة ؛ كان نبلا منه مجرد أن يعترف بخطأ في مواجهة كائنات توصف بأنها من اردأ فئات القوارض ؛ هكذا كان يجب أن يوصف اعتراف قط سمين من وجهة نظر جرذ تافه ؛ " ليس من العدل أن يأخذ جرذ نصيبا أكبر من جرذ مثله " ؛ هكذا استطرد القط قائلا ؛ فما هو الحل إذن ؟ هكذا يتسرب تساؤل صامت بين خفايا الخوف التي علقت بها قضية فأرين ابتغيا الخلاص على يدي اسنان مخالب قط حادة ؛ قضم القط قسما من القطعة الزائدة من الجبنة وارسلها بدون تردد إلى معدته ؛ ياله من حل عظيم ؛ هكذا انتشى الفأران في صمت مطبق ؛ ولكن يا للهول ؛ لقد أصبحت القطعة التي أكل القط شطرا منها أصغر من القطعة التي أراد المساواة بها ؛ لقد عادت القضية إلى نقطة الصفر ؛ وأصبح مجرد العودة إلى ما قبل تدخل القط خطرا يهدد حياة وأمن فأرين مسكينين ؛ هنا بالذات يزداد إيمان الفأرين بحكمة القط ؛ فحينما تكون في بؤرة أزمة تصبح كل حلقة فيها اثباتا على سوء الماضي وبهاء المستقبل ؛ فما هو الحل إذن ؛ بسرعة وبلمح البصر يقوم القط السمين بضم كسرة من القطعة الكبيرة ويرسلها مباشرة الى معدته ؛ وهنا تكررت المشكلة وتكرر ذات الحل الذي ارتضياه سبيلا للسلام ؛ القط يقضم من كل شطر دواليك حتى اجهز على كل الجبنة ؛ وكأنما القط حين قال "ليس من العدل أن يأخذ جرذ نصيبا أكبر من جرذ مثله " كأنه أراد أن يقول "ليس من العدل أن يحظى أي جرذ بنصيب في حضرة قط يتولى القسمة بين شلة جرذان" ؛ لست أدري بالضبط ولكني أظن أنه قصد هذا المحتوى ..
اخير حل الإشكال على طريقة مذهب الثعلب في قسمة فرائس الاسد ..
قال الثعلب : ايها الاسد أنت سيدنا ومليكنا ومبلغ طاعتنا ؛

الارنب فطورك .........
والبقرة غذاءك ...........
والغزال عشاءك ......

انتهت الأزمة ؛ واقفلت القضية بمشهد ثلاث ابتسامات كبيرة على محيا أطراف الازمة ؛ وانتهت بمشهد مكعب جبنة كاملة في معدة القط السمين ،،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.