اذا قدر لمراقب سياسي ان يرصد بدقة جملة التصريحات التي تصدر تباعا من قبل مسؤلين عسكريين اوسياسيين او اعلاميين " شماليين " ضمن اطار ما يسمى بالشرعية اليمنية لغرض التعرف على اكثر المواضيع التي تثير اهتمامهم وتتركز عليها جهودهم الفكرية والعملية , لتوصل بلا عناء يذكر لنتيجة " مذهلة " ومخيبة للآمال في نفس الوقت من منظور قوى التحالف على الأقل . هذه النتيجة ستشير بشكل واضح ان اكثر من 80 % من تصريحاتهم واهتماماتهم منصبه تجاه " الجنوب " وكل ما يحدث في الجنوب ! في حين ان " المعركة " التي يفترض انهم يخضونها ليست مع هذا الجنوب واطرافه وانما مع مليشيات الحوثي وقوات صالح ! والغريب في الأمر ان جل هذه التصريحات تحمل بشكل مباشر وغير مبطن لغة " التهديد والوعيد " للجنوبيين ولمن يسمونهم وفق مصطلحهم البائد ب" الانفصاليين " ..ومن المؤسف حقا انه لا توجد قوة رادعة او على الأقل حكيمة يمكنها ان تلفت نظر هؤلاء اين هي معركتهم بالضبط , وماذا تقتضي منهم ان يفعلوا فيها وماهي اولوياتهم في هذه المرحلة ولو حتى من الناحية النظرية ... شيئا من هذا لم يحدث ! شخصيا .. لا اتذكر يوما واحدا مضى منذ انطلاق عاصفة الحزم حتى يومنا هذا , لم يخرج علينا فيه مسؤل شمالي بتصريح " مستفز – مقزز " تجاه الجنوب يعكس حالة الافلاس التي تعيشها هذه الاطراف ومدى الخواء الفكري الذي يطبع علقياتهم ونهجهم في كيفية التعامل مع اولويات معركة مصيرية تنفق عليها دول التحالف ليس فقط مئات الملايين من الدولارات وانما دماء اولادها ايضا . رئيس هيئة الاركان اللواء المقدشي كان قد صرح قبل اكثر من ستة اشهر تقريبا ان وصول قواته فاتحه منتصرة الى قلب العاصمة اليمنية صنعاء سيحتاج من جيشه الجرار الذي لا يقهر الى ما يقارب الستة اشهر على الأكثر ! .. وحينما تحدث بهذا القول الذي يحمل مدة زمنية محددة تعد الحلفاء بنصر استراتيجي مؤزر , اعتبر الكثير من الخبراء العسكريين هذا المدة المحددة بالطويلة نسبيا , وذلك قياسا على حجم الامكانيات التي سخرت لجيش المقدشي وقياسا على حجم " الأضرار الكبيرة " التي احدثها القصف الجوي في بنية الجيش اليمني التابع لصالح ومليشيات الحوثي من قبل طيران التحالف ! .. ثم كان لهذه المدة الزمنية الطويلة ان تمضي كلها في حين بقي هذا المقدشي مراوحا في مكانه ومشغولا بالتصريحات السخيفة تجاه الجنوبيين الذين انجزوا نصرا عسكريا كبيرا في بلادهم , كان لمثله ان يخجل منه او يعتبر ويستفيد من كيفية تحقيقه وهو العسكري المخضرم. المقدشي .. خرج علينا مؤخرا بتصريح مخزي يتوعد فيه ب " قطع يد " الذين يحاولون الانفصال والاضرار بما يسميها " الوحدة اليمنية " ! .. وعطفا على ما ذكرنا اعلاه من انجازات عسكرية ضخمة لرئيس الاركان في جبهات القتال , من الطبيعي جدا ان تقفز في وجه هذا الرجل المقولة الشعرية الشهيرة : ابشر بطول سلامة يا مبرع !! والسلامة هنا تذهب لهذا الطرف الجنوبي الذي يتوعده المقدشي بقطع يده بطبيعة الحال , كما ان جزء منها يذهب الى خصمه " المفترض " وهو قوات صالح ومليشيات الحوثي التي وصل بها حد " الطمأنينه " من جيوش المقدشي تنظيم اكثر من احتفال لافت في ميدان السبعين في صنعاء . تراجيديا التصريحات الحاقدة التي تغلفها اطماع الجهلة تواصلت بفضيحة مدوية ما كنا نتوقع حدوثها ابدا مهما بلغ الغباء والحقد من قبل هؤلاء جميعا تجاه الجنوب ..!! حميد الأحمر الذي " شلحته " مليشيات الحوثي حتى منازله في مسقط رأسه التاريخي يطالب ب" انتهازية " تتجاوز كل خصائص