ضحكت وشر البلية ما يضحك ، وأنا أستمع إلى أخبار مؤتمر الكويت وبخاصة جزئية التمثيل عن الحراك الجنوبي .. من ذا يصدق أن من يمثل الحراك ليس له صلة بالحراك ! أنا هنا لا أسوق نكتة ، لأن الموضوع لا يحتمل المزاح ، لكن إخوتي في عموم الجنوب لا شك سيمتعظون وهم يستمعون عبر وسائل الإعلام الخليحي عن أن ياسين مكاوي هو من يمثل الحراك الجنوبي في مؤتمر الكويت . من غير الطبيعي وضع إنسان في الواجهة وتقديمه على أنه ممثل عن الحراك الجنوبي وهو لا يؤمن بأبجديات الحراك ، ولا يمت بصلة إلى مبادئ وأسس الحراك - مع تحفظي على مصنف الحراك الذي اتخذ مسمى ثورة - هذه الثورة يقف خلفها الملايين من الجنوبيين ، ولها قادة ميدانيون معروفون ، أما من يمثلها على المستوى السياسي في الخارج فهو الرئيس علي سالم البيض بحسب تزكية المليونيات التي جابت شوارع العاصمة عدن وعموم محافظات الجنوب العربي ، حاملة صوره فوق الهامات وهاتفة باسمه كقائد لمسيرتها الظافرة . الإرادة الخليجية تخطئ عندما تملى على أبناء الجنوب بهدف مصالحها من منظور أحادي الجانب ، فمن الصعب اليوم إقناع ابن الشارع في عدن أو المكلا أن يبقى مغمض العينين فيما يتولى غيره النظر نيابة عنه في ما له وما عليه . إن التعامل بسذاجة تقصي ثقل هذه الجماهير صاحبة الحق في صنع مستقبل أجيالها حتما سيكون محل ازدراء ! فياسين مكاوي استجلب ليؤدي دورا أكبر من قدراته وأوسع من حجمه ، ولو أن البيض كان له الخيرة من أمره لما رشح ياسين لأنه يعرفه حق الممرفة مثلما نعرفه نحن . الخوف على الوحدة من قبل الخليجيين وشلة هادي يقابلة خوف من الوحدة من جانب الجنوبيين والمقاومة الجنوبية .. على أن الخليج وهو يرجح مصالحه القومية لا يلتفت إلى القضية الجنوبية التي تضع تحرير الجنوب واستعادة الدولة هدفها الاستراتيجي ، وتزداد وطأة المأساة حينما نستعرض قافلة الشهداء الذين سقطوا في ميادين الشرف وجرحى ما يزال الكثيرون منهم يعاني إعاقات وعاهات مستديمة ، هذا كله نضعه نحن الجنوبيون نصب أعيننا ، ونتمثله في كل خطوة نضالية نخطوها ، ولا نسقطه من حساباتنا على الإطلاق . وباستعراض المشهد السياسي سنجد اللاعبين على النحو التالي : 1- لاعبون خليجيون يرون خطرا في استقلال الجنوب ، ولا يكلفون أنفسهم عناء التثبت من مدى الخطر الذي يمثله استقلال الجنوب على مصالحهم ، وظني أنهم يرون في ثروات الجنوب مأمنا غذائيا لملايين الجياع في الشمال ، وحرمانهم من هذه الثروة قد يشكل طوفانا بشريا يصيب الدول المجاورة بإرباك ، ولهذا لا يضعون في حسبانهم حق الجنوب بموازاة الكارثة البيئية المحتملة في الشمال . 2- لاعبون جنوبيون تربطهم مصالح بمشروع احتلال الجنوب ويضعون أياديهم مشتبكة بأيادي الشماليين وبتأييد خليجي مادي ومعنوي ، وفي هذا المربع يقف هادي وجميع منسوبي السلطة المسماة" الشرعية " . 3- لاعبون جنوبيون آثروا ألا يدعموا مطلب الجماهير المتمثل في فك الارتباط ، وذاك نكاية بعلي سالم البيض الذي يتزعم هذا التيار ، ولعوامل خلافية قديمة تعود إلى ثمانينيات القرن المنصرم ، والتي انتهت بصراع دموي وحسم عسكري شهدته صبيحة يوم 13 من يناير 1986م ويقف في هذا المربع علي ناصر محمد وحيدر أبوبكر العطاس . 4- جماهير وقيادات الحراك السلمي الجنوبي الذي ما لبث أن تحول بفعل المتغيرات إلى ثورة مسلحة انبثقت عنها مقاومة جنوبية صلبة ومناضلة ، وهي اللاعب الحاضر الغائب في مسرح الحدث ، ويتزعمها علي سالم البيض . 5- جماعات عسكرية ومدنية تصول وتجول دون أن تعرف لها هدفا سوى القفز على حبال السيرك ببراعة ، وتجدهم اليوم هنا وغدا هناك ، لديهم خاصية التلوين واستخدام الأقنعة ، ويلعبون دورا إعلاميا لخدمة أشخاص إما لمقابل أو لهوى في نفوسهم منشأه الفراغ . 6- المحتل اليمني ويتخذ وجوها عدة فتجده في عفاش وحربه المؤتمر أو في بيت الأحمر ممثلا في حزب الإصلاح ، أو في الحوثي وجماعته الضالة ، أو في الصفوف الخلفية التي يدين كل منها لطرف من هذه الإطراف وهي مناطق تعز والحديدة والبيضاء ، وكل هذه الأطياف مجتمعة تضع الجنوب في جيب الغنيمة وتخشى أن ينسل من بين أصابعها ذات يوم .