يُستهدَف المسيحيون والأقليات الأخرى المتناقصة في اليمن، ويتضاءل أملهم بالحماية من قبل دولة مقسمة، معطلة وآخذة في التدهور. قتلت حرب اليمن الوحشية في اليمن العام الماضي أكثر من 3000 مدنيا، ودمرت ممتلكات مدنية كبيرة. سيطرت جماعات مسلحة مختلفة، أبرزها الحوثيون وقوى إسلامية أخرى، على المدن والبلدات في هذا البلد المسلم البالغ عدد سكانه 26 مليون نسمة. يسود انعدام القانون في معظم أنحاء البلاد. أثّرت الحرب على المجتمع المسيحي في اليمن بصورة حادة. يُقّدرعددهم بنحو 41 ألف مسيحي من اليمنيين الأصليين واللاجئين، الذين فرّ كثير منهم العام الماضي من البلاد التي مزقتها الحرب. كان جون (كما سأدعوه)، المسيحي اليمني، يدير مكتبة احتوت الأدب المسيحي في تعز، ثالث أكبر مدينة في اليمن. وصف جون الخطر المتصاعد على المسيحيين في بلد يتوسع فيه الإسلاميون المتشددون بازدياد. قال لي إنه تلقّى تهديدات لعدة سنوات – غالبا على "فيسبوك" – بما في ذلك من أشخاص وصفوه بالمرتدّ. لكن هذه التهديدات لم تُثِر قلقه قط. كان يعلم أن الشرطة المحلية لن تسمح بحدوث أي شيء له. وصلت شحنة كتب في 23 فبراير/شباط 2015 إلى جون، وفيها أناجيل وغيرها من المؤلفات المسيحية إلى مطار تعز. صادر مسؤولو الجمارك الشحنة، وقال مسؤول متواجد أثناء ذلك ل "هيومن رايتس ووتش" إن مسؤولين آخرين اقترحوا حرق الكتب لأنها "كانت مسيئة للمجتمع والدين". قال إن نفس المسؤولين أنذروا محامي جون بأن عليه الحذر من "رجال متهورين بدافع ديني، قد يحرقون مكتبة [جون] إذا دخلت الشحنة المدينة". اندلع القتال في تعز في مارس/آذار 2015 بين أنصار قوات الحوثيين الشمالية وجماعات إسلامية مسلحة معارضة لحكمهم. قال جون إن الهجمات ازدادت ضده على وسائل الإعلام الاجتماعي حينها. أصبحت العناصر المتطرفة أكثر نشاطا في المعارضة ضد الحوثيين في المدينة، في نهاية أبريل/نيسان، ولم يَعُد لديه خيار سوى الفرار. قال لي أحد جيران جون إنه في صباح 27 سبتمبر/أيلول، وصل حوالي 15 رجلا مسلحا وملثّما يرتدون ثيابا سوداء في شاحنتي "بيك أب" من نوع "تويوتا"، إلى البناء الذي يحوي شقة جون ومكتبته. قال الجار إنه شاهدهم "يحزمون الكتب المسيحية في صناديق من مكتبة [جون] ويضعونها في السيارات". رآهم يحرقون الكتب في سوق الصميل العام القريب. تعرّف الجار على زعيم الجماعة الذي كان مقاتلا معروفا في المدينة، ومرتبطا ب "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب". استجوب المقاتل جارا آخر حول قيام جون "بالتبشير وبيع الكتب المسيحية للناس". أرسل جون ل هيومن رايتس ووتش صورة عن الكتابة التي تركها المسلحون على جدار غرفة المعيشة، والتي تقول بالعربية: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله، الدولة الإسلامية، لعنة الله على المسيحيين". أرسل جيرانه إليه صورة وقالوا إنه توجد رسائل أخرى أيضا. ليس من المستغرب أن يخاف جون من العودة إلى دياره. توسيع كتابات بالخط العربي تركها رجال مسلحون على جدار غرفة جلوس "جون": "لا إلاه إلا الله. محمد رسول الله. الدولة الإسلامية. لعنة الله على النصارى واليهود".