الأردن إلى دور الأربعة في كأس العرب بعد تغلبه على العراق    باريس سان جيرمان يلتقي ميتز ولانس يواجه نيس في الجولة 16 من الدوري الفرنسي    ضعف الدولار يرفع الذهب... المعدن الأصفر يتجه لتحقيق مكسب أسبوعي 1.8%    الله جل وعلآ.. في خدمة حزب الإصلاح ضد خصومهم..!!    الاتحاد الدولي للصحفيين يدعو لاستبعاد قيادات حوثية من مفاوضات مسقط    714 مليون طن: قفزة تاريخية في إنتاج الحبوب بالصين لعام 2025    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الشيخ محمد بجاش    منطقة حدة بصنعاء تذهل العالم بقرار تاريخي .. ومسئول حكومي يعلق!    هيئة الآثار تنشر القائمة ال30 بالآثار اليمنية المنهوبة    5 شهداء وجرحى في هجوم إرهابي بطيران مسير على عارين    تحركات مثيرة للجدل: كهرباء تعز تسحب المحولات من الأحياء إلى المخازن    الانكماش يضرب الاقتصاد البريطاني في أكتوبر.. وتراجع حاد في قطاعي الخدمات والبناء    وقفات حاشدة بصنعاء تحت شعار "جهوزية واستعداد.. والتعبئة مستمرة"    قرار بنقل عدد من القضاة .. اسماء    أيها الكائن في رأسي    "ذا تايمز" تكشف عن لقاءات سرية بين "الانتقالي" وكيان العدو الصهيوني    الإصطفاف الجماهيري من أجل استعادة استقلال الجنوب    بيان العار المسيّس    سياسة في الرياض وعمل على الأرض.. الانتقالي أمام مهمة بناء الدولة قبل إعلانها    خبير في الطقس يتوقع هطول أمطار متفاوتة الغزارة على بعض المناطق    طائرات مسيرة تستهدف مليشيا الانتقالي في شبوة    اليوم ..العراق في مواجهة الاردن والجزائر مع الامارات    زلزال بقوة 6.7 درجة يضرب شمال شرقي اليابان وتحذير من تسونامي    عدن تختنق بغلاء الأسعار وسط تدهور اقتصادي متسارع    واشنطن تندد باستمرار احتجاز موظفي سفارتها في صنعاء    الصحفي والقيادي الإعلامي الكبير ياسين المسعودي    أغلبها من حضرموت.. الهجرة الدولية تسجل نزوح 338 أسرة خلال الأسبوع الماضي    كبار الوطن.. بين تعب الجسد وعظمة الروح    إب.. سبعة جرحى في تفجير قنبلة إثر خلافات عائلية وسط انفلات أمني متزايد    تعز… أخ يعتدي على شقيقته المحامية بعد ترافعها في قضية مرتبطة به    الأمين العام للأمم المتحدة: "ما حدث في محافظتي حضرموت والمهرة تصعيد خطير"    غوتيريش: مركز الملك سلمان للإغاثة يُعد نموذجًا بارزًا على السخاء وجودة الخدمات الإنسانية    الرئيس الزُبيدي يتفقد سير العمل بديوان عام وزارة الزراعة والري والثروة السمكية وقطاعاتها    ثلاث عادات يومية تعزز صحة الرئتين.. طبيب يوضح    شهد تخرج 1139 طالبا وطالبة.. العرادة: التعليم الركيزة الأساسية لبناء الدولة واستعادة الوطن    ضحايا جراء سقوط سيارة في بئر بمحافظة حجة    منظمة اممية تنقل مقرها الرئيسي من صنعاء إلى عدن    الجنوب راح علينا شانموت جوع    السيتي يحسم لقاء القمة امام ريال مدريد    اليونسكو تدرج "الدان الحضرمي" على قائمة التراث العالمي غير المادي    لا مفر إلى السعودية.. صلاح يواجه خيبة أمل جديدة    إسرائيل تحذر واشنطن: لن نسمح بوجود تركي في غزة    فعالية حاشدة للهيئة النسائية في صعدة بذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    المنتخب الوطني تحت 23 عاما يغادر بطولة كأس الخليج بعد تعادله مع عمان    ندوة بصنعاء تناقش تكريم المرأة في الإسلام وتنتقد النموذج الغربي    بيان مرتقب لقائد الثورة في اليوم العالمي للمرأة المسلمة    "اليونسكو" تدرج الدان الحضرمي على قائمة التراث العالمي غير المادي    نبحوا من كل عواصم العالم، ومع ذلك خرجوا من الجنوب.    