عندما تسلم دولتك الأكبر والأغنى والأكثر نظاماً لأجل الوحدة، وتجد نفسك بلا وطن ولا هوية، وتجد الوحدة قد قُتلت برصاصهم واستُبدلت باحتلال، ثم يسمونك انفصالياً، فتلك ليست عُنصرية. عندما يشنون عليك حربين خلال عشرة سنوات ويقتلونك – بمساعدة تنظيم القاعدة – لأنك شيوعي ملحد في المرة الأولى، ثم يقتلونك لأنك داعشي تكفيري في المرة الثانية، فتلك ليست عُنصرية. عندما يتهمونك بكل وقاحة بأنك شيوعي ملحد، ثم بأنك عضو بتنظيم القاعدة، وبعدها يتهمونك بأنك أصبحت شيعياً عميلاً لحزب الله والجمهورية الإيرانية، وبالأخير فجاءةً تجد نفسك داعشياً تكفيرياً، فتلك ليست عُنصرية. عندما يقولون لك أنك أبن بريطانياً وأنك هندي وصومالي، وأن لا ومكان لك بوطنك، وأن وطنك الذي اهديته لهم لأجل الوحدة ليس لك فيه حق لأنك هندي وصومالي وبريطاني والخ... – حسب زعمهم – فتلك ليست عُنصرية. عندما يتم تسريحك من وظيفتك مع حوالي ستمائة ألف موظف لأنكم جنوبيون، فتلك ليست عنصرية، أن تكون عقيد طيار تقود سرب طائرات حربية ثم تجد نفسك – لأنك جنوبي –مطروداً من وظيفتك وتقود سيارة أجرة لتعيل أسرتك، فتلك ليست عنصرية، أن تكون مهندساً أو طبيباً أو دكتوراً أكاديمياً ثم تجد نفسك بلا عمل، أو تعمل في مكان ليس له علاقة بخبرتك أو عملك – لأنك جنوبي – فتلك ليست عُنصرية. عندما تكون متفوقاً دراسياً، وتجتهد في دراستك لأثنتا عشرة عاماً، في مدراس لا تمتلك إمكانيات حقيقة، وتتخرج من الثانوية العامة بنسبة عالية جداً، وتتقدم للحصول على بعثة للخارج ويتم رفض طلبك – لأنك جنوبي – وإعطاء مكانك لشخص آخر أقل منك نسبةً لأنه – يمني ( شمالي ) أبن متنفذ – فتلك ليست عنصرية. أن يتم نهب خيرات بلادك من نفط وغاز ومعادن وميناء وأراضي، لأنك هندي وصومالي وانفصالي وشيوعي وملحد ومرتد وكافر وشيعي وداعشي والخ. فتلك ليست عنصرية. عندما لا يكون هناك قاضي جنوبي واحد، والجنوبيين في وزارة الخارجية لا يتجاوز عددهم 6% فتلك ليست عنصرية أبداً، وسيقول قائل: ولكن رئيس البلاد عبدربه منصور جنوبي! وأقول: نعم، ولهذا تم الانقلاب عليه لأنه جنوبي، كما تم الانقلاب على نائب الرئيس علي سالم البيض، الذي تنازل عن كل شيء بداية بالجنوب كدولة مستقلة ذات سيادة، ونهايةً بمنصبة كرئيس للجنوب من أجل الوحدة. أن تكون بسبب احتلالهم وقتلهم للوحدة، بلا وطن وبلا هوية وبلا تعليم وبلا عمل، وأن تكون أما شهيداً أو جريحاً أو أسيراً أو منفياً أو بلا عمل وبلا شيء لأنك جنوبي، فتلك ليست عُنصرية. كلُ ما تعرضنا له طوال مدة الاحتلال من قتل وتنكيل وتشريد وتعذيب وقمع لأننا جنوبيون، نطالب بحريتنا وحقوقنا وهويتنا، لا يدخل في إطار العُنصرية! كل ما فعلوه، وكل ما سوف يفعلونه مستقبلاً، ليس عملاً عنصرياً أبداً، بل تلك من بنود الإعلان العالمي لحقوق الأنسان ربما. إذن ماهي العنصرية يا تُرى، العنصرية هي ما يقوم به الشعب الجنوبي عندما يطالب باستعادة دولته التي قتلها الاحتلال اليمني في عامها الرابع، ويرفض الظلم والاضطهاد. العنصرية تكون عندما تقول لشخص من العربية اليمنية (الشمال) يا " دحباشي " هذه جريمة كبرى بحق الإنسانية جمعاء، وهذه أكبر عنصرية عبر التاريخ، وتستحق أن تُقتل عليها أو تُعتقل بسببها في أحسن الأحوال. العنصرية، هي ما يقوم به الجنوبيين الآن في عدن، عندما يطردون كل من لا يملك بطاقة اثبات هوية إلى المحافظة التي جاء منها، لحماية سكان عدن من الجماعات الإرهابية، والخلايا النائمة التي تمولها عصابات صنعاء. العنصرية هي أن يتم منع القات من الدخول للعاصمة عدن باستثناء الخميس والجمعة، لأن عدن عاصمة، ويجب أن تحتفظ بمظهر حضاري يليق باسمها. إن كانت العنصرية هي المطالبة بحقوقنا واستعادة دولتنا، وحفظ الأمن والأمان ومحاولة إعادة بناء ما دمره الاحتلال اليمني، فأنا أدعوا الشعب الجنوبي لمزيد من العنصرية...! لكن لا عجب ممن يتهمونا بالعنصرية وهم أكبر عنصريون، أين العجب؟ فالحوثي الذي يعيش قادته بكهف مران يدعون للدولة المدنية, ،والإصلاحيون الذين يدعون للإسلام فاسقون تجتمع بهم صفات المنافق الثلاث، والمؤتمر الذي قتل الوحدة في عامها الرابع يدعو للوحدة..! بالأخير : هذه التهم تذكرني بما يفعله الصهاينة الآن، يقصفون قطاع غزة بالقنابل الفسفورية المحرمة دوليا ولا يفرقون بين مدني ومقاتل, ولا حتى بين طفل وشاب وعجوز، أو بين رجل وامرأة، ثم يبكون ويصرخون – بكل وقاحة - من ما يسمونه ارهاب حماس لأنها اطلقت صاروخ على مناطق خالية من السكان أو اطلقت صاروخ قام بتشغيل جهاز الإنذار مما أرعب بعض سكان ما يسمى بكيان إسرائيل. والعجيب هنا أن تعامل الاعلام يكاد أن يكون متشابهاً، فلم يتناول الاعلام – إلا ما ندر – جرائم الاحتلال اليمني أو الإسرائيلي، ولكن يتناولون بكل قوتهم وبكل اجهزتهم الإعلامية أي ردة فعل جنوبية أو فلسطينية رداً على جرائم الاحتلال، وطبعاً السبب أن هناك لوبي اعلامي صهيوني ولوبي إعلامي يمني، له تأثيره على وسائل الأعلام. وهنا أختم بما قاله الراحل اللبناني الشاعر جبران خليل جبران عندما قال " الوقاحة هي أن تنسى فعلك وتحاسبني على ردة فعلي "، وما أقبح من وقاحة الاحتلال اليمني، عندما يتناسى 22 عاماً من العنصرية ضد كل ما هو جنوبي، ويحاسبنا على محاولة تثبيت الأمن في العاصمة عدن، وإعادتها لمكانته المرموقة.