إن النظام الذي لا يستطيع أن يحمي شعبه ويتملق ( البلاطجة ) ويطلق العنان لجشع مسؤولية للسمسرة بمعاناة المواطن لا يمكن أن يبني دولة مدنية حديثة محترمة !! إن (عدن) أصبحت في حكم (القرية) !! وإن كانت هناك فعلاً بعض القرى أفضل حالاً منها .. في الأمس كان المتهم نظام (عفاش والحوثي من بعده) واليوم ينهشها أكثر من طرف وأكثر من جهة !! إن حكومة الدولة بشرعيتها المزعومة تعتقد أن رحمة (عدن) وأهلها خطيئة !! . فالمواطن في (عدن) أصبح حملاً وديعاً !! فمع قدوم فصل الصيف واستمرار انقطاع التيار الكهربائي وتزايد ساعات الذل والقهر كان كثيراً من المراقبون ينتظرون غليان شوارع عدن ويحذرون من ثورة (كهرباء) ولكن ردة فعل المدينة جاءت (مدوخة) وبلغ خضوعها حد أن معظم سكانها ربطوا الحزام على بطون أطفالهم وعائلاتهم واشتروا ( ما طور ) أو (خازن كهرباء) لكي يثبتوا للحكومة حسن مواطنتهم !! .. في اعتقادي أن الشعب الذي يعجز عن التمرد على واقعه التعيس أو حتى الوقوف للتعبير عن حقه في وجه سلطة ظالمة يستحق أن يعيش في الظلام ويموت بصمت !! . في هذه المدينة حيث (العمياء تخضب المجنونة ، والصنجاء تتسمع) ماتت ضمائر المسئولين في الدولة فكثيراً منهم يشتروا تلفه بالكذب على أهله وشعبه !! منذ سنوات مضت والحكومات تتبدل وتتغير والوعود هي الوعود باستقرار التيار الكهربائي ومن صيف إلى صيف وطبول المسئولين تزف البشرى ويبيعون الوهم والسراب للمواطن الغلبان !! وها هم اليوم أولئك المسئولين الجدد يقطرون لنا المعاناة من أول السطر ويجرعون الشعب من نفس كأس الذل والقهر ويلقنونا درس الأعوام السابقة بحذافيره !! في هذا الوطن حيث يهان العقل والكرامة والجسد معاً !! إننا نفس الشعب الذي ملّ الصبر من صبره والذي سبق أن استغفلوه واستعبطوه لسنوات طويلة !! خمس وعشرون عاماً (هي عمر الوحدة المغدورة) ووطنيتهم (تجعجع) وأبواق دولتهم تدشن مشاريع البنية التحتية وفي نهاية المرحلة كان حصاد (عدن) من المنجزات معاناة وحرماناً وعدواناً وقتلاً وموت .. وخراباً ودمار !! وبات ترشيد القهر وإذلال الشعب طموحاً !! والسلطة تستخدم المواطنة (فأراً) لتجاربها المشبوهة وسياستها الفاسدة !! تلك السياسة التي تضع القاتل والخائن والنهاب فوق رقاب الشعب وتنصبهم مسئولين عليه رغم تضحيات الشهداء ودمائهم التي لم تجف إلى يومنا هذا ذلك يبين حجم هزلية اللعبة التي تحاك على شعب الجنوب ، إن السواد الأعظم من الجنوبيين لم يعودوا يثقون بالدولة ولا بشرعيتها المزعومة ولا يرون أي مخرجاً أو أملاً ، بل وأصبحنا على قناعة بأننا أكثر شعب تبتزه الأنظمة الحاكمة في هذا العالم .. إن قهر (عدن) أمر مدبر مع سبق الإصرار والترصد !! .. حتى وهم يحاولون كشف مفاتن (الانتصارات) وتزيين مآثرهم في عيون (الجنوب) مازالوا يصرون على خنقه ويدفعون شعبه إلى الهجرة .. ويجعلون من شبابه فرائس للتنظيمات الإرهابية !! إن الحجر الضخم (الحوثعفاشي) الذي قذفته الحرب لم يحرك مياه الوطن الراكدة ، إنما أغرق البلاد حتى أذنيها في الفساد وبالمرتزقة!! فالموجة التي كانت خلف تلك الحجر جعلت المزيد من اللصوص يركبون الدولة ويرثون خزائنها ومفاصلها !! لم يخلق المواطن الجنوبي كافراً بالوحدة ولم تلد في شوارعنا منبوذة إلا بسبب أفعال وممارسات دنيئة وقذرة بحق الجنوب أرضاً وشعباً .. وبعد الحرب الغاشمة على الجنوب جاءت ثورة الجنوب التي ولدت من رحم المعاناة حيث تجرع شعب الانفصال من كأس تجربة مرة والكف الذي قهر الجنوب زاده إصراراً وعلم أبنائه كيف يُسترد الحق المسلوب !! لازلنا لا نشعر بفرحة النصر الكامل خصوصاً وأن القرارات التي تباغتنا بها قيادات الدولة تضع القاتل فوق المقتول وتنصر الظالم على المظلوم وتشرعن الباطل على الحق !! فأي شرعية مأزومة تلك التي يمتلكها هؤلاء المسؤولون .. لازالت شرعيتهم تلاحقنا بتهمة الانفصال ؟! الشعب في قلب الظلام والدولة تتملق البلطجي وتتوسل دول الجوار .. لأن بندقيات البلاطجة ودراجاتهم النارية وسياراتهم المعتمة لازالت تسحل أنف الدولة في التراب وتخنق حياتنا في عنق الزجاجة !! لازالت عدن تئن عن بكرة أبيها في ظلام دامس وسخونة حر صيف شديد . هكذا هم المسئولون يرسلون الذل ليسكن مخادعنا ويحتل غرف نومنا !! للأسف أقولها أعزائي إن النظام الذي يقف عاجزاً عن ردع (بلطجي) وتلجم هيبته (هنجمة همجية قبيلي ) يزعزع أمن واستقرار شعب هو نظام حكم فاشل لأن سياسة الإذلال خطاياها لا تستحق المغفرة !! .