مباراة حاسمة.. اليمن يواجه عمان مساء الغد على بطاقة التأهل لنصف نهائي كأس الخليج    اجتماع موسع بصنعاء لتعزيز التنسيق في حماية المدن التاريخية    60 مليون طن ركام في غزة بينها 4 ملايين طن نفايات خطرة جراء حرب الإبادة    إتلاف 8 أطنان أدوية مخالفة ومنتهية الصلاحية في رداع    حضرموت.. المدرسة الوسطية التي شكلت قادة وأدباء وملوكًا وعلماءً عالميين    شبوة.. تتويج الفائزين في منافسات مهرجان محمد بن زايد للهجن 2025    المثقفون ولعنة التاريخ..!!    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا حقّق التحالف العربي على الأرض في اليمن؟
نشر في عدن الغد يوم 21 - 04 - 2016

عشية الهدنة في اليمن تمهيداً لمفاوضات سوف تستضيفها دولة الكويت، وبعد انقضاء أكثر من سنة على الحرب التي شنّها التحالف الخليجي العربي لإسقاط “انقلاب” الحوثيين وعلي عبدالله صالح، حان الوقت لسؤال أساسي: ماذا حقّق التحالف العربي في اليمن، على الأرض؟ وبالأحرى، هل حقّق شيئاً؟
ليس المواطن العربي وحده من لا يملك إجابة واضحة! فقد عمّم الإعلام الأوروبي، والأميركي، ومراكز أبحاث غربية عديدة، صورة خاطئة عما يجري في اليمن مفادها ان التحالف “لم يحقق شيئاً”، أو أن الخليجيين “الإغنياء” شنّوا حرباً على اليمنيين “الفقراء” وأوقعوا بينهم “آلاف القتلى”.
بالتعاون مع مجلة “باري ماتش” الفرنسية، أجرى “الشفاف” المقابلة التالية مع المحلل العسكري “مايكل نايتس”، الذي يعرض، بكثير من التفاصيل، ماذا حقّق التحالف الخليجي، وإداءه العسكري المدهش الذي لم يتوقّعه المحلّلون الدفاعيون الذين “عفا الزمن” على معلوماتهم!
بيار عقل
*
الشفاف/باري ماتش: كتبت ثلاثة تقارير مفصّلة جدّاً حول الحرب الأكثر «غموضاً » حالياً. لماذا تفتقر هذه الحرب إلى تغطية كافية؟ هل يعود السبب إلى أنها تخص السعوديين والإيرانيين وحدهم، ولا تتدخّل فيها دول أجنبية مباشرةً؟
مايكل نايتس: اليمن حرب منسية جزئياً لأن هنالك حروباً أخرى في المنطقة: الحرب الأهلية السورية، والحرب العراقية ضد « داعش »، وحرب تركيا ضد أكرادها، والنزاع الليبي. كل من هذه الحروب كان يمكن أن تصبح قصة كبيرة في «الأزمنة السابقة »، أي قبل العام 2011: ولكنها باتت، اليوم، قصصاً صغيرة تتنافس لحجز مكانٍ لها في أعمدة الصحف.
السبب الثاني هو أن الحرب تدور في بلد غامض، وبعيداً عن أي تدخل غربي واضح. إنها قصة معقدة تعود إلى التسعينات: من الصعب أن يشرح المرء كيف أن 6 حروب مريرة دارت بين الحوثيين ونظام الرئيس علي عبدالله صالح ولكنهم، اليوم، باتوا يتحالفون (بدعم من إيران) لمواجهة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي التي يعترف بها المجتمع الدولي.
