إن الاتفاق الأخير الموقع في صنعاء بين المليشيات الانقلابية لتشكيل مجلس رئاسي يعتبر نتيجة طبيعية و متوقعة لفشل محادثات الكويت . الكل كان يتوقع مسبقاً أن محادثات الكويت و التي سبقتها والتي ستليها من محادثات محكوم عليها فالفشل 100٪ ، هذه هي النتيجة المتوقعة لكل المحادثات و اللقاءات مع الحوثي وعفاش ، المليشيات لن توافق على الأقاليم ولا حتى على الثلاثة الأقاليم بسبب تواجدها في مناطق فقيرة بالموارد و الثروات و حتى الإيرادات المالية مما قد يساعد و يساهم في خلق صراعات و حروب داخلية مستقبلية بين أبنائها .
إن سبب تحالف قبائل إقليم أزال ليس حبا في الحوثي و عفاش أو إيماناً بهما ولكن خوفا من المصير القادم القاتم في إقليم فقير جداً بالموارد .
ما صنعاه الحوثي وعفاش هو خطوة اضطرارية للرفع من الروح المعنوية المنهارة لإتباعهما، وكما نعلم أن تصريح أمير دولة الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح في القمة العربية الاخيرة في موريتانيا و إعلانه الصريح بفشل المحادثات اليمنية كان يعتبر ذلك إنذار سلمي أخير موجه للمليشيات ، إن إعطاء سقف زمني للمحادثات مع التلويح بطرد الوفود المشاركة في المحادثات يعتبر صفعة للوفود المشاركة ، بسبب عدم جدية وفد المليشيات و مراوغته و نكثه المتكرر للوعود و العهود و كذلك لضعف المستوى التفاوضي للوفد الشرعي وقد تسبب ذلك بجعل الكويت تخرج عن حياديتها كدولة مستضيفة للمحادثات .
ولكي لا يعود الوفد التفاوضي المليشياتي إلى صنعاء مهزوم و مطرود و فاشل وهذا سيسبب إنهيار كبير لمعنويات الكل في صنعاء و مران ، فضلوا إستباق الحدث بحدث داخلي أكبر من أجل الاستهلاك المحلي وحرف الأنظار عن فشل محادثات الكويت التي كانوا يأملون أن يحرزوا فيها بعض النقاط لصالحهم ، من ناحيتي أعتبر أن هذا التكتيك الذي أتبعته تلك المليشيات الانقلابية للخروج من مأزق الكويت ناجح ولكن بنجاح مؤقت حيث أن الخلافات ستظهر سريعاً بسبب الشراكة على سلطة صنعاء بين فكرين و نهجين و طريقتين مختلفتين كلياً لإدارة مناطقهم ، و ينم ذلك التكتيك عن أن قيادة العدوا مازالت تفكر و تناور و تدبر .
وليس كالقيادة الشرعية العاجزة التي تستعين دائماً بالفاشلين و تريد أن تنجح ، فإذا نظرنا إلى الفريق التفاوضي للشرعية اليمنية فجميعهم لم يخوضوا ولو حتى جولة في أي مسابقة فكرية بإستثناء الاستاذ عبدالعزيز الجباري المخضرم ، ناهيك عن عدم مشاركتهم في أي عملية تفاوضية بهذا المستوى أو حتى أقل منها سابقاً، كان بإمكان هادي الاستفادة من خبرات و إمكانيات السفراء اليمنيين السابقين المعتمدين لدى الاممالمتحدة و المنظمات الدولية و السفراء الذين كانوا معتمدين لدى الدول الكبرى المحنكين كالصايدي و غيرهم .
ويرجع ذلك السبب إلى تسلط الرئيس هادي شخصياً على أعضاء الوفد ، مقلدا عفاش في إختيار جميع أعضاء الوفد ولكن هناك فرق شاسع بين إختيار الرجلين ، ومع ذلك هادي لا يثق فيهم ، مما جعله يوفد نائب مدير مكتب الرئيس العليمي للمشاركة في محادثات الكويت لمراقبة الوفد و تغيير أي صوت نشاز في فرقة هادي التفاوضية الكارثية .
مع هذا كله يجب أن لا نعطي للاتفاق الأخير بين عفاش و الحوثي أي أهمية تذكر كون الوضع الاقتصادي و السياسي و العسكري شبه منهار بالنسبة للمليشيات الانقلابية بسبب النقص الحاد في الإيرادات إذ لم تعد تلك المرافق الايرادية ترفد خزينة صنعاء بمزيد من الاموال و نتج عن ذلك نقص حاد في السيولة النقدية في خزينة البنك المركزي بصنعاء مما يهدد بإنهيار تام للاقتصاد و للمليشيات ، وهذا سيخلق وضع متأزم وخلاف حاد و صراعات بينهم في العهد القريب .
لا حل ولا مخرج للأزمة اليمنية بغير حصار و ضرب صنعاء عندها ستفشل جميع تلك الاتفاقات و التحالفات و سيتحرك أنزيم الأدرينالين في الدم لا إراديا و سيهربون من صنعاء من أجل الحفاظ على حياتهم فقط ، و سيتشتت كل سكان إقليم أزال في المدن و القرى و سيغادر الميسورين إلى الخارج كعادتهم وسيبقى المطحونين ليواجهوا المصير المجهول من قتل و تشريد وجوع و مهانة و ذل .
عندها سنعلن إنتهاء الحرب في اليمن وبدون أي شروط أو إتفاقيات أو مفاوضات أو محادثات فالمنتصر دائماً واحد وهو من يفرض شروطه و يصيغ التأريخ ، بل ويقوم بتزوير التأريخ لخدمة أهدافه في أغلب الأحيان .