لقد ظهر جيل جديد من أبناء عموم الجنوب .. إنه جيل حمل السلاح لتحرير أرضه ، وكافح كفاح الأبطال وأنتصر في معظم الأرض الجنوبية ، ولا يزال يسعى لتحرير ما تبقى من مناطق الأطراف .. لكن هل أستطاع هذا الجيل أن يفي بمتطلبات مرحلة ما بعد النصر ؟ .. إن الأهداف التي قاتل الجنوبيون من أجلها تحتاج إلى عملٍ دؤوب وجهود جبارة ، ويعتبر تحرير الأرض وفرض الأمر الواقع من مراحل بدايتها وليس آخرها .. هناك الكيان الجامع للجنوبيين والذي يفترض أن يمثلهم ، ويليه العمل السياسي المكمّل لعمل البندقية . إن هذه المراحل من العمل تتطلب تغليب الوطن على الذات ، وتتطلب الإيثار على الأنانية ، وتتطلب العمل من قبل الفرد لصالح المجموع دون إنتظار جزاءً ولا شكورا . لماذا توقف هذا الجيل المقاوم عن إكمال مهامه التي بدأها وتوقف عندها ؟ .. إن السبب سنجده عند الذين فشلوا في تمثيل شعب الجنوب ! .. كل الجنوب ! .. وفشلوا في جمع أبناء الجنوب على كلمة سواء ! . وبدلاً من توحيد كلمتهم في وجه عدوٍ غاشمٍ لا يفرق بينهم ولا تستثني أحداً منهم رصاصاته ولا سجونه ! .. لماذا نجد السبب عند هولاء المجرّبين مراراً وتكراراً ؟ .. نجده عندهم لأنهم تسابقوا بمجرد أن ظهر بارق النصر في الأفق لركوب الموج وحجز الأماكن والتنظع بالأدوار .. إن الجيل المقاوم يتحمل جزأً كبيراً من المسؤولية لأنه سمح لهولاء بالدخول من الباب ولقي جزاءه عندما أخرجوه من النافذة .. أين تلك الأسماء التي كانت تهز قلوبنا ايام المعارك ؟ أين هم الأبطال الذين تركوا صفوف كلياتهم أو كراسي أستاذياتهم أو عياداتهم وغير ذلك من مراكز أعمالهم ؟ ألا يصلح هولاء ولا بعض منهم على تمثيلنا ؟ كيف أعتبرناهم خير من يمثلنا عندما كانوا يقاتلون وكان الأغلبية يتفرجون من بعيد ؟ ألم نكن جميعاً حينذاك نقول بأن المقاومة الجنوبية هي خير من يمثل الجنوب وأن الكلمة كلمتها في مصيره ؟ .. لماذا لا يوجد الآن في مراكز القرار أي منهم ؟! .. ولا يوجد في سلطات التنفيذ إلا قلّة قليلة منهم ولكنها محاطة بما لا تطيقه الجبال من المعطلين والمحبطين والمخربين ! ... إذا كنّا نظن بأن الدولة الجنوبية سوف تأتينا على يد الغير ، فإننا نكون قد أخطأنا كثيراً في حق أنفسنا وحق أجيالنا الجديدة ووطننا .. إننا سنصل إلى دولتنا المستقلة بجهود الجيل المقاوم وبعون الله أولاً ومن ثم الغير .. وإذا كنا نظن بأن أصحاب المصالح سوف يحققون لنا أهدافنا ، سنكون قد أرتكبنا جريمة عظمى في حق أنفسنا وحق وطننا وحق أجيالنا القادمة ! إن الذين ضحوا بالروح والدم هم وحدهم من يقدر على تحقيق الأهداف التي ضحّوا من أجلها ، إنهم يقدرون إن تصدروا الأمر ولم يسرق جهودهم الآخرون . مع الإستعانة بمن يرونه من الكفاءات يستطيعون تحقيق ما فشل القادة (الجوالون) في تحقيقه .. إن الجيل المقاوم سيجمع لنا نقاط النصر بعد أن أكتفى الجوالون بجمع المال في أرصدتهم .. إن كنا نريد أن نشرب من كأس النصر حتى آخر قطرة منه ، علينا أن نعيد ثقتنا في الجيل المقاوم قولاً وفعلاً ، ونحذر راكبي الأمواج ...