معلومات كثير من المحلّلين العسكريين حول التغيرات الحاصلة في جيوش الخليج عفا عليها الزمن
الشفاف/باري ماتش: تضمنت سلسلة التقارير التي نشرتها وصفاً مدهشاً للقتال الدائر الذي تشارك فيه دبابات، وآليات مضادة للألغام والكمائن، وهليكوبترات هجومية، وعدد يصل إلى 300 طلعة يومياً للمقاتلات العربية. لا أذكر أن أي سلاح جو عربي سبق له أن حقّق مثل هذا العدد من الطلعات القتالية في يوم واحد. هل تعتبر ذلك بمثابة « مفاجاة استراتيجية »؟
مايكل نايتس: سيصاب كثير من الناس بالدهشة لأن التحالف الخليجي العربي تمكّن من خوض هذه الحرب بدعمٍ خلفي فقط من جانب الحكومات الغربية وشركات المعدات العسكرية. ولكن ذلك لم يكن مفترضاً أن يُدهش المحلّلين العسكريين. وقد سمح الكثير منهم لنفسه بعدم تحديث معلوماته حول التغييرات الحاصلة في جيوش الخليج. فسنةً بعد سنة، قامت تلك الجيوش بتحديث نفسها، وبتعزيز طابعها المحترف. وفي الحرب الدائرة حالياً في اليمن، فحتى السودان تمكّن، مراراً، من نشر أسراب من طائرات « سو-24» المتقدمة المخصصة للجمات ضد أهداف أرضية. وكان إداء الإماراتيين رائعاً بصورة خاصة- ولكن كان جديراً بالمراقبين أن يتوقّعوا ذلك.
لقد عمل الإماراتيون بطريقة جدّية للغاية- جزئياً، بمساعدة من الفرنسيين- لبناء جهاز عسكري قوي ومؤثر. وقد يُصاب بعض القرّاء بالدهشة إذا قيل لهم أن دولة الإمارات كانت قد أرسلت قوات تدخّل إلى لبنان، والصومال، وكوسوفو، وافغانستان، وليبيا، ثم إلى اليمن حالياً. لقد كانوا يستعدون لهذه الحرب منذ زمن طويل.
الشفاف/باري ماتش: لماذا اتخذت حكومات الخليج قرار الحرب؟ هل كان ذلك قراراً « متهوراً » كما يزعم البعض؟
مايكل نايتس: برأيي، أنهم اتخذوا قرار الحرب ليقولوا لإيران أنهم مستعدون للقتال للحؤول دون مزيد من التوسّع الإيراني في سوريا، ولبنان، والبحرين، واليمن. واتخذوا قرار الحرب ليعلنوا أنه حتى لو أبرمت الولايات المتحدة صلحاً مع إيران، فإن دول الخليج « مستعدة للقتال وحدها » بغية إلحاق الهزيمة بالحكومة المدعومة من إيران في اليمن. لقد شرعت السعودية والإمارات بالسير على هذا الطرق حينما أرسلت قواتها إلى البحرين إبان من أطلقت عليه تسمية الربيع العربي. إن حرب اليمن هي الخطوة الثانية. من جهة أخرى، فقد استخدمت دولة الإمارات هذه الحرب لبناء شعور وطني وللتحوّل إلى أمة أقوى.