الانتهازية الفجة رئيس وزراء الشرعية / بن دغر في مكالمة هاتفية مرصوده , بحل مشكلة الكهرباء في عدن شريطة ان يعين هو شخصيا المسؤل عنها في عدن والأدهى والأمر من ذلك – وهو الشرط الثاني – ان يعين هو ورفيقه في نضال الهزيمه اللواء الجنرال / علي محسن الأحمر محافظ جديد لمحافظة عدن خلافا لأبن الجنوب الحر عيدروس الزبيدي !! .. والملاحظة الأولى في هذا الشرط الانتهازي هو اعتماده مبدأ " التشاور " مع علي محسن مسقطا امكانية التشاور مع الرئيس / عبدربه منصور هادي ! حميد الأحمر لا زال كما جميع " الخبرة " من المسؤلين الشماليين , وعلى الرغم من حالهم البائس جدا على مستوى الجبهات القتالية في مناطقهم التاريخية مشغولين ب" الجنوب " .. فبدلا من البحث عن موطئ قدم في بلاده يمكن ان يشكل منطلق لاسترجاع قيمته المعنوية المهدره اولتحقيق نقطة انطلاق لمكاسب عسكرية تحفظ له ماء الوجه , ذهب الرجل باطماعه وعلقيته الانتهازية الى عدن ! .. هل شاهدتم اكثر من هكذا خيبة ؟؟!! .. لا اعتقد , لأنني في الحقيقية لا اعلم من اين اتى حميد الأحمر بقناعة جعلته يظن انه من السهولة على الجنوبيين في عدن ببيعه انتصاراتهم العسكرية التي كلفتهم ارواح المئات من ابنائهم في معركة تحرير المدينة مقابل محطة كهرباء !! . وفي الواقع انه كان عليه حتى بالحسابات " الانتهازية " ان يتبرع بحل مشكلة الكهرباء في عدن ولو قولا دون ان يتحدث عن شروطه التي رسخت للجميع حالة الطمع المبالغ فيها في كل شيء في الجنوب , مع تقديري ان الجنوبيين سيفضلون مواصلة المعاناة من الكهرباء في مدينتهم حتى فيما لوعرض عليهم واحدا من اركان الفساد كحميد الأحمر حل هذه الاشكالية بلا شروط ! تراجيديا التصريحات " المذهلة " المنفلته من رباط العقل والمنطق تجاه الجنوب لم تقتصر نيرانها على جبهة الشرعية بل تواصلت وتيرتها بنفس النسق ايضا من قبل الطرف الآخر .. طرف المتمردين على شرعية هادي ! .. وهنا تركب التصريحات صهوة جوادها على لسان الدكتور / عبدالعزيز بن حبتور الذي اتحفنا مؤخرا بتصريح هو واحدا من اغرب واتعس ما سمعت في حياتي ليس فقط لخواء التصريح من المنطق واحترام الذات , وانما لدرجة النفاق الذي يصرخ بها هذا التصريح كذبا وتزويرا !!.. الدكتور الذي اجزم ان هنالك " شيء ما " جعله يخرج الى هذه المسافة البعيدة المتطرفه قال في عيد وحدتهم اللامباركة : ان الجنوب يقع تحت الاحتلال في هذه المرحلة !! .. وان الذين يتعاونون مع هذا " الاحتلال " بحسب توصيف حبتور هم : مرتزقة جنوبيين يعملون مع الاحتلال !! .. كان حبتور يقول هذا الكلام وبقايا عقله يصرخ في داخله لحظتها بالقول : في هذه يا صاحبي صدقت لأنك " انت " ومن حولك الآن من الجنوبيين الذين في صنعاء هم من ينطبق عليهم قولك هذا. نعم .. تبدو هذه الحالة محزنه ومقلقة فعلا ..ولكنها في حقيقة الأمر اخطر من ذلك بكثير , لأنها تجسد حالة نادرة من لوثة فكرية سكنت عقول من كنا نظن انهم " رجالات دولة " فاذا بهم مع الأسف الشديد " رجال عصابة " بكل ما يحمله هذا التوصيف من معنى .! والخطورة تأتي ان دول التحالف لا زالت تعتقد حتى اللحظة انهم " رجال دولة " ... لكنهم و كما قلنا رجال عصابة لا اقل ولا اكثر ... عصابة تتلمذت وتخرجت بامتياز على يد رئيسهم الذي علمهم السحر والبلطجة والرقص على رؤوس الثعابين .. فماذا بالله عليكم ايها الأخوة في دول التحالف تتوقعون منهم على مستوى البناء او التعامل مع الحرب الا كما تتصرف العصابات مع عمليات السرقات والنهب . أحمد عمر بن فريد