سحقاً كم نحن شعب همجي وغبي نقتل فرحتنا بأيدينا، ونحيل سعادتنا إلى تعاسة، ونأد سرورنا بسخافاتنا، ونجعل من أفراحنا وأعراسنا وليالي أُنسنا مآتم نذرف فيها دموع الحسرة والوجع والألم، هذا إن لم نقتل بهمجيتنا وسخافتنا أفراح الآخرين ونخطف من بين ثناياهم فلذات أكبادهم وأهليهم وذويهم ونستمر نحن في (تقالعينا) وتقاليدنا السخيفة التي باتت اليوم مُميته ومُقيته.. نعم نحن دون غيرنا نتصف بهذه الصفات وربما بأكثر من ذلك فلا داعي لأن نثور ونستشيظ غضباً وغيضاً وسخفاً، السنا نحن من يجعل من الأعراس ساحات للتباهي والتفاخر والبذخ وممارسة الغباء والسخف والهمجية بشتى أصنافها وأشكالها ووجوهها القبيحة؟ ألسنا نحن من نطلق الأعيرة النارية بشكل جنوني وهمجي وهستيري ( وإستحمار) غير معهود؟ ألسنا نحن من نتفاخر بجميع أنواع الأسلحة في الأعراس والتي حصلنا عليها (بلصوصية) ومكر وخديعة، وندسها في أكياس (الدقيق) وأعلاف (المواشي) في لحظات النزال والمواجهة؟..
نعم نحن من يفعل ذلك، ونحن من نُسمع الأصم جنونا ( أسلحتنا) بتلك الطريقة السخيفة التي نمارسها في الأعراس، بل حتى ( الأعمى ) يشاهد سمائنا وهي تستعر وتتقد من الطلقات القاتلة التي غالبا ما يكون مسكنها في الأجساد والأرواح البريئة التي لا ناقة لها ولا جمل في كل هذا العبث الحيواني أكرمكم الله..
لا داعي للتحايل على أنفسنا ومغالطتها بأننا لسنا نحن من يمارس هذه الأساليب في الأعراس والأفراح، فجميعنا نمارس هذا العهر ومرض جنون ( البقر )، فنقتل من نقتل، ونجرح من نجرح ، ونقلق من نقلق، دون مخافة من الله أو تأنيب من ضمير ، أو رادع من دين، وكأننا ملكنا سقف السماء وأديم الأرض وجعلنا منهما محطات تستوقف رصاصتنا الصاعدة والراجعة..
لا داعي لأن نقول أننا ضد هذه العادات السيئة والمقيتة والمميتة، وأننا ننبذ أهلها ونمقتهم ونحتقرهم، ونصفهم بأبشع الصفات وأقذرها، وأننا متفقين جميعا على أن هذه التصرفات لا ينبغي أن تستفحل أو تنتشر، وأنه ينبغي أن نحاربها ونحارب أهلها، ثم إذا خلونا بأهلها أو صادفناهم في شوارعنا وأسواقنا وطرقاتنا باركنا لهم وهنأناهم، ونسينا في غمضة عين تلك الليلة (الحمراء) التي أرعبتنا وقتلت من قتلت وجرحت من جرحت..
مصيبتنا أننا نمقت هذه العادة ونحتقرها ونكرهها ولكن لا نحرك ساكناً تجاهها وهي تنتشر كما تنتشر النار في الهشيم، وإن حدث عُرس وضجت الدنيا بالأعيرة النارية صعدنا بهدوء لامتناهي فوق ( أسطح ) منازلنا نراقب ونتفرج على تلك الهمجية وكأننا نباركها في صمتنا وباطننا ونمقتها فقط في ظاهرنا..
مقالي ليس موجه لجهة أو مدينة أو أشخاص، بل هو لكل من يمارس هذه العادات الهمجية والقاتلة التي باتت والله تقلقنا وترعبنا وتصيب الكثير منا بحالات إغماء، ناهيك عن من يصابون منها ويُقتلون بسببها،كل من يمارس هذه العادات القاتلة مُذنب من حيث لا يشعر، وجميع من فضّلوا أن يكونوا على الوضع (الصامت) أيضاً آثمون، ولهذا ينبغي أن تكوم هناك صحوة ضمير، وثورة دين وأخلاق، فالجبهات أحق بكل (رصاصة) نطلقها عبثا وتفاخراً..
لا نريد أن نظهر شجاعتنا وبذخنا في الأعراس ونحن في خدورنا (كالعذارى) ونترك الجبهات ومواقع الشرف والبطولة، هناك بدائل كثيرة عن هذه العادة القاتلة والمقيتة، وهناك مصارف كثيرة لهذا المخزون الهائل من الذخائر التي يمتلكها البعض بدلا من العبث بها وإقلاق سكينة البسطاء..
أتمنى أن تصل رسالتي لكل يملك بين جنبيه قلب وروح وضمير ووازع ديني، وأستحلفكم بالله لا داعي لأن تقتلوا فرحتكم بأيديكم، أو أن تقتلوا (أنفس) بريئة بهمجيتكم.. والله من وراء القصد..