الشفاف/باري ماتش: ذكرت في مقالاتك أنه حان الوقت لجهود الوساطة قبل أن يباشر التحالف الخليجي العربي هجومه على صنعاء وصعدة، وإلا فإن الحرب ستصبح دموية فعلاً. هل يمكن أن تقوم وساطة ما، ومن هو المؤهل للقيام بها؟
مايكل نايتس: الجانبان بحاجة للتفاوض، ويمكن للأمم المتحدة أن تكون وسيطاً دولياً. فالأمم المتحدة كانت قد وضعت اليمن تحت حماية مجلس الأمن ودعت كل الدول الأعضاء للإمتناع عن تسليح الحوثيين. أما إذا دعت الحاجة إلى وسيط محايد من المنطقة، فإن عُمان هي الخيار الواضح لأنها ظلت على الحياد في هذه الحرب. في جميع الأحوال، فالأطراف المهمة هي السعودية، والحوثيون، وأنصار صالح. ينبغي أن تصل الأطراف المقاتلة المحلية لقناعة بأن لديها منفعة مشتركة في وضع حد للقتال. إن الضغط الدولي لا يمكن أن يحلّ محل مثل تلك القناعة.
ضربة جوية على مخازن سلاح صالح قرب “صنعاء”
الشفاف/باري ماتش: تقول أن « القاعدة » استفادت من الحرب واستقوت في « المناطق المحررة ». كيف ذلك؟
مايكل نايتس: وسّعت “القاعدة” و”داعش” وجودها في جنوب اليمن إبان حالة الفوضى الناجمة عن الحرب. لقد خاضت الدولة اليمنية الحرب ضد «القاعدة »، بمختلف أشكالها، طوال 18 سنة. وإبان « الربيع العربي » في 2011، حينما كان نظام صالح يصارع للبقاء على قيد الحياة، كان نصف جيشه يخوض معارك كبيرة ضد « القاعدة” في جنوب اليمن بمساعدة الطيران الأميركي. لكن، حينما بدأت حكومة هادي المدعومة من دول الخليج بالقتال ضد الحوثيين، فإن الخصمين الرئيسيين للقاعدة باتا منشغلين بالقتال في ما بينهما. الآن، بدأت القوات السعودية بالتركيز على مواجهة القاعدة مع مواصلة الحرب ضد الحوثيين. وتقوم السعودية والولايات المتحدة الآن بإقفال المرفأ الرئيسي الذي تستخدمه « القاعدة » في المكلا، وهما يشنان غارات كوماندوس وضربات جوية ضدها. كل ما في الأمر هو أن الحرب باتت اكثر تعقيداً.
الشفاف/باري ماتش: تبدو الولايات المتحدة متحفّظة إزاء تركيز المجهود العسكري السعودي على اليمن بدلاً من سوريا. ما هي الرسالة التي سحملها الرئيس اوباما إبان زيارته للسعودية في 21 ابريل؟
مايكل نايتس: بصراحة، لا أعرف. هذا سؤال ينبغي أن تطرحه على أحد المتابعين للشؤون السورية.
ماذا حقّق التحالف الخليجي العربي عسكرياً، على الأرض؟
الشفاف/باري ماتش: وجهة النظر السائدة، في الصحافة الأوروبية، هي ان التحالف الخليجي « لم يحقق شيئاً » على الأرض! برأيك، ماذا حقق؟ هل تستطيع أن تجيب بالتفصيل؟
أولاً، في الحرب الجوية:
مايكل نايتس: كما ذكرت في تقريري، فقد دمّرت الحرب الجوية قسماً كبيراً جداً من قوة الصواريخ التي كان الحوثيون وصالح يمتلكونها، وألحقت ضرراً كبيراً بالآلة الحربية للحوثيين وصالح، ووفّرت إسناداً جوياً قريباً مؤثراً جدا، وفعالاً للهجمات البرّية، الأمر الذي سمح بنجاحها بكلفة اقل. إن أي دولة لا تخوص حرباً بدون دعمٍ جوي إذا كان لديها قوة جوية: وهذا، بالضبط، ما تفعله دول الخليج.
3 مايو 2015: مقاتلو المقاومة الشعبية بعد نجاح عملية تحرير “عدن”
ثانياً، في الحرب البرّية
مايكل نايتس: نجحت الحرب البرّية في تحرير « عدن » و »تعز »، أي المدينتين الثانية والثالثة في اليمن من حيث عدد السكان. ولم تنتهِ الحملة البرّية الخليجية بعد- فقد تضطر إلى تحرير العاصمة، « صنعاء ». ويمكن أن تسقط المرافئ التي يحتلها الحوثيون، على شواطئ البحر الأحمر، في أيدي قوات التحالف الخليجي. من جهة أخرى، استعادت الحكومة الشرعية السيطرة على حقول النفط والغاز الرئيسية في مأرب وشبوة.
