(1) ثقافة الفئران وحضارة القطط…! أراد قطٌ أن يصبح صديقاً للفئران، فأصطاد أحدهم وعلقه من ذيله دلالةً على أنه أصبح من "مُناهضي أكل الفئران". وصلت فعلةُ القطِ مسامع كبير الفئران، فتقدم بورقةٍ إلى مجلس أمن الحيوانات مفادها انه يشجب فعلة القط، موضحاً مايلاقيه الفأرُ من عذاب، فاستنكر المجلس تصرف القط ليعود كبير الفئران متفاخراً أن عهده الوحيد الذي شهد استنكاراً لفعلةٍ من أفعال القط الذي اضطَرَ الرضوخَ تحت وطأةِ الضغط الدولي، فأنهى عذاب الفأر في أن أنزله في القِدر، لتعود المياه إلى مجاريها. (2) صكوك الغفران وعد السلطان تخاصم ضِباعٌ وثعالب على فضلةٍ من بقايا طعام الأسد، فوصل الخلاف إلى ان يُجَنِدَ كلٌ منهم مايستطيع من حيوانات الغابة استعداداً لحربٍ ستدوم طويلاً. حشدوا الجيوش وبدأت معارك عاتية، زُهِقت الأنفس وتطايرت الروؤس، وبعد حينٍ من الدماء، قرروا التفاوض، فتوصلوا إلى اتفاقيةٍ تم من خلالها إعلاءُ شأن الطرفين كُلٌ حَسبَ مَفهومه، فتَشَكلَت لِجنةٌ من مجموعة حيوانات لإحصاء عدد القتلى والأسرى، فوجدوا أن ضحايا الفريقين من الأرانب. (3) وزير لأضحية الكوابيس استيقظ الأسد مفزعاً من فراشِه، فأمتصت الدهشة فزعَهُ شيئاً فشيئاً حتى صَرَخ: أين ذلك الأحمق؟ إليه بوزيري، أسرع الضبعُ إلى منزل الخروف: سيدي الوزير، مولاي الملك يطلبك. هرع الخروف إلى الملك ليقص الملك عليه منامَه، ففسره الخروف على أنه رسالةُ شؤمٍ تُهدِدُ حياته، فنصحه أن يُقَدِمَ قرباناً ذا شان ليتجنبه الموت، فاقتنع الملك وخوله بالتصرف، فدعا الخروف بقية الحاشية وكبار قادة الجيش، بما فيهم الدب والنمر والثعبان، الى عقد اجتماعٍ طارىء حول أمن الغابه القومي، وبحضور الملك عُقِدَ الاجتماع، وبعد إن أنهى الخروف قصة منام جلالته، ساد الحزن والأسى على وجوه المجتمعين حتى تمنوا الموت على ان يسمعوا أن ليلة من ليالي جلالته بهذا السوء، فانهى الخروف حديثه، بأن لأحل سوى بسكبِ دماء تغلي فداءً للملك، وفتَحَ الباب على مصراعيه لمن يرغب نيل هذا الشرف العظيم. ساد الصمت وانقلبت الوجوه الحزينة الى حائرةٍ صفراء مرتعبة، استمر الصمت حتى لم يبق من لم يفكر ان يضحي بنفسه كي يتخلص من رعب هذه اللحظات الجهنميةِ التى اخترقها الثعبان قائلا: بعد إذن مولاي الملك المفدى، من يقرأ التاريخ ويطلع على مشيئة الحضارات، لايخرج إلا بنتيجة واحدة لخلاص أمتنا العظيمة من هذا الهول الجبار، وهو أن القربان المُقدم لايحققُ مبتغاه إلا عندما يُضحى بخروف، فكيف إذا كان الخروف وزيراً؟.. فصرخ الجميع، ليحيا التاريخ ولتعش الحضارة…