كانت زيارته الأولى لعدن بعد الحرب , اتصل للقائي , تغيرت معالم الحي الذي اسكنه , كانت أمنيته السكن فيه , استقبلته على الشارع العام , طاف عدة مرات لم تخذله ذاكرته بل فعلا معالم الحي تغيرت كثيرا , وحل ضيفا , كان مجهدا , ارتشف كأسا من العصير البارد , واستعاد هدوئه , وبدأ يعبر عن غضبه , ماذا حل بعدن ,آه مقهور يا صديقي , بحرقة شديدة , , لم أتصور أن أجدها على هذه الحالة المزرية . قلت ببرود أنها الحرب يا صديقي , رد لقد مر عام وأكثر والناس لا تشعر بالتحرر , و واصل حديثة أنا كزائر أرى إهمالا واللامبالاة واضحة في الشارع العام ,في خدمات عدن , ماذا يعني طفح المجاري ؟, والحالة الرثة للشوارع , كشارعكم المعروف بالحي الراقي وكم تمنيت أن اسكن فيه , ها هو اليوم قطعة من الريف بأتربته والحجارة المتناثرة على الطريق المعيقة لحركة الناس والمركبات .
قلت له أنها مشاريع متعثرة من قبل الحرب , و واصل وماذا يعني انعدام المياه في حي المعلا قلب عدن حيث اسكن عند أخي المتقاعد الذي لم يستلم راتبه لشهرين إلى يومنا هذا لعدم وجود سيولة في البريد(العذر القبيح للفساد ) , في حيهم بجانب ثانوية مأرب شهر كامل وهم يتمنون قطرة ماء , فكل حي من أحيا عدن فيه من الهم والغم والماسي وفقدان الضروريات للعيش وعبء الحياة الذي أصبح ثقيلا , و واصل حديثة والكهرباء يا أخي ما هي قصتها , نحن في حضرموت أحسن حالا , وحسب علمي أن عدن نالت دعم لا محدود من دول الخليج , لكني لا أرى أي مردود .
فقلت أنها الحرب يا صديقي , فانتفض غضبا وقال أي حربا تتكلم عنها , ونحن نعرف أن عدن تحررت منذ عاما وأكثر , أتهزأ مني , هداته , وحاولت أن اشرح , فقاطعني , ها قد عرفت انك تغيرت , وصرت ممن يبرر الأخطاء , ويخفي العيوب وينمق القبح , فغضبت أتقصد أنني منافق , رد وما معنى أن تهزءا مني , بقولك أنها الحرب . قلت له هكذا يقولون عندما ننتقدهم ,فقال من هم قلت أنهم المسئولين , يقولون لنا في الإعلام أن عدن تحررت , وعندما تنتقدهم يكون ردهم لنا ببرود أنها الحرب , فأبتسم وضحكنا معا , وقال عرفت ألان ماذا تقصد , وأكيد هناك من يصدقهم ,قلت بل من يبرر لهم ويطبل ويزمر, هم ذاتهم البطانة التي كانت تروج لعفاش ونظامه , والانتخابات , هم اليوم يصنعون صنم يحصنونه من النقد والحساب والعقاب وينمقون القبح , ويخفون أخطاء وإخفاقات وفساد من حوله , أن تجرأت وانتقدت , سينهشون جسدك النحيل , ويصوبون نحوك سيل من الشتائم ويلفقون لك التهم , وتنسى القضية الأساسية لتكون أنت قضيتهم , وستجد فاسدا ممن لهف كم ألف ريال سعودي من ميزانية الجرحى ورواتب المقاومة يتهمك بالانتهازي والعميل ويجردك من هويتك و وطنيتك , انه زمن رديء وطفئ على سطحه زبالة القوم , وامتطاه اللصوص والفاسدين والمنافقين وأصحاب المصالح والانتهازيين , أنها صورة للمخاض العسير ,لمولود جديد سيخرج معافاة بإذن الله فلا تخاف يا صديقي ما دام هناك شرفاء وطاهرين و وطنيين يحبون هذه الأرض ويعشقون ترابها . ولا نبالغ إذا قلنا إن الثورات تشوبها تناقضات متأصلة تجعل الأزمات والاضطرابات السمة السائدة لتاريخها. والثورة هي النوع الوحيد من "الحروب" التي لا يمكن تحقيق النصر النهائي فيها إلا بعد سلسلة من الهزائم"التي ستؤدي لنصر حتمي وشامل وكامل . المخاض اليوم في الجنوب وعدن هو نوع من التعافي ,ما دام هناك شرفاء سخروا حياتهم للدفاع عن الحق وكشف الفساد والفاسدين ,مهما واجهتهم من صعاب وإشكاليات ونفاق ومصلحين ومطبلين ,سينتصرون لأنهم على حق ,وستنهار بطانة السوء بمجرد ما يكتشف الشرفاء في قمة الهرم في سلطة عدن والشرعية وهم كثر حقيقة الأمور , بإصرار المناضلين من وهبوا ذاتهم لكشف الحقائق ونشر حالات الفساد وحقيقة الفاسدين والمنافقين , بحبهم لعدن وتعاملهم الصادق مع القيادة في طرح الحقائق والنقد ألبنا النابع من حرص وغيرة على عدن والجنوب , وسيتعافى الوطن من أمراضه وسينتصر الحق بإذن الله .