17 أبريل 2015: ضربة جوية ضد القصر الجمهوري في “تعز”
ثالثاُ، الحصار البحري
مايكل نايتس: نجح الحصار في عرقلة محاولات إيران لإعادة تموين الحوثيين بدرجة كبيرة. وهذا ما تظهره المعدات التي تم احتجازها، وبينها حمولة سفينتين في الأسابيع الثلاثة الماضية وحدها. لقد تم تعزيز الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على تزويد قوات الحوثيين وصالح بالسلاح.

27 أيلول/سبتمبر 2015: حمولة باخرة أعتدة حربية إيرانية كانت موجّهة للحوثيين، وتم اعتراضها في المياه اليمنية

الشفاف/باري ماتش: هل كانت الحرب البحرية هي الجبهة التي ظهر فيها ضعف القدرات السعودية بالمقارنة مع الحرب الجوية مثلاً؟
مايكل نايتس: كلا، هذا ليس صحيحاً. فمنذ سنوات، كرّس السعوديون سفنهم الحربية للقيام بأعمال حظر في المياه الساحلية اليمنية، ولو أن ذلك كان في الماضي بهدف الحدّ من تدفق الإرهابيين واللاجئين (بسبب الفقر) من اليمن. لقد كانت الحرب البحرية في السنة الماضية أكثر حدّة من كل العمليات التي قام بها السعوديون في الماضي، ولكن ينبغي ألا ننسى أن السعودية ودول خليجية أخرى تشارك في عمليات اعتراض بحرية، إلى جانب أساطيل أجنبية، منذ 10 سنوات تقريباً. وقد ساعدتهم هذه الخبرة في عمليات التنسيق ولامتلاك معدات تتكامل مع معدات الأساطيل الصديقة.
إنزال بحري عربي في عدن
حرب الحدود
الشفاف/باري ماتش: تعرّض السعوديون لخسائر على حدودهم مع اليمن. تقول في تقريرك عن الحرب البرية: « خلال الاشهر الستة الأخيرة، قامت مجموعات مسلحة بصواريخ « 9 إم113 كونكور » و »9إم كورنيت-إي » و »طوفان » بتدمير وإعطاب 60 دبابة أو آلية سودية، علاوة على أكثر من 10 مراكز حدودية وأبراج مراقبة ». كيف تفسّر هذه الخسائر؟
صورة وزّعها الحوثيون لآلية سعودية أعطبوها على الحدود بين البلدين
مايكل نايتس: التفسير بسيط: قام حزب الله اللبناني وإيران بتطبيق الأسلوب الذي تعلّموه من جبهة حزب الله-إسرائيل على الحدود اللبنانية. إن قوات الحوثيين وصالح تستخدم الأسلحة نفسها والتكتيكات نفسها التي لقّنها مدرّبون منذ حزب الله اللبناني لليمنيين. لقد تم تدمير معظم الدبابات السعودية حينما كانت تُستخدم كمواقع حدودية ثابتة، أو اثناء تنقّلها بسرعة بطيئة بين المراكز الحدودية المحصّنة، الأمر الذي يجعلها أهدافاً سهلة. إن مثل هذه العمليات تمثّل تحدّياً عسكرياً صعباً. وكان الجواب الذي اعتمده السعوديون لمواجهة ذلك التحدي هو مطاردة واصطياد المجموعات المزوّدة بالصواريخ بواسطة هليكوبترات « أباتشي » الهجومية بعد أن تطلق صواريخها. ومع الوقت، بدأ الردّ السعودي بإلحاق خسائر فادحة بقوات الحوثيين وصالح.

الخسائر الجانبية: القتلى المدنيين
الضربة الجوية الأميركية ضد مستشفى “أطباء بلا حدود” في مدينة “قندوز” بأفغانستان، وقد أسفرت عن سقوط أكثر من 40 قتيلاً
الشفاف/باري ماتش: يبدو أن التحالف الخليجي قد خسر « الحرب الدعائية »: فهنالك مزاعم بأن الغارات الجوية تسبّبت « بألوف القتلى » في صفوف المدنيين؟ ما رأيك؟ هل بذل التحالف الخليجي أي جهد لتفادي إلحاق خسائر بالمدنيين؟
مايكل نايتس: يتعرّض التقرير الذي نشرته للحملة الجوية بالتفصيل ولكن، باختصار، أقول أن الحملة الجوية التي قام بها التحالف الخليجي تشبه الحملة الجوية التي قام بها حلف الأطلسي في البلقان في تسعينات القرن الماضي. لقد بذل الخليجيون جهوداً حقيقية للحدّ من الخسائر بين المدنيين، ولكن ينبغي ملاحظة أن الطيران الخليجي ليس مجهّزاً بنفس المعدات التي باتت متوفّرة في سلاح الجو الأميركي أو الفرنسي من اجل الحدّ من الخسائر المدنية. مثلاً، تمتلك المقاتلات الغربية حالياً « بود « تسديد (أنظر الصورة) تتيح للطيار أن يضع « دائرة خسائر جانبية » (غير مرغوبة) فوق أي هدف، وتتيح له معرفة المسافة الدائرية المحيطة بالهدف التي يصبح المدنيون ضمنها معرّضين للخطر. إن الطيران الخليجي ليس مجهّزاً بمثل هذه « البود ».
بعكس المقاتلات الأميركية والفرنسية، لا تملك المقاتلات الخليجية، بعد، “بود تسديد” تسمح للطيار بمعرفة مدى اتساع الإنفجار الذي ستتسبّب به الضربة الجوية، أي إمكانية إلحاقها أضراراً بمدنيين.
من جهة أخرى، فإن نوع الأهداف يلعب دوراً. فالحوثيون يتمركزون بين المدنيين، ويستخدمون المدارس والمستشفيات كمستودعات لتخزين الذخائر، كما يستخدمون محطات وقود مدنية لتزويد آلياتهم بالوقود.
إن على طياري المقاتلات العربية أن يتّخذوا قراراً فورياً، وهم في الجو وفوق الأهداف، بتوجيه ضربة أم لا. ويحدث أن يكون تقديرهم خاطئاً: وحتى حينما يكون قرارهم صائباً، فمن الممكن أن تقع خسائر بين المدنيين. إن سلاح الجو في كل الدول يفعل ذلك: وإذا كان الهدف مهماً جداً، فإن سلاح الجو في كل الدول يقبل بوقوع عدد محدود من الخسائر بين المدنيين.
الشفاف/باري ماتش: لنأخذ امثلة محددة: اتُّهم التحالف العربي بتوجيه ضربات جوية ضد عيادات تملكها منظمة « أطباء بلا حدود » في اليمن. وخلال الفترة نفسها، في مايو 2015، قصفت المقاتلات الأميركية مستشفى تابعاً ل »أطباء بلا حدود » في « قندوز » بافغانستان مع أن « أطباء بلا حدود » تقول أنها زوّدت الأميركيين بإحداثياته للحؤول دون قصفه؟
مايكل نايتس: لا بدّ من تحيق جدي، تقوم به الأمم المتحدة مثلاً، لمعرفة الحقائق، أو حتى لإثبات أنه تم استهداف مدنيين وقتلهم. ينبغي على التحالف الخليجي أن يضع بياناته بتصرّف الهيئات الدولية لإثبات أنه يقوم بجهود للحدّ من الخسائر بين المدنيين. وعليهم أن يرحّبوا بالشفافية، وعلى الأقل بتحقيق دولي لا يكشف أسرارهم العسكرية.
ولكن أريد أن أشدّد على نقطة أساسية: أنا أشكّ كثيراً في أن يقوم الطيران الأميركي أو السعودي بتوجيه ضربة جوية متعمّدة ضد مستشفى أو عيادة بهدف إلحاق الضرر بالعاملين في منظمة « أطباء بلا حدود ». إن المزاعم المتداولة بهذا الصدد ليست أكثر من هلوسات.
الحوثيون ليسوا، بعد، حزب الله اللبناني. وقد حال المجهود الحربي الخليجي دون تحوّلهم في ذلك الإتجاه. ولكن حرباً حقيقية مع إيران مباشرةً يمكن أن تكون كابوساً
الشفاف/باري ماتش: برأيك، ما هي الدروس التي سيستخلصها « الباسداران » الإيراني من دراسة حرب اليمن؟ والدروس التي ستستخلصها الولايات المتحدة؟
مايكل نايتس: لن أقوم بعمل « الباسداران » نيابةً عنهم، ولكن الولايات المتحدة والتحالف الخليجي يمكن أن يستخلصوا عدداً من الدروس
أولاً، أن القدرات العسكرية لدول الخليج العربية، وخصوصاً دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، شهدت تطوّراً كبيراً منذ حرب الخليج في العام 1991. وباتت تلك الدول قادرة الآن على قيادة عملية عسكرية كبرى، ومعقّدة، تستغرق سنة او أكثر. وباتت دول الخليج قادرة على تنفيذ عمليات إنزال برمائية، وهجمات بإسقاط مظليين، وعمليات حصار بحري، وعمليات اقتحام بالدبابات والمدرعات بأسلوب « البليتزكريغ »، وهذا علاوة على القيام بعمليات دفاعية ضد الهجماته بالصواريخ.
ثانياً، إن الإستخدام المحدود نسبياً لقوات برّية تابعة لدول التحالف الخليجي لعب دوراً إيجابياً وحاسماً في عدد من الجبهات التي جرى خوص القتال فيها في وقت واحد، وأسفر عن تعزيز سيطرة الحكومة الشرعية على مدينتين من أصل أكبر ثلاث مدن في اليمن، وارغم الحوثيين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات- في وقت تهدّد قوات التحالف الخليجي بتحرير « صنعاء » بالقوة العسكرية.
ثالثاً، أن الحملة الجوية يمكن أن تكون فعّالة عسكرياً، ولكن مردودها السياسي يمكن أن يكون سيئاً جداً إذا لم يتم بذل جهود كافية لحماية المدنيين ولاطلاع الرأي العام الدولي على الجهود التي تُبذَل لحماية المدنيين.
رابعاً، أنه يمكن مقاومة توسّع إيران وإلحاق الهزيمة بها في الميادين التي يكون انخراطها فيها جزئياً فقط، ولكن حرباً حقيقية مع إيران ستكون بمثابة كابوس.
إن الحوثيين ليسوا حزب الله اللبناني، بعد. وربما كانت مجهودات التحالف الخليجي قد حالت دون تطوّرهم في ذلك الإتجاه. ولكن ذلك يعني أن دول الخليج لم تواجه المجهود الحربي الإيراني الحقيقي، بعد.
إن حرب اليمن هي بمثابة حرب تدريب: اما الحرب بين دول الخليج وإيران فستكون أصعب بكثير. وما حدث هو مجرد البداية لدول الخليج: لقد أعاد الخليجيون أكفان العشرات من جنودهم من اليمن، ولكن ينبغي لهم أن يستعدوا لرؤية ناطحات السحاب في « دبي » و »الجبيل » وهي تحترق إذا ما نشبت حرب حقيقية. ولو نشبت مثل تلك الحرب الحقيقية، فلن يكون بوسع إيران أن تستهلك أرواح « وكلائها » من العرب أولاً: فسيدفع الفُرس الثمن من أرواح مواطنيهم، وستحترق مدن إيران هي الأخرى!
مايكل نايتس هو زميل في برنامج الزمالة “ليفر إنترناشيونال” في معهد واشنطن، وهو مقيم بلندن ومتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية في العراق وإيران وبلدان الخليج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.